هل عرفت الله حقا؟

قَرَّرْتُ الهِجْرَةَ مُنْفَرِداً،
لَنْ أَحْمِلَ ذاكِرَةً في قَلْبي،
تَسْأَلُني في الجَوِّ مُضيفاتُ الطَّيَرانِ بِدونِ مُجامَلَةٍ:
(مَنْ عائِلَتُكَ، اسْمُكَ، رَبُّكَ، دينُكَ، بُرْجُكَ؟)..
كانَ جَناحُ الطّائِرَةِ الظَّمْآنُ يَمُصُّ الغَيْمَةَ،
كانَ اللهُ قَريباً،
كُنْتُ بَعيداً،
كانَ حَنانُ مُضيفاتِ الطّيَرانِ يُوَبِّخُني:
(ما كانَ عَلَيْكَ لِتَغْتالَ الأَزْهارَ!)..
وقَبْلَ سُقوطِ الطّائرَةِ الوَرَقِيَّةِ في الحَقْلِ اسْتَيْقَظْتُ،
وكانَتْ أُمّي تَدْعوني للعَوْدَةِ قَبْلَ هُبوطِ اللَّيْلِ،
وكُنْتُ أَشُمُّ عُطورَ مُضيفاتٍ في قَلْبي!

هَلْ كُنَّ قَراصِنَةً أَمْ كُنَّ مَلائِكَةً؟
هَلْ كانَتْ طائِرَةً أَمْ فَخّاً داخِلَ ذاكِرَتي؟
ما زالَتْ أُمّي توقِظُني،
وأَقولُ لَها: لا بَأْسَ عَرَفْتُ اللهَ،
عَرَفْتُ اسْمي وطَريقي،
صِرْتُ قَريباً،
صارَ اللهُ الواحِدُ أَقْرَبَ،
مِتُّ أَخيراً،
في أَدْراجِ البَرْزَخِ كُنْتُ أَشُمُّ عُطورَ مُضيفاتٍ،
هَلْ أُخْبِرُهُنَّ بِأَنّي لَسْتُ عَميلاً أَوْ جاسوساً؟
لَسْتُ سِوى روحٍ تَرَكَتْ جَسَداً في الأَرْضِ،
وجاءَتْ عارِيَةً لِتَخِفَّ قَليلاً.


الكاتب : مصطفى ملح

  

بتاريخ : 07/09/2018