شيع سكان العرائش، ظهر أول أمس الثلاثاء، في جنازة مهيبة، ابن المدينة البار، المناضل المرحوم مصطفى بنسالم، بحضور مشيج القرقري وجواد شفيق، عضوا المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى جانب أعضاء الكتابة الجهوية والكتابة الإقليمية لجهة الشمال وأعضاء من المجلس الوطني وبحضور المنتخبين الاتحاديين والمنتخبين من باقي الأحزاب السياسية والعديد من المسؤولين والفعاليات السياسية والحقوقية والجمعوية.
وبعد شيوع خبر فاجعة وفاة المناضل المرحوم مصطفى بنسالم نعاه صهره الدكتور مشيج القرقري، عضو المكتب السياسي قائلا: « إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك لمحزونون. انتقل إلى دار البقاء صباح هذا اليوم أخونا وصهرنا سي مصطفى بنسالم، داعين المولى عز وجل أن يتغمد روح الفقيد بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته ويلهمنا الصبر والسلوان . إنا لله وإنا إليه راجعون» .
من جهته نعاه مصطفى عجاب، عضو المكتب السياسي للحزب :» وداعا أخي مصطفى بنسالم، أصبحنا وأصبح الملك لله، لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله..وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون..في أول صباحات السنة الجديدة 1440 يغادرنا أخ وصديق عزيز، جمعتني به رفقة سنوات طوال، منذ أن كان يافعا في صفوف الشبيبة الاتحادية بالعرائش وإلى آخر لقاء به بمناسبة انعقاد المجلس الجهوي للحزب بالعرائش في منتصف ماي الماضي..في آخر لقاء كان مصطفى قد استعاد عافيته بعد صراع مع المرض اللعين، كانت معنوياته عالية، كان مرِحا مثل حاله دوما..ومنذ يومه اعتبرت أن دواعي سؤالي لمشيج عن حال مصطفى لم يعد له داعٍ ..لأن حال الرجل أغناني عن السؤال عنه..وها أنت يا مصطفى الرائع تغادرنا بلا وداع..لم نكن جاهزين لهذا الرزء الجلل يا أخي..لم يجل بالخاطر ان أعد لك مرثية بهذه السرعة..جمعتنا أنا وأنت بنوة الحاج مصطفى القرقري..بلِّغ روحه السلام وروحك في طريقها إلى العلياء لملاقاة روحه..وداعا مصطفى العزيز..وعلى روحك أزكى السلام…».
كما عبر عبد الرحمان العمراني عن حزنه حيث كتب : «وداعا مصطفى بنسالم، كان وقع النبأ قاسيا على النفس، الأخ مصطفى بنسالم يودعنا إلى دار البقاء، الرجل الكفؤ الدائب الحركة المنشرح على الدوام لا تفارق البسمة محياه، المناضل السياسي والإطار الإداري والفاعل الجمعوي، الكل في توليفة واحدة، يفارقنا إلى دار البقاء .
لم يعرف قلبه غير الحب للناس والانصات للبسطاء في استعداد تام للحوار، شغوف بالنقاش في القضايا العامة لا يتسابق على أخذ الكلمة، وحينما يأخذها كان بجديته وحسن عرضه للأفكار يفرض الاهتمام والاستماع ويحث على التفاعل مع ما يقول باقتناع وحماس .
التحق بالشبيبة الاتحادية في عزها وهو يافع في ثانوية محمد بن عبد الله بالعرائش في بداية الثمانينيات. وتحمل الملاحقة والاعتقال وهو لم يجتز بعد الباكالوريا بسبب أفكاره وانتمائه، لكنه، كأفراد جيله، صبر وتجلد .
وحينما انتقل للجامعة بفاس كان من أنشط أعضاء التنظيم الشبيبي والقطاع الطلابي، ترك مصطفى انطباعا جيدا عند المناضلين والمناضلات بفاس من كل القطاعات والأعمار، فطنة وذكاء وعطاء نضالي لا ينقطع، وبنفس ذلك الانشراح وروح التفاؤل اللذان ميزاه وهو تلميذ صغير.
حاضر في كل المحطات متعلم من كل المحن والتجارب، واقعي في المقاربة عندما يناقشك في قضايا الفعل والتغيير على الأرض، طموح في صياغة الأهداف والتطلعات لبلد هو المغرب، سكنه في عمق الأعماق .
