يبدو أن قرار إدارة الدورة السابعة للمهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة بالناظور بسحب صفة «الضيف الشرف» عن دولة هولندا كان له رد فعل فوري من الجهة المعنية هنا بالمغرب، ذلك أن ممثلية الدولة هنا، وهي سفارة هولندا، أبلغت في رسالة لها إلى إدارة المهرجان، حسب ما أكدته مصادر قريبة من الإدارة إلى « الاتحاد الاشتراكي»، بضرورة إرجاع الدعم المادي الممنوح إلى الدورة السابعة من هاته التظاهرة السينمائية – الحقوقية، والمحدد في حوالي 40 ألف أورو، وهو الامر الذي – تضيف المصادر – استجابت له وبادرت به الإدارة على الفور و بدون تردد بل وكان مقررا أن يحدث ذلك .. انسجاما مع المواقف الوطنية في هذا الاتجاه.
ويأتي هذا الحدث في سياق قرار إدارة المهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة بسحب صفة « ضيف شرف « الدورة السابعة عن هولاندا، بسبب العلاقة المتوترة والمستجدات الطارئة مؤخرا بين المغرب ودولة هولاندا، حيث كان عبد السلام بوطيب، مدير المهرجان ومركز الذاكرة المشتركة، قد أكد في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» قبيل انطلاق فعاليات الدورة «أن المغرب لن يقبل أن تعطى له دروس من أي كان، خاصة إذا تعلق الأمر بما هو داخلي وسيادي وطني، والمغرب – مضيفا- راكم تجربة كبيرة ومحترمة في طي صفحة الماضي من خلال تشكيل هيئة الانصاف و المصالحة التي اعتبرت تجربة رائدة في العالم»..، وبالتالي فقد ترتب عن هذا القرار إلغاء التقليد الذي دأب عليه المهرجان المتمثل في توجيه الدعوة لسفير الدولة ضيف الشرف، لإلقاء كلمة خلال افتتاح المهرجان، بينما يشارك مغاربة العالم من هولاند بالخصوص بكثافة من فنانين ومثقفين.. في هاته التظاهرة، مثلما تشارك فعاليات سينمائية هولندية من خلال الأفلام المدرجة في برنامج الدورة أو التواجد الفعلي في لجن التحكيم دون ملاحظة «حساسية» تذكر في هذا السياق.
هذا، وقد تواصلت أول أمس الاثنين فعاليات الدورة السابعة للمهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة بالناظور بعرض أفلام سينمائية دولية حملت « نفسا» إفريقيا خالصا، كما حملت نكهة دولية معطرة بإبدعات أوروبية و امريكولاتينة.. وكان، في سياق ذلك، رواد «الخيمة السينمائية» المقامة على ممشى منتزه بحيرة «مارتشيكا»أمام متعة سنيمائية حقيقية أتاحت لهم التعرف والاطلاع على مدارس إبداعية مختلفة في عالم الفن السابع.. وأول هاته المتع الفيلم الأوغندي القصير «رحمةّ» (20 دقيقة) للمخرج آلان مانزي الذي تناول في فيلمه هذا قصة «رحمة» الشابة المسلمة الأوغندية التي تناضل من أجل حقها في اختيار عشيقها بعد فترة زواج قسري.. وكذا الفيلم الكيني القصير الثاني من نوعه (chebetدقيقة 13) للمخرج طوني كروس، الذي استعرض حكاية امراة حامل تعيش في الجبال الكينية تقرر اتخاذ تدابير صارمة ضد زوجها السكير إذا ما ساورته فكرة الدخول إلى المنزل، وايضا الثالث، السينغالي الذي حمل عنوان « عبر الحواجز» (14 دقيقة) للمخر ج ندياغا ، استحضر قصة « موديو ثيام» الذي تقدم لطلب يد صديقته آوا نداي، لكن والديها يرفضان طلبه بحجة أنه ينتمي إلى طبقة اجتماعية متوسطة. عندئذ يقرر الحبيبان تنفيذ رغبتهما.
حصة الفيلم الوثائقي كانت حاضرة أيضا في هذا اليوم من خلال الفيلم الفرنسي « black indians» ( 94 دقيقة) للمخرجين جو بيراجير، ه. بولان و إ. بترويوه ، الذين يرصدون فيه شخصيات تنتمي إلى القبائل السوداء في احياء نيو أورايونز التي يقطنونها على هامش الكرنفال الرسمي بملابسها الرائعة والمزينة، والتي تستعد له لمدة سنة كاملة في إطار النضال من اجل حقوقها وانتمائها.. وكذلك من خلال الفيلم الإيطالي voci dal silenzio» (53 دقيقة) للمخرجين جوشوا واهلن واليسندرو سيديتا، اللذين تناولا فيه كيف ان شهادة « النساك» في إيطاليا تقدم العديد من الأفكار التي تحث على التفكير في الطبيعة البشرية وأخطار العالم المعاصر و العلاقات التي ينسجها الإنسان عموما مع لله..
كما أن حصة اليوم من الفيلم الروائي كانت غنية من حيث المقاربة السينمائية الإنسانية الرفيعة، وكان أولها الفيلم الجنوب الإفريقي FARWELL ELLA BELLA») 80 دقيقة) للمخرجة لوازي مفوسي» التي قاربت مفهوم التضحية من خلال «إيلا» التي ضحت بحياتها لعلاج والدها المدمن على الكحول بعدما تخلت عنها والدتها وهي طفلة صغيرة. و ثانيها الفيلم السلوفاكي « THE INTERPRETER» دقيقة113) للمخرج مارتان سوليك واستعرض فيه عثور بطل الفيلم علي أونجار البالغ من العمر 80 سنة على كتاب لأحد ضباط القوات الخاصة السابقين يصف نشاطاته ايام الحرب في سلوفاكيا . عندما يكتشف أنه هو من أعدم والديه وينطلق في رحلة البحث عنه للانتقام. وثالث الأفلام في هذا الصنف، الفيلم الشيلي « ..y de pronto el amanecer» (150 دقيقة) للمخرج سيلفيو كايوزي يحكي فيه قصة مؤلف مقالات حول المشاهير يعود إلى مسقط رأسه بعدما فر قبل 45 عاما لإنقاذ حياته. يحاول في هذا المكان تطوير قصص قابلة للبيع. ولأول مرة في حياته سيكون قادرا على تأليف رواية رائعة..
وقد توجت هذه العروض السينمائية المتنوعة والممتعة مساء بتنظيم حلقة من حلقات منتصف الليل، التي دأب مهرجان الناظور السينمائي على تنظيمها في دوارته السابقةن وكان «نجم» هاته الحلقة ، التي حضرها سينمائيون وضيوف المهرجان من مختلف الجنسيات، المخرج السينمائي المغربي أحمد بولان، الذي تحدث خلالها عن تجربته السينمائية الطويلة وعن ابرز المحطات فيها..
الدورة السابعة للمهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة بالناظور :أفلام وثائقية، قصيرة وراوئية طويلة تستحضر «الهم» الإنساني المشترك وأمل العيش في غد أفضل
الكاتب : جمال الملحاني تصوير: زليخة
بتاريخ : 10/10/2018