كشف محمد أوجار، وزير العدل، أن من بين المستجدات التي حملتها التعديلات المدخلة على مشروع القانون الجنائي المحال على البرلمان، إدخال العقوبات البديلة في إطار إصلاح السياسة العقابية بالمغرب، والتي همت اعتماد آليات العمل لأجل المنفعة العامة، والغرامة اليومية، واعتماد القيد الإلكتروني أحد بدائل الاعتقال الاحتياطي… . وأشار الوزير الذي كان يتحدث في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب حول نجاعة السياسة العقابية بالمملكة المغربية، إلى أن السياسة العقابية أضحت اليوم تعيش أزمة في العقوبة التي لم تعد تؤتي أكلها سواء بالنسبة إلى مرتكب الجريمة، أو كيفية معالجة عواقب الجريمة بالنسبة إلى الضحية، كما أن انعكاسات هذه السياسة العقابية الكلاسيكية على المجتمع أضحت سلبية، مؤكدا على أنه ظهرت مفاهيم حديثة أبرزها العدالة التصالحية التي تعتبر نمطا حديثا لفض الخصومات ذات الطابع الجنائي بهدف التصدي لظاهرة الإجرام بآليات بديلة، وببعد ازدواجي، إنساني وتصالحي يضع كافة الأطراف المعنية بالجريمة في الصدارة من أجل تحقيق عدالة ترضي الجميع، الضحايا والجناة والمجتمع. وأكد أنه تم العمل على إحداث سياسة جنائية جديدة تراعي ضرورات الإصلاح من خلال العديد من المستجدات، التي أدخلت على قانون المسطرة الجنائية ، منها وضع ضوابط وشروط محددة للوضع تحت الحراسة النظرية وترشيد الاعتقال الاحتياطي من خلال سن العديد من التدابير كتحديد حالات موجبة للاعتقال الاحتياطي، وسن إمكانية الطعن في شرعية قرار الاعتقال الاحتياطي وتقليص مدده في الجنايات من سنة إلى 8 أشهر، ووضع بدائل موسعة له باستعمال تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية بما فيها القيد الالكتروني من قبل النيابة العامة، واعتماد دائرة الصلح الجنائي ليشمل العديد من الجنح وفق مسطرة أكثر تبسيطا، ووضع العديد من المساطر المبسطة من قبيل التجنيح القضائي والسند التنفيذي الإداري والاستدعاء المسلم من قبل الشرطة القضائية، ووضع ضوابط وآليات تحفيزية للسجناء كآلية التخفيض التلقائي للعقوبة ومراجعة مسطرة رد الاعتبار القضائي. واعتبر الوزير أنه في ظل التحولات التي شهدتها منظومة العدالة، خاصة استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، عملت الوزارة على وضع الضوابط الناظمة للسياسة الجنائية بما يستجيب للتحولات وباعتبارها ليست دائرة مغلقة بل هي مجال مفتوح تتفاعل فيه مع محيطها العام وتتناغم مع مستلزماته وتستجيب لضروراته لأنها جزء لا يتجزأ من السياسات العمومية للدولة، فالوزارة حرصت على وضع ضوابط ناظمة للسياسة الجنائية داخل مشروع قانون المسطرة الجنائية سواء في ما يخص وضعها أو تنفيذها أو تقييمها وتحديد علاقة التعاون بين كافة المتدخلين فيها بما لا يمس باستقلال مؤسسة رئاسة النيابة العامة، ويضمن التعاون الأمثل بين كافة السلط. كما حرصت الوزارة أثناء إعدادها للهيكلة الجديدة لمصالحها على تطعيم وحدات مديرية الشؤون الجنائية والعفو بمصلحة خاصة بالتنسيق مع رئاسة النيابة العامة لضمان تطبيق أمثل لمضامين السياسة الجنائية. وفي إطار تطوير السياسة الجنائية المغربية تم التنصيص ضمن الهيكلة الجديدة للوزارة على إحداث مرصد وطني للإجرام، كآلية لتشخيص واقع السياسة الجنائية المغربية ووضع مؤشرات مضبوطة لبلورتها وكذا حلول ومقترحات لضمان نجاعتها، وذلك من خلال الوظائف الجديدة التي سيعنى بها المرصد الوطني للإجرام، خاصة ما يرتبط برصد ظاهرة الجريمة ودراستها وتحليلها.