مؤسسات الرعاية الاجتماعية تحت مجهر المجلس الأعلى للحسابات

خصاص في الطاقة الاستيعابية، بنايات متهالكة وإكراهات مادية تعيق تحقيق التكفل الناجع

 

وفق معطيات وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، يبلغ عدد مؤسسات الرعاية الاجتماعية المرخصة إلى حدود دجنبر 2016 ما مجموعه 1051 مؤسسة، بطاقة استيعابية إجمالية تناهز 92163 مستفيدا ومستفيدة… وبالنظر لأهمية موضوع الرعاية الاجتماعية الذي يهم شريحة واسعة من المجتمع، ولارتباطه بقيمتي «التضامن»و «التكافل»اللتين تميزان المجتمع المغربي، فقد قرر المجلس الأعلى للحسابات إنجاز مهمة موضوعاتية حول المؤسسات التي تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة، وخاصة الأطفال المهملين والأشخاص المسنين المحتاجين للرعاية، وكذا الأطفال والنساء في وضعية صعبة، والأشخاص في وضعية إعاقة.

تتوزع مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة بين مؤسسات تعنى بالأطفال بنسبة 36,18% ومؤسسات تعنى بالأشخاص في وضعية إعاقة بنسبة 24,39% ومؤسسات خاصة بالنساء بنسبة 9,35%. فيما تشكل المؤسسات المتعلقة بالأشخاص المسنين والمركبات الاجتماعية ،على التوالي، ما يناهز14,23% و13,41% من مجموع المؤسسات. كما أن الطاقة الاستيعابية المرخصة تتوزع بين 33,70% في ما يتعلق بالأطفال في وضعية صعبة و22,26% بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة. في حين تصل بالنسبة للمركبات الاجتماعية إلى ما يناهز 24,46% .وعكس ذلك تنخفض تلك المخصصة للنساء في وضعية صعبة إلى 8,74% وللأشخاص المسنين إلى 7,62%. .
وبحسب لائحة المؤسسات المدلى بها من طرف التعاون الوطني، فإن ما يقارب خمس (1/5) مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة، لا يتوفر على ترخيص (54 مؤسسة من أصل 300). وجدير بالذكر أنه من بين هذه المؤسسات غير المرخصة توجد26 أحدثت بعد دخول القانون رقم 14.05 حيز التنفيذ.
ويرجع عدم توفر هذه المؤسسات على الترخيص، حسب المعطيات الواردة من التعاون الوطني، للأسباب التالية:
عدم تقديم بعض الجمعيات لطلبات الترخيص؛
عدم استكمال الإجراءات الإدارية للحصول على الترخيص؛
عدم استيفاء شروط التأطير والاستقبال المنصوص عليها في دفتر التحملات؛ دفع بعض الجمعيات بعدم خضوع أنشطتها للقانون سالف الذكر.
ويستنتج من دراسة قامت بها ولاية الدار البيضاء، بمعية عدد من الشركاء وبدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2014 من أجل تحيين خريطة الهشاشة الجهوية، فإن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات التي تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة بهذه الجهة لا تتيح التكفل سوى بما يقارب 6% من مجموع هؤلاء الأشخاص. إذ تصل هذه النسبة إلى 2 % فيما يتعلق بالأشخاص المسنين و6% بالنسبة للنساء في وضعية صعبة، فيما تبلغ 14% بالنسبة
للأشخاص في وضعية إعاقة، ولا تتجاوز الطاقة الاستيعابية الإجمالية لمؤسسات الرعاية الاجتماعية 29.577 مستفيدا.
وعلى الرغم من صعوبة تحديد الخصاص بالنظر إلى غياب معطيات رسمية حول عدد الأشخاص في وضعية صعبة، والذين هم في حاجة للتكفل، فإن المعطيات المدلى بها من طرف جهة الدارالبيضاء- سطات، تؤشر إعلى وجود خصاص كبير في الطاقة الاستيعابية لهذه المؤسسات، حيث لاتمثل سوى 6% من عدد الأشخاص في وضعية هشاشة. كذلك تؤشر معطيات الاستبيانات اعلى تجاوز الطاقة الاستيعابية في العديد منها واتساع لوائح الانتظار.
لتشخيص الوضع القائم لتدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية، تم توجيه استبيان لجميع مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة، كما قام قضاة من المجالس الجهوية للحسابات بزيارات ميدانية لبعض المؤسسات، مع الاستئناس بخلاصات تقاريرمكاتب افتحاص خارجية كانت قد أنجزت سنة 2016. .وقد تم التوصل بما مجموعه 147 استبيانا، تمت تعبئتها من طرف المؤسسات، منها 130 استبيانا من مؤسسات مرخصة، أي ما يمثل 53% من مجموع المؤسسات المرخصة . أما المؤسسات التي تمت زيارتها، وعددها 67 مؤسسة، فتشكل ما يناهز 27 % من مجموع المؤسسات. وقد تم تحديد هذه العينة لتشمل مختلف أصناف المؤسسات بحسب المستفيدين منها،مع مراعاة التوزيع الجغرافي لتغطية كل الجهات .
يتبين من تحليل الإطار المؤسساتي لتدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية، أن هذه الأخيرة تعرف تدخل العديد من الفاعلين المؤسساتيين، كما أن تداخل الاختصاصات والافتقار إلى التنسيق بالمستوى المطلوب ما بين الفاعلين المؤسساتيين من شأنهما أن يشكلا عائقا أمام إعداد سياسات واضحة وفعالة وبرامج منسقة وناجعة.
