شعر : مطر  !

 

أنظر في البلاد التي تبكي
في ظلال الماء
أنبهر بالصبح يَرمي خيوط البرق
في الشبابيك
ويُرعِد
هل هو الفناء ؟..
أم جاء أول الماء من آخر النار
غيما
رأيته يصعَد من جهة البحر ويَعرُج
وها حجر يغتسل
وجبل يهرول
ورجال يحلمون في الخطوة الباردة ..
أقول: يا غيمة امطِري فوق التل
ليلمع القلب
والترابُ
والحطابُ
وينهضَ من غفوته الجدار ..
امطِري فوق القوس القديم
والمئذنة
والضيعات
وسوقِنا الأصفرِ
لتحاضر العرافة في العشب
وعمر الناس قصير
لتنتجع القطط في أعطاف الغرباء
وتتناسل الحرباء البهيجة على الغصن
ونعرق في أيام الحصاد..
امطري
ليسافر الجدول في الجداول
ويتيه الفراش في الورد
ويقرأَ الخائبون طالعَهم في الزنابق …
ولتومض يا برق في العصا المرتعشة
على جذع الشيخ
والطريق ذروة التيه ..
هل أهرُب إلى المطر أراوده
أم أعتصم بعرصة جدباء..؟
وكنت محاطا بكل الموت أزعق للسماء
يا غيمة امطري
لأسوقَ بقراتِي بنخوة إلى النهر
أوَرّدها ملء البطن
عسى لبن يطهرني كالنجم ..
و كنت لما أجيء من أسواقي محشوا بالتوابل
والفاكهة
والثوب ..
يفرح الحمام
تنصب الخيام
تخرس الكلاب..
ولي أرض تحبني مثل أمي
وخراف أرعاها في حضرة الناي
والناي سليل الماء
يحيي ما يشاء..
لي صُبار بزهر في الهوامش
لتعود سلالة الأفعى المجيدة
في حكايا الأطفال ..
امطِري لأخلع عني معطف أكاكي
وأقص شاربي الأشعث مقوسا
على هيأة سلفادور دالي
وأصليَ في الشمس مع الأعداء
أَمضي بهم سعيدا
أصنع لهم أرجوحة للغفران
وقمرا
وعيدا..
ونكاية في الشاعر سأقول:
ينذرني العيد هذا العام
أني باق ولو مت موتتين.. !
فحينها سيقولون:
يا ولينا الذي غاب في السماوات
يا صاحب الأرجوحة البهيجة
من حبيبُنا في الأعياد إلا أنت !


الكاتب : خاليد القاسمي

  

بتاريخ : 23/03/2018