بعد شهرين من استدعاء ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ديزيري بونيس، سفيرة الأراضي المنخفضة في الرباط، بعد أن أظهرت لاهاي اهتماما مفرطا بالشأن الداخلي المغربي، يضع وزير خارجية هولندا، ستيف بلوك، سفيرة بلاده في موقف حرج جديد، بعد تقديمه تقريرا بخصوص الأحكام الصادرة في حق معتقلي الريف والعفو الملكي الصادر في حق بعضهم بمناسبة عيد الأضحى.
فقد استدعت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي قبل يومين ديزيري بونيس، سفيرة الأراضي المنخفضة في الرباط، على خلفية تقرير جديد لرئيس الدبلوماسية الهولندي تقدم به الأربعاء الماضي إلى الغرفة الثانية (مجلس النواب)، معلنا من خلاله تماديه في انتقاذ كيفية تعامل الرباط مع ملف «حراك الريف».
ووجد وزير خارجية هولندا، ستيف بلوك، نفسه مرغما على المثول أمام أعضاء لجنة الخارجية في البرلمان الهولندي من أجل الإجابة عن أسئلة تهم تطورات ملف «حراك الريف» غير آبه برد فعل نظيره ناصر بوريطة الذي اعتبر أن تعليقه على الملف أمر غير مقبول، لأنه شأن داخلي لا يمكنه أن يكون بتاتا موضوع نقاش ولا موضوع مباحثات مع دول أجنبية.
الأكيد أن وزير خارجية الأراضي المنخفضة وجد نفسه من جديد مجبرا، تحت ضغط سياسي، على الحضور إلى الغرفة الثانية الهولندية من أجل المثول أمام أعضاء لجنة الشؤون الخارجية، مما اعتبره تحيينا للمعطيات المتعلقة بملف معتقلي الريف، وهي معطيات تضمنها تقرير عمم بشكل واسع اعتبرت الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ما جاء فيه معطيات مرفوضة رفضا باتا ولا تستقيم مع روح التعاون والعلاقات الثنائية بين البلدين.
قد لا تعي خارجية الأراضي المنخفضة أن تصريحات من هذا النوع، التي لا تأخذ بعين الاعتبار 400 سنة من العلاقات بين البلدين والتعاون المستمر بينهما في مجال محاربة الإرهاب والاتجار الدولي في المخدرات، تؤثر سلباً على العلاقات بين لاهاي والرباط، فكلما ظهر بصيص أمل يساهم في إزالة الضبابية التي تطبع العلاقات بين البلدين وتفادي أزمة ديبلوماسية محتملة بين الطرفين يطفو على السطح تدخل لرئيس الديبلوماسية ستيف بلوك.
ويسعى هذا الأخير، حسب مصادر عليمة، من خلال حرصه على تقديم تقارير دورية حول الوضع المغربي داخل الغرفة الثانية (مجلس النواب)، أن يستجيب بشكل مستمر لضغط أعضاء لجنة الخارجية الذين أبانوا، لأهداف سياسوية، عن اهتمام زائد بالمغرب، استمالة للناخبين المغاربة من مناطق الريف متناسين ما يجري في المنطقة المتوسطية، آملا بذلك في أن يحافظ على حكومته الحالية.
والأكيد أن وزير خارجية هولندا، ستيف بلوك، الذي يشدد في تقريره على أن الأراضي المنخفضة هي البلد الوحيد في الفضاء الأوروبي الذي يتابع، عن كثب، تطورات ملف «حراك الريف» وتمثيليته الديبلوماسية في المغرب التقت بمحامي المعتقلين وحضرت المحاكمة، لم يتردد في أن يعبر للسفراء العرب الـ18 الذين التقاهم ومن بينهم المغرب على حرصه تعزيز التعاون في كافة المجالات وأنه يحاول تقديم مواقف متوازنة غير أنه أبان عن إخفاقه في ذلك لمرات عديدة.