كما يعتبر غياب المعطيات الدقيقة والمحينة حول الأشخاص في وضعية صعبة على الصعيد الوطني والمحلي ، من أهم العوامل التي تؤثر سلبا على الحكامة العامة لمجال الرعاية الاجتماعية وعلى جودة السياسات العامة المبرمجة بهذا الخصوص.
وتقترن جودة الخدمات التي تقدمها مؤسسات الرعاية الاجتماعية بتوفير شروط الاستقبال والنجاعة في التسيير. ويتبين من خلال تحليل المعطيات التي تم تجميعها أن أهم الإكراهات التي تواجهها هذه المؤسسات تبقى مرتبطة بمحدودية الموارد المالية وما يترتب عنها من تأثير على جودة التأطير واستمرارية الخدمات المقدمة للمستفيدين، حيث أن 38 % من المؤسسات تعرف صعوبات مالية، فيما 27 % تواجه صعوبات في توفير التأطير التربوي، و13 % تعاني من إشكالية الاستمرار في تقديم خدماتها. وتتجلى هذه الإكراهات في ما يلي:
– ضعف الموارد المالية : يقتضي تدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة، توفير الموارد المالية الكفيلة بتمكينها من تقديم خدماتها في ظروف تحترم مقتضيات دفتر التحملات الجاري به العمل والرقي بالتكفل بالأشخاص في وضعية صعبة إلى الجودة المطلوبة.
وتعتمد هذه المؤسسات في تمويلها على الإحسان بدرجة أولى ثم على منحتي مؤسسة التعاون الوطني ووزارة التضامن ودعم الجماعات الترابية وبعض المؤسسات العمومية، وكذا على مجهود وقدرة الجمعيات على استقطاب موارد أخرى. ويمكن تصنيف مصادر الدعم كالآتي: – الإحسان؛ – الدعم العمومي الذي يتأتى من وزارة التضامن ومؤسسة التعاون الوطني ومؤسسات عمومية أخرى والجماعات الترابية؛
عائدات الممتلكات والمشاريع

ويشكل الإحسان المورد الأساسي لتمويل مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة خلال الفترة 2012-2016 ، حيث بلغت نسبته 50,98% من مداخيل المؤسسات متبوعا بالدعم العمومي بما نسبته 37,20% وعائدات الأملاك والمشاريع بنسبة 11,82%.
ويتضح جليا أن المجتمع المدني (جمعيات ومحسنين) يلعب دورا أساسيا في إحداث واستمرار مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة في إسداء خدماتها، وذلك بغض النظر عن الإعانات العينية غير المحتسبة.
وبالرجوع إلى معطيات التعاون الوطني بخصوص إجمالي الدعم الذي يقدمه لمؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة وليس فقط للمؤسسات التي قامت بتعبئة الاستبيان، يتبين بأن هذا الدعم يصرف في شكل منح للتسيير ومنح للتجهيز بالاعتماد على المعايير التالية:
• منحة للتأطير: تحدد بحسب الطاقة الاستيعابية للمؤسسة وتتراوح سنويا ما بين 84.000 درهم (لمستخدمين إثنين) و 300.000 درهم (لثمانية مستخدمين)؛
• منحة التسيير: 10 أو 12 درهما في اليوم لكل مستفيد.
إن تتبع معدل منحة التسيير خلال فترة 2013-2016 حسب أصناف مؤسسات الرعاية الاجتماعية المستفيدة، يتيح استنتاج ما يلي:
%42 من المنح تستفيد منها المؤسسات التي تعنى بالأطفال (29 % للمؤسسات التي تهتم بالأطفال المهملين و13% للأطفال في وضعية صعبة)؛
28 % من المنح تخصص للمؤسسات التي تهتم بالمسنين؛ 14% توجه للمركبات الاجتماعية؛ 11% من منح التسيير تستفيد منها المؤسسات التي تختص بالأشخاص في وضعية إعاقة؛ 2% تستفيد منها مؤسسات النساء في وضعية صعبة.
وتراوح دعم التسيير المقدم من طرف مؤسسة التعاون الوطني خلال سنتي 2015 و2016 بين 3.883,01 درهم سنويا للمستفيد من المؤسسات التي تعنى بالأطفال المهملين و594,73 درهم سنويا بالنسبة للمستفيدات من المؤسسات التي تهتم بالنساء في وضعية صعبة.
أما بالنسبة لمنح التجهيز، فإن عدد المؤسسات المستفيدة والمبالغ المتعلقة بها يبقى ضعيفا و غير قار ، وقد تم تخصيص 72 % من هذه المنح للمؤسسات التي تعنى بالمسنين والأطفال المهملين .ويواجه تمويل ودعم مؤسسات الرعاية الاجتماعية بعض الإكراهات
محدودية موارد التعاون الوطني

تتسم موارد التعاون الوطني بمحدوديتها وبالصعوبات المتعلقة بتحصيل بعضها، ولاسيما: – ضعف مردودية الرسم الإضافي المفروض على الذبح في المجازر الناتج عن الإكراهات المرتبطة بوعاء وتحصيل هذا الرسم؛
– التقليص من حصة التعاون الوطني من مدخول الرهان الحضري المتبادل من 4,10 % إلى 2,10% من مجموع المبالغ المحصلة، في حين أن الحاجيات في ميدان الرعاية الاجتماعية قد تطورت وتنوعت بشكل متصاعد؛
– إلغاء الرسم شبه الضريبي على الألعاب القائمة على الحظ ، والذي كانت ترصد حصيلته للتعاون الوطني دون البحث عن مصدر تمويل يعوض المداخيل المتأتية منه.
