أثار مقتل ما لا يقل عن 55 متظاهرا فلسطينيا برصاص الجيش الإسرائيلي على الحدود مع غزة الإثنين استياء دوليا ودعوات إلى ضبط النفس فيما حملت الولايات المتحدة حركة حماس المسؤولية.
وندد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بـ»مجزرة».
واستدعت جنوب افريقيا سفيرها لدى إسرائيل بسبب العنف بحق الفلسطينيين.
وانتقدت دول عدة منها بريطانيا وفرنسا وروسيا تدشين السفارة الأميركية في القدس الذي تنص لت منه 128 من الدول الـ193 الأعضاء بالأمم المتحدة.
وتزامن التدشين مع تظاهر عشرات آلاف الاشخاص في غزة. وقتل 55 فلسطينيا برصاص الجنود الإسرائيليين على الحدود وأصيب 2400، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة في غزة.
وقال المفوض الأعلى لحقوق الانسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين «مقتل عشرات الاشخاص واصابة المئات بالرصاص الحي في غزة يجب ان يتوقف فورا. على المسؤولين عن هذه الانتهاكات الفاضحة لحقوق الانسان ان يحاسبوا».وابدى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش «قلقه العميق» للوضع في غزة.
وأدانت منظمة العفو «الانتهاك الصارخ» لحقوق الانسان و»جرائم الحرب» بغزة. كما قال متحدث باسم رئيسة الوزراء «نحن قلقون ازاء التقارير عن العنف وخسارة الارواح في غزة، وندعو الى الهدوء وضبط النفس لتجنب اعمال مدمرة لجهود السلام».
دان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعمال العنف التي ترتكبها القوات الإسرائيلية بحق المتظاهرين الفلسطينيين في غزة، وذلك خلال محادثتين عبر الهاتف أجراهما مساء الإثنين مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان «في وقت يتصاعد التوتر على الارض (…) تدعو فرنسا جميع الافرقاء الى التحلي بالمسؤولية بهدف تجنب تصعيد جديد».
و دعت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني الى «اقصى درجات ضبط النفس».
وقالت «قتل عشرات الفلسطينيين بينهم اطفال واصيب مئات بنيران اسرائيلية خلال احتجاجات واسعة مستمرة قرب سياج غزة. نتوقع من الجميع التصرف باقصى درجات ضبط النفس لتجنب مزيد من الخسائر في الارواح».
أضافت «على اسرائيل احترام حق الاحتجاج السلمي ومبدأ عدم الافراط في استخدام القوة. وعلى حماس ومن يقودون التظاهرات في غزة ضمان ان تظل غير عنيفة ويجب أن لا يستغلوها لأغراض أخرى».وذكرت بـ»الموقف الواضح والموحد للاتحاد الاوروبي» بشأن القدس.
قال الناطق باسم الرئيس الروسي ردا على سؤال حول ما اذا كان نقل السفارة الاميركية يثر مخاوف روسيا من تفاقم الوضع في المنطقة، «نعم، لدينا مثل هذه المخاوف وسبق ان عبرنا عنها».
واعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف «اننا مقتنعون بانه يجب الا نعود من جانب واحد عن قرارات الاسرة الدولية. مصير القدس يجب ان يقرر بالحوار المباشر مع الفلسطينيين».من جهته
أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان «نرفض قرار (نقل السفارة) الذي ينتهك القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة»، مضيفا ان «الولايات المتحدة اختارت باتخاذها هذا القرار ان تكون طرفا في النزاع وبالتالي تخسر دور الوسيط في عملية السلام» في الشرق الاوسط. واتهم اردوغان إسرائيل بممارسة «إرهاب الدولة» و»الإبادة».وقال نائب رئيس الوزراء التركي بكير بوزداغ إن تركيا تقوم باستدعاء سفيريها في الولايات المتحدة وإسرائيل «لإجراء مشاورات» إثر أحداث غزة. وندد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو من جانبه «بمجزرة» وبـ»ارهاب دولة» في تعليقه على حصيلة القتلى المرتفعة للفلسطينيين في غزة. اضاف «اللعنة على اسرائيل وقواتها الامنية».واعلنت البعثة الكويتية لدى الامم المتحدة انها دعت لاجتماع طارئ لمجلس الامن صباح الثلاثاء حول الوضع في الشرق الاوسط. وقال منصور العتيبي سفير الكويت لدى الامم المتحدة «ندين ما حدث. سيكون هناك رد فعل من قبلنا».وأكدت الخارجية المصرية «دعم مصر الكامل للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها الحق في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».من جهته أكد مفتي الجمهورية المصرية شوقي علام في بيان ان تدشين السفارة الاميركية «هو استفزاز صريح وواضح لمشاعر أكثر من مليار ونصف مليار مسلم على وجه الأرض» مشددا على ان «هذه الاستفزازات الأميركية تزيد الوضع صعوبة وتدخل بالمنطقة في مزيد من الصراعات والحروب مما يهدد الأمن والسلام العالمي».
