في تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول موضوع «الارتقاء بمهن التربية والتكوين والبحث والتدبير» الذي قدمه رئيس اللجنة الدائمة لمهن التعليم والتكوين والتدبير بالمجلس محمد دالي، ومدير قطب الدراسات والبحث بالمجلس حسن الصميلي، بمقر المجلس الاسبوع الماضي ،وقف على مجموعة من الاختلالات والاشكاليات البنيوية التي تهم الوضعية القائمة لمهن التربية والتكوين والبحث والتدبير، في ظل التحولات الديموغرافية التي تعرفها الهيئات المهنية للتربية والتكوين والمتجلية أساسا في ارتفاع أعداد المتقاعدين، واستقطاب أعداد مهمة من الفاعلين(ات) الجدد.
التقرير يهدف، حسب ما جاء في تقديمه، «إلى اقتراح إطار استراتيجي يروم إحداث قطائع مع سلبيات سياسات وأشكال التدبير التي خضعت لها المهن التربوية، ويعمل على توطيد ما تحقق في هذا المجال من مكتسبات، انطلاقا من ثلاثة مرتكزات ، المهننة كشرط لازم لتأهيل الفاعلين(ات) التربويين، وفق مواصفات مهنية تستجيب لمتطلبات الجودة وانتظارات المجتمع؛المؤسسة التربوية القائمة على الاستقلالية وثقافة المشروع والتكامل الوظيفي بين المهن وتنمية الحياة المهنية؛التقييم المندمج متعدد الصيغ والأساليب».
تقرير المجلس تضمن أرقاما واشكاليات صادمة لواقع منظومة التعليم في بلادنا، من خلال رصد مجموعة من النقائص ما بين 2009 و2017 كالتوزيــع الجغرافــي اللامتكافــئ للمــوارد البشــرية الــذي يكــرس التفــاوت بيــن المؤسســات والجهــات- ســوء التدبيــر الــذي يطبــع مســألة انتشــار المــوارد البشــرية داخــل المنظومــة التربويــة، والــذي يجعــل نفــس الجهــة تعانــي مــن خصــاص فــي الفاعليــن التربوييـن بالمـوازاة مـع تواجـد فائـض منهـم، لا يتـم توظيفـه – اللجــوء إلــى التوظيــف المباشــر فــي التعليــم ً المدرســي، ممــا يؤثــر ســلبا علــى جــودة الأداء المهنــي والمردوديــة.
ولأول مرة نقف عند تقرير يتعرض للحالة النفسية للأساتذة /ت المزاولين في القرى النائية والمعزولـة والهامشـية ،إذ وقف على هشاشـة بعـض البنيـات والفضـاءات التربويـة، وقلـة التجهيــزات والمــوارد؛ – الاكتظاظ المتفاقــم داخــل فضــاءات التدريــس والتكويــن، ومــا يولــده مــن عراقيــل أمــام أداء الفاعليــن/ات لمهامهــم بالنجاعــة المتوخــاة؛ – النقــص المتزايــد فــي التأطيــر المهنــي وأثـره علـى تطويـر القـدرات وتحسـين المردوديــة؛ – غيــاب مواكبــة للفاعليــن/ات التربوييــن فــي وضعيــات هشاشــة نفســية واجتماعيــة (ضغــط نفســي، تدهــور الصحــة النفســية).
تمركز
سجل التقرير أن ســت جهــات تمركز حوالـي 74 % مـن مجمـوع المدرسـين/ات، تتصدرهـا جهـة الــدار البيضــاء الكبــرى بنســبة تفــوق 15 % مــن المجمــوع العــام. وبالرغــم مــن هــذا التركُّــز، وبالنظــر إلــى النســب الإجمالية للتأطيـر البيداغوجـي، فـإن هـذه الجهـات السـت هــي التــي تراكــم أعلــى النســب، وخاصــة فــي الســلكين الابتدائي والاعــدادي، بحيــث تصــل مثـلا فــي كل مــن جهتــي الــدار البيضــاء الكبــرى والرباط-ســلا-القنيطرة إلــى 33 تلميـذا لـكل أسـتاذ، وكذلـك الحـال بالنسـبة لجهـة فـاس- مكنــاس حيــث تصــل هــذه النســبة إلــى 29 تلميــذا لــكل أسـتاذ. هـذه المعطيـات وبالرغـم مـن طبيعتهـا التقريبيـة، فإنهــا تحيــل علــى بعــض المعضــلات الناتجــة عــن ارتفــاع نســب التأطيــر والتــي تتجلــى فــي الواقــع مــن خــلال الخصــاص فــي أطــر التدريــس والاكتظاظ الأقسام علــى مســتوى هــذه الجهــات.