ومن بين صعوبات تمويل مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تمت إثارتها خلال الزيارات الميدانية، التأخر في صرف منح مؤسسة التعاون الوطني الذي يتجاوز في بعض الحالات سنة كاملة، مما يعيق حسن سير هذه المؤسسات نظرا لكونها تعتمد على هذه المنحة بالخصوص لصرف مستحقات المستخدمين. كما أن مسؤولي بعض المؤسسات أثاروا تحفظات على طريقة احتساب هذه المنحة والتي تعتمد أساسا على الطاقة الاستيعابية المرخصة للمؤسسة دون الأخذ بعين الاعتبار طبيعة الخدمات المقدمة أو نوع وعدد المستفيدين الفعليين. وقد بررت مؤسسة التعاون الوطني التأخر في صرف منح مؤسسات الرعاية الاجتماعية بعدم التوفر على السيولة المالية التي تمكن من إنجازها. وتبرز المعطيات المتعلقة بسنة 2016 بأن مذكرة وقرارات صرف المنح تم توقيعها من طرف الآمر بالصرف في غشت 2016، ولم يتم التأشير عليها من طرف مراقب الدولة إلا بين أكتوبر ونونبر من نفس السنة، وتم أداء هذه المنح للجمعيات بين أكتوبر 2016 وأبريل 2017، حيث أن 45 % من هذه المنح لم تتوصل بها الجمعيات في مارس وأبريل 2017 أي بعد انصرام السنة المالية 2016.
عدم اهتمام الجمعيات بتقديم طلبات الاعتراف بصفة المنفعة العامة ، حيث لوحظ أن جل المؤسسات التي تمت زيارتها لم تتقدم بطلبات الاعتراف بهذه الصفة ،والتي تمكنها بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية التي تتيحها للمانحين، من التماس الإحسان العمومي مرة في السنة دون تصريح مسبق.
عدم التوفر على مصادر دخل ذاتية قارة .فقد أبانت الزيارات الميدانية لمؤسسات الرعاية الاجتماعية والاطلاع على وضعية مداخيلها أنها لا تتوفر في أغلب الأحيان على مصادر قارة ومستدامة للدخل. إذ تعتمد غالبيتها على الإعانات المقدمة سواء من طرف هيآت عمومية أو من طرف المحسنين، في حين تستدعي مهامها توفير مصادر تمويل ذاتية وقارة تتيح لها إنجاز نفقاتها والحرص على ديمومة الخدمات التي تقدمها.
ضعف دعم الجماعات الترابية :بلغ دعم الجماعات الترابية خلال الفترة 2012-2016 ما مجموعه 95,79 مليون درهم، أي ما يقارب 10 % من مجموع الدعم. ويتكون من المبالغ المتعلقة بالرسم الإضافي على الذبح بنسبة 54 % والمنح والدعم المباشر بنسبة 46 %. وقد انتقل مجموع المبالغ المتأتية من الجماعات الترابية من 14,11 مليون درهم سنة 2012 إلى 17,81 مليون درهم سنة 2013وانخفض إلى 15,82 مليون درهم سنة 2014 ليستقر سنتي 2015 و2016 في حوالي 24 مليون درهم سنويا.
وعلى الرغم من أن المادة 87 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات قد أتاحت لها المساهمة في إحداث دور العمل الخيري ومأوى العجزة ومراكز اجتماعية للإيواء، علاوة
على كونها ممثلة في لجن تدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية، فإن مساهماتها في دعم هذه المؤسسات تتسم بالضعف وعدم مسايرة الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات على الصعيد المحلي.
وقد خصصت المادتان 59 و60 من القانون رقم 30.89 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية رسما
إضافيا يمثل 50 % من الرسم الأصلي على الذبح، ترصد 80 % منه لتمويل المشاريع الاجتماعية والخيرية المحلية ، غير أن منتوج هذا الرسم الإضافي يتسم بعدم انتظام مبالغه وعدم وضوح معايير توزيعه.
اشكالية الموارد البشرية

تتوفر مؤسسات الرعاية الاجتماعية على معايير مشتركة للتأطير ومعايير خاصة بحسب طبيعة الخدمات المقدمة.ويستنتج من الاستبيانات بأن مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة (147 مؤسسة) تشغل 3.001 مستخدم بمعدل يناهز 21 مستخدما لكل مؤسسة. ويتراوح عددهم ما بين ثلاثة مستخدمين كحد أدنى و95 مستخدما كحد أقصى.
وتشغل الجمعيات المسيرة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية 92,84 %، في حين لا يشغل باقي المتدخلين (التعاون الوطني والجماعات الترابية والإنعاش الوطني) سوى 7,45%.
ويتوزع مستخدمو مؤسسات الرعاية الاجتماعية من حيث المستوى التعليمي كالتالي:
• دون مستوى تعليمي: 33,19% ؛ • الابتدائي: 34,09 % ؛ • الثانوي: 31,72 %؛ • العالي: 1 %.
وف يما يخص توزيع مستخدمي هذه المؤسسات بحسب المهام التي يقومون بها، تظهر أهمية نسبة المستخدمين المكلفين بالمهام التربوية (37,35%) وكذلك أعوان النظافة والخدمة (16,43%) في حين تبقى نسبة المستخدمين الذين يقومون بمهام طبية جد ضعيفة، إذ لا تتجاوز 6,43%،
وكذا بالنسبة لمهام المساعد الاجتماعي التي تشكل نسبتها 4,23 % فقط. كما أن %64,08 من المستخدمين يتلقون أجرا أقل من الحد الأدنى للأجور (2.570 درهم)،و أن ما يقارب 29 % من المستخدمين غير مسجلين بنظام الضمان الاجتماعي.
