مهاجرون رَحَّلَتْهُمْ الولايات المتحدة يتحدثون عن معاناتهم لفصلهم عن اطفالهم

تحدث مهاجرون من اميركا الوسطى تم ترحيلهم من الولايات المتحدة دون اطفالهم عن معاناتهم عندما شاهدوا عائلاتهم تنفصل عن بعضها بموجب سياسة الرئيس الاميركي دونالد ترامب “عدم التسامح”، السبت فيما يواصل المحتجون ضغوطهم ضد السياسة “الهجمية”.
والاربعاء امر ترامب بانهاء سياسة فصل العائلات التي اثارت غضبا محليا وعالميا ، إلا أنه حتى صدور الامر كان نحو 2300 طفل قد فصلوا عن عائلاتهم.
اعيد لم شمل اكثر من 500 طفل مع عائلاتهم بحسب وثيقة حقائق اصدرتها وزارة الامن القومي السبت.
وقالت الوزارة ان “حكومة الولايات المتحدة تعرف مكان تواجد جميع الاطفال المحتجزين وتعمل على لم شملهم مع عائلاتهم”.
وقال محامون يعملون على اعادة لم شمل العائلات انهم يجدون صعوبات في العملية المعقدة، فيما لا تزال اعداد متزايدة من المهاجرين تصل الى الاراضي الاميركية.
قال ايفير سييرا الذي تم ترحيله اثناء محاولته دخول الولايات المتحدة لوكالة فرانس برس انه ينوي المحاولة مرة اخرى خلال ايام قليلة.
وكان قد اعيد الى هندوراس يحمل على ظهره حذاء طفلته التي لم يتحاوز عمرها ثمانية أشهر. وكانت قد فصلت عنه واحتجزت في مركز في ماكلين في تكساس برفقة والدتها.
اما بنجامين رايموندو (33 عاما) الذي تم ترحيله الى بلده غواتيمالا، فقد قال لفرانس برس انه غادر بلاده فيابريل مع ابنه روبرتو البالغ خمس سنوات، إلا أنهما فصلا عن بعضهما عندما اوقفهما مسؤولو الهجرة في كاليفورنيا.
وتمكن صهره ومحاميه من معرفة مكان وجود الطفل الذي تم تسليمه لصهره.
وقال رايموندو “هذا امر محزن كثيرا، اشعر بأنني لن ارى ابني مرة اخرى”. واضاف انه لا ينوي حاليا العودة الى الولايات المتحدة ويأمل في أن يتم منح ابنه اللجوء.
وفي مسعى لوقف تدفق عشرات الاف المهاجرين من اميركا الوسطى والمكسيك ووصولهم الى الحدود الجنوبية كل شهر، امر ترامب في مطلع مايو باعتقال جميع من يدخلون بشكل غير مشروع واحتجاز اطفالهم في اماكن منفصلة عنهم.
لكنه قرر تغيير سياسته وامر بانهاء عمليات فصل الاطفال عن اهاليهم قائلا ان ادارته تتبع سياسة “الابقاء على العائلة مجتمعة … عندما يكون ذلك مناسبا ومنسجما مع القانون والموارد المتوفرة”.وقال “لا ارغب في رؤية العائلات عند فصلها”.
واصل اعضاء الكونغرس الديموقراطيين ضغوطهم السبت حيث زار اكثر من عشرين منهم منشأة يحتجز فيها الاطفال.
قامت جاكي سبير عضو الكونغرس عن كاليفورنيا، بجولة في المنشأة في ماكالين في تكساس. وفي مؤتمر صحافي قالت انها شاهدت اطفالا “تحت سن الخامسة فصلوا عن اهاليهم وكانوا يبكون … كانوا في زنزانات وفي اقفاص”.
وذكرت باربرا لي، عضو الكونغرس عن كاليفورنيا كذلك ان “الاطفال كانوا يعانون من الصدمة” ووصفت سياسة ادارة ترامب بشأن الهجرة بأنها “همجية”.

ومن المقرر انطلاق مسيرات احتجاجية خلال عطلة نهاية الاسبوع في العديد من المدن، ودعت جماعات حقوقية الى احتجاج عالمي في 30 حزيران/يونيو تحت شعار “العائلات يجب ان تكون معا “.
في سان دييغو تجمع نحو 1500 متظاهر ارتدى العديد منهم سترات كتب عليها “نحن نهتم، اليس كذلك؟”، في اشارة الى السترة التي ارتدتها ميلانيا ترامب وكتب عليها “انا لا اهتم، هل تهتم انت؟”.
قالت يولاندا توريس التي وصلت الى الولايات المتحدة من المكسيك عندما كان عمرها 9 سنوات، لفرانس برس “عندما اتينا لم نكن نملك اي شيء، ولم يكن لدينا حتى مكان للنوم”.
واضافت “لا استطيع ان اتخيل ما الذي كان سيحصل لو انهم احتجزوني”.
في هذه الاثناء اصدر وزير الصحة والخدمات الانسانية الاميركي اليكس عازار امرا الجمعة لتشكيل فريق مهمات يتولى لم شمل العائلات، بحسب صحيفة بوليتيكو نقلا عن وثيقة داخلية حصلت عليها.
وتأمر الوثيقة مكتب الاستعداد والاستجابة فيها الذي يتعامل مع الطوارئ والكوارث المتعلقة بالصحة العامة، لمساعدة مكتب توطين اللاجئين في هذه المهمة.
ونقلت الصحيفة عن المتحدثة باسم الوزارة ايفيلين ستوفر قولها ان عازار “يسخ ر كل موارد الوزارة للمساعدة في لم شمل العائلات او وضع الاطفال والمراهقين الاجانب غير المرافقين مع عائلة او من يرعاهم بشكل مناسب”.
ولم ترد الوزارة فورا على طلب فرانس برس لتأكيد ذلك.
وتعكف وزارة الدفاع على وضع خطة طوارئ لايواء الاف الواصلين في قواعد عسكرية اميركية. وقال مسؤولون في وزارة الدفاع ان نحو 20,000 يمكن ان يتم ايوائهم في قواعد في تكساس واركنساو ونيومكسيكو.
وطلبت جميع العائلات التي وصلت الاراضي الاميركية تقريبا رسميا اللجوء نظرا الى مستويات العنف المرتفعة في بلادهم.
واثار فصل الاطفال عن اهاليهم نقاشا محتدما حتى داخل البيت الابيض، الا ان ترامب لم يعتذر واتهم خصومه بالمبالغة في تصوير المشكلة لتحقيق مكاسب سياسية.
وقال في خطابه الاسبوعي السبت “افتحوا الحدود ايها الديموقراطيون … اريد ان يدخل الجميع الى بلادنا مهما كانت خطورتهم”، في محاولةاخرى للربط بين الجريمة والهجرة.
وقال “يمكن ان يكونوا قتلة او لصوصا، ويمكن ان يكونوا اشرارا ، الديموقراطيون يقولون لا بأس في ذلك، لكن رأيي مختلف”.
صورتان معبرتان ومعبئتان

