محاميد الغزلان، العيون ، سمارة، بوجدور : من الجنوب الشرقي إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة

استثمار الذاكرة، التنمية، المواطنة، والدفاع عن الوحدة الترابية، والتوجه نحو افريقيا

حرص المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، أن تكون خطاباته- التي ألقاها، انطلاقا من محطة محاميد الغزلان في الجنوب الشرقي تخليدا للذكرى الستين للزيارة التي قام بها الملك الراحل محمد الخامس سنة 1958 إلى المنطقة، إلى محطات العيون والسمارة وبوجدور، تخليدا للذكرى الستين لمعركة الدشيرة والذكرى 42 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمغرب – ذات حمولة تصب في أسئلة الراهن الوطنية بأبعاد الذاكرة واستثمارها في التنمية والمواطنة والوحدة الوطنية، والدفاع عن سيادة المغرب على أراضيه من طنجة إلى الكويرة.

ودشن الكثيري هذه الرسائل بتدخله في محاميد الغزلان أمام حشد تجاوز ألفا وستمائة مواطن ومواطنة وبمنصة جمعت منسقي السلطات المحلية والإدارية والمنتخبين من البرلمان والجماعات الترابية ووفدا حكوميا ضم أربعة وزراء، وذلك يوم الأحد 24/2/2018 بمحاميد الغزلان، تخليدا للذكرى الستين للزيارة التي قام بها الملك الراحل محمد الخامس سنة 1958 إلى المنطقة، والتي ألقى خلالها المغفور له محمد الخامس خطاباً تحدث فيه عن الأقاليم الصحراوية، والذي اعتبره المندوب السامي، في رسالة أولى للرأي العام إيذاناً بمواصلة الكفاح الوطني من أجل تحقيق الوحدة الترابية، ومواصلة الكفاح الوطني حتى تتحرر سائر المناطق المحتلة .

من محاميد الغزلان: إفريقيا بحاجة إلى الوحدة وليس إلى التجزئة والانفصال، و إلى التنمية والاستثمار، لا للتبذير في صراعات مفتعلة
وفي رسالة محاميد الغزلان استحضر الكثيري، أمام حشد كبير من المواطنين والمواطنات، أبطال ومناضلي المنطقة المنخرطين في المقاومة وجيش التحرير، والذين أطروا وقادوا معارك عدة، وكان لهم تأثير حاسم في هذا المسار، ذاكرا وبالاسم كل من رحلوا وكل من مازالوا شاهدين على تاريخ يرسم معالمه نحو المستقبل، انطلاقا من ذاكرة سجلت زيارة المغفور له الملك محمد الخامس إلى محاميد الغزلان، واستقباله من طرف وجهاء وشيوخ القبائل الصحراوية بعد عودته من المنفى بمدغشقر، ومرور سنتين على الإعلان عن استقلال البلاد، وهي الذاكرة المتبوعة بزيارة الملك الراحل الحسن الثاني إلى نفس المنطقة سنة 1981، سجل فيها رحمه الله نفس الحماس الوطني التعبوي من أجل الدفاع عن وحدة التراب المغربي، الذي يشكل استمرارا للنفس الذي رسخه محمد الخامس عندما قال»إن مجيئنا الرمزي إلى هذا المكان ليؤذن بأنه لن يبقى بعده شمال وجنوب إلا في الاصطلاح الجغرافي العادي، وسيكون هناك فقط المغرب الموحد»، مؤكدا بنفس الإصرار ، «إننا سنواصل العمل بكل ما في وسعنا لاسترجاع صحرائنا وكل ما هو ثابت لمملكتنا بحكم التاريخ ورغبات السكان، وهكذا نحافظ على الأمانة التي أخذنا على أنفسنا بتأديتها كاملة غير ناقصة، ألا وهي ربط حاضرنا بماضينا، وتشييد صرح مستقبل مزدهر ينعم فيه جميع رعايانا بالسعادة والرفاهية والهناء». وحرص المندوب السامي أن يذكر في تدخله، انطلاقا من الخطب الملكية إيمان المغرب بمشروعية قضيته المصيرية، وعزمه على مواصلة الدفاع عنها في المحافل الدولية بمشروع يستند إلى الاحترام الكامل وغير التجزيئي للتراب المغربي. كما استحضر العودة الطبيعية للمغرب إلى الاتحاد الإفريقي بمخطط