.وقد أسفرت الزيارات الميدانية عن تسجيل بعض الإكراهات التي تتعلق بتدبير الموارد :
صعوبات في تطبيق واحترام الشروط التي حددها القانون رقم 14.05 ودفتر التحملات النموذجي بخصوص الموارد البشرية التي يجب توفيرها من طرف المؤسسة.
فقد حدد الإطار القانوني الموارد البشرية الواجب توفيرها بحسب عدد وفئة المستفيدين من المؤسسات، غير أن جل المؤسسات التي تمت زيارتها لم تتمكن من احترام هذه المعايير إما لقلة أو عدم وجود بعض المتخصصين (معالج أو محلل نفسي، مروض طبي، مقوم النطق مثلا)، وإما للصعوبات المالية المتعلقة بأداء الأجور، أو ما يتعلق بإكراهات تدبير عقود الشغل.
عدم إبرام عقود الشغل : تقوم الجمعيات المسيرة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية بتشغيل المستخدمين الضروريين لتقديم الخدمات للمستفيدين، غير أن ذلك يتم، في العديد من الحالات، دون عقود شغل ودون توفير تغطية اجتماعية وبأجور لا تحترم الحد الأدنى للأجور.
و يستنتج من الاستبيانات التي شملت 147 مؤسسة، عدم احترام الطاقة الاستيعابية ووجود نقائص في ما يخص الالتزام بإحداث الأجهزة المنصوص عليها والعمل بالدلائل التي تم وضعها لتقنين وتحسين تسيير المؤسسات. ويتجلى ذلك في أن العديد من المؤسسات تجاوزت الطاقة الاستيعابية المرخصة، وهو ما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة. إذ في سنة 2016 تجاوزت 34 مؤسسة من أصل 147 أي ما يمثل نسبة %23 ،طاقتها الاستيعابية .
وبالنظر لمحدودية الطاقة الاستيعابية المرخصة، وتجاوزها في مجموعة من الحالات، فإن العديد من الأشخاص لا يتم التكفل بهم، حيث يظلون في لوائح الانتظار (5 مؤسسات تهتم بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة).
غياب لجنة التدبير : لا تتوفر 13 مؤسسة من أصل 147 أي ما يمثل 9% من مجموع المؤسسات/ على لجنة التدبير،رغم أن مقتضيات النظام الداخلي للمؤسسات تقتضي إحداث لجنة للتدبير، بكل مؤسسة، حيث يعهد إليها بإعداد برنامج العمل السنوي للمؤسسة والإشراف على تنفيذه، والموافقة على الميزانية وإعداد تقرير سنوي عن تدبير المؤسسة وتوجيهه إلى الإدارة المعنية مرفقا بالحسابات مشهود على صحتها.
ربع المؤسسات بدون مدير

تبين أن منصب المدير لايزال شاغرا في 34 مؤسسة من أصل 147 ، أي ما يمثل 23 % منها. ويعود هذا الأمر إما لعدم توفرها على الأشخاص ذوي الكفاءة والشروط المطلوبة لشغل هذا المنصب، أو لاعتراض مكتب الجمعية على المدير المقترح من طرف مؤسسة التعاون الوطني، أو لاستقالة المدير لغياب ظروف العمل الملائمة. كما أن 17% من مديري المؤسسات لا يتوفرون على المستوى التعليمي المحدد قانونا.
وقد قامت مؤسسة التعاون الوطني بإعداد وتوزيع دلائل المساطر ومراجع التسيير والتي تحدد مساطر التدبير ونماذج الوثائق والسجلات التي يجب أن تقوم مؤسسات الرعاية الاجتماعية بمسكها.
و أظهر تحليل معطيات الاستبيانات الموجهة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية أن 17 % من المؤسسات فقط كمعدل خلال السنوات من 2012 إلى 2016 ، هي التي خضعت لوتيرة المراقبة المنصوص عليها في القانون رقم 14.05 (مرتين على الأقل في السنة). وتجدر الإشارة إلى أن 56 % من مجمل المؤسسات لم تخضع قط لعملية مراقبة، في حين عرفت 27% من المؤسسات زيارة لجنة المراقبة مرة واحدة في السنة كمعدل خلال نفس الفترة.
وقد سجلت الزيارات الميدانية صعوبات في ما يخص تطبيق المساطر المحددة بدلائل التسيير. و حدد دليل المساطر الخاص بالتدبير المالي والمحاسبي لمؤسسات الرعاية الاجتماعية المسطرة الواجب اتباعها بالنسبة للمشتريات بحسب نوعها وقيمتها. غير أن تطبيق هذه المقتضيات، والتي تم استنباطها من المساطر المعتمدة بالنسبة للصفقات العمومية، تعترضه بعض الصعوبات المرتبطة بتنظيم هذه المؤسسات ولاسيما في ما يتعلق بتلبية متطلباتها اليومية من المشتريات.
إشكالية تدبير وتتبع العمليات المالية : لوحظ أن جل المؤسسات التي تمت زيارتها تتوفر على حسابات بنكية متعددة، في حين يتعين على مؤسسة الرعاية الاجتماعية طبقا لدفتر التحملات النموذجي أن تفتح حسابا بنكيا واحدا تتم عبره عمليتا التحصيل والأداء.