وعبر مصدر مسؤول في الخارجية «عن ادانة المملكة العربية السعودية الشديدة لاستهداف المدنيين الفلسطينيين العزل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى».كتب وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف على تويتر «النظام الاسرائيلي يذبح عددا كبيرا من الفلسطينيين بدم بارد اثناء احتجاجهم في اكبر سجن مفتوح في العالم».
نقلت وكالة سانا الرسمية عن مصدر في وزارة الخارجية ان «الجمهورية العربية السورية تدين بأشد العبارات المجزرة الوحشية التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين العزل».قال وزير الخارجية ديديه ريندرز «أدعو الى تجنب الاستخدام المفرط للقوة واستئناف الحوار للتوصل الى حل دائم للنزاع في اقرب فرصة».كما أبدت وزيرة الخارجية اني اريكسن سورايدي «قلقها العميق لدوامة العنف التي نشهدها حاليا على الحدود بين اسرائيل وغزة». وأضافت «من غير المقبول إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين».وجه الرئيس ميشال تامر «نداء من اجل السلام»، آسف ا «لأعمال العنف الرهيبة».
الاف الفلسطينيين يجازفون بحياتهم على الحدود متوعدين ب»احراق السفارة الاميركية»
جازف الاف الفلسطينيين من سكان قطاع غزة بحياتهم واحتشدوا مجددا الاثنين على الحدود مع اسرائيل تعبيرا عن غضبهم لانتقال السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس.
وحتى بعد الظهر وتزامنا مع افتتاح السفارة الاميركية، قتل 41 فلسطينيا برصاص الجيش الاسرائيلي خلال المواجهات على الحدود وأصيب الفان بجروح، بحسب ما اعلنت وزارة الصحة في غزة في آخر حصيلة لها. لكنهم ارادوا الاثنين خصوصا التعبير عن غضبهم من نقل السفارة الاميركية في اسرائيل من تل ابيب الى القدس. وبين هؤلاء معتز النجار (18 عاما) الذي اصيب اربع مرات منذ 30 مارس ولا يزال مصمما على اختراق السياج الحدودي. وقال لفرانس برس «سنعود الى أرضنا وانتقال السفارة (الاميركية) لن يحصل».واوردت ام سعد حبيب (60 عاما) «أقول (للرئيس الاميركي دونالد) ترامب عليك ان تزيل السفارة من القدس ونحن عائدون الى القدس».وقال الفتى طه الجرجاوي (15 عاما) «رسالتي للعالم انه اذا انتقلت السفارة الاميركية الى القدس فسنحرقها. جئنا الى هنا على حدود غزة لنسير الى القدس واذا استشهدنا فسنكون فداء لله والوطن».
تجمع الاف المتظاهرين عند نقاط عدة وحاولت مجموعات صغيرة الاقتراب من الحدود التي شهدت انتشارا كثيفا للجنود الاسرائيليين، وفق مراسلي فرانس برس. وأحرقت تلك المجموعات مئات من اطارات السيارات وحاولت اختراق السياج هاتفة «شهداء بالملايين على القدس رايحين» ورشقت الجنود بالحجارة فرد هؤلاء باطلاق النار.
والاحد والاثنين، حذر الجيش الاسرائيلي سكان غزة بواسطة مناشير ألقيت من الجو من انهم يعرضون حياتهم للخطر اذا شاركوا في التظاهرات، مؤكدا انه لن يسمح بمهاجمة السياج الحدودي والجنود او المدنيين الاسرائيليين.