للإشارة، فــإن هــذه النســب الجهويــة الإجمالية تخفــي تفاوتــات علــى المســتوى المحلــي وبيــن المؤسســات التعليميـة فـي نسـب التأطيـر البيداغوجـي، بحيـث إنهـا قـد تتعــدى بكثيــر هــذه الأعداد المســجلة.
تقاعد
إلـى حـدود سـنة 2030 ،فـإن عـدد المحاليـن علـى التقاعـد بحـد السـن سيبلغ 73 ألــف 500 مــدرس ومدرســة. هــذا المؤشــر يظهــر أن حوالــي ثلــث الهيئــة الحاليــة ســيعرف تجديــدا فــي أفــق 2030 ،وإذا أضفنـا إلـى ذلـك عـدد الاحالات علـى التقاعـد النسـبي التـي مـن المنتظـر أن يعرفهـا التعليـم المدرسـي خـلال هـذه الفتـرة، فـإن نسـبة التجديـد مرشـحة لتصـل إلـى نصـف الهيئـة الحاليـة. هـذه المعطيـات تؤكـد مـا تـم طرحـه فــي التقريــر مــن انفتــاح نافــذة ديموغرافيــة للتشــبيب يتعيـن أخذهـا بعيـن الاعتبار، أو اسـتثمارها فـي طـرح تصـور جديـد لمهـن التدريـس والتكويـن.
و مــن المنتظــر أن يعــرف ســلك التعليــم الابتدائي أكبــر نســبة للتقاعــد خــلال الفتــرة مــا بيـن 2017-2030 ،تتجـاوز 56 % مـن مجمـوع المتقاعديـن. ومـن جهـة أخـرى، بيـن السـنوات، إذ تشـكل سـنوات 2017 و2023 إلـى 2025 سـنوات الـذروة علـى مسـتوى التقاعـد، بنسـبة تقـارب 11 % لـكل سـنة. ، يستشــف مــن هذه المعطيات ، أن هــذه الحاجــات ســتصل إجمــالا فــي الفتــرة مــا بيــن 2017 و2030 ،إلــى مــا يزيــد عــن 124500 مــدرس/ة . يتــوزع بشــكل متفــاوت ســواء حســب الاسلاك أو الســنوات خصـوصا ولباقـي مهـن التربيـة والتكويـن والتدبيـر والبحـث.
اختلال
توزيــع هيئــات المدرســين والمدرســات والمربين بالتعليــم العمومـي يعرف اختلالا على مستوى التوزيع حسـب الوسـط، فالمجـال القـروي يسـتقطب أكبــر عــدد مــن المدرســين بالتعليــم الابتدائي بمــا يناهــز 64 % مــن مجمــوع العامليــن بهــذا الســلك، فــي حيــن تشــكل أعــداد المدرســين فــي التعليــم الثانــوي بســلكيه والعاملـة بالوسـط القـروي حوالـي 28 % في تطور ملحوظـ بلغــت نســبته 5 % بيــن موســمي 2009-2010 و2016-2017 ، إلا أنـه فـي نفـس الوقـت، يلاحـظ تراجــع فــي أعــداد المدرســين/ات، العامليــن فــي الوسـط الحضـري بنسـبة تقـارب 12 % خلال نفـس الفتـرة.