صعوبات في احترام المقتضيات المتعلقة بالشساعة : أتاح دليل المساطر الخاص بالتدبير المالي والمحاسبي لمؤسسات الرعاية الاجتماعية إحداث شساعة لأداء بعض النفقات اليومية، إلا أن جل المؤسسات عبرت عن وجود صعوبات في الاعتماد على هذه الشساعة بالنظر إلى أن المبالغ المتاح أداؤها يتم تبويبها بحسب طبيعتها وبمبالغ صغيرة بالنسبة لكل صنف من النفقات.
عدم اعتماد المخطط المحاسبي الخاص بالجمعيات :لا تقوم الجمعيات التي تسير مؤسسات الرعاية الاجتماعية بمسك حساباتها طبقا للمخطط المحاسبي الخاص بها. كما أن التزام الجمعيات بتطبيق دليل المساطر الخاص بالتدبير المالي والمحاسبي لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، والذي حدد طريقة تقديم الميزانيات والتقارير المالية السنوية لا يسهل مسك المحاسبة وفقا للمخطط سالف الذكر.
التصديق على الحسابات من طرف محاسب معتمد بدلا عن خبير محاسب :ألزمت المادة 10 من القانون رقم 14.05 مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالتصديق على صحة حسابات المؤسسة من طرف خبير محاسب مقيد في جدول هيئة الخبراء المحاسبين، في حين تعتمد بعض المؤسسات على تقارير يقوم بإعدادها المحاسبون المعتمدون الذين يقومون في الآننفسه بمسك محاسبة المؤسسة وإعداد التقارير السنوية.
وضعية عقارية غير ملائمة

لوحظ أن أغلبية العقارات توضع رهن إشارة الجمعيات دون تمكين المؤسسة أو الجمعية التي
تقوم بالتدبير من الوثائق التي تثبت ذلك، مما قد يؤثر على استقرار واستمرار الخدمات ويفوت
فرص الاستثمار وإنجاز مشاريع مدرة للدخل. وفي نفس السياق أسفر تحليل معطيات الاستبيانات عن أن عقارات 43 مؤسسة فقط من أصل 147 أي 29 % هي في ملكية الجمعية المدبرة،
وتقوم معظم مؤسسات الرعاية الاجتماعية بتفعيل آليات الحكامة ، غير أن بعض هذه الآليات خصوصا فيما يتعلق بتوفير التأمين للمستفيدين وتسجيل وتتبع الإعانات العينية وتحديد معايير التغذية ، لا يتم تفعيلها بشكل كاف على الرغم من أهميتها.
ويلاحظ أن 93 % من المؤسسات تتوفر على نظام داخلي و95 % منها تقوم بمسك سجل المستفيدين، و96 % منها تقوم بإعداد ميزانية سنوية و90 % تحرص على التصديق على حساباتها سنويا. غير أن ما يقارب 20 % من المؤسسات لا تقوم بتسجيل وتتبع
الإعانات العينية بالرغم من أهمية ذلك في صدقية البيانات التي تقدمها. كما أن ما يقارب 17
% منها لا تقوم بتحديد معايير التغذية و30 % لا تقوم بتوفير تأمين للمستفيدين
.وتثير خلاصة تقارير الافتحاص الذي خضعت له مؤسسات الرعاية الاجتماعية (منها 100 مؤسسة تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة) برسم سنة 2014 من طرف مكاتب الافتحاص،
الملاحظات التالية:
– غياب فصل المهام بين مكتب الجمعية وباقي أجهزة تدبير المؤسسة؛
– اضطلاع المدير في بعض المؤسسات بمهام المسؤول المالي؛
عدم تطبيق المؤسسات للمساطر الإدارية والمحاسبية التي حددها القانون رقم 14.05
غياب مساطر ومحاضر لتسليم السلط سواء بين مكاتب الجمعيات المتعاقبة على التسيير أو
المسؤولين الإداريين لهذه المؤسسات؛
– عدم التنسيق بين أعضاء الجمعية المدبرة للمؤسسة ومديرها، مما ينعكس على الخدمات المقدمة
ويؤدي في بعض الحالات إلى التوقف عن تقديم هذه الخدمات؛
– غياب هيكل تنظيمي وظيفي للمؤسسات التي تمت مراقبتها، مما لا يتيح تحديد المسؤوليات
والمساطر الواجب اتباعها؛
– عدم توفر المؤسسات على دلائل التسيير التي قامت مؤسسة التعاون الوطني بإعدادها، وبالتالي
فإن المساطر التي يتم اعتمادها لا تحترم مقتضيات هذه الدلائل؛
– غياب نظام معلوماتي، إذ تكتفي جل المؤسسات بتسجيل مداخيلها ونفقاتها في سجلات دون
التوفر على وسائل للتتبع والمراقبة؛ – غياب نظام للمراقبة الداخلية أو الخارجية، إذ يتم الاكتفاء بالنسبة للمراقبة الخارجية بالزيارات التي يقوم بها مسؤولو التعاون الوطني.
أما التقارير التي تضمنت التصديق على حسابات 248 مؤسسة، فقد خلصت إلى رفض التصديق بالنسبة لما يناهز 10 % من هذه المؤسسات ولم يحظ أي حساب بالتصديق دون تحفظ،
نفقات متصاعدة

تتحمل مؤسسات الرعاية الاجتماعية أداء النفقات الضرورية لتقديم خدماتها للمستفيدين والتي تتعلق بنفقات المستخدمين وبشراء المواد الغذائية ونفقات الأنشطة التربوية، بالإضافة إلى بعض نفقات التجهيز. ويتبين من خلال تحليل المعطيات المالية ما يلي:
هيمنة مصاريف المستخدمين وضعف مخصصات التنشيط التربوي
وخصصت مؤسسات الرعاية الاجتماعية خلال الفترة 2012-2016 حوالي 92,27 % من نفقاتها لمصاريف التسيير، تمثل منها النفقات المتعلقة بالمستخدمين أكثر من النصف. أما مصاريف التجهيز فلا تمثل إلا 7,73 % من مجموع النفقات. كما يلاحظ أن المبالغ المخصصة للأنشطة التربوية لم تتجاوز 3,89 % من مجموع النفقات بل إنها أخذت منحى تنازليا خلال الفترة ذاتها، إذ انتقلت من 7,04 مليون درهم إلى 5,75 مليون درهم، أي بنسبة انخفاض قدرها 18,32 % ، وهو يعكس ضعف الاهتمام بالجانب التربوي في الخدمات المقدمة.
