قال إن الأمر يتعلق بمؤشر آخر للثقافة البرلمانية الجديدة التي يتم إرساؤها
بمنطق الأرقام والنسب والنوع، المنسجم مع روح الدستور في أبعاده الإصلاحية وتمثلاته المؤسساتية في الرقابة والتشريع، والتوجه بالعمل المؤسساتي للمستقبل في العلاقة التفاعلية مع الدولة والمجتمع، استعرض رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، أول أمس الثلاثاء، حصيلة الدورة الثانية من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحالية، وقال في منطلق كلمته إن هذا التفاعل هو اختيار وضرورة لأن دِينَاميات المجتمع بكل أبعادها، يَنْبَغي أن تجد صَدَاها في المؤسسات المنتخبة، وفي مقدمتها البرلمان، مسجلا أهمية الحوارٍ والتداولٍ المُؤسساتيٍ بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بِقَصْدِ إيجادِ الحلولِ للمشاكل والتوافقِ على الـمَخَارِج السياسية والاقتصادية والتدبيرية، العملية والواقعية، بِمَا يُلَبِّي حاجيات المجتمع ومَطَالِبِه. مؤكدا أنه «وتنفيذاً لتعليمات جلالة الملك محمد السادس أعزه الله في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة، شرع المجلس في إعداد مساهمته بشأن النموذج التنموي الجديد الذي ينبغي لبلادنا اعتماده، والذي كان موضوع توجيه ملكي إلى الحكومة والبرلمان كَيْ يُعِدَّ، كلٌّ في مجال اختصاصاته، رؤية في هذا الشأن».
وقدم الحبيب المالكي في الجلسة الختامية التي أتت بعد جلسة تشريعية تمت فيها المصادقة على مجموعة من القوانين الجاهزة والاتفاقيات، حصيلة مجلس النواب في العمل الرقابي الذي شهدت جلساته الشفوية المتعلقة بالسياسة العامة، نقاشا هم قضايا تتسم بالراهنية وتستأثر باهتمام الرأي العام، من قبيل مستجدات قضية الوحدة الترابية، وصيانة حقوق الإنسان على النحو الذي يرسخ حقوق المواطنة الكاملة ويكفل كرامة المواطن. كما تميزت الجلسات العمومية المخصصة للأسئلة القطاعية في الدورة التي ودعناها، أول أمس الثلاثاء، بنفس التوجه الرامي إلى تكريس ثقافة الحوار والاقتراح والبحث عن الحلول للقضايا القطاعية، الاقتصادية، والمالية والاجتماعية والثقافية وعلاقات المغرب الخارجية. وذكر الحبيب المالكي في هذا الإطار، وبالأرقام، بعدد الأسئلة التي أجاب عنها رئيس الحكومة في الجلسات المخصصة للسياسات العامة. كما ذكر، من موقعه المؤسساتي، بعمل اللجن النيابية، سواء المتعلقة بدراسة النصوص التشريعية أو بالمهام الاستطلاعية، عاملة بذلك على إصدار تقارير ووضع توصيات واقتراحِ مَخَارجِ وبدائل. وفي هذا السياق أشار المالكي إلى كافة التعهدات التي أحدث المجلس آلية لجردها وتوثيقها، حيث بلغ عدد هذه التعهدات التي راسل المجلس الحكومة بشأنها برسم الدورة الحالية، 53 تعهداً مقابل 95 خلال دورة أكتوبر ليصل العدد الإجمالي للتعهدات المرصودة برسم السنة التشريعية إلى 148 ردت الحكومة على 32 منها.
وفضلا عن المناقشة في الجلسة العامة التي ساهمت فيها الفرق والمجموعة النيابية، اعتمد المجلس بناء على اقتراح من اللجنة المعنية، عددا من التوصيات وافقت الحكومة على أغلبيتها، وأكد المالكي في هذا الصدد أن هذا المنحى يكَرِّسُ منهجية التوافق والتجاوب، ويجسد قيمة الحوار حول قضايا مركزية في التنمية، ومِمَّا يكرسُ توجه المجلس إلى الاستثمار الأمثل لتقارير المؤسسات الدستورية، ومنها بالطبع المجلس الأعلى للحسابات، من أجل اقتراح ما يُجَوِّدُ حكامة الـمَرْفَقِ العام وما يجعلُ الإنفاقَ العمومي مُنتِجاً للأَثَرِ الإيجابي على حياة المواطنات والمواطنين.
