حدائق الأحياء بفاس بين الأمس واليوم

كان من ضمن أولويات المجلس البلدي الاتحادي الأسبق وضع اللبنات الأولى للمجال البيئي، فكان أن أعاد الاعتبار لعدد من الحدائق التي كانت مهملة كحديقة للامريم ومنتزه جنان السبيل ،كما رفع المجلس آنذاك شعارا لكل حي حديقة بعد أن خصص المجلس ميزانية هامة للمشروع ليجتمع المنتخبون بعد ذلك ليقترحوا المناطق التي ستقام عليها الحدائق بعد اخذ رأي الساكنة في الموضوع ، تفاديا لمعارضة بعض منهم إيمانا بالمقاربة التشاركية . وهكذا استقبل مواطنو الاحياء الفاسية فكرة المشروع بترحاب كبير.
وانطلق المشروع ببناء حدائق أحياء زازا والسعادة وقرب ثانوية مولاي سليمان ليتلوه بناء حدائق في الأطلس ولابيطا وحي طارق والدكارات ، وصولا إلى المناطق الشمالية لفاس بحي المصلى وبن سليمان، ثم الرصيف وعرصة بردلة بقلب المدينة العتيقة .ثم شرع المجلس بعد ذلك بغرس عدد هام من أشجار الدلب الظليلة الخاصة بتصفيف طوارات الشوارع الرئيسية والممتدة في محيط المدينة شمالاوشرقا وغربا وصولا إلى محطة الأداء عند مدخل المدينة. ومع مرور الزمن طال الإهمال جل حدائق الأحياء وتم ترصيف أغلبية أحواضها تفاديا لصيانتها وكسرت مصابيحها الكهربائية و ألعاب الأطفال التي أقيمت عليها دون اتخاذ مبادرة إعادة هيكلتها من طرف المجالس المتعاقبة ، متعمدين طمس هذا العمل البيئي الجبار الذي قام به الاتحاديون سابقا.
وأنت تمر بحديقة شارع لبنان القريبة من قنصلية فرنسا قبالة مصحة القرويين تطالعك هذه الحديقة والتي تعد من أهم حدائق الأحياء التي أقامها المجلس الاتحادي الأسبق، حيث كان المجلس يتعهدها ويرعاها ويغير أزهارها حتي أصبحت «جوهرة بيئية» تسر الناظرين ومكانا يقضي فيه الزوار أمتع اللحظات ، أما الموطنون القادمون من المناطق الشرقية للحصول على تأشيرة الاتحاد الأوروبي من القنصلية الفرنسية أنذاك فكانوا يؤمونها زرافات زرافات، بل منهم من كان يقضي ليلته هناك في انتظار دوره .ومما يؤسف له أن هذه الحديقة الرائعة أصبح التطلع إليها يبعث على الأسى والحزن وتكاد تغالبك الدموع وأنت العاشق للبيئة حين تلاحظ ما أصابها من تدهور وعدم الاعتناء بهذه «الجوهرة البيئية» التي تحتاج إلى بعض من الاهتمام، وذلك بغرس أحواضها بالزهور الفصلية خاصة وان هناك شركة فوض لها الأمر لتدبير المجال الأخضر بشارع الحسن الثاني.
وعلى بعد بعض الأمتار من هذه الحديقة ، وعند وصولك إلى ساحة فلورنسا حيث توجد حديقة هناك أكثر إهمالا من سابقاتها، رغم أنها تمثل رمزا للصداقة والتوأمة مع مدينة فلورنسا الايطالية، فإن ذلك لم بشفع لها للمحافظة على رونقها وتصميمها الذي أعيدت هيكلته علي عهد المجلس الاتحادي الأسبق حيث تم بناء نافورتها وبلطت أرضها وغرست أحواضها وأجريت مياهها وأصبحت قبلة لساكنة فاس عامة .
ونظرا للإهمال الذي طالها تفتقت «عبقرية «مسؤولي الجماعة بالسماح للشركات والمصالح الخارجية لإقامة معارض في قلب أحواضها وإقامة خيام بلاستيكية لعرض المنتوجات المتنوعة ،مع الهجوم على أشجار الفوقس الدائمة الاخضرار بشارع محمد الخامس والتي تلطف أجواء الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف واقتلاع الأشجار النادرة بشارع الجيش الملكي وتعويضها بأشجار النخيل التي تستعمل لتجميل الشوارع فقط .
وأمام هذا الإهمال الذي طال حدائق الأحياء ، فإن السكان يطالبون بإعادة الاعتبار إليها وإعادة الحياة إليها من جديد ، خاصة أن المغرب أصبح يتحمل مسؤولية الاهتمام بالمجال البيئي بعد نجاح مؤتمر كوب 22 للتغيرات المناخية بمراكش.


الكاتب : محمد بوهلال

  

بتاريخ : 19/04/2017