وعرفت مصاريف المستخدمين ارتفاعا بما يناهز 43,81 % خلال الفترة 2012-2016، حيث انتقلت من 70,63 مليون درهم سنة 2012 إلى101,57 مليون درهم سنة 2016. وتتسم هذه المصاريف بطابعها التصاعدي، علما بأنها تشكل في المعدل 50 % من مصاريف التسيير، وهي مرشحة للارتفاع بوتيرة أكبر لتمكين مؤسسات الرعاية الاجتماعية من تغطية النقص الحاصل في الموارد البشرية … .وبالتالي فإن هذا الوضع يقتضي مضاعفة المجهودات من أجل تعبئة موارد إضافية لتفادي توقف مؤسسات الرعاية الاجتماعية عن تقديم خدماتها، خاصة أن البعض منها يسجل عجزا أو ديونا و أنفقت مؤسسات الرعاية الاجتماعية خلال الفترة من 2012 إلى 2016 ما يناهز 127,35
مليون درهم (15,84% من نفقات التسيير) لشراء المواد الغذائية، وقد عرفت هذه النفقات تطورا مضطردا من سنة لأخرى.
وبتحليل المعطيات المتعلقة بنفقات شراء المواد الغذائية يتبين أنه من بين 147 مؤسسة التي عبأت الاستبيان تقوم 98 منها بتقديم خدمات الإطعام للمستفيدين. وتراوحت هذه النفقات بالنسبة لكل مؤسسة خلال سنة 2016 ما بين 12.000,00 درهم كحد أدنى و00 ,1.306.076 درهم كحد أقصى، وبمعدل عام يناهز 131.467,84 درهما سنويا.
ويتضح من المعطيات المحصل عليها من خلال الاستبيانات أن نفقات التغذية السنوية لكل مستفيد لا تتعدى 2000,00 درهم (أي 5,48 درهم يوميا) بالنسبة لما يقارب 60 % من مؤسسات الرعاية الاجتماعية، ولا تتجاوز 8000,00 درهم (أي 21,9 درهم يوميا) إلا بالنسبة لما يناهز 3 % من هذه المؤسسات.
لا أن هذه المؤشرات لا تعكس الكلفة الحقيقية لنفقات المواد الغذائية، نظرا لكون المؤسسات
تحصل على جزء من حاجياتها في شكل هبات عينية من طرف المحسنين. .ورغم أن 80 % من المؤسسات تقوم بتسجيل وتتبع الهبات العينية، إلا أن ضعف نظام المراقبة الداخلية وغياب معايير تقييم واضحة تمكن من أخذ هذه الهبات بعين الاعتبار في محاسبة المداخيل والنفقات، يجعل من الصعب التأكد من أهمية المبالغ المالية المتعلقة بهذه الهبات وبالتالي تحملات المؤسسات في ما يتعلق بتغذية المستفيدين.
نقائص كشفتها الزيارات الميدانية

بالموازاة مع الملاحظات التي أسفر عنها تحليل معطيات الاستبيانات، تتلخص النقائص التي سجلها قضاة المجالس الجهوية للحسابات خلال الزيارات الميدانية التي قاموا بها لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، في كون العديد من المؤسسات تعاني من إكراهات لها تأثير مباشر أو غير مباشر على جودة التكفل بالمستفيدين، ومن أبرزها الصعوبات المرتبطة بالإطار العام لتدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية ، حيث تم الوقوف على حالات جمعيات تقوم بتدبير مؤسسات متعددة، فقد لوحظ أن 23 % من الجمعيات المدبرة لهذه المؤسسات تدبر أكثر من مؤسسة. فعلى الرغم من التجربة التي اكتسبتها بعض الجمعيات سواء في التدبير أو في توفير التمويل الضروري عن طريق الإحسان، فإن هذه الطريقة في التدبير تثير بعض الإكراهات في ضبط الموارد المالية والبشرية ومسك المحاسبة وتوفير المعطيات المالية لكل مؤسسة على حدة. كما تبين أن 19 % من المؤسسات تعرف تدخل أكثر من جمعية في تدبيرها. وفي غياب إطار شراكة أو اتفاقية تحدد التزامات كل جمعية، فإن هذا الأمر يؤثر سلبا على تنسيق واستمرارية تقديم الخدمات بالمؤسسة.
وتنجم عن اضطلاع الجمعيات بتدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية بعض الإكراهات ضمنها:
– صعوبات في ضمان استمرارية الهياكل المسيرة لبعض الجمعيات لاسيما بالنسبة لبعض المؤسسات التي تم إحداثها من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو من طرف وزارة التضامن وأوكل تدبيرها لجمعيات ذات صبغة خاصة تم تأسيسها من طرف متدخلين مؤسساتيين (وزارة التضامن وولاية الجهة مثلا)؛- تغيير مكاتب الجمعيات التي تقوم بالتسيير دون اتباع مساطر تسليم المهام وخصوصا ما يتعلق بالأرشيف والوثائق المالية؛ – عدم قيام الجمعية بتبرير صرف المبالغ التي تلقتها في إطار الدعم العمومي (المبادرة الوطنية والتعاون الوطني)، وبالتالي حرمانها من الاستفادة مجددا من الدعم مما قد يدفعها للتوقف عن تقديم خدماتها.
