عاشت مدينة فاس أيام 9 إلى 11 مارس الجاري أشغال المناظرة الثالثة حول الإعلام الجهوي التآخي والبعد الإفريقي، حيث شارك فيها عدد هام من الباحثين والمهتمين بالمجال الإعلامي وحضرت أشغالها وفود إعلامية عربية وافريقية من بينها مصر وموريطانيا إلى جانب عدد من الطلبة الأفارقة الذين يتابعون دراستهم في جامعة سيدي محمد بن عبد الله، وتأتي هذه المناظرة التي نظمتها مؤسسة الإنماء وجامعة سيدي محمد بن عبد الله وكذا جامعة الأخوين بدعم من وزارة الاتصال والعدل والمجالس المنتخبة وولاية فاس .
وقد أسفرت أشغال الندوة على عدد من التوصيات الهامة من بينها تدقيق بعض الجوانب القانونية المتعلقة بالعقوبة ومسؤولية الصحافي ومحاسبته، تيسير عمل الصحافي للوصول إلى المعلومة، دعم الانفتاح على الجامعة والصحافة في مجال التدوين والبحث العلمي المتخصص، إحداث تشريعات لفتح مجالات التمويلات العمومية أمام الصحافة الجهوية، معالجة الوضع الاجتماعي للصحافي وإفادته من الأنظمة الصحية والدعم المعمول به في القطاعات الأخرى، دعم الصحافي المبدع لتجاوز الصور النمطية اللصيقة بإفريقيا، العمل على تجاوز فوضى التواصل الرقمي وخطورة الانزلاقات على الأفراد والجماعات، تأهيل الصحافة لرفع جودة المضمون، دعم الصحافة كفاعل أساسي في الدبلوماسية الموازية، ربط العلاقات بين الصحافة الجهوية ومثيلاتها في أوروبا والعالم العربي، خلق شبكة للتعاون والتواصل الصحافي على الصعيد القاري والإفريقي .
وقد افتتحت أشغال المناظرة بقراءة آيات من الذكر الحكيم ليلقي بعد ذلك رئيس الجلسة الدكتور إبراهيم اقديم كلمة باسم رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله مؤكدا فيها أن الجامعة سعيدة بالتعاون مع عدة فاعلين مهتمين معنيين بالحقل الإعلامي والتواصل، وبالوعي المشترك والقوي بضرورة القيام بالمهام المنوطة بهم اكاديميين كانوا آو إعلاميين مهنيين لرفع التحديات ألكبرى للمغرب على الصعيد الدولي ومن هنا تبرز أهمية هذه المناظرة التي رفعت تحت شعار الإعلام الجهوي والأدوار المنوطة به لدعم التآخي الإفريقي من اجل إشعاع وطني والتقارب مع الشعوب الإفريقية لتقوية التعاون بينها في القضايا المصيرية، مستحضرين الرسالة الملكية الموجهة إلى آسرة الصحافة في 15 نونبر2002 والتي قال فيها إن مشهدنا الإعلامي الوطني لايمكن أن يرفع تحديات الألفية الجديدة التي تفرضها عولمة البرامج المعروضة عبر وسائل الإعلام والتعميم التدريجي للاستفادة من مؤهلات مجتمع المعرفة والاتصال، ما لم تتم إعادة النظر في مناهج عمله،وما لم تتقو النصوص القانونية والأدوات والموارد اللازمة.
وخلص في كلمته ليؤكد أن جامعة سيدي محمد بن عبد لله تعمل ضمن صلاحياتها القانونية لدعم كل المبادرات الرامية إلى تقوية الإعلام والصحافة عبر التكوين والبحث العلمي والتقني والنشر والتوثيق لتؤدي دورها ألطلائعي في ربط المغرب بالعمق المغربي لمواجهة التحديات والمغالطات التي ينشرها المناوءون لنا، ومما لاشك فيه أن التعاون بين الأكاديمي والإعلامي والدبلوماسي ستؤدي هذه المقاربة التشاركية وفق مخطط استباقي إلى احتواء المشاكل وتوجيه مسارا تها بناء على العلم والمعرفة والتحليل الدقيق للخطاب .
من جهته أشار الزميل عبد الفتاح الادرسي باسم اللجنة التنظيمية أن من بين أهداف المناظرة تقييم المناخ الإعلامي في بلدنا وفق مقاربة مقارنة بنماذج افريقية وأوروبية وتدارس التطورات في ضوء القوانين الجديدة المنظمة للقطاع ومناقشة مقترحات قابلة للتفعيل مع تحديد متطلبات المجتمع المغربي إعلاميا بناء على مقاربات علمية مقارنة دولية، وإعداد عناصر التعديلات المرجوة في قانون الصحافة بهدف المزيد من الاستقلالية والموضوعية والمهنية والإنتاج.