و انتشرت عدة صور وتسجيلات على وسائل التواصل الاجتماعي منذ بدأت الولايات المتحدة تطبيق سياسة عدم التساهل التي وضعها الرئيس دونالد ترامب واستهدفت المهاجرين غير الشرعيين وأفضت إلى فصل أكثر من 2300 طفل عن ذويهم.
ولكن بين ما نشر صورتين تشاركهما مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع وتبين أنهما لا تعبران تماما عن الواقع وإن استخدمتا رمزا لفصل واحتجاز الأطفال. إحدى الصورتين نشرتها مجلة “تايم” وهي لطفلة باكية عبأت الرأي العام.
تظهر الصورتان اللتان انتشرتا على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد غير مرتبطة مباشرة بعمليات فصل العائلات التي تحدث على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك منذ مطلعمايو.
وتحولت تلك التي أظهرت الطفلة يانيلا فاريلا من هندوراس والبالغة من العمر سنتين وهي تجهش بالبكاء إلى رمز عالمي لعمليات الفصل حيث ساهمت في جمع أكثر من 18 مليون دولار من التبرعات لجمعية غير ربحية في تكساس تدعى “رايسز”.
والتقطت الصورة في ماكالين بتكساس بتاريخ 12 يونيو بعدسة مصور “غيتي ايميجز” جون مور الحائز على جائزة “بوليتزر”.
وذكرت مقالة نشرتها مجلة “تايم” على الانترنت تناولت الصورة في البدء أن الطفلة أخذت من والدتها قبل أن تصحح لاحقا وتوضح بأن “الطفلة لم يأخذها وهي تصرخ عناصر دوريات الحدود الأميركيين، بل إن والدتها هي التي حملتها وأخذ تا معا”.
ومع ذلك، نشرت “تايم” صورة الطفلة وهي تبكي على غلافها إلى جانب صورة لترامب ينظر إليها وكتبت عليها “أهلا بكم في أميركا”.وأكدت مديرة مكتب حماية المهاجرين من هندوراس ليزا ميدرانو لوكالة فرانس برس أن الطفلة البالغة من العمر سنتين “لم تفصل” عن عائلتها وهو ما أكده والدها دنيس فاريلا كذلك.
وأوضح فاريلا لصحيفة “واشنطن بوست” أن زوجته ساندرا سانتشيز (32 عاما) لم تنفصل عن ابنتهما مشيرا إلى أنه تم توقيفهما معا في مركز هجرة في ماكالين.
ورغم الانتقادات التي وجهت إليها بسبب غلافها الذي اعتبرته جهات عدة “مضللا” بما في ذلك من قبل البيت الأبيض، دافعت المجلة عن قرارها نشر الصورة على الغلاف.
وقال رئيس تحرير “تايم” ايدوارد فيلسينثال في بيان لوسائل إعلام أميركية إن “صورة الطفلة من هندوراس البالغة من العمر عامين التي التقطت بتاريخ 12 يونيو تحولت إلى الرمز الأكثر وضوحا للنقاش الجاري بشأن الهجرة في أميركا وذلك لسبب”.
وأضاف “بموجب السياسة المطبقة من قبل الإدارة وقبل التراجع عنها هذا الأسبوع، تمت ملاحقة الأشخاص الذين عبروا الحدود بطريقة غير قانونية وهو ما أدى إلى فصل الأطفال عن ذويهم. غلافنا وتغطيتنا يلخصان ذلك”.
وتظهر صورة أخرى تمت مشاركتها عشرات آلاف المرات على “تويتر” طفلا يبكي داخل ما يبدو أنه قفص في ما قيل إنه مركز لاحتجاز الأطفال في الولايات المتحدة.
لكن الواقع هو أن الصورة هي من تظاهرة ضد سياسة الهجرة الأميركية قام المشاركون فيها بتمثيل كيفية احتجاز الأطفال. ونشرت الصورة بتاريخ 11 يونيو على صفحة منظمة “براون بيريه دو كيماناهواك” في تكساس.
استخدمت الصورتان اللتان يتم تشاركهما على مواقع التواصل خارج سياقهما، وفي أحيان كثيرة لأهداف سياسية، وبالتالي لا يمكن اعتبار أنهما تمثلان أوضاع الأطفال الذين تم فصلهم عن عائلاتهم أو احتجزوا في مراكز إيواء على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.


بتاريخ : 27/06/2018