أثار تقرير عسكري اسرائيلي حول عدد الفلسطينيين جدلا في إسرائيل، حين قال إن عددهم يتساوى حاليا مع اليهود، وهو ما استغلته المعارضة الإسرائيلية للهجوم على الحكومة، واتهامها بأنها ستتسبب مستقبلا في قيام «دولة واحدة ثنائية القومية”» بسبب رفضها لمبدأ «حل الدولتين».
وكانت الإدارة المدنية الإسرائيلية، ذراع الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، قد قالت إن هناك 5 ملايين فلسطيني مسجلين في الضفة الغربية وقطاع غزة، دون أن يشمل ذلك الفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية.
وإذا ما تم إضافة أعداد المقيمين في القدس الشرقية، وكذلك العرب المقيمين داخل إسرائيل والحاصلين على الجنسية الإسرائيلية، فإن عدد الفلسطينيين يصل داخل أراضي فلسطين التاريخية (إسرائيل والضفة وغزة) إلى نحو 6.5 مليون شخص.
ويتقارب هذا العدد مع معطيات مركز الإحصاء الإسرائيلي، التي تقول إن أعداد اليهود تبلغ نحو 6.5 مليون شخص أيضا.
وحسب تقرير لجهاز الاحصاء الفلسطيني (حكومي) صدر في نهاية العام 2016، فمن المتوقع أن تبلغ نسبة اليهود داخل (فلسطين التاريخية) حوالي 49.3% من إجمالي السكان بحلول نهاية عام 2020، حيث سيصل عددهم إلى نحو 6.96 مليون يهودي مقابل 7.12 مليون فلسطيني.
وأثارت إحصائية الإدارة المدنية، قلقا لدى بعض الأوساط في إسرائيل، حيث ترى بعض الفئات أن استمرار الحكومة في رفض حل الدولتين، القاضي بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، واستمرارها في الاستيطان في أراضي الضفة الغربية، سيؤدي في نهاية المطاف إلى إقامة دولة واحدة ثنائية القومية.
وتعتقد هذه الأوساط أن العرب سيكون لهم الغلبة داخل الدولة الواحدة، نظرا لأن نسبة الخصوبة لديهم أعلى من اليهود، وتزداد أعدادهم باضطراد، وهو ما سيعني نهاية «الدولة اليهودية».
وأظهر يتسحاق هرتسوغ، رئيس المعارضة في الكنيست، عن حزب «المعسكر الصهيوني» قلقه من هذه المعطيات، في ظل سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية.
وقال هرتسوغ في تصريح له: «عدد الفلسطينيين يصل إلى 5 ملايين نسمة، هي إشارة تحذيرية للقيادة الإسرائيلية التي لا تفهم شدة خطر الدولة ثنائية القومية، وتستمر في خلق واقع لا رجعة فيه لواقع الدولة الواحدة».
وأضاف هرتسوغ: «إن على من يخشى (فكرة) الدولة الواحدة، أن يقفوا جنبا إلى جنب بهدف الانفصال عن الفلسطينيين وتطبيق (خيار) حل الدولتين». وتتفق الحكومة والمعارضة في إسرائيل، على رفض فكرة “الدولة الواحدة الديمقراطية”، لكنهما يختلفان بخصوص خيار حل الدولتين، حيث ترفض أحزاب الائتلاف اليميني الحاكم إنشاء دولة فلسطينية، وتدعم بشدة الاستيطان اليهودي داخل أراضي الضفة الغربية، وتدعو لإقامة “حكم ذاتي” للفلسطينيين عوضا عن «الدولة المستقلة».
أما أحزاب اليسار الإسرائيلي المعارض، فتؤيد إقامة دولة فلسطينية، ولكن وفق شروط مشددة ترفضها القيادة الفلسطينية.
ويقول الخبير في الشؤون الاسرائيلية جلال البّنا، إن النمو السكاني الفلسطيني، يثير «الهلع» لدى الإسرائيليين.
ويضيف البنا: «هناك حالة كبيرة من الهلع في اسرائيل من النمو السكاني لدى العرب والذي يزيد عنه لدى اليهود». وعلى الرغم من ذلك، يستبعد البنا قيام دولة واحدة ثنائية القومية، لأنها فكرة مرفوضة اسرائيليا.
ويبلغ معدل النمو السكاني في فلسطين حوالي 2.9 ٪ وفق جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، مقابل 2 ٪ في اسرائيل حسب الإحصاء المركزي الإسرائيلي.