وفي باب التشريع، سجل المالكي أهمية النصوص المصادَقِ عليها، كما هو الحال بالنسبة لمشروع القانون المتعلق ببنك المغرب ومشروع القانون المتعلق بإحداث المقاولات بطريقة الكترونية ومواكبتها، ومشروع القانون المتعلق بمؤسسة الوسيط وذَاكَ المتعلق بمدونة التجارة وغيرها. ويتعلق الأمر بنصوص تَكْفَلُ التأطيرَ القانوني لعصرنةِ الاقتصاد والخدمات والنظام النقدي الوطني وتَسْتَشْرفُ مستقبلَ قطاعاتٍ واعدةٍ ومفتوحةٍ على العالم. وفي هذا الجانب ركز رئيس مجلس النواب على أهمية المبادرة التشريعية التي يضعها مجلس النواب في صلب الأوراش التي يعمل على تنفيذها كما أطلق المجلس عملية التقييم الرابعة، استنادا إلى ما أكده جلالة الملك محمد السادس في الرسالة التي وجهها جلالته يوم 18 يوليوز 2018 إلى المشاركين في اليوم الوطني حول التعليم الأولي أن « إصلاح قطاع التربية والتكوين، وفي مقدمته التعليم الأولي، يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للأجيال القادمة. لأن أطفال اليوم، هم رجال الغد» مشددا جلالته على أن» هذا الورش الوطني الكبير يقتضي الانخراط الواسع والمسؤول للجميـع، من أجل كسب هذا الرهان، وتحقيق أهدافه، داخل الآجال المحددة». وأضاف المالكي أنه تفعيلاً لمقتضيات الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، والقانونين التنظيميين بشأن العرائض والملتمسات من أجل التشريع تم تشكيل اللجنة المكلفة بالعرائض والملتمسات، فيما يتم إعداد القاعدة والنظام المعلوماتيين الخاصين بتدبير عرائض المواطنات والمواطنات وملتمساتهم من أجل التشريع، ضماناً لتدبيرٍ شفافٍ لهذه المبادرات المواطنة. واعتبر المالكي المجتمع المدني، شريكاً أساسياً في إِعْمالِ هذه الصيغة الراقية من المشاركة في تدبير الشأن العام، وفي اقتراح التشريع وفي تأطيرِ مطالبِ المواطناتِ والمواطنين في صيغة عرائض.
واردف المالكي أن اللجان النيابية واصلت الاشتغال بدينامية أسْرَعَ وأنجعَ، ليس فقط في الشَّقِ التشريعي، ولكن أيضا، وبالأساس في ممارسة الاختصاص الرقابي، إذ إن من بين 90 اجتماعاً عقدتها برسم هذه الدورة، تم تخصيص 45 اجتماعاً للعمل الرقابي ومساءلة الوزراء والاستماع إلى بياناتهم حول قضايا مركزية تتسم بالراهنية من قبيل القضية الوطنية، وترسيخ حقوق الإنسان وصيانتها والتربية والتكوين والتعليم، والتشغيل وخدمات الماء والكهرباء والتنمية القروية والتغطية الاجتماعية وأوضاع المقاولة الوطنية وقضايا مغاربة العالم. مسجلا أنه ولأول مرة يحدث توازن بين الأعمال الرقابية والأعمال التشريعية للجان وهو مؤشر آخر للثقافة البرلمانية الجديدة التي يتم إرساؤها. مذكرا بمواصلة مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بالمساواة والمناصفة لأعمالها، ومراكمتها للعديد من الاقتراحات والتوصيات التي ستكون، بدون شك، جد مفيدة في اعتماد التشريعات والتدابير والسياسات العمومية لبلوغ هدف المساواة والمناصفة وإعطائها مضمونا عمليا.
