سأحاسب منذ الآن شيخوختي التي أصبحت تتهاون معي في كثير مما تدعي عدم القدرة عليه،
فقد كنت في شبابي في أمس الحاجة إلى كأس قلما كانت تصل إليها يدي
لكنني الآن أكاد أبكي وأنا أراها منزوية في أحد أركان بيتي لا تكاد تتذكرني إلا وتعلو شفتيها المزمومتين بسمة مكتومة، تمنعها من أن تتحول إلى ضحكة ساخرة ممن لا يزال يتمسك بالحياة ، مع عجز زائد، عن الاقتراب من أية متعة،
هي هناك محتجبة ، بل أنا من فرض عليها الحجاب، رغم أن شريعة العشق التي أدين بها لا تقر ذلك، فحتى نحل بروحيْنا في جسد ينبغي أن أشرع لها أبواب قلبي،
أيتها المرغوبة المطلوبة أخشى تبخر روحك، وضياع لذاذتك مع اتصالك بأخف نسمة هواء بروحك ، يسلبك قدراتك على الذوبان في ّ، والانتقال بي إلى عوالم أصبحت شيخوختي تخشاها، وشيء على لساني يخاف دعوتها في ما كنت أقيم له من قبل أعمق الصلوات الخاشعة،
اقتربي مني ، وانفتحي على ذراعي شلال رؤى هادرة بما لا يقره هؤلاء الذين يحاصرونني مانعين إياي من أن أهتف شعري ، أو بصلوات منبوذين تحت الجسور يحملونها بين أمتعتهم الزهيدة ، وهم يرحلون على الطرقات البعيدة ،
أنا الآن تتحرك ملء ذاتي نزوات أصدقاء صباي وهم يتمثلون الجنة ببساتينها التي لم تكن محجوبة عن أرواحهم في أي لحظة من زمن براءتهم،
فقد كانوا على اتصال مع الله ، صباح مساء ، في ما يحلمون به من سعادة آتية لا ريب فيها،
أصدقائي الرائعين الذين أحببتهم حباً صوفياً عميقاً، كانوا لا يؤجلون تناول لقمة ، بل يقبلون على كل نعمة فرحين،
بعد صباي بقليل ،كانت الكأس التي تؤجل شيخوختي الآن، معاقرتها مما لايقبل التأجيل.
يا أصدقائي الرائعين لماذا متم، فتركتموني لا أدري كيف أعثر على طريقي داخل نفسي، إلى احتضان أجمل رغباتي ،
لا سبيل لي إلى رغبتي القديمة وكل ما أريده مبذول بغزارة بين يدي،
شلالات وأنهار لكن لا جسد لي ، فهل مت أنا أيضاً.
إذ يبدو لي الاقتراب ممن حجبتها عن عيني شبيه ارتمائي في هاوية ،
وقد جلست طويلاً أنتظر أن تفيض بين أصابعي سيولاً ، رغم خشيتي الغرق في قطرة منها تلمع وهي تراود شفتيّ الظامئتين.
…
هاأنذا أكتشف الآن كيف أفنَى وأنا أضع خطواتي على شفا قبر هارٍ،
ها أنذا هنا ولستُ في أي مكان.
!!! ميِّتٌ مِنْ اشتداد العطش بروحي ، بينا لا أستطيع افتضاض قنينةٍ مستسلمة بين يدي ، في خلوة بلا رقيب