ويتبيــن مــن خــلال توزيــع الهيئــة الادارية حســب الأسلاك التعليميــة، أنــه يتســم بنــوع مــن التــوازن الكمــي أي حوالـي الثلـث بالنسـبة لـكل سـلك،إلا أنـه إذا اعتبرنـا عـدد المؤسســات التعليميــة، ســنجد تفاوتــات مهمــة مــا بيــن الاسلاك بحيــث نجــد أن الســلك الابتدائي يتوفــر علــى معــدل إطــار إداري واحــد لــكل مؤسســة وغالبــا مــا يكــون مديـرهـا، وبالنسـبة للسـلك الاعدادي يرتفـع هـذا المعـدل إلـى خمسـة أطـر إداريـة لـكل مؤسسـة، فـي حيـن يفـوق نفــس المعــدل ســبعة أطــر إداريــة لــكل مؤسســة فــي الثانــوي التأهيلــي.
وبخصــوص التوزيــع المجالــي للمربيــن/ات ، يلاحظ أن المجال القروي لا يستقطب سوى 36 % من المربين/ات مقارنـة بالمجـال الحضـري، وهـو واقـع لا يواكـب تطلعـات المنظومــة التربويــة فــي ترســيخ مبــدأ الإنصاف، ومنــح تمييـز إيجابـي لأطفال المجـال القـروي. أمـا علـى مسـتوى مقاربـة النـوع، نجـد أن المربيـات يشـكلن الغالبيـة العظمـى للعامليـن/ات بهــذا القطــاع بنســبة تبلــغ 72.%
تفاوت
اختـلالات فـي أدوار مؤسســة التربيــة والتكويــن والبحــث، ناتجــة عن التفـاوت الملحـوظ فـي تحقيـق استقلالية وظيفيـة فعليـة لمؤسسـات التربيـة والتكويـن، مـا بيـن غيابهـا فــي التعليــم المدرســي، وتحققهــا النســبي فــي التعليــم العالــي، مــع تســجيل بعــض المبــادرات الأولية فــي التكويــن المهنــي (التدبيــر المفــوض)؛ عـدم لعـب مجالـس المؤسسـات أدوارهـا المنوطـة بهـا بمـا فيـه الكفايـة، ووفـق مـا هـو مخـول لهـا داخـل النصـوص التـي تؤطرهـا؛ – النقــص الكبيــر فــي العمــل الجماعــي والتنســيق بيــن الفاعليــن/ات التربوييــن ، وغيــاب البنيــات ُ الضروريــة والآليات المَمأسســة للتكامــل الوظيفــي بيــن المهــن التربويــة داخــل مؤسســات التربيــة والتكويــن؛ – ضعــف التفاعــل بيــن الفاعليــن/ات التربوييــن/ات ومحيـط المؤسسـة (الأسر، الفاعلـون الاقتصاديون، جمعيــات المجتمــع المدنــي… )؛ – عدم تفعيل شـبكات التربية والتكوين على المسـتوى المحلــي والجهــوي، التــي أوصــى بإرســائها الميثــاق الوطنـي للتربيـة والتكويـن؛تقــادم النصــوص التنظيميــة المتعلقــة بهيكلــة مؤسســات التربيــة والتكويــن والبحــث، وبالهيئــات التربويـة العاملـة بهـا، وعـدم ملاءمتها لأشكال التدبيـر الناجـع، وللأوضاع الجديـدة للفاعليـن/ات ، ومـا تتطلبـه مــن أدوار ومهــام.