وقال البنا: «اليسار الصهيوني منذ إقامة اسرائيل، كان شغله الشاغل هو كيفية الحفاظ على أكثرية يهودية في المنطقة، وحتى لا يأتي يوم يضطر فيه إلى اعطاء أي آخر غير اليهودي أية حقوق، كان يدعو إلى الفصل التام، وإعطاء الفلسطينيين دولة يكونوا فيها لوحدهم دون اختلاط مع اليهودي، بغض النظر عن شكل هذه الدولة».
أما اليمين الاسرائيلي، (الحاكم حاليا)، فيتبنى وجهة نظر تقول على أساس أنه «لا يهم كم عدد الفلسطينيين، المهم أن تبقى السيطرة اليهودية.. فاليهود لهم الحق في كل هذه البلاد، ولهم الحق في التواجد أينما شاؤوا، والفلسطينيون يجب أن يبقوا في تجمعات، بدون حقوق، بدون دولة، وتحت حكم ذاتي محدود، على أقل مساحة أرض، عليها أكبر عدد من السكان”.
ويرى البنا أن الجانبين اليميني واليساري في اسرائيل، لديهم نظرة عنصرية مطلقة تجاه الوجود الفلسطيني. ويضيف: «مهما كان شكل التواجد الفلسطيني في اسرائيل فإن الامتيازات التي يمكن أن يحظى بها الفلسطيني يجب ان تبقى برأي الجانبين، أقل من تلك التي يحظى بها اليهودي، لكنه لن يكون مواطنا تحت كل الظروف”.
أما الكاتب في الشؤون الاسرائيلية عصمت منصور، فيقول إن الخيارات المطروحة اسرائيليا للتخلص من فكرة «الخطر الديمغرافي» تقوم على 3 أسس، الأول، إعطاء الفلسطينيين دولة قابلة للحياة لقطع الطريق أمام الدولة الواحدة ثنائية القومية.
والثاني إقامة كونفدرالية فلسطينية، بحيث تتبع الضفة الغربية للأردن، وقطاع غزة يكون تابعا لمصر.
أما الخيار الثالث الأكثر تشددا فهو «اجراء من طرف واحد يقوم على أساس تبادل للسكان والأراضي، بحيث تصبح المدن العربية داخل اسرائيل تابعة للسلطة الفلسطينية، والمستوطنات بالضفة الغربية تتبع دولة إسرائيل، وتكون هذه السلطة منزوعة السيادة وبلا سلاح، وتحظى بحكم ذاتي إداري».
وقال منصور: «في الحقيقة هناك خطر ديمغرافي يتهدد إسرائيل، كلما توسعت في المساحة كلما صارت أقل يهودية، لا مناص من مواجهة هذه الحقيقة، وبالتالي كل من يدعو لحل لا يقوم على حل الدولتين يعي أن ذلك سيؤدي إلى إغراق الدولة اليهودية بغير اليهود، ما يؤثر على حلم الصهيونية وفكرة وجود الدولة اليهودية”.
من جهته، يرى البروفيسور سعيد زيداني، أستاذ الفلسفة في جامعة القدس أن هناك «مخططات كثيرة لدى الإسرائيليين لوأد فكرة قيام دولة ثنائية القومية، أو دولة ليس فيها أغلبية يهودية».
وأضاف زيداني لوكالة الأناضول: «هم لن يسمحوا أبدا بأن يصبح العرب أكثرية داخل اسرائيل، وهذا هو الأهم، لذلك هم لا يريدون ضم الضفة بسكانها وتحويلهم لإسرائيليين، لأن ذلك يهدد الاغلبية اليهودية، هم لديهم عرب في اسرائيل ونسبتهم لا تتعدى العشرين بالمئة، وهذا النسبة ثابتة، وبالتالي لا خطر على فكرة الدولة اليهودية”.
ويرى زيدان أن اسرائيل ستقوم بسلسلة خطوات أحادية لمنع قيام دولة ثنائية القومية، ومن ذلك قد يلجؤون إلى اعتبار قطاع غزة هو الدولة الفلسطينية.
وأضاف: «أو قد يسعون لإنشاء سلطة حكم ذاتي وتجميع أكبر عدد من الفلسطينيين في أقل مساحة أرض، أو يسعون لترتيبات مع مصر والأردن للتخلص من الفلسطينيين».
بدورها تقول الدكتورة هنيدة غانم، مديرة المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية «مدار»، إن اسرائيل تتعامل مع الوجود الديمغرافي وتغييراته، بأنه “خطر كبير في ظل عدم وجود تسوية سياسية».