ونوه المالكي بتجاوب السلطة التنفيدية مع عدد من المقترحات، وبفاعلية بعض أعضائها، كما سجل اعتزاز المجلس بالدبلوماسية البرلمانية، وإعمالَ الرؤية الجديدة في مجال العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وما كرسه المجلس من مقاربات الترصيد والحضور والاستباق والمأسسة والتأطير القانوني لعلاقاتنا الثنائية مع البرلمانات الوطنية والانتقال من الظرفي إلى المُمَأْسَسِ المستدامِ، مستحضرا في هذا الصدد كافة الأنشطة من منتديات دولية وقمم عرفها المجلس خلال هذه الدورة، وكذا التوقيع على اتفاقيات همت المجال التنسيقي مع مختلف الشركاء.
يذكر أن الدورة الثانية من السنة التشريعية الثانية اختتمت، أول أمس الثلاثاء 24 يوليوز 2018، بحصيلة نوعية، تشريعيا ورقابيا، ففي الشق الرقابي بلغ عدد الأسئلة الشفهية التي أجابت عنها الحكومة 325 سؤالا خلال 21 جلسة أسبوعية. كما عرفت الدورة عقد 6 جلسات شهرية لمساءلة رئيس الحكومة تم خلالها توجيه 57 سؤالا همت 12 محورا متعلقا بمواضيع السياسة العامة
وفي شق الأسئلة الكتابية أجابت الحكومة عن 1351 سؤلا من المجلسين في دورة أبريل 2018 ليرتفع عدد الأسئلة الكتابية المجاب عنها إلى4631 سؤالا من أصل 8669 (بما يمثل 53.42 % )، وبخصوص الطلبات المقدمة للتحدث في موضوع عام وطارئ يشغل الرأي، أبدت الحكومة استعدادها للإجابة عن 17 طلبا تمت برمجت 15 منها، مما يشكل ارتفاعا بثلاث مرات مقارنة مع دورة أبريل 2017.
وعلى مستوى طلبات عقد اللجن لدراسة القضايا الراهنة، فقد استجابت الحكومة ل 30 طلبا من أصل 78 طلبا.
كما تم التفاعل مع 3 طلبات حول القيام بمهام استطلاعية، وشملت قضايا متعددة منها ملف أسعار المحروقات، وحصل تقدم دال في تتبع التعهدات المعلنة من طرف أعضاء الحكومة أثناء أشغال البرلمان والتي بلغت 54 إلى غاية 12 يوليوز 2018.
وفي الجانب التشريعي بلغ عدد مشاريع القوانين المودعة بالبرلمان إلى غاية اختتام الدورة الثانية ما مجموعه 135 مشروع قانون (10 مشاريع قوانين تم ايداعها في دورة أبريل 2018) وبلغ عدد مشاريع القوانين التي تمت المصادقة عليها بصفة نهائية من طرف البرلمان 94 نصا تشريعيا كما تمت الموافقة على 13 قانونا يوافق بموجبه على اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف، ترمي إلى تقوية إشعاع المملكة وتعزيز مكانتها وتواجدها على مختلف الأصعدة وتمتين علاقاتها عبر العالم.
وبقي قيد الدرس بالبرلمان 41 مشروع قانون، من ضمنها 23 مشروع قانون وافق عليها أحد مجلسي البرلمان وتهم بالأساس القانون الأساسي لبنك المغرب، والقانون المؤسس المتعلق بالمساعدة على الإنجاب، مؤسسة الوسيط، التنظيم القضائي للمملكة، وإحداث المقاولات بطريقة إلكترونية ومدونة التجارة
وبخصوص مقترحات القوانين المودعة بمجلسي البرلمان، حرصت الحكومة على تفعيل المادة 23 من القانون التنظيمي المتعلق بأعضاء الحكومة والوضع القانوني لأعضائها بشأن تخصيص اجتماع شهري لدراسة مقترحات القوانين التي يتقدم بها أعضاء البرلمان من الأغلبية والمعارضة وتحديد موقف الحكومة في شأنها، وأبدت موقفها بشأن 49 مقترح قانون من أصل 124 مقترح قانون إلى غاية اختتام هذه الدورة.