استراتيجي يبرز التحديات التي تواجه المنطقة والتي تنتظر اتحادا قويا يعي حجمها، يختار فيه المغرب نهج مواقف التضامن والسلم والتعاون والوحدة، ويؤكد التزامه المبدئي من أجل تحقيق التنمية والرخاء للمواطن الإفريقي، وأن إفريقيا قادرة على كسب الرهان، كما قال الملك محمد السادس في خطاب أديس أبابا: « فنحن شعوب إفريقيا نتوفر على الوسائل وعلى العبقرية ونملك القدرة على العمل الجماعي من أجل تحقيق تطلعات شعوبنا «، وهو الخطاب الذي أكد في قراءته المندوب السامي ، أنه يحمل رسائل قوية بأن إفريقيا بحاجة إلى الوحدة وليس إلى التجزئة والانفصال، وإلى التنمية واستثمار مواردها لا لتبذيرها في صراعات مفتعلة ومزمنة، كما هي محتاجة إلى السلم والسلام وليس إلى الحروب التي أنهكت مجتمعاتها.
وهنأ الكثيري ساكنة محاميد الغزلان وإقليم زاكورة وقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالذكرى الوطنية المجيدة، موجها التحية والتقدير لضباط وضباط الصف وجنود القوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة والدرك الملكي والأمن الوطني والوقاية المدنية والإدارة الترابية ولكل المرابطين على الحدود وفي الثغور على ما يبذلونه من جهود جبارة ومساع حثيثة في سبيل استتباب الأمن والاستقرار بأقاليمنا الصحراوية المسترجعة والحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم، كما وجه التحية إلى الحضور الوازن للوزراء الحاضرين ووالي جهة درعة تافيلالت ورئيس مجلس جهة درعة تافيلالت ومنسق السلطات في إقليم زاكورة وقائد الحامية العسكرية ورئيس المجلس الإقليمي لزاكورة ومدير وكالة التنمية الاجتماعية ورئيس المجلس الجماعي لمحاميد الغزلان والبرلمانيين نوابا ومستشارين، ورؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة ورئيس وأعضاء جمعية منتدى الواحات والتنمية المستدامة وأعضاء الهيئة القضائية ورجال السلطات الإدارية والأمنية والعسكرية ورؤساء المصالح اللاممركزة وممثلو الأحزاب السياسية والهيئات النقابية ومنظمات المجتمع المدني والمنابر الإعلامية وقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
وتزامنت الذكرى مع افتتاح منتدى الواحات بزاكورة والذي كان مناسبة لربط الماضي بالحاضر، الذي يطرح المشروع الاقتصادي التنموي بوعي حقيقي، بتحديات المجال، والعزم على تدبيره بالتشارك الذي يفرض آلياته اليوم.

من العيون: روح معركة الدشيرة تلقي بظلالها لمواصلة الكفاح ضد المتآمرين على وحدة المغرب الترابية

وهي الرسالة التي حملها المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إلى مدينة العيون، بمناسبة تخليد الذكرى 60 لمعركة الدشيرة والذكرى 42 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، يوم 28 فبراير 2018، بحضور يتقدمه والي جهة العيون الساقية الحمراء عامل إقليم العيون ورئيس مجلس جهة العيون الساقية الحمراء وقائد الحامية العسكرية ورئيس المجلس الإقليمي للعيون ورئيس المجلس الجماعي للعيون والبرلمانيون نوابا ومستشارين ورؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة وقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأعضاء الهيئة القضائية ورجال السلطات الإدارية والأمنية والعسكرية ورؤساء المصالح اللاممركزة وممثلو الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والحقوقية والجمعيات ومنظمات ونشطاء المجتمع المدني ووسائل الإعلام الوطنية والجهوية.