وأضافت: «بالتالي هناك محاولة لإيجاد صيغ لتحييد هذا الخطر من خلال السعي نحو وضع أسس لحل المسألة الفلسطينية بسلطة الأمر الواقع، عبر انشاء دولة كنتونات معزولة غير متصلة، غير قابلة للحياة، تحظى بسلطة حكم ذاتي، يعني دولة مشوهة تقوم على أقل مساحة أرض ممكنة». وترى غانم أن إسرائيل قد تسعى إلى “هندسة الحل الفلسطيني بضم المستوطنين وإخراج الفلسطينيين من اسرائيل، وإعطائهم حكما ذاتيا دون فكرة قيام دولة فلسطينية”.
هل تجاوز عدد الفلسطينيين عدد اليهود؟
نشرت صحيفة «التايمز» تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، يتحدث فيه عن رفض نواب الكنيست اليهود الإحصائيات الجديدة عن عدد السكان الفلسطينيين/ العرب في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي داخل إسرائيل.
ويقول سبنسر إن عدد العرب الذين يعيشون في داخل إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة ربما تساوى أو زاد على عدد السكان اليهود، وذلك بحسب أرقام قدمت إلى الكنيست، تشير إلى أن ما بين 4.5 -5 ملايين نسمة يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة، بحسب الأرقام التي قدمتها الإدارة المدنية للكنيست، بالإضافة إلى 1.8 مليون عربي داخل إسرائيل أو في القدس الشرقية، ما يعني أن الرقم قد يكون أكبر من العدد الحالي لليهود 6.5 مليون نسمة، الذين تقول الإحصائيات الرسمية إنهم يعيشون في إسرائيل والضفة الغربية.
ويشير التقريرإلى أن هذا الرقم غير مقبول للكثير من الإسرائيليين؛ ليس بسبب الشك في تساوي عدد الفلسطينيين واليهود، لكن لأنه يثير عددا من الشكوك حول الزعم بأن إسرائيل دولة يهودية، لافتا إلى أن هناك من يحاول عكس الرقم، حيث يضع عدد اليهود 6.9 مليون، أما العرب 6.5 مليون نسمة.
وتذكر الصحيفة أن قائد الإدارة المدنية العقيد حاييم مينديز، قدم الأرقام الأخيرة إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، وكشفت عن زيادة نسبية «بنسبة الثلث» في عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة ومنذ عام 2002.
وينقل الكاتب عن مينديز، قوله إن التقديرات هي ما بين 2.5- 2.7، مع أن الإحصاء الفلسطيني قدر الرقم بـ 3 ملايين، بالإضافة إلى مليونين يعيشون في غزة.
ويلفت التقرير إلى أن عددا من النواب رفضوا هذه الأرقام، وطلبوا من مينديز تقديم أدلة، وقالوا إن الزيادة قامت على نسبة ولادة عالية، مقارنة مع نسبة وفيات أقل، مشيرا إلى أن الجماعات اليمينية المتطرفة تزعم أن السلطة الوطنية قامت بالتلاعب في الأرقام خلال الأعوام الماضية، والمبالغة في عدد السكان بزيادة 700 ألف إلى مليون شخص.
وتورد الصحيفة نقلا عن خبراء الإحصاء السكاني في إسرائيل، قولهم إن هناك ما يثبت صحة هذه المزاعم، فيما قالت أحزاب الوسط العربية إن هذه الأرقام تعني ضرورة حل الدولتين، مستدركة بأن عددا من داعمي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريدون ضم الضفة بشكل كامل إلى إسرائيل.
وينوه سبنسر إلى أن نتنياهو قدم إشارات تشير إلى دعمه لهذا الحل، مع أن الموقف الرسمي الآن هو حل الدولتين، لافتا إلى قول النقاد إن دولة ممتددة من النهر إلى البحر يجب أن تتخلى عن هويتها اليهودية، إن كان العرب غالبية، وإلا لتحولت إلى دولة تمييز عنصري.
وينقل التقرير عن زعيم القائمة المشتركة للأحزاب العربية في الكنيست أيمن عودة، قوله: «ما بين نهر الأردن والبحر هناك عدد متساو من الفلسطينيين واليهود، وهذه ليست معلومات جديدة»، وأضاف: «منعطف الطريق الذي نقف أمامه الآن واضح: إما دولتان على حدود عام 1967، أو دولة واحدة ذات طابع عنصري، أو دولة ديمقراطية واحدة، يحق لكل شخص فيها التصويت، ولا خيار غير هذا، ويجب قول هذه الحقيقة بوضوح وبساطة».
