عقد مكتب فرع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالقنيطرة يوم الجمعة 16/03/2018، لقاء مفتوحا بقاعة غرفة التجارة والصناعة والخدمات، أطره محمد بنعبد القادر عضو المكتب السياسي، تحت عنوان «الاتحاد الاشتراكي ومهام المرحلة « .
استهل محمد بنعبد القادر عرضه بالحديث عن مهام المرحلة ، حيث أكد «أن هذه المهام تعتبر في حد ذاتها مشروعا للعمل يتطلب جدية وعمقا في التفكير، نظرا لكون المرحلة التي نمر بها على الصعيد الحزبي ، وعلى المستوى السياسي للبلاد دقيقة جدا ، تفرض طرح تساؤلات كبرى على ذواتنا من أجل محاولة إيجاد حلول للمشاكل والإشكاليات المعقدة التي نصطدم بها اليوم .
إن كل هذا يجد تفسيره في الإشكاليات التي طرحناها في المؤتمر الوطني العاشر والتي كانت تدور بالأساس حول «ما هو النموذج التنموي الجديد» الذي يمكن أن يخرج البلاد من الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تتخبط فيها ؟ ما هي المنظومة الانتخابية التي يمكن أن تخرجنا من الأزمة التمثيلية السياسية التي لا تمكن أي حزب سياسي من الحصول على الأغلبية المريحة، إن لم نقل المطلقة ؟ما هي الحكامة الرشيدة التي يمكن أن تؤدي إلى إصلاح نافع للبلاد ، وبالتالي أية وظيفة عمومية وأية إدارة يمكن أن تسهل للمغاربة سبل العيش الكريم والآمن ..؟ «
« لكن بالإضافة إلى ذلك ، يقول بنعبد القادر، طرح المناضلون والمناضلات سؤالا جوهريا يتعلق بحزبهم ألا وهو: ما هو النموذج الحزبي الذي يصلح لهذه المرحلة المعقدة والمتشابكة ؟ وبالتالي هل النموذج الحزبي التنظيمي التدبيري الحالي لايزال صالحا وملائما لإنجاز مهام هذه المرحلة ؟
لا شك أن تعقد المرحلة وتغير الواقع بمختلف مكوناته السياسية الاجتماعية ، الاقتصادية ، العلمية ، التقنية ، الثقافية والبيئية يفرض علينا وقفة مع الذات من أجل التغيير ، تغيير أساليبنا في العمل ـ تغيير سلوكنا ، لغتنا ، طريقة تواصلنا ، طرق إقناعنا ، تغيير نموذج تنظيماتنا . إن الصدق مع ذاتنا ومع الآخرين يفرض علينا الشجاعة ، شجاعة قول ماهو صحيح ونافع لكياننا الحزبي ولوطننا . وهنا لا بد من الاعتراف بحقيقة بديهية ،بداهة واقعية أكثر منها منطقية ، ألا وهي أن الحزب، أي حزب هو كيان عضوي ينشأ وينمو ويتطور ثم يصيبه الوهن ويبدأ في الانحدار ، والتاريخ شاهد على كثير من النماذج الحزبية التي اندثرت أو تراجعت مثل جبهة التحرير الوطني في الجزائر ، حزب التجمع التونسي ،الحزب الوحدوي المصري ، الحزب الاشتراكي اليمني ….
هكذا وإذا كان حزب الاتحاد قد بقي صامدا منذ سنة 1959 ، فإنه اليوم يحتاج إلى تعبئة قوية لطاقته لكي يستطع أن يستمر .وإذا كنا قد قمنا بمراجعات في المؤتمرات السابقة حفاظا على استمراريته وحيويته، فإننا اليوم مطالبون بالقيام بنفس الشيء من أجل نفس الهدف .ولنأخذ مثال الأسرة في المغرب لا شك أن حتمية التطور مع الظروف قد جعلتها تتطور من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية ، بل يمكن القول إن
هناك تنظيمات في المغرب قد لعبت في الماضي دورا مهما لكن نلاحظ حاليا تضاؤل مفعولها إن لم نقل إنها اندثرت ، وخير مثال على ذلك الزوايا» .
« هذا بالإضافة، يتابع بنعبد القادر ، إلى التساؤلات التي تطرح حاليا حول الفاعل السياسي على المستوى العالمي أيضا ، تساؤلات فرضتها ظروف العولمة التي قامت بتقويض التنظيم الحزبي الذي بني عليه العمل الحزبي منذ القرن 19 .وأمامنا الظاهرة الفرنسية ، حيث استطاع إيمانويل ماكرو تأسيس حزب «الجمهورية إلى الأمام « في زمان قياسي لا يتجاوز 7 أشهر ، حزب خارج الأحزاب السياسية التقليدية ومدارسها الإيديولوجية , واستطاع أن يصل إلى قصر الإليزيه . وفي إسبانيا منذ بداية الانتقال الديموقراطي تقاطع حزبان رئيسيان القطبية ،هما الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي، لكن حاليا ظهرت قوتان جديدتان مختلفتان عن القوى القديمة . وهكذا تتكرر الظاهرة في كل من إيطاليا ، ألمانيا ، البرتغال .
هذا بالإضافة إلى بروز الثورة الرقمية وانهيار الظاهرة الجمعوية ( أي ظاهرة التلاقي والاجتماعات الحزبية )الشيء الذي يفرض التساؤل بقوة حول « أي تنظيم جديد للفاعل الحزبي « في الوقت الحاضر ؟».