وافتتح المناظرة الصديق معنينو الإعلامي المتمرس والذي خبر أغوار الإعلام المرئي وعايش نشأته وتطوره بعرض شيق حمل المتناظرين إلى سنوات الستينات على عهد الملك الراحل الحسن الثاني الذي سطع نجمه إعلاميا من خلال الندوات الصحافية الدولية التي كان يعقدها في عدد من المناسبات والمؤتمرات حيث كان يسلط الأضواء على كل الجوانب بحنكة ودهاء سياسي عظيم، حيث كان المغاربة يتجمعون حول شاشات التلفاز لتتبعه وهو يجيب الصحافيين الدوليين ويحرجهم في كثير من الأحيان، وقتها يقول . . معنينو كانت انطلاقة البث التلفزيوني بالأسود والأبيض ولم نكن نتوفر على إدارة او منتجين وتقنيين . وأضاف ذ معنينو قائلا.. لقد كان الحسن الثاني الذي رافقته لمدة طويلة في المغرب وخارجه وتتبعت خطبه وندواته رجل تواصل بامتياز، فعندما كان يعلن عن ندوة صحافية كان المغاربة يتسارعون للاستماع إليه .
تصوروا معي أن ينقل الخطاب الأول للعرش في 3 مارس في الستينات ولم يكن للمغرب تلفاز في هذه الفترة،وكان من المستحيل أن نهيئ التلفزيون في مدة ستة أشهر ولكن التحدي كان سيد الموقف وتم إلقاء خطاب العرش متلفزا، ويتذكر الجيل الذي عاصر هذه المرحلة أننا كنا نضع وردة على الشاشة ونطلق الموسيقى الأندلسية عند الافتتاح إلى ان طلب منا وزير الاتصال آنذاك المرحوم مولاي احمد العلوي أن نصور لقطات بحرية لنرسلها قبل البث التلفزي لأن المغاربة كانوا عطشى لدخول الصورة إلي البيوت وخاصة النساء، ثم انتقل للحديث عن انفتاح التلفزة المغربية على الخارج وخاصة قناةt.v.5 الفرنسية حيث اشترى الحسن الثاني بارابولا ووضعه قي القصر الملكي بالرباط وفوجئ الساكنة بهذا البث واخذوا يلتقطونه،و لما ذهب الحسن الثاني إلى قصر الصخيرات حمل مع الباربول فانقطع البث الفرنسي بالرباط فأخذ الرباطيون يحتجون فما كان من الحسن الثاني إلا أن اشتري صحنا مقعرا خصه لساكنة الرباط ليعمم البث على المدن المغربية حيث فرضت وزارة الاتصال مبلغ 5000د على الراغبين في الانخراط في القناة الفرنسية التي أخذت تبث برامج ولقطات تخالف حياتنا الاجتماعية، ولم نكن في ذلك التاريخ مستعدين للانفتاح على الخارج، فاحتج البرلمانيون على الضريبة المفروضة على البث الفرنسي ثم ألغيت واستعاد المنخرطون ما أدوه من مال لوزارة الاتصال.
وختم ذ. معنينو مداخلته ليقول ..اليوم وقع تحول كبير عبر وسائل الاتصال وخاصة الشبكة العنكبوتية وفضاءها الأزرق الذي سمح للجميع ولكل من هب ودب أن ينقل الأخبار ويشوه سمعة الأفراد والأسر، وقريبا سيصبح المغرب من الدول الأولى المنخرطة في الانترنيت حيث بلغ اعدد المنخرطين 47 مليون في حين آن سكان المغرب يبلغ عددهم 32 مليون نسمة انه مخاض عسير يوجب التعامل معه بجذر ويقظة.
هذا وتتابعت أشغال المناظرة بقصر المؤتمرات حيث ناقش المتناظرون عددا من المحاور الإعلامية في طليعتها واقع الإعلام الجهوي في صيرورته الوطنية والدولية وكذا الإشكالات والرهانات قي ضوء التطورات وقانون الصحافة والنصوص القانونية الجديدة..
على هامش المناظرة الثالثة حول الإعلام الجهوي التآخي والتشريع المقارن
الكاتب : فاس: محمد بوهلال
بتاريخ : 19/03/2018