وتختم «التايمز» تقريرها بالإشارة إلى قول زعيمة المعارضة تسيبي ليفني: «لو لم نستيقظ من وهم الضم فإننا سنخسر الغالبية اليهودية، بسهولة».
هكذا تحدد إسرائيل مخاطر الانفجار الديمغرافي
حسب دائرة الاحصاء الفلسطينية يوجد 12.1 مليون فلسطيني في انحاء العالم، من بينهم 6.08 مليون في «دولة فلسطين»، منهم 2.83 مليون يعيشون في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، 1.79 مليون في قطاع غزة، و1.76 مليون داخل الخط الأخضر، وان نسبة 35.4% من الفلسطينيين هم شبان دون سن 15 عاما، و4.3% فوق سن 65 عاما، ويعيش في الدول العربية 5.34 مليون فلسطيني، بينما يعيش في الدول الاخرى 650 الف فلسطيني. ويشير مركز الإحصاء الفلسطينى إلى ان 43.1% من سكان الضفة والقطاع هم لاجئون، من بينهم 38.8% يعيشون في الضفة، و61.2% في غزة. وحسب المعطيات، ايضا، فقد انخفض الاخصاب الفلسطيني بين 1997 و2013، من معدل ستة اولاد الى 4.1 ،وتصل النسبة في غزة الى 4.5 مقابل 3.7 في الضفة.
اما داخل الخط الأخضر فتصل نسبة الاخصاب لدى الفلسطينيين الى 3.4 ولادات في الحد المتوسط، مقابل 3.1 لدى اليهود. وتتوقع دائرة الاحصاء ازدياد عدد الفلسطينيين في 2020 الى 7.14 مليون نسمة، مقابل 6.87 مليون يهودي، في حال استمرار نسبة الاخصاب الحالية في المجتمعين اليهودي والفلسطيني.
وفى مقال مطول نشرته صحيفة «هآرتس» يقول الباحث في الشئون السياسية والصراع العربي الإسرائيلي جاي بخور إن الزيادة في معدل الإنجاب على النحو الحالي ستساعد في إطالة أمد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وستفرض أمرا واقعا لأي حل مستقبلي يتعلق بالتجمعات السكانية اليهودية، واحتلت العائلة اليهودية من أصل شرقي -التي تعيش داخل المستوطنات وخاصة المقامة حول القدس- أعلى معدل إنجاب بالعالم في 2014، وهو ما يعزوه البعض لإيمانهم بضرورة التفوق العددي على المقدسيين.
وفى دراسة لأرنون سوفير أستاذ الجغرافيا بجامعة حيفا، يرسم صورة مستقبلية للبعد الديموغرافي للصراع العربي الإسرائيلي، أبرزها ما يتعلق بالنتائج السياسية والجغرافية، فيتوقع أن تتسبب الكثافة السكانية العالية بتهور إيكولوجي «علم علاقة الأحياء بالبيئة»، يتضرر منه بشكل مباشر سكان السهل الساحلي من اليهود، مما قد يؤدي لنزوح عدد كبير منهم إلى الخارج، وقد حدث ذلك فعلا فى مدينة القدس التي تشهد نزوحاً مستمراً من السكان ذوي التوجهات العلمانية إلى مدن الساحل مع زيادة اليهود المتدينيين، وتفضي الساحة لصراع من نوع خاص بين السكان العرب الذين يتمتعون بنسب عالية في الإنجاب والزيادة السكانية وبين الحريديم المتدينون المتطرفون، فينقسم المجتمع جغرافياً إلى ثنائية قابلة للانفجار الطبقي والثقافي والديموغرافي بين مجتمع «خط الشاطئ الإسرائيلي» وهو مجتمع غربي يقوم على التكنولوجيا المتطورة ويعيش على مستوى الدخول العالية، مقابل مجتمع تقليدي قوامه المجتمع العربي في إسرائيل، بالإضافة إلى مجتمع الحريديم «المتدينين المتزمتين من الأشكيناز والسفرديم»، وهى كتلة ستعاني من الفقر والكثافة السكانية والراديكالية الدينية.
التفوق الديموغرافي الفلسطيني يبدد الصورة اليهودية لإسرائيل
تواصلت التحذيرات الإسرائيلية من الانعكاسات المتوقعة للإحصائيات التي أعلنتها الإدارة المدنية الإسرائيلية عن تساوي أعداد العرب واليهود داخل إسرائيل، وإمكانية تأثيرها على صورة الدولة في المستقبل.
