احتضنت قاعة سينما « روكسيّ» عشية السبت الماضي أول العروض السينمائية المشاركة في المنافسة الرسمية للدورة التاسعة من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، وكان عددها أربعة أشرطة، اثنان منها قصيران والاثنان الآخران طويلان، عرضت جميعها على أنظار لجنتي تحكيم الدورة ومجموعة كبيرة من الفنانين و المهنيين ورواد المهرجان من أبناء المدينة و خارجها
« النداء».. نفس نبيل
كانت باكورة العروض في اليوم الثاني للدورة، الفيلم القصير « النداء « للمخرجة الشابة مريا كنزي لحلو، وهو فيلم سبق له الحصول على تنويه من المهرجان المتوسطي للفيلم القصير بطنحة، كما شارك خلال الأيام القليلة الماضية في مهرجان مالمو لفيلم المرأة العربية
ويبدو الفيلم، من خلال دقائقه 23، أن نفس المخرج نبيل لحلو حاضر في هذا الإبداع السينمائي..، لكن البصمة الذاتية المحددة لماريا المخرجة بارزة بشكل قوي ، سواء في الاختيارات التأطيرية للصورة، أو في الرمزية التي تحملها في اكثر من مشهد، والذي يقول أننا سنكون أمام مخرجة مغربية واعدة إن واصلت « النضال» في العمل السينمائي بنفس الحماس و الاجتهاد بعد أن قدمت لنا هذا الفيلم الجميل ، الذي كتبت له السيناريو و قامت بتوضيبه ، في حين تشخيصه كان من طرف كل من بيتينا الفكاك، أحمد المرزوقي، نبيل لحلو وصوفيا الهادي، وهو يروي حكاية شابة لا تتجاوز الثلاثين سنة تحد نفسها في سجن عسكري بهدف تحرير والديها. تلتقي في السجن بصانع زجاج فتطلب منه مساعدتها لتحرير والديها فيفرض عليها أعمالا قاسية لتفهم أن مهمتها مستحيلة…
« رسالة حب» مشاعر و أحسايس إنسانية..
ثاني العروض على مستوى الفيلم القصير كان تحت عنوان « رسالة حب « للمخرج سفيان أيت المحدوب، وهو فيلم بالرغم من قصر مدة عرضه، التي لا تتجاوز الثماني دقائق، إلا أن أحداثه كانت حافلة بالمشاعر الإنسانية النبيلة، بقوتها ورهافتها.. التي كشف عنها أيت المحدوب بجلاء، في نهاية « رسالته» وهي أن الحب الحقيقي الصادق لا يمكن أن تقف في طريقه أية حواجز مهما كانت طبيعتها وقساوتها ودرجة صعوبتها.. وقد توفق في تجسيد أحداث هذا الشريط ، الذي كتب له سفيان أيت المحدوب السيناريو كل من الشابين محسن كوديا ومريم جبور، اللذين أديا ، بكل عفوية، قصة شاب و شابة سيلتقيان في حديقة عمومية، حيث سيبدأ النقاش بينهما برسائل قصيرة بعدما تطورت العلاقة بينهما، يكشف الشاب أن تلك الفتاة التي نالت إعجابه صماء و بكماء..
« الفراشة» التجربة السينمائية لحميد باسكيط
على صعيد العروض الأولى للدورة 19 في الفيلم الطويل، كان رواد المهرجان مع التجربة الأولى للفنان و المخرج حميد باسكيط في إخراج الفيلم السينمائي، بعدما كانت له تجارب سابقة ناجحة في إخراج الفيلم التلفزيوني، وخاصة على شاشة القناة الثاتية دوزيم. وقد قدم باسكيط تجربته هاته تحت عنوان « الفراشة» ، التي تنتمي لأفلام « البسيكو دراما»، أجمل ما فيها، وكانت بمثابة المفاجأة الجميلة، تقديم الوجه الأخر، الإبداع الآخر ، للسوبرانو المغربية سميرة القادري كممثلة بارعة كبراعتها في الغناء التقليدي المتوسطي.. العريق، إلى جانب الفنانة سعيدة باعدي و الفنانين رشيد الوالي و أمين الناجي و الفنان سارة بيرلس وآخرين.. ، الذين أعطوا لهاته التجربة جد الموفقة و المحترمة قابلية المتابعة بدون ملل طيلة تسعين دقيقة، وبأداء تشخيصي احترافي عال.. لأحداث حكاية مغنية الأوبرا الشهيرة سميرة القادري (هكذا في الفيلم) التي وجدت ميتة في منزلها الشاطئي. وبعد إعادة البحث في القضية تستنتج الشرطة انها جريمة قتل و ليست انتحارا، فيقوم العميد حمال ( رشيد الوالي)، المسؤول عن البحث، بالتشكيك أولا في « عمر» ( امين الناجي) زوج سميرة القادري ، الطبيب النفسي، لتنطلق معركة شرسة بين الرجلين، سوف لن يخرج أحد منهما منتصرا في النهاية..
« كورصة» عبد الله فركوس
يعود المخرج و الفنان الكوميدي المراكشي عبد الله توكونة (فركوس) مرة أخرى للمشاركة في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، بنفس عباءة الكوميديا التي خبر فيها المجال و حقق فيها ما لم يحقق زملاؤه في الميدان على مستوى شباك التذاكر من خلال فيلمه السينمائي السابق « الفروج»، حيث أن هذا الأخير سجل نجاحا كبيرا على مستوى الإقبال الجماهيري في القاعات السينمائية، وأيضا على مستوى المتابعة التلفزيونية من خلال تقارير « ماروك ميتري». ويبدو أن فيلمه الجديد، الذي اختار له من العناوين « كورصة» سيسير على نفس منوال سابقه من حيث الإقبال الجماهيري باعتبار التفاعل الإيجابي، الذي صادفه أثناء العرض مساء السبت الماضي من قبل الحضور في قاعة العرض، وهو يقارب فيه بشكل كوميدي ساخر، مواضيع اجتماعية مختلفة، منها ماهو مرتبط بالحانب الأسري أو المجتمعي وخاصة ما تعلق بالقرى و البوادي.. في مجالات الإدارة و الصحة وغيرهما.. وقد نحج في في تجسيد هذه المقاربات، طيلة 120 دقيقة، مدة عرض الفيلم، كل من الفنانين و الفنانات بشرى أهريش، عبد الله فركوسن ربيع القاطي، خلود بطيوي، عدنان موحجة، زينب عبيد ، عمر العزوزي و فضيلة بنموسى، عبر قصة الفيلم، الذي كتب له السيناريو حسن لطفي، التي تتحدث عن « المعطي» السائق الذي ينقل جثمان السيد صالح من مراكش إلى مدينة تطوان، تصر زوجته خدوج الحامل في شهرها التاسع على مرافقته في هذه الرحلة حيث سيتعرضان لمواقف غاية في الغرابة..