وأكد الكثيري في بداية اللقاء أن تخليد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، يوم 28 فبراير وفاتح و2 مارس 2018، الذكرى 60 لمعركة الدشيرة الخالدة والذكرى 42 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، هو استحضار محطات تاريخية بارزة على درب التحرير واستكمال الوحدة الترابية، معتبرا معركة الدشيرة حلقة ذهبية ترصع سلسلة الأمجاد والملاحم البطولية دفاعا عن الوحدة الترابية التي تحققت بفضل النضال المستميت للعرش والشعب، والتي تكللت بالمسيرة الخضراء المظفرة وإنهاء الوجود الأجنبي بأقاليم المغرب الجنوبية. وهو الشعب الذي يستحضر بوعي حقيقي كل المؤامرات التي تحاك ضد وحدة المغرب الترابية، فذكرى معركة الدشيرة ضد المستعمر التي ألحق فيها جيش التحرير هزيمة نكراء بقوات الاحتلال الأجنبي في فبراير 1958، هي عنوان كفاح مستمر ومتواصل طويل الأمد ومتعدد الأشكال والصيغ ، والمواجه بعزم وإصرار لكل المتحالفين ضد وحدة المغرب ووحدة ترابه، كما هي الرسالة التي أكد من خلالها المندوب السامي، أمام الحضور الوازن الذي أبان عن أهمية الحدث واستحضاره التزاما بالحضور والمتابعة والإنصات، أن معركة الدشيرة التي وقعت على الضفة الشمالية الشرقية لوادي الساقية الحمراء، والتي شاركت فيها جميع القبائل الصحراوية تأكيدا على مغربيتها وارتباطها بالوطن برباط البيعة المتين، كما شارك فيها مجاهدون من الدارالبيضاء والخميسات وفاس والأطلس المتوسط والريف والصحراء الشرقية وغيرها بقيادة المجاهد صالح بن عسو، الذي صاحب المندوب السامي والوفد المرافق له في هذا التواصل الهام نحو أقاليمنا الجنوبية، دليل على التحام الشعب المغربي وعزمه على خوض المعارك بقيادة العرش العلوي المجيد، من أجل الدفاع عن سيادة الوطن ووحدته وحوزته الترابية، المتواصلة اليوم من مختلف الواجهات تمثل فيها معركة الدشيرة إحدى أنصع صفحات تاريخ الكفاح الوطني التي لقنت المستعمر الإسباني درسا في المقاومة والكفاح المسلح، والتي تواصلت كملحمة التحرير والكفاح في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه بكل عزم وإيمان وإصرار، فاتخذت معركة استكمال الوحدة الترابية بعدا جديدا يهدف إلى التكيف مع موازين القوى والمستجدات على المستوى الدولي، والمواجهة القانونية أمام محكمة العدل الدولية. واستحضر الندوب السامي الأحداث التاريخية باسترجاع المغرب مدينة طرفاية سنة 1958 ثم سيدي إفني سنة 1969، وتكللها بالمسيرة الخضراء المظفرة، واسترجاع الساقية والوادي إلى حضن الوطن الأب، وارتفاع راية الوطن، راية المغرب في سماء العيون في 28 فبراير 1976، ثم إقليم وادي الذهب يوم 14 غشت 1979، مؤذنة بنهاية الوجود الاستعماري في الصحراء المغربية، واليوم يواصل جلالة الملك محمد السادس صيانة الوحدة الترابية للبلاد ومسيراتها التنموية والنهضوية وانخراط كافة شرائح وجهات هذا الوطن في مسلسل التنمية الشاملة والمستدامة وإعلاء صروح الديمقراطية وتثبيت مغربية الأقاليم الجنوبية في ظل السيادة الوطنية.