وقد سجلت هذه الإكراهات أو أحدها بخصوص 35 % من المؤسسات التي تمت زيارتها. وأثبتت الزيارات الميدانية أن 26 % من المؤسسات تقدم خدمات لا تتطابق مع المعطيات المتوفرة بشأنها وبصفة خاصة مع مضمون رخص الفتح. وكمثال على ذلك استقبال فئة من الأشخاص غير مضمنة في الترخيص، وتقديم الخدمات بمقرات غير تلك المحددة في الترخيص على إثر ترحيل بعض أو جل المستفيدين من المقر الأصلي، أو تغيير في فئة المستفيدين وطبيعة الخدمات المقدمة بالمؤسسة.
كما تتجلى الصعوبات، ايضا ، في عدم ملاءمة طبيعة الخدمات المقدمة في العديد من الحالات وكذا في وضعية البنايات والمرافق، حيث تقوم 35 % من المؤسسات التي تمت زيارتها باستقبال بعض الحالات من المستفيدين تستدعي إشرافا خاصا كحالة ذوي الإعاقات الذهنية، والذين يتم استقبالهم ببعض المؤسسات تحت مسمى «المشردين»، علما بأن هؤلاء الأشخاص لا يندرجون ضمن الفئات التي يحق للمؤسسة التكفل بهم وتقديم خدمات الرعاية لهم. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الفئة من الأشخاص تحتاج إلى رعاية وتتبع خاصين على مستوى وحدات صحية واستشفائية.
في السياق ذاته ، تقوم 9 % من المؤسسات التي تمت زيارتها باقتناء بعض الأدوية أو تتوصل بها عن طريق هبات مما يجعلها تقوم بتخزينها وتوزيعها وتسليمها إلى المرضى النفسيين وذوي الإعاقات الذهنية في غياب الإشراف الطبي الضروري.
و تقوم 40 % من المؤسسات بتقديم خدمات الإيواء والإطعام والتتبع التربوي والاجتماعي غير أنها تجد صعوبات في توفير كل المتطلبات التي يقتضيها تتبع الوضع الصحي للمستفيدين. إذ أن جل المؤسسات لا تتوفر على الأطر والأعوان الطبيين الكافيين. وإذا كان نظام المساعدة الطبية (RAMED) قد أتاح لنزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية الاستفادة من المساعدة الطبية بحكم القانون، فإن إجراءات الاستفادة منه تتم عبر تقديم مديري المؤسسات لطلبات العلاج، في حين كان من الأجدر تمتيعهم بصفة تلقائية ببطاقات هذا النظام للاستفادة منه عند الحاجة.
وتواجه 61% من المؤسسات التي تتكفل بالأطفال في وضعية صعبة إكراهات للاستجابة لمتطلبات تمدرسهم، فبالإضافة إلى ضعف أو غياب الإشراف وتتبع هؤلاء الأطفال، فهم يعانون من مشاكل خاصة تتعلق بوضعيتهم النفسية وظروف الإيواء. وفي هذا الإطار، لا تستفيد مؤسسات الرعاية الاجتماعية بصفة شاملة من مختلف أشكال وبرامج الدعم الموجهة للتمدرس من قبيل برنامج تيسير أو برنامج مليون محفظة أو المنح المخصصة للداخليات أو للتغذية.
ويحدد النظام الداخلي لكل مؤسسة السن الأقصى الذي عند بلوغه يتعين على الطفل المستفيد مغادرة مؤسسة الرعاية الاجتماعية، غير أن 35 % من المؤسسات التي تتكفل بالأطفال في وضعية صعبة، لا تستطيع تطبيق هذا الشرط بالنظر للعديد من المعيقات التي تتعلق أساسا بعدم تأهيل المستفيدين لتحمل تكاليف الحياة والاندماج الاجتماعي والمهني لدى بلوغهم ذلك السن.
وبخصوص وضعية بنايات ومرافق المؤسسات ، فقد ولت النصوص المنظمة لفتح وتدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية أهمية قصوى للشروط والمعايير التي يجب أن تتوفر في هذه المؤسسات بالنظر لطبيعة الخدمات المقدمة وفئات المستفيدين منها، و في هذا الصدد بذلت مجهودات سواء في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن أو الجمعيات المعنية من خلال إحداث مؤسسات جديدة أو تأهيل المؤسسات القائمة ،إلا أن الزيارات الميدانية مكنت من تسجيل ملاحظات في ما يتعلق بمدى احترام مقتضيات دفتر التحملات المتعلق بمرافق هذه المؤسسات ، حيث توجد 23% منها في مواقع لا تتلاءم مع طبيعة الخدمات التي تقدمها خصوصا في ما يتعلق بتمركزها قرب بعض الأنشطة التي تحدث ضوضاء أو في مناطق يصعب الولوج إليها داخل المدن العتيقة أو تكون بعيدة عن الساكنة المستهدفة (فعلى سبيل المثال تتواجد مراكز نهارية للمسنين في مواقع بعيدة عن المستفيدين المستهدفين مما يعيق الاستفادة منها). بالإضافة إلى أثرها السلبي على راحة وأمن المستفيدين، تشكل هذه العوامل عائقا يحد من قدرة هذه المؤسسات على الانفتاح على محيطها واستقطاب الموارد اللازمة لتغطية حاجياتها.
