أكد خبراء ومتخصصون مغاربيون وأفارقة، الجمعة الأخيرة بالداخلة، على ضرورة تنسيق الأنشطة والاستراتيجيات والمبادرات، من أجل إحداث أرضية مشتركة للذكاء الاقتصادي.
ودعا هؤلاء الخبراء خلال مشاركتهم في ندوة حول «التجارب الوطنية»، في إطار اللقاء الإفريقي حول «الذكاء الاقتصادي بإفريقيا، تجارب وطنية وشراكات إفريقية»، المنظم يومي 4 و5 ماي الجاري تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى تعزيز التعاون بين الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص في مجال الذكاء الاقتصادي، وتحسين نظام الإحصاء وإنتاج البيانات الموثوقة ووضع إطار قانوني تنظيمي يحدد أنشطة الذكاء الاقتصادي.
وأشار المتدخلون خلال هذا اللقاء الذي تنظمه «جمعية الدراسات والبحوث من أجل التنمية»، بشراكة مع الوكالة المغربية للتعاون الدولي، والمكتب الشريف للفوسفاط، في إطار الجامعة المفتوحة للداخلة، إلى أنه لا توجد حتى الآن بإفريقيا، سياسات عمومية حقيقية مخصصة للذكاء الاقتصادي تحكمها قيادة مؤسسية موحدة من مستوى رفيع بالدول الأفريقية، مضيفين أن وجود مبادرات ناشئة لجامعيين وفاعلين مؤسساتيين عموميين وخواص، يفتقد لأي تأثير حقيقي على مستوى الهيكلة الوطنية لمجال الذكاء الاقتصادي.
وأبرزوا في هذا الصدد، غياب هيئة مستقلة مخصصة للذكاء الاقتصادي وإطار تنظيمي يحدد أنشطة الذكاء الاقتصادي، معربين عن أسفهم للطابع المنعزل لهياكل التدريس والبحث في علاقتها مع التطورات التي عرفها مجال المعرفة الاقتصادية وعلوم الإدارة في ما يتعلق باليقظة الاستراتيجية والأمن الاقتصادي.
وبخصوص التجربة المغربية في هذا المجال، أفاد رئيس مركز الذكاء الاقتصادي والتدبير الاستراتيجي السيد مراد أوبريش، بأن ممارسة الذكاء الاقتصادي في المملكة متطورة مقارنة مع دول أخرى، مشيرا إلى أن المغرب بحاجة إلى أرضية للذكاء الاقتصادي من أجل تجميع مجالات اليقظة التي تتقاسمها عدة وزارات.
وأشار السيد أوبريش، في هذا الإطار، إلى أن العديد من الوزارات تبنت منهجية الذكاء الاقتصادي واليقظة الاستراتيجية، بما في ذلك وزارة الصناعة، والوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، وبعض المكاتب كالمكتب الوطني للكهرباء، والمجمع الشريف للفوسفاط، موضحا أنه وفقا لدراسة أجراها مركز الذكاء الاقتصادي والتدبير الاستراتيجي، فإن 60 في المئة من الشركات صرحت بأنها تتوفر على بنية للذكاء الاقتصادي.
وأضاف أن مركز الذكاء الاقتصادي والتدبير الاستراتيجي قام بدراسة حول هذه الممارسة في المغرب من أجل تطوير نموذج ناضج للذكاء الاقتصادي في المغرب، والذي يرتكز على الممارسات على المستوى الدولي، خاصة مع ظهور البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي.
من جانبها، أبرزت الخبيرة في مجال الذكاء الاقتصادي والمسؤولة بالاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا السيدة خادي إيفلين ندياي، أن الدول الأعضاء في هذا التجمع اتخذت سلسلة من المبادرات بهدف تطوير ثقافة التشبيك وتبادل المعلومات للتحفيز على الابتكار وتحسين توافر المعلومات، وخاصة التكنولوجية، من خلال المساهمة في نقل معارف البحث إلى الشركات.
وفي هذا الصدد، سلطت السيدة ندياي الضوء على الحاجة إلى وضع مبادرات لتمكين شركات هذا الفضاء الإقليمي من اكتساب القدرات اللازمة لتكون قادرة على جمع المعلومات بشكل أفضل، وعلى استباق الابتكارات، ونشر ثقافة الذكاء الاقتصادي وإنشاء خلايا الذكاء الاقتصادي.
وبدوره، دعا رئيس الشبكة النيجيرية للذكاء الاقتصادي السيد مصطفى عبدواللاي بولامين إلى تطوير الشراكات بين دول القارة في ما يتعلق بالذكاء الاقتصادي واليقظة الاستراتيجية، معربا عن ارتياحه لإحداث «منتدى جمعيات الذكاء الاقتصادي»، والذي من شأنه توفير بيئة مواتية لمهن الذكاء الاقتصادي، وتعزيز القدرات المؤسسية للدول الإفريقية، وكذا تعزيز القدرات الفردية لممارسي الذكاء الاقتصادي.
وقال إن هذا اللقاء الإفريقي في الداخلة يشكل فرصة لتعزيز الروابط على المستوى الإفريقي، مضيفا أن هذا اللقاء هو نقطة الانطلاق من أجل اقتصاد جديد في إفريقيا يعزز فرص خلق نخبة إفريقية قادرة على وضع أسس التنمية المستدامة والشاملة لقارتهم.
ويروم هذا اللقاء الإفريقي، الذي يعرف مشاركة ممثلين عن 23 دولة ناطقة بالانجليزية والبرتغالية والفرنسية ومن منطقة المغرب الكبير، نشر المعرفة والخبرة في مجال الذكاء الاقتصادي واليقظة الاستراتيجية لدى الشركات والإدارات والجماعات الترابية والجامعات ومراكز الأبحاث بإفريقيا، وتبادل الخبرات في هذا المجال، وتعميق دراسة الأبعاد الجيو-استراتيجية للقارة الإفريقية.