التلاميذ يدخلون المرحلة الحاسمة في الموسم الدراسي

يعيش التلاميذ هذه الأيام حالات نفسية متوترة، وقد ارتسمت على وجوههم علامات قلق ووجل، وكأنها أشباح تقض مضاجعهم، وتضعهم أمام استفهامات كبرى حول مدى قدراتهم وجاهزيتهم لتجاوز كل احتمالات ما يطرح من أسئلة يوم الامتحان، الذي يعد تحصيل حاصل لما سبق دراسته. فمن يتحمل مسؤولية هذه الضغوط النفسية التي يعيشها التلاميذ كلما اقتربت ساعة الامتحانات؟
المسؤولية يتقاسمها المدرس بالدرجة الأولى الذي يتوجب عليه تبديد هذه المخاوف، وتحويلها إلى قوة دافعة إلى الدراسة والمراجعة، ومن ثمة رفع نسبة التحصيل والتفوق، كما تتحمل الأسرة بدورها المسؤولية في تحمل ثقل معاناة التلميذ في هذه المرحلة، عبر توفير ظروف مناسبة للاستعداد بعيدا عن كل ضغط عليه بضرورة النجاح في الامتحان وإلا سيعاقب، ما يؤدي إلى إحباطه وإعاقة تقدمه، كما أن المسؤولية تتحملها أيضا وسائل الإعلام الوطنية بكل تلاوينها، التي لا تواكب التلميذ في هذه الفترة، بتناول مواضيع وقضايا تفيده في مرحلة استعداداته هذه.
هذا بالفعل ما يفتقر إليه إعلامنا الوطني، الذي بدلا من أن يساهم في تهييء التلاميذ للامتحانات عبر برامج للدعم التربوي، لمختلف المواد والمستويات، على العكس من ذلك نجد قنواتنا بارعة في برمجة مباريات وأنشطة رياضية وفنية وترفيهية، تساهم في قتل وقت التلميذ وإلهائه عن مراجعته.
وما يعمق معاناة التلاميذ، غياب فضاءات للمطالعة، ما يضطر التلاميذ بالخصوص الذين لا تسعفهم ظروفهم الاجتماعية إلى الدخول في متاهات البحث عن الأجواء الملائمة، وهذا ما يؤثر على التلميذ نفسيا، حتى ولو كان على دراية وإحاطة بمواد امتحانه.
فترة الامتحانات، قياس ميزانها الحراري يحتكم أكثر إلى ما إذا كان التلاميذ على استعداد نفسي وفي أتم اللياقة البدنية والفكرية للتعاطي إيجابيا مع الكم الهائل من الدروس المطروحة أمامهم لترتيبها وإيجاد آلية منهجية لاستيعاب مكنونها.
إن طريقة الشحن والاعتماد على تكديس المعلومات من قبل الأساتذة في آخر نفس من الموسم الدراسي، فقط من أجل إنهاء المقررات، من بين الأسباب التي تصيب كذلك التلميذ بالخوف والوجل وتجعله أمام استفهامات كبيرة عن مدى قدرته على تفكيك رموز الامتحان والتفوق في إيجاد الصيغة المواتية لمعرفة واستيعاب ماهية الأشياء المطلوبة.
وتبقى إلى جانب مسؤولية الأسرة في تبديد بعض الصعاب أمام التلميذ الممتحن، المؤسسة التعليمية والمدرسون الذين عليهم أن يواكبوا التلاميذ في هذه الفترة العصيبة، لأن نجاحهم في اجتياز الامتحانات هو بمثابة نجاح الأساتذة وعنوان قدرتهم وتمكنهم من بيداغوجيا التدريس..
وما من شك أن الارتباك الذي يصاحب التلاميذ في الطور الأخير من السنة الدراسية، مرتبط بسوء تقدير حجم المواد المطروحة وترابطها، إذ أن أي إهمال للدروس الأولى يخلق نوعا من الإحساس بصعوبة الإمساك بناصية المقرر كله، ما يجعل بعض التلاميذ في حيرة من أمرهم، مضطربين، يركزون اهتمامهم بنسبة أكبر على الغش وكيفية توفير «الحجابات»، ظانين أن بإمكانها أن تختصر لديهم المسافة وتسهل لهم المأمورية، عوض التيهان وسط دروس ومواد لا يعرف خيطها الرابط.
كما أن سياسة غض الطرف عن مواد والتركيز على أخرى، وانتظار الحظ الحسن، هو ما يجعل الكثير من التلاميذ يستسلمون ويغطون في سبات عميق، الشيء الذي يفقدهم البوصلة في المرحلة الحرجة من الموسم الدراسي، ويسقطهم في سوء تعاملهم مع المواقف، وهذا ما يحتم، أن تكون للتلميذ مقاربة مبنية على منهجية منذ بداية الموسم، حتى لا يجد نفسه في آخر المطاف تائها فاقدا لزمام التصرف في مجمل ما يتعلق بمقرراته.
وما من شك أن حضور الأساتذة في هذه الفترة الحاسمة لتنبيه وإرشاد وإذكاء الحماس في نفسية التلميذ، ليعد أمرا ضروريا، حتى يواجه هذا التلميذ، النفس الأخير من موسمه الدراسي دون أدنى تردد أو مشاكل تطيح بمجهوده، الذي بذله طيلة أيام السنة الدراسية، حتى لا يقف اضطرابه النفسي في آخر السنة حجرعثرة دون بلوغ ما يتوخاه.


الكاتب : ذ. عبد المجيد صراط

  

بتاريخ : 09/05/2018