ويتم إيواء بعض المستفيدين في بنايات غير تلك المبينة في الرخصة، أي دون الحرص على توفير كل الشروط التي على أساسها تم الترخيص، أو بتغيير مقر المؤسسة أو بإيواء مستفيدين دون ترخيص مسبق. وهو ما تم تسجيله في 28 % من المؤسسات التي تمت زيارتها.
وبالرغم من كل المجهودات التي تم بذلها من طرف كل المتدخلين في تدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية لتأهيلها لكي تتوفر على مرافق تتلاءم مع المعايير التي تم تحديدها بالنسبة لكل صنف، فقد تم الوقوف خلال الزيارات الميدانية على عدم ملاءمة هذه المرافق بالنسبة ل 42% من المؤسسات . وقد عزت جل الجمعيات التي تقوم بتدبير هذه المؤسسات هذا المشكل إلى عدم توفر الوسائل المالية الضرورية للقيام بأشغال التهيئة الضرورية. كما لوحظ أن بعض المؤسسات لا تتوفر على ربط بشبكة التطهير.
بنايات قديمة ومتهالكة و غياب برامج الصيانة

توجد 44 % من المؤسسات التي تمت زيارتها في بنايات قديمة ومتهالكة تعاني من غياب برامج فعلية للصيانة وضعف الإمكانات المرصودة لهذا الغرض مما يؤثر سلبا على ظروف إيواء المستفيدين.
كما لا تتوفر 25 % من المؤسسات على مرافق تتيح الفصل بين مختلف الفئات من المستفيدين. مما تنتج عنه مشاكل في تدبير وتتبع مختلف الفئات، كما هو الحال عند إيواء أشخاص غيرمعروفي الهوية أو مختلين عقليا خلال فصل الشتاء في مؤسسات تنحصر وظيفتها في إيواء الأطفال أو المسنين مثلا.
ولم تحرص 51 % من المؤسسات التي تمت زيارتها على توفير واحد أو أكثر من المرافق التي تم تحديدها بدفتر التحملات الجاري به العمل بالرغم من أهمية هذه الأخيرة في ضمان شروط إيواء المستفيدين في ظروف ملائمة. ويتعلق الأمر ب : قاعات منفصلة للأكل؛ – مراحيض وحمامات بالعدد الكافي وبشروط النظافة حسب عدد المستفيدين؛ – مساحات بعض المرافق الضرورية لتلبية متطلبات المستفيدين؛ – مرافق للتمريض وقاعات العلاجات الأولية لتقديم بعض الخدمات الصحية؛ – قاعات ترويض تلائم الأغراض المخصصة لها؛ – المرافق الإدارية (العدد والمساحة) حسب طبيعة المؤسسة.
كما سجل في 54 % من المؤسسات عدم احترام شروط السلامة من حيث محاذاة مرافق المطبخ لمرافق الإيواء مثلا، وكذلك عدم الحرص على توفير معدات إطفاء الحريق وكذلك منافذ الإغاثة بالنظر لطبيعة الخدمات والحالة الصحية للمستفيدين.
وتقوم 45% من المؤسسات باستقبال بعض المستفيدين دون أن توفر لهم الولوجيات وبعض الآليات والترتيبات الضرورية لتسهيل تنقلاتهم وتمكنهم من الاستفادة من مختلف المرافق.
وتواجه 30% من المؤسسات صعوبات في توفير التدفئة خصوصا في فصل الشتاء وبالنسبة لبعض المناطق التي تعرف طقسا باردا أو رطوبة زائدة، وذلك لافتقار المؤسسات للمعدات الضرورية أوعدم قدرتها على تحمل نفقات الكهرباء.
خلاصات .. ودلالات

يلعب المجتمع المدني دورا مركزيا في تمويل وتدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعنى
بالأشخاص في وضعية صعبة. ويظل عدد مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعنى بالأشخاص في وضعية صعبة ( وطاقتها الاستيعابية الإجمالية بعيدين عن تغطية حاجيات التكفل المتصاعدة بمختلف جهات المملكة. كما تتسم الموارد المالية بالضعف حيث لا تؤهلها لتغطية تكاليف التكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، ناهيك عن المصاريف اللازمة لإحداث أو تجهيز أو صيانة هذه المؤسسات، وذلك في ظل هزالة الدعم العمومي المتأتي من الدولة ومؤسسة التعاون الوطني والجماعات الترابية، مما ينعكس سلبا على قدرتها على تأمين حاجياتها من الموارد البشرية وإسداء خدماتها بالشكل المطلوب.
و تعاني مؤسسات الرعاية الاجتماعية من الخصاص في ما يتعلق بالموارد البشرية بشكل عام، وفي بعض التخصصات بشكل خاص من قبيل الأطر الطبية والمروضين والأطباء النفسيين، ومن ضعف الأجور وغياب نظام أساسي يؤثث لضمان الحقوق الاجتماعية للمستخدمين وتطوير وضعهم المهني.
تجد مؤسسات الرعاية الاجتماعية صعوبات كبرى في تأمين الشروط التقنية الدنيا ومعاييرتجهيز المؤسسات وفي احترام قواعد التدبير الإداري والمالي. كما لا تتمكن مؤسسات ، في ظل الإكراهات التي تواجهها، من الارتقاء بخدماتها إلى المستوى المطلوب، خاصة في ما يتعلق بتأمين شروط التمدرس والتأطير النفسي والتربوي والتأهيل للمستفيدين من أجل الإدماج الاجتماعي والمهني.


بتاريخ : 10/05/2018