هيمنــة
يهيمن التدبيــر الممركــز، بنســب متفاوتــة حســب قطاعات التربية والتكوين والبحث، في رسـم وقيادة السياســات العموميــة، لاسيما تلــك المتعلقــة بالمهــن التربويــة والفاعليــن التربوييــن- التوزيــع الجغرافــي اللامتكافــئ للمــوارد البشــرية الــذي يكــرس التفــاوت بيــن المؤسســات والجهــات- ســوء التدبيــر الــذي يطبــع مســألة انتشــار المــوارد البشــرية داخــل المنظومــة التربويــة، والــذي يجعــل نفــس الجهــة تعانــي مــن خصــاص فــي الفاعليــن التربوييـن بالمـوازاة مـع تواجـد فائـض منهـم، لا يتـم توظيفـه فـي الحـد مـن آثـار هـذا الخصـاص. ويشـكل قطــاع التعليــم المدرســي نموذجــا صارخــا فــي هــذا المجــال؛ – اللجــوء إلــى التوظيــف المباشــر فــي التعليــم ً المدرســي، ممــا يؤثــر ســلبا علــى جــودة الأداء المهنــي والمردوديــة؛ – التنــوع فــي أنظمــة الالتحاق بالمهنــة فــي التكويــن المهنـي وضعـف نجاعتهـا فـي اسـتقطاب الكفـاءات اللازمة وخاصــة مــن هيئــة المكونيــن، مــع تبايــن كبيــر فــي الوضعيــات الإدارية للعامليــن بالقطاعــات المكونــة – عــدم اســتقرار الأطر التربويــة العاملــة بمؤسســات التعليــم العتيــق، ممــا يــؤدي إلــى نــوع مــن الهــدر التربــوي والمالــي؛ – التدبيــر المحــدود للحيــاة المهنيــة، والمنحصــر فــي المســار الوظيفــي للفاعــل/ة التربــوي – الاختلالات التـي تسـود تنظيـم حركيـة الفاعليـن/ات التربوييــن/ات ، أفقيــا علــى مســتوى الحركــة الانتقالية، وعموديــا علــى مســتوى تغييــر الإطار والمهــام، وتأثيــر ذلــك علــى الاستقرار والرضــى المهنييــن؛ – الترقــي المهنــي الــذي لا يرتكــز علــى التقييمــات المنتظمــة، ولا يأخــذ بعيــن الاعتبار المبــادرات المجــددة والاجتهادات، علاوة علــى كونــه محــدود الفــرص.
هشاشــة
تتســم مزاولــة المهــن التربويــة في هذه المناطق حسب مارصده التقرير بــ: الصعوبـة والمشـقة فـي حالات متعـددة، ولا سـيما بالنسـبة للعامليـن بالتعليـم المدرسـي فـي المناطـق القرويـة والنائيـة والمعزولـة والهامشـية؛ – اشــتغال الفاعليــن/ات بشــكل معــزول عــن بعضهــم البعـض داخـل نفـس المؤسسـة التربويـة، فـي غيـاب التنســيق والتكامــل؛ – هشاشـة بعـض البنيـات والفضـاءات التربويـة، وقلـة التجهيــزات والمــوارد؛ – الاكتظاظ المتفاقــم داخــل فضــاءات التدريــس والتكويــن، ومــا يولــده مــن عراقيــل أمــام أداء الفاعليــن/ات لمهامهــم بالنجاعــة المتوخــاة؛ – النقــص المتزايــد فــي التأطيــر المهنــي للفاعليــن/ات التربوييـن وأثـره علـى تطويـر القـدرات وتحسـين المردوديــة؛ – غيــاب مواكبــة للفاعليــن/ات التربوييــن فــي وضعيــات هشاشــة نفســية واجتماعيــة )ضغــط نفســي، تدهــور الصحــة النفســية، مشــاكل التكيــف، إلــخ
ضعف
سلط التقرير الضوء على تبني قطاع التربية الوطنية مؤخرا صيغة التعاقد في توظيف الأساتذة بالتعليم المدرسي، بحصص تكوينية وتأطيرية محدودة في الزمان ومتقطعة، تشرف عليها المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، مع إحداث مهمة الأستاذ المصاحب لأجل المواكبة والمصاحبة الميدانية للأساتذة الجدد، وتمكينهم من التكيف مع متطلبات المهنة بعد التحاقهم بها. لكن التقرير سجل أن إشـكالية تدبيـر الخصـاص هذه تطـرح مـدى الانسجام القائـم بيـن تحديـد الحاجـات والتوقعـات مـع التدابيـر الفعليـة لسـد الخصـاص مــن الأطر البيداغوجيــة والأطر الإدارية وأطــر التفتيــش التربــوي والتوجيــه والتخطيــط إلــخ، وتوفيــر المناصــب الماليــة الكافيــة لتغطيــة هــذه الحاجــات. إذ غالبــا مــا تكــون هــذه التدابيــر متأخــرة، ولا تســتجيب لمعاييــر