وقال وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرلمان «سندافع عن مواطنينا بكل الوسائل، لن نسمح باختراق الحدود».
رغم ذلك، استقل بلال فسيفس (31 عاما) وزوجته وولداه في خان يونس في جنوب القطاع احدى الحافلات التي نقلت الفلسطينيين الى الحدود.
وقال «لا يهم اذا استشهد وأصيب نصف الشعب. سنكمل الى الداخل حتى يعيش النصف الأخر بكرامة».
في مستشفى الشفاء في غزة، اجبر الاطباء على الاسراع في اخراج الجرحى بهدف تأمين اكبر قدر من الاسرة وسط نقص كبير في الأدوية منذ أسابيع.
وفي خان يونس، جالت مجموعة من الشبان الملثمين والحاملين عصيا على المتاجر لاجبار أصحابها على اغلاقها واحترام الدعوة الى اضراب عام في كل انحاء القطاع.
وفي المساجد، نصبت مكبرات الصوت لتوجيه نداءات للتظاهر.
وتوقع الجيش الاسرائيلي ان يحتج عشرات الاف الفلسطينيين على افتتاح السفارة الاميركية في القدس، ليس فقط في قطاع غزة بل في الضفة الغربية المحتلة ايضا.
وفي رام الله، تجمع نحو الفي فلسطيني هاتفين «القدس عاصمتنا» بحسب مراسل فرانس برس. وكانت السلطة الفلسطينية دعت موظفيها الى مغادرة مكاتبهم عصرا للمشاركة في التظاهرات.
واثار نقل السفارة الاميركية بعد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لاسرائيل، غضب الفلسطينيين الذين يعتبرون ذلك تنكرا لمطالبهم حول القدس الشرقية التي يريدونها عاصمة لدولتهم المنشودة.
على الحدود الشرقية لمخيم البريج، يتكئ احمد الاغا (31 عاما) على عكازين ويغطي ساقه الجبس اثر اصابته برصاصة اسرائيلية في الجمعة الثالثة من المواجهات ويقول «قطعت السلك مع ستة شبان حين أصبت، اليوم ايضا ساقطع السلك لكنني ساعبر الحدود هذه المرة».
حزن وارباك في مشرحة مستشفى الشفاء في غزة
– تبدو الفاجعة واضحة على وجوه من يودع عزيزا في حين ترتسم علامات الحيرة على اخرين اثناء بحثهم عن قريب او صديق بين الجثث في مشرحة مستشفى الشفاء الطبي في غزة.
ويقف عشرات الفلسطينيين امام براد المشرحة ينتظرون وصول جثث اقاربهم الذين تبلغوا مقتلهم برصاص الجيش الاسرائيلي خلال المواجهات في احد اكثر الايام دموية في قطاع غزة منذ الحرب الاسرائيلية الاخيرة عام 2014.
ويبكي شاب وهو يودع شقيقه الاكبر الممدد على حمالة ملقاة على الارض ويعاتبه واضعا راسه بين كفيه «لمن ستتركني؟»، الا ان اصواتا تصل من الخلف تقول «ادخلوه بسرعة، وصل شهيد اخر».
وما ان تصل جثة «شهيد» يحملها اربعة شبان يجري نحوها عدة اشخاص ليتعرفوا على هويته بينما يتردد اخرون من الاقتراب فيسال احدهم «هل هذا هو» في اشارة الى من يعرفونه.
ويهمس احد اصدقائه ويدعى محمد «اخبروه ان ابن اخيه استشهد لكنه لا يعرف اين هو وما اذا سيتم احضاره الى هنا ام الى مستشفى اخر».
وقتل 52 فلسطينيا الاثنين برصاص الجيش الاسرائيلي خلال المواجهات احتجاجا على افتتاح سفارة الولايات المتحدة في القدس، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في غزة.
لكنهم ارادوا الاثنين خصوصا التعبير عن غضبهم من نقل السفارة الاميركية في اسرائيل من تل ابيب الى القدس.