حينما استقر به الحال في العرائش موظفا، في المدينة التي أحبها وأصبح أحد العارفين بكوابح التطور فيها، في الاقتصاد و في التعمير، لم يتوقف أبدا عن تقديم تصورات وبرامج العمل لتطوير نسيجها، وكان حاضرا في كل التوأمات التي ربطت المدينة بمدن أخرى أجنبية، خاصة في الجوار الإسباني. كان مصطفى بنسالم رحمه الله مبدعا في تنشيط علاقات التعاون اللامركزي وأحد أطرها الكفؤة في المغرب.
وكان أحسن عون لنا حينما أسسنا الشبكة المغربية للمدن المتعددة الثقافات سنة 2016، والتي تحمل ضمنها المسؤولية وعمل على توسيع نطاق العضوية فيها لتشمل عددا من مدن الشمال .
كنت أناقشه في أحوال المدينة، مدينة العرائش، وكيف تحولت من مدينة صغيرة إلى مدينة متوسطة في ظرف وجيز، دون بنيات استقبال مناسبة عدا التجهيزات الإدارية (مقر العمالة والمرافق الإدارية الأخرى )، وكيف أثر هذا على التركيبة السكانية والمزاج العام، وكان رحمه الله، مع موافقته على جل ما كنا نطرحه، يحذرنا من السقوط في حبال النوستالجيا (كان هذا تعبيره)، ويؤكد بحس سوسيولوجي سباق على أهمية المدينية الجديدة « la nouvelle citadinité» الآخذه في التولد في مغرب اليوم .
كانت آخر مرة التقيته فيها أسابيع قبل جنازة المرحوم عبد الإله النور، الذي كانت تربطه به علاقة جيل وشغف والتزام وحب مدينة .
وكنا أفضنا، كعادتنا حينما نلتقي، في أحاديث مطولة وذات شجون عن المدينة والسياسة والمعمار والأذواق، وهو ينتقل ببراعته المعهودة بين رصد الحال واستشراف المستقبل والآفاق.
رحم الله أخانا العزيز مصطفى بنسالم وأسكنه فسيح جناته وألهم زوجته الأخت نوال القرقري وكافة عائلته وأصهاره من عائلة القرقري، الحاجة و مشيج ونائل وأخواتهما كل باسمها، الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون. لترقد روحه في سلام «.
وكان المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد نعى المرحوم : «تلقى المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نبأ وفاة المناضل مصطفى بنسالم، الذي انتقل إلى عفو الله ورحمته، يوم الثلاثاء فاتح محرم الموافق ل11 شتنبر الجاري.
وينعي المكتب السياسي، باسم الاتحاديين والاتحاديات، المرحوم مصطفى بنسالم، صهر الدكتور مشيج القرقري، عضو المكتب السياسي، ويعد الفقيد من المناضلين الأوفياء لحزب الاتحاد الاشتراكي، حيث التحق به في سبعينيات القرن الماضي، وكان عضوا قياديا بالشبيبة الاتحادية ومناضلا في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بفاس، وأدى ضريبة النضال بالسجن لمدة ستة أشهر خلال انتفاضة يناير 1984، كما كان للراحل حضور بارز في كل المحطات السياسية والنقابية والجمعوية التي عرفها الاتحاد وطنيا ومحليا.
وتقلد الراحل العديد من المناصب الإدارية، حيث يعتبر واحدا من أحسن الأطر الإدارية كفاءة و ممارسة على الصعيد الوطني، إذ كان من مؤسسي الفعل الإداري بجهة طنجة تطوان، وشغل منصب مكلف بمهمة بالجهة، ليشغل لاحقا كاتبا عاما لجماعة العرائش، ثم مديرا للمصالح بها، إلى أن وافته المنية صباح الثلاثاء، وبهذه المناسبة الأليمة يتقدم المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بأحر تعازيه القلبية لأفراد أسرة بنسالم والقرقري، راجيا من العلي القدير أن يتغمد الفقيد برحمته وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.
اللهم اغفـر له وارحمه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيـرا من أهله، وقه فتنة القبر، وعذاب النار. إنا لله وإنا إليه راجعون».
جنازة مهيبة في توديع المناضل المرحوم مصطفى بنسالم بالعرائش
الكاتب : مصطفى الإدريسي
بتاريخ : 13/09/2018