فقد ذكر آتيلا شومفلبيه، الكاتب بصحيفة يديعوت أحرونوت، أن المعطيات الديموغرافية الأخيرة تعني أن إسرائيل في الطريق لأن تصبح دولة واحدة، ما يشكل كابوسا للحركة الصهيونية.
ونقل في تقريره، عن عضو الكنيست أحمد الطيبي من القائمة المشتركة، أن هذه الأرقام تؤكد أن من يقضي على خيار حل الدولتين سيجد نفسه مضطرا أمام سيناريو الدولة الواحدة، معبرا عن رأيه بأن هذه الأرقام تؤكد أن الواقع القائم في إسرائيل يعني أنها باتت دولة واحدة ثنائية القومية، فإما أن تكون نظام أبارتهايد للفصل العنصري، أو كيانا متساويا في الحقوق لكل مواطنيه؛ لأنه في حال أفسح المجال للمعطيات الرقمية وحدها أن تحدد شكل الدولة، فإن الفلسطينيين سيكونون الغالبية في إسرائيل.
وكان الجنرال أوري مانديس، مساعد رئيس الإدارة المدنية الإسرائيلية، أعلن أول أمس أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست أن عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة خمسة ملايين نسمة، باستثناء فلسطينيي شرقي القدس، وبين البحر المتوسط ونهر الأردن يعيش 6.5 مليون مسلم.
عالم الديموغرافيا، البروفيسور أرنون سافير، قال إن الأرقام ليست جديدة، ولدي اعتقاد أن هناك أغلبية عربية فلسطينية على نظيرتها اليهودية، ما يجعل إسرائيل تعيش في ظل خطر وجودي، محذرا أن التوجهات الحزبية لبعض القوى السياسية فيها بضم الضفة الغربية تعني في النهاية وضع حد لدولة إسرائيل.
لكن يغآل ديملوني، مساعد رئيس التجمع الاستيطاني “يشع”، طالب بعدم خوف الإسرائيليين من هذه المعطيات الرقمية، معتبرا ما صدر حملة ديماغوغية هدفها سياسي لإخلاء تجمعات استيطانية بالضفة الغربية.
واتهم الإدارة المدنية بالاعتماد على أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مطالبا باقتطاع قطاع غزة من الإحصائيات الرسمية الإسرائيلية؛ لأن فيه مليوني نسمة، وفي هذه الحالة سيكون اليهود هم الأغلبية؛ لأن إسرائيل حين أقيمت قبل سبعين عاما كان هناك ستمئة ألف يهودي فقط، ومليونا عربي.
يعكوب فاتيلسون، الكاتب بصحيفة إسرائيل اليوم، شكك في هذه الأرقام؛ لأنه ليس هناك تنسيق بين الجهات الإسرائيلية صاحبة الاختصاص في المسألة الإحصائية، لا سيما وزارة الداخلية والجهاز المركزي للإحصاء.
وأضاف، في مقال له، أن المعطيات التي نشرت مؤخرا تشمل الفلسطينيين المقيمين في الخارج منذ عشرات السنين، زاعما أنه في السنوات الخمسين الأخيرة وصل عدد الفلسطينيين الذين تركوا الضفة الغربية وقطاع غزة قرابة ثمانمئة ألف.
البروفيسور سيرغيو ديلا-فرغولا، خبير الإحصاء الديموغرافي في الجامعة العبرية بالقدس، قال لصحيفة معاريف إن المعطيات الرقمية التي قدمتها الإدارة المدنية لا تكذب، بل إنها أقرب ما تكون للواقع.
وأضاف أن هناك 13 مليونا يعيشون في هذه البلاد، بينهم 6.5 مليون يهودي، وأكثر من 1.8 مليون عربي، والباقون في الضفة الغربية، بما يعادل 2.6 مليون نسمة، و1.8 مليون في قطاع غزة، و350 ألفا في القدس، مع فرضية خصم ثلاثمئة ألف فلسطيني من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة يعيشون خارج البلاد منذ سنوات طويلة، سواء في دول الشرق الأوسط أو الغرب.
وأشار إلى أنه بعد إجراء بعض التصويبات يمكن القول إن أعداد العرب واليهود تقترب من التساوي، مؤكدا أن الميزان الديموغرافي يلعب دورا مركزيا في تحديد صورة الهوية القومية لإسرائيل، بحيث إن سيطرتها على مزيد من الأراضي تعني أن تكون هويتها أقل يهودية، وفي حال أرادت تعزيز هذه الهوية يحب أن تتنازل عن مزيد من الأراضي.