ويصرخ الشاب محمد مقداد وهو ملقى على حمالة امام قسم الطوارئ بينما لف المسعفون ساقيه بشاش طبي خفيف بالكاد يوقف النزيف «الحقوني… خسرت الساقين».
ويبكي الشاب المدد الى جانب عشرات الجرحى في خيمة اقامتها اللجنة الدولية للصليب الاحمر في فناء مستشفى الشفاء امام قسم الطوارئ الذي اغلق الحراس ابوابه لامتلائه بالجرحى.
ويعاين الاطباء الجرحى في هذه الخيمة ويكتبون بقلم سميك ملاحظاتهم على اجسادهم تمهيدا لنقلهم الى قسم الطوارئ.
ويطلب الشاب مقداد ممن حوله ان يجري مكالمة مع عائلته من هاتف محمول، وبمجرد ان يتصل بعائلته يبدأ بالبكاء «تعالوا بسرعة انا في الشفا، فقدت الساقين».
وتكتظ الخيمة بمئات الاشخاص بعضهم يرافق جريحا بينما يسال اخرون عن اقاربهم.
وعلى جانب الخيمة تقف امراة وابنتها والدموع تملأ عينيهما وتقول الام «اخبروني ان ابني مصاب في ساقه، لم اجده هنا، قد يكون استشهد».ويضرب اربعيني راسه بكفيه وهو يتنقل بين جريح واخر صارخا «يارب ساعدني، اولادي يا رب»، ويوضح احد المسعفين ان اولاده الثلاثة اصيبوا بجروح.
وعلى الجانب الاخر تبكي عجوز متكئة على حمالة مدد عليها ابنها الذي اصيب على الحدود شرق مدينة غزة.
وبينما يحاول اقاربها طمأنتها، تسمع احد المسعفين وهو يقول «الاصابة في العظم» فتصرخ بصوت مرتفع «لديه عشرة ابناء ماذا سيفعلون بدونه».وتواصل سيارات الاسعاف احضار المزيد من الجرحى الى الخيمة التي باتت تعج بالناس بينما اجبر الاطباء على الاسراع في اخراج الجرحى بهدف تأمين اكبر قدر ممكن من الاسرة.
وناشدت وزارة الصحة المواطنين المواطنين التبرع بالدم لانقاذ حياة الجرحى في المستشفيات. ويقول مدير الاستقبال والطوارئ الطبيب ايمن السحباني وهو منشغل بتفقد الجرحى»الوضع هنا غاية في السوء، المستشفى ممتلئ عن بكرة ابيه».
في شرق مدينة غزة حاول عشرات الشبان والصبية اختراق السياج الحدودي باتجاه الجانب الاسرائيلي لكنهم كانوا يفشلون امام كثافة اطلاق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع من الجنود الاسرائيليين الذين يتمركزون وراء تلال رملية او خلف غرف اسمنتية محصنة نصبت عليها رشاشات اوتوماتيكية.
وكان المتظاهرون يستغلون سحب الدخان المنبعثة من اطارات السيارات التي اشعلوها للاقتراب على مسافة صفر احيانا ورشق الجنود بالحجارة او الزجاجات الحارقة، الا انهم لم ينجوا من الرصاص وهم ينسحبون فيسقط بعضهم بين قتيل وجريح.
واخترقت فتاة في العشرين من عمرها السياج الحدودي لعدة امتار قبل ان يصيبها قناص اسرائيلي برصاصتين في الساقين.
ورغم سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى يصر المتظاهرون على مواصلة احتجاجاتهم قرب الحدود.
ويقول ربيع الخواجا (20 عاما) «سنواصل المحاولات لاختراق الحدود، العدو كان يطلق النار باجرام، لقد سقط الكثير من الشهداء والمصابين».
ويتابع «تراجعنا في ساعات المساء بعدما راينا الطائرات والدبابات تقصف حولنا، يريدون ارتكاب مجازر».
وتحت اشجار الزيتون في البساتين القريبة من الحدود يستظل عشرات النساء والرجال والاطفال، وتقول احدهم تدعى صفاء (23 عاما) وهي تسعف شاب اصيب بحالة اغماء بسبب الغاز المسيل للدموع بزجاجة عطر تحملها «جئنا لنساعد الشباب، نوفر لهم المياه وكمامات من الغاز».