النقل الحضري بتطوان : ملف التدبير المفوض يدخل «منعرجا» ينذر بفسخ العقد

تقدمت جماعة تطوان ، مؤخرا، بطلب إلى رئيس المحكمة الإبتدائية يقضي بتعيين مفوض قضائي قصد القيام بجرد ومعاينة مجموع الحافلات التي تستعملها شركة فيطاليس، الشركة المفوض لها تدبير مرفق النقل الحضري بالمدينة وما بين الجماعات بولاية تطوان، وجاء هذا الطلب بعد بروز بوادر صراع بين الشركة ورئيس الجماعة باعتباره رئيسا للجنة تتبع مرفق النقل الحضري ومابين الجماعات بتطوان، وذلك على خلفية الزيادة في تعريفة النقل الحضري بخمسين سنتيما داخل المجال الحضري ودرهم خارج المجال الحضري لتطوان.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن “الشركة تحاول فرض الأمر الواقع على الجهة المفوضة وكذا على ساكنة المدينة”، معتبرة “أن الزيادة حق مشروع أقرته الإتفاقية المبرمة بين الشركة والأطراف المفوضة، والتي تدخل حيز التنفيذ انطلاقا من بداية السنة الخامسة لدخول الاتفاقية حيز التنفيذ، وهذا أمر صحيح لا يمكن مجادلة الشركة حوله ، لكن بمقابل هذا الحق هنالك التزامات متعددة أخلت بها الشركة تجاه المرتفقين وتجاه الجهات المفوضة، وهو ما يفقدها حق المطالبة بحقوقها”.
و”هكذا وعلى الرغم من الوصول إلى السنة الخامسة لدخول الاتفاقية حيز التنفيذ بين الشركة وسلطات عمالة تطوان، فإن المفوض له تمادى في تجاهل بنود الاتفاقية ولم يأخذ منها سوى الجانب المتعلق بالزيادة في التعريفة، مما سيضع ووضع أعضاء لجنة التتبع أمام مسؤولياتهم لحماية هذا المرفق العمومي ” تتابع المصادر ذاتها .
ف”الشركة ومنذ تدشين استغلالها لهذا المرفق، الذي تجني من ورائه عشرات الملايين من الدراهم سنويا، لم تقم بدفع ، منذ ثلاث سنوات، 1% من رقم معاملاتها لفائدة الجهة المفوضة، كإتاوة سنوية تنفيذا للبند 39 من الاتفاقية والمتعلق بمستحقات السلطة المفوضة، حيث قامت بدفع هذه الإتاوة مرتين اثنتين فقط منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ” تضيف المصادر.
كما أن الشركة المفوض لها تدبير هذا المرفق، وضدا على القانون، لم تقم خلال السنة الخامسة من دخول الاتفاقية حيز التطبيق باستعمال أسطولها التعاقدي الذي يجب أن يصل إلى 153 حافلة 10% يجب أن يكون احتياطيا وفقا لمنطوق البند 17 من الباب الخامس من الاتفاقية، حيث تتحدث مصادر من داخل الشركة عن “أن الأسطول التعاقدي لا يتجاوز 100 حافلة، وهو ما يفسر رفض الشركة السماح للجهات المفوضة الوقوف وإحصاء الأسطول التعاقدي، مما اضطرت معه لجنة التتبع إلى الإستعانة بالقضاء لأجل تعيين مفوض قضائي للقيام بجرد دقيق للأسطول التعاقدي.”
في السياق ذاته ، سبق لنشطاء بمواقع التواصل الإجتماعي، أن تداولوا ، على نطاق واسع، عبر المنصات الإجتماعية، سنة 2017، صورا لحافلات تحمل شعار حافلات تابعة لشركة “لوكس”، لم يصدر في حينه بشأنها أي بيان حقيقة بخصوص تلك الإتهامات التي نقلتها الصحافة الوطنية أنذاك ، حيث كشفت الصور ، أن حافلات كانت تجوب شوارع مدينة تطوان، تؤكد أن الشركة المفوض لها استعانت بها وهي التابعة للشركة الأم “سيتي باص” لتنفيذ بنود عقد الإتفاقية التي تربطها بالجهة المفوضة، وهي حافلات مستعملة سابقا في مدن مغربية، ولا تستجيب للبند 17 من الباب الخامس لاتفاقية تدبير مرفق النقل الحضري ومابين الجماعات بواسطة الحافلات بولاية تطوان، والذي ينص بالحرف على ” أن المفوض له تدبير هذا المرفق يتعهد باستعمال أسطول تعاقدي يتكون من حافلات جديدة، ابتداء من تاريخ دخوله حيز التنفيذ.
غير أن الصور المتداولة، أنذاك، تؤشر على “أنها حافلات تمت صباغة هياكلها من جديد وتقديمها لمسؤولي المدينة على أنها جديدة ومن الجيل الجديد للحافلات، في وقت كشفت عوامل الطقس والتقادم عما كانت تخفيه تلك الدهون والصباغات”.
“تجاوزات الشركة، تقول المصادر ، وتجاهلها بنود الإتفاقية تتجسد في عدم التزامها كذلك بمنطوق البند 24 من الاتفاقية الذي جاء فيه “أن الشركة تلتزم بتجهيز مسارات الخطوط بمخابئ أو لوحات التشوير تحمل رقم واتجاه الخط، وعلامات الوقوف والمخابئ يجب أن تكون متقابلة، كلما أمكن ذلك، كما يجب أن تكون محفوظة ومعينة يتم بناؤها وفقا للميثاق التصويري للمفوض له على مجموع المدار المفوض بغية إعطاء الزبناء، خلال فترة الانتظار، مجالا للراحة والحماية ضد التساقطات المطرية، ومكانا للإعلانات مع تصميم للمدينة وللشبكة يبين مواقيت مرور الحافلات والانتظار بالنسبة لكل خط ومعلومات أخرى، كما يجب أن تحتوي المخابئ على لوحات