حذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من مغبة عقد أي صفقات منفردة مع روسيا على حساب الحلفاء الغربيين للولايات المتحدة.
وكان ترامب، الذي سيجتمع في فنلندا غدا الاثنين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتهم ألمانيا قبل أيام بأنها “أسيرة” لروسيا بسبب اعتمادها عليها في إمدادات الطاقة.
ورحب ماس بالاجتماع المرتقب بين ترامب وبوتين والذي قال الرئيس الأمريكي إنه سيثير خلاله مسألة الحد من الأسلحة النووية.
وقال ماس لصحيفة بيلد ام زونتاج “قلنا دائما إننا بحاجة إلى الحوار مع روسيا. لذا فإن المحادثات بين واشنطن وموسكو أمر جيد”.
وأضاف “ستكون أيضا خطوة للأمام إذا منح هذا
الاجتماع أيضا قوة دافعة لنزع السلاح النووي”.
لكن وزير الخارجية الألماني قال “من يسيء إلى شركائه يخاطر بخسارتهم في نهاية المطاف. الصفقات المنفردة على حساب الشركاء ستضر أيضا بالولايات المتحدة في النهاية”
نقاط الخلاف
– قد يتبادل الرئيسان الاميركي والروسي الاطراء في اول قمة تجمعهما الاثنين في هلسنكي، لكنهما يبقيان على طرفي نقيض في ملفات عدة بينها سوريا واوكرانيا وقضية التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الاميركية.
وفرضت واشنطن مجموعة من العقوبات على روسيا في السنوات الاخيرة وق ع ترامب شخصيا بعضها، على مضض، بعد توليه الرئاسة في 2017.
وفي ما يلي موجز للنقاط العالقة بين الزعيمين:
منذ بداية ولاية ترامب طغت على العلاقات بين البلدين مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الاميركية في 2016، وشكوك بحصول تواطؤ بين حملة الملياردير الاميركي والكرملين.
ونفت روسيا اي تدخل في الانتخابات. وشدد وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو على ان ترامب سيؤكد للرئيس الروسي في القمة بكل وضوح “ان التدخل في انتخاباتنا غير مقبول على الاطلاق”.
تتهم واشنطن مع حلفائها الغربيين موسكو بتقديم دعم عسكري للانفصاليين الموالين لروسيا الذين يقاتلون القوات الحكومية في شرق اوكرانيا، وهو ما تنفيه روسيا.
وامتنعت الولايات المتحدة طويلا عن امداد اوكرانيا باسلحة فتاكة خوفا من ان يؤدي ذلك الى تفاقم النزاع، الا انها وافقت في مارس الماضي على صفقة بيع صواريخ مضادة للدروع، ما اثار غضب روسيا.
وادلى ترامب بتصريحات ملتبسة حول امكانية اعتراف واشنطن بضم روسيا شبه جزيرة القرم الاوكرانية.
شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها في ابريل من العامين 2017 و2018 غارات على سوريا ردا على هجمات كيميائية مفترضة اتهمت قوات الرئيس السوري بشار الاسد بتنفيذها، ما اثار غضب موسكو.
تتبادل الولايات المتحدة وروسيا الاتهامات بخرق الاتفاقات الدولية حول نزع السلاح النووي.
ونددت موسكو بـ”الطابع الحربي” و”المناهض لروسيا” للسياسة النووية الاميركية الجديدة.
تعتبر موسكو سعي حلف شمال الاطلسي الى تعزيز دفاعاته الشرقية خطوة عدوانية تهدف الى محاصرة روسيا.
كذلك تبدي روسيا قلقها ازاء المخططات التي اطلقها الحلف في 2010 لبناء درع صاروخية اوروبية يتوقع ان تنجز في 2020 وان تنشر في رومانيا وبولندا.
من جهته هاجم ترامب الدول الاعضاء في الحلف مطالبا اياهم بزيادة الانفاق على الدفاع.
قرر ترامب احاديا الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع مع ايران الذي تم التوصل اليه بعد مفاوضات مطولة في 2015، وقرر اعادة فرض عقوبات على طهران ما اثار صدمة روسيا والغرب.
ودعت روسيا، التي تقيم علاقات وثيقة مع كل من سوريا وايران، الدول الاوروبية الى “دفاع مشترك عن مصالحها” في الاتفاق.
رحبت روسيا بالقمة التي عقدت بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون في 12 يونيو في سنغافورة حيث وقعا اعلانا مشتركا من دون تحقيق اي اختراق ملموس حول الانشطة النووية لبيونغ يانغ.
وبعد القمة اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لوكالة ريا نوفوستي “نأمل ان يبدأ (ترامب) عملية خفض التوتر”.
انضمت الولايات المتحدة هذا العام الى موجة طرد دبلوماسيين من روسيا شملت دولا عدة على خلفية تسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا.
رفعت روسيا مطلع يوليو الجاري الرسوم الجمركية على السلع الاميركية المستوردة ردا على زيادة الولايات المتحدة رسومها على استيراد الصلب والالمنيوم من روسيا وغيرها، في اطار نزاع تجاري عالمي.
توجيه الاتهام لضباط روس
إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يميل لطرح قضية التدخل في الانتخابات بشكل عابر في لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم أمس الاثنين فإن اتهام 12 من ضباط المخابرات الروسية بالتسلل الالكتروني في 2016 يجعل هذه المهمة أصعب بكثير.
فقد اتهمت هيئة محلفين اتحادية كبرى يوم الجمعة ضباط وكالة المخابرات العسكرية الروسية (جي.آر.يو) بمراقبة أجهزة كمبيوتر سرا وسرقة بيانات من حملة مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون التي كانت تنافس ترامب في انتخابات الرئاسة.