وأكد الكثيري أن أسرة المقاومة وجيش التحرير، وهي تخلد هذه الذكرى، لتجدد موقفها الثابت من قضية المغرب والمغاربة الأولى، وتعلن مواصلة الجهود والمساعي من أجل الوحدة والتنمية والنهضة، كما أعلن تثمين أسرة المقاومة لمبادرة الحكم الذاتي لإنهاء النزاع المفتعل بالمنطقة، مستحضرا الخطاب الملكي في 6 نونبر 2017، بمناسبة الذكرى 42 للمسيرة الخضراء :» إن الصحراء كانت دائما مغربية، قبل اختلاق النزاع المفتعل حولها، وستظل مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مهما كلفنا ذلك من تضحيات. ووفاء لهذا العهد المقدس، واستنادا إلى هذه الشرعية التاريخية والسياسية، أبدع والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، المسيرة الخضراء، لاسترجاع أقاليمنا الجنوبية. وسيرا على نهج جدنا ووالدنا، وبعد تحرير الأرض، نواصل العمل، بنفس الالتزام، من أجل تكريم مواطنينا بهذه الأقاليم، والنهوض بتنميتها، وتحرير أبنائنا بالمخيمات، والإدماج الكامل لهذه المناطق ضمن الوطن الأم».

من إقليم السمارة:

استحضار النموذج التنموي الجديد وحقوق المغرب المشروعة في الدفاع عن وحدة المغرب وسيادته على ترابه بالمعطيات التاريخية التي تشكل فيها مؤسسة المقاومة وجيش التحرير جسرها الصلب في ترسيخ الذاكرة وتوطيدها.
وبعد وقوف اضطراري أولي بمطار السمارة نظرا لعاصفة رملية نتيجة سوء الأحوال الجوية، وجد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والوفد المرافق له الذي نقل من مطار الرباط بطائرة عسكرية، أكدت الاهتمام بحجم الاحتفال بمعركة الدشيرة وجلاء آخر جندي أجنبي عن أقاليمنا الجنوبية المسترجعة، وجد في استقباله عامل إقليم السمارة على رأس ممثلي السلطات الإدارية والعسكرية، في صورة تنم عن يقظة سلطاتنا بالإقليم، وحجم المسؤولية الملقاة، التي بدا فيها العامل الشاب عارفا بتداعياتها وبمستواها في إقليم حدودي يرمز إلى سيادة المغرب على ترابه ومواجهته لكافة المناورات التي يريد خصومنا أن يجعلوا منها تدافعا مفتعلا أمام الرأي العام الدولي. وشكل هذا اللقاء مناسبة لبسط كافة الترتيبات التي أعدتها السمارة لهذا الاحتفال.
كما أن حفاوة الاستقبال واليقظة، لم تغيب نقاشا جانبيا حرص المندوب السامي مصطفى الكثيري أن يستحضر فيه خرائط اليوم التي يقودها المغرب بتشارك بين كافة قواه تحت قيادة رشيدة للملك محمد السادس، انسجاما مع روح الدستور ووعيا بحجم تحديات المرحلة وطنيا ودوليا، والتي يؤسس المغرب لبدائلها، بالتفكير في نموذج تنموي جديد على المستوى الداخلي، وباستحضار حقوقه المشروعة في الدفاع عن السيادة على التراب الوطني، بالمعطيات التاريخية التي تشكل فيها مؤسسة المقاومة وجيش التحرير جسرها الصلب في ترسيخ الذاكرة وتوطيدها والعمل على تحديث آلياتها في كافة الواجهات التعليمية والمعرفية والمجتمعية، من أجل جبهة متراصة الصفوف في قضايا المغرب المصيرية ، بحفظ الذاكرة من أي انزلاق والعمل على إحيائها بانسجام تام مع كافة التحولات المجتمعية.
