في لقاء ناقش “القصيدة ومآلاتها»

 

عبد الدين حمروش:هناك إبدالات على مستوى الكتابة الشعرية والتلقي
عيسى مخلوف: الشعر لا يتحرك وحده في مشهد ثقافي راكد

 

اعتبر الشاعر والناقد عبد الدين حمروش، وهو يقدم للقاء الذي ناقش «مآلات القصيدة العربية»، أول أمس الثلاثاء بقاعة وجدة بالمعرض الدولي للكتاب والنشر، أن اللقاء يسعى الى الكشف عن واقع القصيدة العربية الراهنة والمآلات التي تنتصب أمامها في عالم أصبحت التكنولوجيات الحديثة تؤطر أفقه المستقبلي .
وتوقف حمروش عند عنوان اللقاء بما يحيل عليه من إحساس بالأزمة لما تحمله سياق المآلات، مضيفا أن هناك تحديات يفرضها الزمن المعاصر على القصيدة على مستوى التداول والتلقي والإنتاج.
وأشار حمروش الى أن ربط تحديات القصيدة بعصر الرقمنة والتكنولوجيا يدفعنا الى اعتبار أن القصيدة تسير في غير اتجاه العالم من حيث الطفرة التكنولوجية ، مؤكدا أن أزمة القصيدة اليوم هي واقع لا يمكن التغاضي عنه، يفسره ضعف الإقبال على نشر الشعر لأسباب متعددة، ذكر منها غياب المواكبة النقدية لما ينشر وهو ما يرجع الى نوعية ما ينشر والصورة المكوَنة عن الابداع الشعري في ظل الوفرة والغزارة وتراجع القيمة الأدبية ، بالإضافة الى هيمنة الأدب السردي وبريق الجوائز وانتقال العديد من الشعراء الى عالم الرواية، ما يكشف أن هناك إبدالا على مستوى الكتابة الشعرية ومستوى التلقي، معتبرا أن واقع الأزمة ليس وليد اليوم بل تناوله الشعراء والنقاد منذ سنوات. وأضاف حمروش أن هذا التحول الذي عرفته القصيدة المعاصرة، يطرح سؤالا يمكن عكسه على واقع تلقي الشعر العربي القديم، وبالتالي البحث عن أسباب أزمة الشعر العربي التي ليست إلا جزءا من أزمة الشعر العالمي
بدوره انطلق الشاعر والكاتب اللبناني والمتخصص في الانتروبولوجيا الثقافية عيسى مخلوف في حديثه عن مآلات القصيدة اليوم من أنه لا يرى ضيرا في اتجاه القراء نحو الرواية، لأن ما يظل هو تلك الروح الشاعرية التي نجدها في كل عمل جميل، معتبرا أن هذا التراجع نتيجة حتمية لتسيد الرأسمال وفرض معاييره على الواقع، وتغير المعنى الثقافي في العالم .
وحدد عيسى مخلوف ثلاثة مستويات لأزمة القصيدة أجملها في:
*مستوى التلقي المتدهور في مشهد ثقافي جماعي متراجع، بالإضافة الى تراجع شعري يطالعنا في نسبة من الإنتاج المنشور
* الطفرة التكنولوجية وعلاقتها بالابداع وهنا تساءل عن عدم استفادة الشعر من التكنولوجيا كما يستفيد الفن التشكيلي ولماذا لا يتفاعل الشعر مع التطور التقني، داعيا الشعراء الى استثمار رؤيتهم الشعرية في كتابة الرواية التي فقدت كثيرا من وهجها بسبب هذا التهافت على السرد.
*سيادة ثقافة الاستهلاك حيث اجتاح الرأسمال الثقافة وأخضعها لمعاييره وشروطه
وعرج مخلوف على مفهوم موت الشعر ، مشيرا الى أن الشعر لا يتحرك وحده في مشهد ثقافي راكد باعتباره جزءا من منظومة ثقافية وأن الحديث عن موت الشعر لا يجب أن يغفل أنه حديث عن موت الشعرية التي تخرج اللغة من السكون، فكل الاعمال الأدبية الناجحة عالميا لم تكن لتحقق هذا الانتشار لولا اتكاؤها على شعرية عالية.
الاكاديمية حورية الخمليشي اعتبرت أن الحديث عن القصيدة الراهنة استأثر باهتمام العديد من النقاد في زمن شهدت فيه القصيدة تحولات من حيث محتوى النص أو تعدد أنماطه بعد انتهاء الأغراض والبلاغة الشعرية، مشيرة الى أن التحديث الثقافي جعل القصيدة العربية المعاصرة تعيش ثقافة الصورة بامتياز، فظهرت معها مفاهيم جديدة: الشعر المرئي، القصيدة التشكيلية، الديوان الضوئي وهي مصطلحات وافدة على الحقل الشعري ما يمكن معه القول إن القصيدة اليوم أصبحت بصرية دون الأخذ بعين الاعتبار حاجات المتلقي.
وأضافت الخمليشي أن الشعر لا يغير العالم، لكنه يغير نظرتنا للعالم والحياة لأن باستطاعته تعميق فهمنا لعالم اليوم، ولهذا يعيش اليوم مرحلة المقاومة الثقافية للحفاظ على حريته اللانهائية أمام بعد معرفي بدأ يتقلص مع غياب البعد النقدي للقصيدة.


الكاتب : ح. الفارسي

  

بتاريخ : 15/02/2018