للإعلانات الآنية يتم وضعها باتفاق مشترك بين الطرفين، أضف إلى هذا فإن البند 18 المتعلق بالخصائص العامة للحافلات ينص على أنه على المفوض له تزويد الحافلات بنظام للتموقع الجغرافي يمكن من تقديم معلومات دقيقة للمستعملين في المخابئ يحدد مواقيت مرور الحافلات والإنتظار بالنسبة لكل خط على لوحات الإعلانات الآنية، وهو ما يعني وجوب تجهيز المخابئ بتقنية نظام التموقع الجغرافي GPS ، وهو ماكان رئيس مجلس الرقابة لمجموعة سيتي باس الشركة المالكة لشركة فيطاليس، قد بشر به ساكنة تطوان، خلال الندوة الصحافية التي عقدها يوم ثامن يونيو2015، دون أن ترى الساكنة هذه التباشير على أرض الواقع”.
عدم الالتزام ببنود الإتفاق يمكن معاينته، أيضا ، على أرض الواقع، من خلال تجاهل المادة 20 من الإتفاقية والمتعلقة بالخصائص العامة للحافلات ، خاصة في شقها المرتبط بالولوجيات بالنسبة للأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة والحوامل والمسنين، حيث تقول الشركة إن أسطولها بمدينة تطوان يضم حوالي 55 في المائة من الحافلات مجهزة بنظام الولوجيات ، والحال أن الواقع غير ذلك ، “على اعتبار أن الأسطول مجهز بولوجيات بدائية ويدوية ، تفرض على السائق التوقف والنزول قصد استعمالها في حالة الحاجة ، في الوقت أن المتعارف عليه دوليا و محليا أن نظام تشغيل الولوجيات في الحافلات يجب أن يتم بشكل أوتوماتيكي أو هيدروليكي، مما يعني أن الحافلات التي أحدث بها هذا النظام ، جاء ذلك بسبب ضغط الرأي العام المحلي و الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة ، وتمت إضافة بعض الألواح للحافلات من أجل ذر الرماد في العيون” تتحدث فعاليات جمعوية ، مضيفة ” وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه ، فإن هذا المرفق العمومي سيكون مرفقا عموميا تمييزيا وإقصائيا لشريحة مهمة في المجتمع، وهو ما يتناقض مع مضمون الدستور المغربي والإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ، وخاصة اتفاقية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة” .
كما أن من بين الواجبات التي من المفروض على الشركة الحرص على تنزيلها تنفيذا لبنود الاتفاقية، ما جاء في الفقرة ” أ ” من البند 18 المتعلق بالخصائص العامة للحافلات ، التي تؤكد أنه” يجب أن تزود الحافلات بوسائل الإنارة و التهوية الكافية لكل المواسم وأن تكون مجهزة بأجهزة التكييف”، مما يعني أن جميع الحافلات التي تجوب شوارع مدينة تطوان و النواحي كان من المفروض وطبقا للإتفاقية أن تكون مجهزة بالمكيفات، غير أن الواقع يتناقض و مضمون الاتفاقية الموقعة بين الجماعة و والشركة.
وانطلاقا من المعطيات السالفة الذكر ، وبحسب الاتفاقية المبرمة بين السلطات المفوضة والشركات المفوض لها، وذلك حسب الباب المتعلق بالجزاءات والعقوبات والمنازعات “الباب العاشر البند 53 والبند 54″، فإنه “في حالة التقصير الفادح أو الخطأ الجسيم الذي ينسب إلى المفوض له في تنفيذ الالتزامات الملقاة على عاتقه بموجب عقد التفويض، وخصوصا إذا أصبح الأمن العام مهددا أو لم يتم تقديم خدمة المرفق المفوض إلا جزئيا، مسببا اضطرابا مستمرا وجديا، بدون سبب غير إضراب المستخدمين، فإن السلطة ملزمة بالتدخل طبقا للقانون لوضع التدبير المفوض تحت الحراسة بوضع إدارة مؤقتة، وإحلال مقاولة أخرى محل المفوض له المخل بالتزاماته”.كما حددت اتفاقية تدبير النقل الحضري وبين الجماعات، الحالات التي يمكن اعتبارها خطأ جسيما، حيث وضعت في مقدمتها حالة العود بالنسبة لعدم كفاية الأسطول وفي حالة عدم استغلال الخطوط، وحالة التأخر في أداء الإتاوة أو أي مبلغ مستحق للسلطة المفوضة، أو إذا رفض المفوض له إنجاز برنامج الاستثمار داخل الآجال والشروط المحددة في العقد.
هذا وتضع مختلف “التجاوزات” المسجلة ، لجنة التتبع وكذا رؤساء الجماعات المعنية بهذا المرفق العمومي أمام مسؤولياتهم التدبيرية من أجل تدارك ما يمكن تداركه حماية لمصالح المرتفقين الذين يصل عددهم إلى أكثر من مليون ونصف مليون مرتفق سنويا، علما بأن عدم التزام الشركة ببنود الإتفاقية ، يعطي الجماعة الحضرية حق فسخ العقد المبرم بينها وبين المفوض له تدبير قطاع النقل الحضري وبين الجماعات، وذلك “على خلفية الاختلالات الكثيرة التي يعرفها هذا القطاع وعدم ارتياح الساكنة للخدمات التي تقدمها مجموعة من الحافلات المستعملة، إضافة إلى عدم الالتزام بعدد من بنود دفتر التحملات الصريحة والواضحة.


الكاتب : جواد الكلخة

  

بتاريخ : 06/07/2018