الجــودة المطلوبــة (التوظيــف المباشــر أو بموجــب عقــود بــدون تكويــن)، ولا تكــون منتظمــة حســب كــم ونــوع الحاجــات التــي تــم تشــخيصها. يظهــر أثــر ذلــك علــى عــدم انتظــام التكوينــات التأهيليــة لمزاولـة المهنـة وضعـف بعضهـا خاصـة بالنسـبة لأساتذة التعليــم المدرســي الجــدد، ذلــك أنهــا لا تســتغرق المــدد الكافيــة للتمكــن مــن الكفايــات المهنيــة المطلوبــة. إضافـة إلـى انعـدام تكويـن بيداغوجـي أسـاس لـدى غالبيـة الأطر التربويــة والإدارية العاملــة بمؤسســات التعليــم العتيــق. ازدادت هــذه الإشكالية تعقيــدا مــع تبنــي قطــاع التعليــم المدرســي مقاربــة جديــدة للتوظيــف وســد الخصــاص مبنيــة علــى التعاقــد والمصاحبــة الميدانيــة، حيــث أن تدبيــر التكويــن والتأهيــل فــي هــذه الصيغــة ركــز علــى حصـص تأطيريـة موسـمية لإعداد المدرسـين والمدرسـات المتعاقديــن. علاوة علــى عــدم توفــر العــدد الكافــي مــن الأطر البيداغوجيـة المكلفـة بالمصاحبة والتأطيـر الميداني، ونقــص تأطيرهــم وتكوينهــم لأجل هــذه المهــام.
تدنــي
تشــتت العناصــر القيميــة المرتبطــة بمهــن التربيــة والتكويـن والبحـث مـا بيـن المرجعيـات المؤسسـاتية والدلائل المهنيــة، والتمثــلات الاجتماعية؛ ضعـف تحصيـن المهـن التربويـة مـن بعـض الظواهـر علــى مســتوى العلاقات الأفقية والعموديــة، والتــي تتجلــى بالخصــوص فــي مظاهــر العنــف بجميــع أنواعــه )اللفظــي والمــادي والرمــزي)، وعــدم الاحترام، واللامبالاة بالــدروس، وغيــر ذلــك مــن الظواهــر المخلــة بنبــل المهــن التربويــة وقدســية الفضــاء المدرســي؛ تضافــر عــدة عوامــل (أشــكال التدبيــر المعتمــدة، غيـاب شـروط المزاولـة الناجعـة خاصـة فـي المناطـق النائيــة والصعبــة، شــعور بعــض فئــات الفاعليــن بعــدم الاستقرار النفســي والمهنــي والاجتماعي، غيــاب آليــات للوســاطة وحــل النزاعــات داخــل المؤسســات…(، ســاهمت بشــكل كبيــر فــي تدنــي الصــورة القيميــة والمكانــة الاعتبارية للفاعــل/ة التربــوي لــدى المجتمــع، وفــي شــيوع تمثــلات وأحــكام تضعــف الثقــة فــي المدرســة والهيئــات المهنيــة العاملــة بهــا؛
كيف السبيل للارتقاء ؟
يعتبر المجلـس تصـوره للارتقاء بمهـن التربيـة والتكويـن والتدبيـر والبحـث مـن خـلال المهننة والمؤسسـة والتقييم، خيــارا اســتراتيجيا لامحيــد عنهـ بالنســبة لــكل السياســات والمبــادرات والجهــود الراميــة إلــى تجديــد المنظومــة التربويــة لكــي تســهم بفعاليــة فــي تحقيــق التنميــة المجتمعيــة. وهــو إذ يدلــي بتوصياتــه ومقترحاتــه الــواردة فــي هــذا الشــأن، يراعــي مــا يلــي: –
تعقــد الســياق الحالــي للمنظومــة الوطنيــة للتربيــة والتكويــن والبحــث العلمــي، ومــا تواجهــه مــن مشــاكل وصعوبــات؛ – إكراهــات السياســات التربويــة العموميــة المتعلقــة بتوفيــر المــوارد وملاءمة النصــوص التشــريعية والتنظيميــة، وآليــات اتخــاذ القــرار؛ – تنــوع مهــن التربيــة والتكويــن والتدبيــر والبحــث العلمــي وخصوصياتهــا ومســارات تطورهــا، ارتباطــا بذلــك، يوصــي باعتمــاد مقاربــة فــي التفعيــل تتوخــي ،
-الشــمولية فــي التعاطــي مــع التوصيــات والمقترحــات الــواردة فــي التقريــر، باعتبــار التكامــل والترابـط اللذان يطبعـان مرتكزاتـه ومداخلـه، وذلـك لتحقيــق التأهيــل والتجديــد المنشــودين للمهــن التربويــة، وتكييفهــا مــع خصوصيــات قطاعــات التربيــة والتكويــن، والاجتهاد فــي أجرأتهــا بمــا يتـلاءم ووضعيـات الهيئـات العاملـة بهـا، ومجالات اشــتغالها، توخيــا للمرونــة والنجاعــة فــي التفعيــل .
