عورة ثالثة

حتما سَأكونُ نَبّية
مَا أخبَرتنِي نَواتِي المُتَبَقِـيّة
و التِي أنبتها لله
شَجَرةَ حِنّاء تظَلّل قبر أمي
لَم يَكُن عَصِيًّا عَليّ أن أُرَدِّد
أني أحبك ، أحبك
كَمطَرٍ
نَزَحَ مِن غَيمَةَ صَيف
إلىَ ظَمإِ لِسَانِي
أرِيدُ أن أقُولَها
لكِن لَسعَة الصَّمت
أوّل مَا رَضَعت مِن ثَدي أمي النافر
كَزَنبَقةٍ خَجُولَة علَى وَجهِ المَاء
تعلمتها
وانا أراقص الحبوَ
مع ذيل ثوبِها الأسود
تَعلَّمتُهَا
قَبلَ أن تَنمُو لِي ضفيرَتَان
قَيًّدتَا سَفَر اللّيلِ علَى ظَهرِي
قَبلَ أن أفشَلَ
في إخفاء الرُّمّان النَّاضِج
علَى صَدرِي
تَعَلمّتُهَا
و أنَا أبَادِئُ الرَّسْم
علَى صَابُونِ الاستِحمَام
وعلَى ضَبَاب صورتي المُتدَليّة
كَماريونيت عَاريّة فَوقَ المِرآةِ
و حينَ يَشتد حنين البوح
ألَوّح بِهَا عاليا إلىَ الشَّمسِ
مع سِربِ العَصَافيرِ الهاربة
مِن برُودَة قِطَع الزَّلِيج
و كَي أثبِتِ نُبوءَتِي علَى الأرْض
أصبحَت الكِتابَة لغَةً ثَانِية
وشَمتهَا علَى قُصَاصَاتي
أخفَيتُهاَ
خَلفَ شَقِّ قَميصٍ يَسعَى إلَيك
و فِي كُلّ خَريفٍ
أرمِيهَا مَعَ خُصل شعري
كلما فَاضَ في مَوسِمهِ نهرُ قَريتِنا
النهر الذي لا مَحالَة
سَيسْكبهَا في سُرَّة البَحر
ليسمَعَها الغَرقَى و أرواحُ البَحَّارَةِ  المجهولين
الذيِنَ عَبثَت بِهِم عَاصِفَة مَجنُونَة
ذاتَ غَضَب
البَحَّارة الذين شَتَمُوا البحر بِعبَارَات بَذيئَة
حينَ تَذَمَّر و ابتَلعَ رسَائِل حَبيبَاتِهم الطويلة
و قَد أرمِيهَا من نافذةِ القِطار
لعلًّ الريّحِ تأخذُها
لِحقلِ مُزارِعٍ هولندي يرعَى التيُولِيب
كمَا يرعَى قدَمَي زَوجتِه الجَميلتَين
أحبك ..
علمَتنِي جدّتي أن أنسجَ لها جَوارِبَ صُوفيّة
أخبئهَا تَحتَ وِسادتِي كَتميمَة حَارسة
وعلّمتنِي أمي
أن اصُونها كعورَة ثالثَة
لكِن حينَ جاءت بكَ فراشات الحُلمِ
قصيدَةً هَاربَة مِن ديوانِ بابلو نيرودَا
كيفَ يمكِنُ الحديثُ عَنك
دونَ أن أغنِّي ؟


الكاتب : فدوى الزياني

  

بتاريخ : 05/05/2017