وبعد لقاء العيون ذهبنا فيه برا، وسهر فيه عامل إقليم السمارة على كافة الترتيبات أخذا بعين الاعتبار الحالة الصحية وكبر سن بعض أعضاء الوفد من المقاومة وجيش التحرير، رجعنا في اليوم الموالي بنفس الأهمية التي حرص منسق السلطات المحلية بالعيون على ترتيبها، لنحط الرحال مرة أخرى بإقليم السمارة ببرنامج تخلله تكريم وتوسيم لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وتوزيع بعض المساعدات الاجتماعية والإعانات المالية، على أسر المقاومة وجيش التحرير بحضور عامل الإقليم والمكلف بالموقع العسكري ونائب رئيس المجلس الإقليمي ورئيس المجلس الجماعي وبرلمانيون نوابا ومستشارين ورؤساء المجالس المنتخبة ورجال السلطات الإدارية والأمنية والعسكرية ورؤساء المصالح اللاممركزة وأعضاء من المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، وممثلوالأحزاب السياسية والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني وأعضاء من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
وقد حرص المندوب السامي مصطفى الكثيري، في هذه المحطة على التأكيد على» تراص صفوف الشعب المغربي في المداشر والأرياف خلف العرش العلوي، من السمارة كعاصمة علمية وروحية وجهادية لأقاليمنا الجنوبية، حيث مرقد الأولياء والصلحاء والمجاهدين، أمام حضور من نساء ورجال ساهموا مع رفاق لهم في كتابة صفحات مشرقة من هذا التاريخ، كتبوها بتضحياتهم بالأهل والنفس والمال، وخرجوا مجاهدين يحملون أرواحهم فوق أكتافهم من أجل هذا الوطن، وهو اللقاء المؤكد لنضالية هؤلاء الرجال والنساء والحفاظ على هذه الذاكرة وإنعاشها المستمر وذلك للإسهام في الحفاظ على مقومات الهوية الوطنية، من أجل بناء شخصية المستقبل والحفاظ على مقومات الهوية ضد أي سعي لطمسها أوإنباتها في رحم أخرى غير رحمها الطبيعية.»
وأكد الكثيري أن الإيمان بالمرجعية الدينية والتمسك بالثوابت الوطنية كانا دائما عنصرين داعمين ومحفزين لأبناء هذا الإقليم المجاهد ضمن المسار النضالي الطويل ضد الاستعمارين الفرنسي والاسباني، إذ انضموا لصفوف جيش التحرير إلى جانب إخوانهم من الأقاليم الجنوبية المسترجعة فشكلوا نواة صلبة تشهد لها صرامة التنظيم السياسي وفاعلية الميدان العسكري وإنسانية الأعمال الاجتماعية التي امتازت بها كل أعمال جيش التحرير بالجنوب، فوجد فيها المستعمر ندا شرسا مؤمنا بعدالة قضيته، وهو الاستقلال التام ودحر الاستعمار وتحقيق الوحدة الوطنية بين الشمال والجنوب، وأن هذه الوحدة التي تتشكل بدورها من وحدة شعبية بين العرش والشعب ووحدة مجالية ووحدة تضامنية ، قد بدأ مسارها منذ انطلاق عمليات جيش التحرير بالجنوب المغربي والموقف التاريخي لجلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه أثناء زيارته الوحدوية لمحاميد الغزلان سنة 1958، لتتوج هذه الملاحم بالمسيرة الخضراء وجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية يوم 28 فبراير 1976، وهو الحدث الذي يستحضر اليوم من أجل دراسة حيثياته وتفاصيله، والوقوف على نتائجه من أجل ترسيخه في نفوس الأجيال الناشئة، لبناء سليم للوطنية الحقة والصادقة ضدا على مناورات الخصوم .
ولم يفت الكثيري استحضار العمق الإفريقي للمغرب والقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للقارة الإفريقية والتي عمل المغرب على عدم قطع الصلات مع دول القارة والتي تجسدت في العودة القوية للمغرب إلى بيته الإفريقي، وكما قال الملك محمد السادس في خطابه «توجه المغرب إلى إفريقيا، لن يغير من مواقفنا، ولن يكون على حساب الأسبقيات الوطنية، بل سيشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وسيساهم في تعزيز العلاقات مع العمق الإفريقي. كما كان له أثر إيجابي ومباشر، على قضية وحدتنا الترابية، سواء في مواقف الدول، أو في قرارات الاتحاد الإفريقي. وهو ما عزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف، على مستوى الأمم المتحدة.» وهو التاريخ الذي تعمل المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على التعريف به، حفاظا على الذاكرة التاريخية الوطنية ببعد وطني وإقليمي.
كما لم يفت الكثيري في دلالات رسائله، توجيه التقدير والعرفان إلى حماة الحدود من كافة مشاربهم لما يقدمونه من تضحيات جسام في سبيل استتباب الأمن وسيادة الاستقرار في هذه الأقاليم المغربية الجنوبية .