– ارتــكاز هــذا التفعيــل علــى مقومــات التدبيــر الأمثل والقيــادة الناجعــة الــواردة فــي الرؤيــة الاســتراتيجية لإصلاح 2015- 2030( الرافعــة 23)خاصـة اعتمـاد المقاربـة التشـاركية مـع مختلف الفاعليــن داخــل المنظومــة وشــركائها، وتعميــق التواصــل والتشــاور حــول التدابيــر المرتبطــة بــه مــع الفاعليــن/ات التربوييــن/ات ، وجمعياتهــم المهنيــة، ومــع الشــركاء الاجتماعيين، وممثلــي أســر المتعلميــن/ات ، ومختلــف الجهــات المعنيــة.
– اعتمــاد آليــة التعاقــد حــول مشــاريع التغييــر وفــق الغايـات المرسـومة فـي التقريـر، عـلاوة علـى نهـج تدبيــر قائــم علــى المواكبــة والحفــز ورصــد النتائــج والمســؤولية والمحاســبة
– تعزيــز النهــج اللامركــزي فــي التدبيــر بتقويــة دور المؤسسـة التعليميـة والتكوينيـة، كنـواة لمأسسـة المقاربــة الصاعــدة والعمــل المشــترك بيــن الفاعليــن/ات ، فــي إطــار التنســيق.
– فســح المجــال أمــام جميــع المبــادرات المحليــة لتطويــر وإغنــاء المقترحــات الــواردة فــي هــذا التقريــر، والاجتهاد فــي ابتــكار أنجــع الحلــول وأســاليب التفعيــل الملائمة؛
– تنســيق القطاعــات المعنيــة بالتربيــة والتكويــن والبحــث العلمــي، عنــد إعــداد التدابيــر الإجرائية للتفعيـل، مـع مختلـف الـوزارات خاصـة تلـك المكلفة بتحديـث القطاعـات العامـة، ووزارة المالية، والأمانة العامــة للحكومــة، وذلــك قصــد إعــداد النصــوص التشــريعية والتنظيميــة اللازمة، وتقديــر التكلفــة الماليــة المطلوبــة لتفعيلهــا، وتوفيــر المــوارد البشــرية المؤهلــة
– تجريــب التوصيــات والمقترحــات المهيكلــة وفــق رزنامـة دقيقـة، وذلـك بغايـة قيـاس قابليتهـا للإنجاز، وملاءمتهــا مــع الخصوصيــات الجهويــة والمحليــة، وتقييـم نتائجهـا، واسـتدراك ثغراتهـا، قبـل اعتمادهـا فــي مرحلــة التعميــم. فــي هــذا الإطار يوصــي المجلــس ببلــورة خطــة عمــل تمتـد علـى المـدى القصيـر أو المتوسـط، يتـم تخصيصهـا للتدابيــر ذات الأولوية التاليــة: أ. إطــلاق خطــة لتأهيــل الفاعليــن/ات التربوييــن/ات المزاوليــن حاليــا بالقطاعيــن العمومــي والخــاص، بالارتكاز علــى إنجــاز «جــرد كفايــات» جميــع الفاعليــن/ات ، مــن خــلال اختبــارات للتموقــع والتعــرف علــى مســتويات التمكــن المهنــي، بحسـب خصوصيـات كل قطـاع مـن قطاعـات التربيـة والتكويـن، وتقويمهـا فـي ضـوء استشـراف المهـام والأدوار الجديــدة للفاعليــن/ات ، كمــا بلورهــا هــذا التقريـر، وحاجـات المنظومـة التربويـة.