وسلطت الاتهامات ضوءا أقوى على أسلوب ترامب مع التعامل مع بوتين الذي سبق أن نفى بذل أي جهد للتدخل في الانتخابات الأمريكية التي فاز بها ترامب مرشح الحزب الجمهوري على غير المتوقع.
ووصف ترامب التحقيق فيما إذا كانت حملته الانتخابية تواطأت مع موسكو بأنها حملة اضطهاد ظالمة وأبدى استعدادا للتعامل مع نظيره الروسي وأشار مرارا إلى نفي بوتين رئيس المخابرات الروسية السابق لمثل هذه التصرفات.
وقال جيفري مانكوف الخبير في الشأن الروسي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن “ربما أصبح لدى ترامب مجال أصغر للمناورة إذا كان يريد أن يهون من الأمر أو يتظاهر بأنه ليس حقيقيا”.
وقد قال ترامب إنه يعتزم إثارة القضية. وعندما سئل الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحفي في بريطانيا يوم الجمعة عما إذا كان سيطلب من بوتين عدم التدخل في الانتخابات الأمريكية قال “نعم”.
لكن الرئيس أشار إلى أنه لا يتوقع تحقيق تقدم كبير في هذا الأمر. * “لا تأثير على الاجتماع”
قال منتقدون إن الشك يخامرهم أن يطرح ترامب المسألة للبحث على الإطلاق رغم الاتهامات الرسمية التي وجهت للضباط الروس.
وقال ند برايس المتحدث السابق باسم مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما “رغم أنباء اليوم فمن الممكن أن نتوقع أن يطرح ترامب موضوع هجوم بوتين على ديمقراطيتنا بطريقة عابرة لمجرد أداء الواجب قبل أن يتقبل، أو حتى على الأقل يزعم أنه تقبل، نفي بوتين بمعناه الظاهري”.
وحث نواب ديمقراطيون ترامب على إلغاء القمة التي سيعقدها مع بوتين. وسيتوجه الرئيس الأمريكي من منتجع ملاعب الجولف الذي يملكه في اسكتلندا اليوم الأحد إلى هلسنكي حيث من المقرر أن تعقد القمة.
وقال جاريت ماركيز المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي إن توجيه الاتهامات للضباط الروس “ليس له تأثير على لقاء يوم الاثنين”.
غير أن القمة ومدى تشديد ترامب على التدخل في الانتخابات قد يسلطان الضوء على هوة تفصل بينه وبين مستشاريه وكذلك بينه وبين غيرهم من الجمهوريين حول مدى خطورة الأنشطة الروسية.
وقد كان وزير الدفاع جيم ماتيس ومستشار الأمن القومي جون بولتون، على الأقل قبل دخول البيت الأبيض، أكثر انتقادا لموسكو من الرئيس. كما أن سياسة الإدارة الأمريكية عموما أكثر تشددا من العبارات التي يستخدمها ترامب الذي اقترح في الآونة الأخيرة إعادة موسكو إلى مجموعة السبع التي طردت منها منذ ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.
وقال مايكل ماكفول السفير الأمريكي السابق لدى روسيا في عهد أوباما “الإدارة تتبع سياسة جيدة جدا تجاه روسيا غير أن الرئيس لا يقرها. لا يمكنني أن أتذكر نقاشا دار حول السياسة الخارجية فيه هذا الانفصال بين الرئيس وكل شخص آخر في إدارته فعليا”. * الشركاء يراقبون الوضع
أدلي ترامب بدلوه في قرار الاتهام الذي صدر يوم السبت.
فقال في تغريدة على تويتر “القصص التي سمعتموها عن 12 روسيا أمس حدثت خلال إدارة أوباما وليس إدارة ترامب. فلماذا لم يفعلوا شيئا بشأنها خاصة عندما تردد أن مكتب التحقيقات الاتحادي أخطر الرئيس أوباما في سبتمبر (أيلول) بها قبل الانتخابات؟”
وكثيرا ما يحمل ترامب أوباما مسؤولية المشاكل التي تؤثر على رئاسته. وقد امتنع مرارا عن تحميل بوتين مسؤولية ضم شبه جزيرة القرم وأشار إلى أوباما قائلا إنه سمح بحدوث ذلك خلال رئاسته.
ومن الممكن أن يستغل بوتين ذلك خلال القمة ويرفض أيضا الاتهامات الموجهة للضباط الروس.
وقال مانكوف من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن من الأمور التي يمكن أن يستغلها بوتين أيضا اعتقاد ترامب بوجود “دولة عميقة” مكونة من شبكة من مسؤولي الحكومة والمخابرات كانت تتصرف للإضرار به ويستغل الإعلان عن توجيه الاتهامات للضباط الروس للعب على ارتياب ترامب في التحقيق في انتخابات 2016.
وسيتابع شركاء الولايات المتحدة القمة لمعرفة ما إذا كان ترامب سيطرح مسألة التدخل في الانتخابات بقوة.
وقال دبلوماسي أمريكي مشترطا عدم نشر اسمه “ستكون للكلمات أهميتها خاصة إذا تساهل مع بوتين بعد هذه الاتهامات الرسمية. فهذا سيهز الحلفاء. غير أن أسوأ التصورات، على الأقل من وجهة نظرنا، أن يأمرنا بعد القمة بالاتيان بتصرفات قد تهدم ثقة حلفائنا في حلف شمال الأطلسي وفيما إذا كنا لا نزال ندعمهم فيما يخص روسيا”.