فُلْكُ سانْ جُونْ بِيرْسْ الضيقة

بين مفترقِ الغُيوم
عندَ سَطيحةِ مقهى القمرْ
هذا الملاذ الذي
لا عِلمَ لنا بِمن سيكتبه
أو سيمحوه

قلنا
ماذا لو استرحنا قليلا
لنُلقي بغربة الفنجان
أو
بما لم نُدَوْزِنْهُ بعدُ من ضوء القصائد
في هَدْأَةِ النسيان

هكذا
وبعد هنيهة
و كما لو أننا على عَجَلٍ من إيقاع الخُطى
أعَدْنا السَّطِيحة للنَّادل
أيضا
أعدْنا تصميمَ هوائِها للمُقاول الأعمى
كيْمَا يعود حالاً
كلُّ واحدٍ مِنا أدراج غُربته
ململما
ما تبقى
من حروف الفُلْك

حولك
كنتُ ألمح في أوَّل العُمق
ظلالاً
شِبهَ غائمة
هيَ بعضٌ
من حَواريِّي الزمنِ الرمادي

ظلالاً
تتلاشى الهُوَيْنى
حيثُ لم يعد ثمة
من صوتٍ يُرَى
سواكَ
وأنتَ تَهْذي
بما لا تبوح به الحروفُ
لغيْرِ ظلِّك
حين يُشرق
هكذا
خِلسة
في دياجير الكلام

لكن
ماذا
لو أسعفْتَنِي
علَّني
أتذكر؟
أنك ربما البارحةَ أظن
أو ربما
في غدٍ مَا
من أيام هَذي الأزمنةِ الرمادية
كنتَ حادثْتَني
ونحنُ بالمقهى
أو بالمنتزهِ المقابِل
فيما يشبه الحلمَ داخل الحلم

حادثتني
عمَّا لم يكتبه سان جون بيرس بعدُ
من قصائدك التي ترجَمَتْها أخيرا
يدُ النَّاسخ
دون أدنى استشارةٍ مِنك

يوْمَها
كنتَ تُسِرُّ إليَّ
بتلويحةٍ مضمخة بغبطةِ الصلصال
إنك حتما سوف تُعيدها إلى جِذرها المنسي
في لغةٍ لا علم للعِرفانِيين بِها
فور انتهاءِ سان جون بيرس من تفْريغ فُصوصِها
على حاشية الطِّرس

في غيابك كنتُ أراك
وأنت تستفسر الريح عن معنى القصيدة
إن لم تغادر بيتَ طاعتها
إلى رحابة المجهول
تستفسر عن دلالةِ شطْحةِ النسيان

غير أني نسيتُ كالعادة أن أجيب
فأنت تعْلم
كيف أمسى حَبْل استعاداتي لِما فاتَ
قصيرا
في مثل هذا المساء الرمادي
حيث أنتَ مُحاطٌ كذا
بالظلال الغريبةِ عني
و عنْك

أعني
بهم
فلم ألحظ
شيئا مِمَّا كانت أناملُ سان جون بيرس
تُومِي إلينا به
وهو يبحرُ في فُلْكِه الضيقة بعيدا
باتجاه ضفافكَ

عجبا !
كيف أني مرةً أخرى سأنْسى
أنك حادثْتني عن شاعِر آخر
يحملُ ذات الاِسمِ
يشبه
أو
لا يشبه
سان جون بيرس
كان قد زارك
في خلوتِك القصية عنك
ليلة البارحهْ

فيما أنتَ كنتَ معي
بمقهاي
الذي لستُ أعلم من
سيكتبه
أو من سيمحوه
و أنتَ تستفسر مرة أخرى
عن مصير فناجيننا
كما تستفسر سَاهيا
عن مصيرِ هذي القصائد
حالما نُلقي بها الآن
في رحِم الفُلك
الذي انتهينا للتو من ترميمه

حيث لا بحرَ
لا ريح
و لا شراع
حتى
لا اسم لشاعر
يحمل اسْما كهذا أو كَذاك

سوى ظِلين بِنا شَبِيهيْنِ
غادرا المقهى منذ هنيهة
غادَرَانا تماما
كما لوْ هُما
على عَجَلٍ من القول
أو مِن النسيان
قل
أليْس كذلك
يا سَمِيَّنا الصغيرَ
أنت يا سان جون بيرس
و أنتِ كذلك يا هذِي الظلال
التي ليس لها أبدا أن تُبينْ؟


الكاتب : رشيد المومني

  

بتاريخ : 06/07/2018