انتخب سنة 1963 أول كاتب عام للنقابة الوطنية للصحافة باقتراح من الشهيد المهدي بنبركة
حلت يوم أمس، الثلاثاء 14 غشت 2018، الذكرى الأولى لرحيل الصحافي الوطني والروائي عبد الكريم غلاب.
ومما يسجله كشف سيرته الممتلئ بالإنجازات أنه انتخب، سنة 1963، أول كاتب عام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، باقتراح من الشهيد المهدي بن بركة، قبل أن تعمل آلة المخزن الطاحنة على اقتياده إلى السجن في 1969 بصفته مديرا لجريدة «العلم» بسبب مقال أراد فيه أن تكون السيادة للأمة!
وقد ولد عبد الكريم غلاب بفاس سنة 1919، وتلقى تعليمه الأول في المدارس الحرة، حيث ساهم في قراءة اللطيف بالقرويين بعد صدور الظهير البربري 16 ماي 1930، ثم في كلية القرويين ابتداء من سنة 1932، كما ساهم في المظاهرات لتفعيل مطالب الشعب المغربي لسنة 1934 وسجن سنة 1936.
وفي أكتوبر سنة 1937، التحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وساهم في تأسيس جمعية الطلبة العرب في كلية الآداب (سنة 1942)، وهناك سيتتلمذ على يد عميد الأدب العربي طه حسين، وخصوصا في سنة 1941.
بدأ نشاط الراحل عبد الكريم غلاب السياسي في القاهرة للتوعية بقضية المغرب واستقلاله في بداية الأربعينيات، حيث شارك مع زملائه المغاربة في تأسيس «رابطة الدفاع عن مراكش» سنة 1943؛ وهي الرابطة التي قدمت مذكرة إلى سفارات الحلفاء والحكومة المصرية تطالب فيها باستقلال المغرب في يناير 1944.
اختاره زملاؤه المغاربة والجزائريون والتونسيون أمينا عاما لمؤتمر المغرب العربي الذي عقد سنة 1947 وعنه نشأ مكتب المغرب العربي الذي قاد الكفاح في سبيل استقلال المغرب والجزائر وتونس.
ومما يسجله له التاريخ أنه ساهم بمصر في تحرير محمد بن عبد الكريم الخطابي في ماي 1947 من قبضة فرنسا وهو في طريقه من لارينيون) réunion La (إلى مارسليا بعد 21 سنة من الأسر مع ثلة من الزعماء: الحبيب بورقيبة، علال الفاسي، عبد الخالق الطريس.
عاد غلاب إلى المغرب في ديسمبر 1948 فترأس تحرير مجلة (رسالة المغرب) ، وعمل محررا في جريـــدة «العلم» حتى تم توقيفها بقرار من الإقامة العامة الفرنسية في ديسمبر 1952. ثم عين عضوا في اللجنة التنفيذية المؤقتة سنة 1952 مع عبد الرحيم بوعبيد، محمد الدويري، البشير بلعباس محمد القباج، مسعود الشيكر.
وفي 21 غشت 1953، تم اعتقاله ساعات بعد نفي محمد الخامس.
وبعد الاستقلال، تم تعيينه وزيرا مفوضا، وهي درجة دبلوماسية تخول صاحبها أن يصبح سفيرا، ومن هذا المنطلق كان عضوا مؤسسا لوزارة الخارجية المغربية بعد استقلال المغرب والتي كان على رأسها أمين عام حزب الاستقلال أحمد بلافريج.
لكن العمل الدبلوماسي لم يرق للراحل، فاستقال من منصبه وعاد إلى العمل في جريدة «العلم» كرئيس التحرير في يناير 1959، وفي السنة الموالية أصبح مديرا لها حتى 2004، وهي سنة استقالته.
وعلى امتداد أربعة عقود، انتخب الراحل الوطني الكبير عضوا في اللجنة التنفيذية لحزب «الميزان» سنة 1960، قبل أن يتم انتخابه كما أسلفنا أول كاتب عام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية.
في هذه الفترة تقريبا (1968) تقلد رئاسة اتحاد كتاب المغرب وتركها في سنة 1976. وفي العام الموالي انتخب عضوا في مجلس النواب عن سيدي البرنوصي بالدار البيضاء، قبل أن يعود إليه سنة 1993 ممثلا عن سلا.
تعرض الراحل للكثير من المحاكمات والمتابعات القضائية كصحافي صاحب قلم حر لا يهادن. وطيلة
مساره، لم ينس غلاب الأدب، حيث سبق له أن انتخب رئيسا لاتحاد كتاب المغرب (1968-1976) . كما تمكن من تأليف أكثر من 72 كتابا في الرواية والقصة والدراسات الأدبية والإسلامية والتاريخية والفكرية والعلوم السياسية والفقه الدستوري، إذ ترجم بعضها إلى الانجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والكطلانية والأردية.
وفاز الراحل بجائزة المغرب للكتاب ثلاث مرات عن رواياته «دفنا الماضي» سنة 1968، و»المعلم علي» سنة 1974، و»شروخ في المرايا» سنة 1994. كما فاز سنة 2016 بجائزة أكاديمية المملكة المغربية، وهي الجائزة الأولى في تاريخ هذه المؤسسة.
وبعدما قدم صاحب «دفنا الماضي» استقالته من جريدة «العلم» في عام 2004، عكف على تأليف أكثر من عشر مؤلفات.