من بوجدور: لا يمكن أن ننفي التحولات الكبرى في التنمية التي عرفتها كافة أقاليمنا الجنوبية منذ التحرير، بعدما كانت الصحراء أرض خلاء إلا من بعض المباني الاستعمارية التي تنتصب في قلب الرمال من أجل تمديد استعمار نفتخر اليوم بالاحتفال بجلاء آخر جندي منه.
وشكلت بوجدور المحطة الختامية في هذه الجولة المخلدة لتاريخ حافل بالدلالات، وهي المحطة التي أبت إلا أن تجسد شعارا يعكس دور الذاكرة في التشبث بالثوابت الوطنية وتعزيز روح المواطن، كما هي المحطة التي قطع فيها المندوب السامي مصطفى الكثيري والوفد المرافق له المسافة بين العيون وبوجدور في طريق وطنية سهر القائمون على إصلاحها بترميمها في بادرة استحسنها الوفد، نحو بوادر أخرى تنتظر الساكنة تفعيلها في إطار مخططات تنموية تعني بأقاليمنا الجنوبية بالمبدأ الذي نرسم خرائطه اليوم، والمنعكس في الالتزام بتفعيل البرنامج المطروح، والذي لا ينفي الجدية في المرور إلى السرعة القصوى من أجل تنزيله، كما لا يمكن أن ننفي التحولات الكبرى في التنمية التي عرفتها كافة أقاليمنا الجنوبية منذ التحرير، بعدما كانت الصحراء أرض خلاء إلا من بعض المباني الاستعمارية التي تنتصب في قلب الرمال من أجل تمديد استعمار، نفتخر اليوم بالاحتفال بجلاء آخر جندي منه .
وهي الرسالة التي حملها الكثيري ، في المهرجان الذي حضره، وسهر على برنامجه عامل عمالة إقليم بوجدور بتنسيق مع مندوبية المقاومة وجيش التحرير بالمنطقة، كما حضره قائد الحامية العسكرية والبرلمانيون، نوابا ومستشارين، ورئيس المجلس العلمي المحلي وأعضاء المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ورؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة وأعضاء الهيئة القضائية ورجال السلطات الإدارية والأمنية والعسكرية والإدارية ورؤساء المصالح اللاممركزة وقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأعيان الإقليم وممثلو الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وأسر المقاومة وجيش التحرير.
وشكل الاحتفال بالذكرى الستين لمعركة الدشيرة والذكرى الثانية والأربعين لجلاء آخر جندي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، مناسبة لتوصيل عدد من الرسائل، دشنها المندوب السامي بإعادة كافة النقط المشار إليها في محطات، محاميد الغزلان العيون والسمارة ، معتبرا الحدثان التاريخيان الوازنان يعكسان مدى ما قدمه أبناء القبائل الصحراوية المغربية من تضحيات جسام في سبيل صيانة مقدسات البلاد وثوابتها والدفاع عن الوطن بكل غال ونفيس من أجل الحرية والاستقلال واستكمال الوحدة الترابية وفاءً لروابط البيعة الموثقة التي تربط ساكنة وقبائل إقليم بوجدور بملوك الدولة العلوية الشريفة، وفي هذا السياق قال الكثيري إن مسيرة الكفاح البطولي التي خاضها الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد بعد عودة أب الوطنية وبطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه من أجل استرجاع الأراضي المغربية التي ظلت تحت نفوذ الاحتلال الأجنبي، توجت باستكمال الوحدة الترابية بقيادة رفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، مبدع المسيرة الخضراء، وهو الحدث التاريخي الذي مكن من استرجاع الصحراء المغربية وإجلاء آخر جندي أجنبي عن ترابها في 28 فبراير 1976 مؤسساً لمرحلة جديدة من البناء والتنمية في ظل وطن موحد تحت قيادة الملك محمد السادس نصره الله.