«و يمكن لقائل أن يقول : كيف لكم أن تتساءلوا الآن عن مهام المرحلة و قد مر على خروجكم من المؤتمر الوطني الأخير زمن قليل ؟ وإذا كان هذا السؤال مشروعا ،فإن الإجابة عنه تتحدد في أن هذه الفرصة قد تم تفويتها نظرا لانشغالنا بتدبير الأزمة الداخلية التي ضيعت علينا إمكانية القيام بطفرة في مسار تطور الحزب على المستوى التنظيمي بالخصوص .لقد ركز المؤتمر الوطني العاشر على تأمين الوضع الداخلي للحزب وليس على طرح الأسئلة العميقة التي تفرضها المرحلة .
إن إعادة النظر في النموذج الحزبي وفي التنظيم الحزبي واجب تفرضه ضرورتان : ضرورة التلاؤم مع تطور الواقع بجميع مكوناته السياسية الاقتصادية الاجتماعية العلمية التكنولوجية، وضرورة الحفاظ على استمرارية الحزب وتطوره .
هذا على الرغم من أنه لا يمكن أن ننكر مجموع الاجتهادات التي تمت في المؤتمر السابع بإرساء الكتابات الجهوية لكن مهام المرحلة الحالية هي أعمق من ذلك بكثير تفرض علينا تطور الأداة الحزبية بشكل أعمق .
ثم هناك قضية أخرى مهمة وأساسية بالنسبة للحزب، ألا وهي دور الجامعة التي تعرف حاليا تدهورا بالنسبة للفكر التقدمي .لقد كانت شبيبتنا تتغذى عن طريق القطاع الطلابي لكن الآن قلت هذه التغذية لأننا لم نعد نتوفر على تنظيم طلابي قوي . هذا بالإضافة إلى أننا كنا رائدين في خلق وتنشيط المجتمع المدني مثل جمعية «لاميج» و «حركة الطفولة الشعبية « و»المنظمة المغربية لحقوق الإنسان « و «اتحاد كتاب المغرب «…وغيرها وكانت تعتبر درعا محتضنا لتصوراتنا وافكارنا حول الديموقراطية ، والآن ظهرت جمعيات جديدة مثل جمعيات المناخ والأحياء « .
« وما قلناه عن المجتمع المدني، يضيف عضو المكتب السياسي ، نقوله أيضا عن العمل النقابي والذي يعرف الآن تشرذما يستدعي عزيمة تفل الحديد لكي يتم النهوض به .
أما الثورة الرقمية فتكاد تتجاوزنا، لذلك لا بد من تدارك هذا الأمر لأنه يستحيل تحقيق أي تواصل سواء كان داخليا أم خارجيا بدون الاعتماد على وسائل التواصل الجديدة .كما يستحيل القيام بأية تعبئة أو إيضاح للأفكار بدونها .كما يجب الاشتغال أيضا على مهام الهوية لإقناع الآخرين لأنها إذا كانت بالنسبة لنا ثابتة في إطار التغيرات التي تبنيناها في المؤتمرات الأخيرة .فإن هذه التغيرات يجب ان تكون متقدمة ومنسجمة مع التطورات الدولية ,خاصة ونحن نشاهد الآن في أوربا تجاوز مجموعة من التمفصلات مثل تمفصل يمين /يسار محافظ /يساري ، انفصالي /وحدوي .
ثم هناك قضية أساسية هي قضية اليوتوبيا والتي هي مسألة أساسية في تاريخ الشعوب لأنها معبئة للشعور الجمعي، لذلك فهي أساسية للعمل السياسي، هذه اليوتوبيا لعبت دورا أساسيا في الثورة الروسية ثورة 1917 وبقيت حاضرة إلى حين سقوط جدار برلين ، لذلك يشكل اختفاؤها فراغا كبيرا في مجال العمل السياسي خاصة وأنها كانت تركز على مطالب الديموقراطية والتحرر ,لكن حاليا أمام خلط الأوراق وظهور موجة الانفصال في أوربا بدأ الأمر يتغير وبدأ الشباب يتشبثون بيوتوبيا جديدة هي يوتوبيا «الثورة الرقمية .»
هكذا انتهى العرض بالتأكيد على ضرورة إعادة الثقة للعمل الحزبي، وذلك بواسطة القيام بمجموعة من المراجعات ترتكز بالأساس على :
-الجانب التنظيمي (البحث عن نموذج جديد للتنظيم الحزبي) يتلاءم مع روح العصر – البحث عن يوتوبيا جديدة كسلاح يحقق التضامن الجمعي الذي من شأنه أن يشد الجميع نحو بناء نموذج مجتمعي جديد وممارسة سياسية جديدة ومتطورة .-البحث عن نموذج تنموي جديد مادامت النماذج القديمة قد كشفت عن عجزها في تحقيق التنمية الاجتماعية -التشبث بالثورة الرقمية والاعتماد عليها في مجال التواصل الداخلي والخارجي للحزب- إعادة النظر في كيفية تدبير العمل الجمعوي والنقابي .-الاهتمام بالشباب داخل الجامعة على مستوى التكوين السياسي .-السعي إلى ضرورة تحقيق إصلاحات عميقة على مستوى منظومة الانتخابات والتسيير الإداري والحكامة .
في لقاء مفتوح لمكتب فرع الاتحاد الاشتراكي بالقنيطرة : محمد بنعبد القادر : ضرورة إعادة الثقة للعمل الحزبي عبر القيام بمجموعة من المراجعات

الكاتب : عائشة زكري
بتاريخ : 23/03/2018