وقال المندوب السامي إن قبائل بوجدور المجاهدة والمناضلة كان لها النصيب الوافر في تحرير الصحراء المغربية من سيطرة الاستعمار الأجنبي، مواصلة الدرب بالانخراط الوازن في البناء التنموي، وأن الاحتفال اليوم بالحدث هو لحظة للاعتراف بما قدمه أبناء قبائل بوجدور من تضحيات في سبيل وحدة البلاد وفرصة لترسيخها في وجدان الناشئة والشباب بنفس القيم، كما هي محطة تاريخية لربط الماضي بالحاضر حيث الذاكرة الوطنية تصبح نبراساً تستنير به الأجيال الصاعدة واللاحقة لبناء حاضر متمم لبطولات وأمجاد الأجداد ومستقبل واعد بالبناء والتشييد لمغرب متطور مدعاة فخر لأبنائه من الأجيال الناشئة. كما أنها محطة تاريخية تجعل من الذاكرة التاريخية الوطنية دعامة لترسيخ القيم الكونية من تسامح وإخاء وتضامن، خدمة لثقافة الحوار ونبذ العنف والاعتراف بالآخر، و تكريساً لقيم الوطنية الحقة في تكامل تام مع القيم الكونية المؤسسة لنموذج المواطن المغربي المخلص لقيمه الوطنية والمتشبع بالقيم الكونية.
وأكد المندوب السامي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن المندوبية عملت على أجرأة مجموعة من التدابير الرامية إلى صيانة الذاكرة الوطنية وتثمينها، وفي هذا الصدد تم إحداث شبكة مهمة من فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير والتي بلغت 77 فضاء موزعة على مختلف ولايات وأقاليم المملكة، منها فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير ببوجدور. وتعد هذه الفضاءات بمثابة مشتل للتربية والتكوين والتأطير على قيم المواطنة والاعتزاز بالانتماء للهوية الوطنية، بالإضافة إلى المجهودات التي تبذلها المندوبية في إغناء الساحة الفكرية الثقافية والأكاديمية بالوثائق التاريخية المستنسخة المرتبطة بالحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، المودعة بمراكز الأرشيف خارج الوطن، ونشر مجموعة من الإصدارات والمنشورات التي توثق لمسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، وتكريساً لهذا التوجه فالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التجرير لا تدخر جهداً في تشجيع البحث العلمي وكل المهتمين من طلبة وباحثين على إنجاز دراسات و بحوث جامعية ذات صلة بالذاكرة الوطنية، وتخصص لأجود هذه البحوث الجامعية من الناحية العلمية جوائز مالية. وفي ذات السياق تم تنظيم ندوات علمية وأيام دراسية وتخليد الذكريات الوطنية والمحلية وإطلاق التسميات التي لها ارتباط بملحمة الكفاح الوطني على الساحات العمومية والشوارع والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية وإقامة الأنصبة التذكارية وعقد اتفاقيات الشراكة والتعاون مع مختلف القطاعات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ذات الارتباط والصلة بحقل المقاومة والفداء والحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير.
كما أكد الكثيري أن أسرة المقاومة وجيش التحرير، وهي تحتفي بهذه المناسبة، تؤكد انخراطها في كل المبادرات الرامية إلى تعزيز كل المكتسبات المحققة على الصعيد الوطني بصفة عامة وبالصحراء المغربية بصفة خاصة وعلى رأس هذه المبادرات تثمن عالياً المبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الصحراوية المسترجعة، في ظل السيادة المغربية، والتي تحظى بإجماع وطني وتأييد دولي. كما تؤكد أيضا انخراطها الإيجابي في التنزيل الفعلي لجميع الأوراش التنموية وعلى رأسها ورش الجهوية المتقدمة الذي يفتح آفاقاً جديدة لتدبير جهوي كفيل برفع التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، خصوصاً، مع إطلاق مشروع النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية من طرف جلالة الملك محمد السادس، معتبرا هذا المشروع نموذجاً واعداً سيمكن من تحقيق تنمية شاملة ومندمجة لهذه الأقاليم.
ولم يفت المندوب السامي أن يوجه تحية إكبار وتقدير لضباط وضباط الصف وجنود القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية والإدارة الترابية على ما يبذلونه من جهود جبارة ومساع متواصلة في سبيل استتباب الأمن والاستقرار بأقاليمنا الصحراوية المسترجعة والحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم، مترحما على شهداء الحرية والاستقلال والوحدة الترابية والسيادة الوطنية .


الكاتب : بديعة الراضي

  

بتاريخ : 06/03/2018