يوم» مشهود» في الاحتجاج بصم عليه الطلبة الجامعيون، المنحدرون من إقليم بنسليمان، يوم الأربعاء 17 أكتوبر الجاري، والذين يتابعون دراستهم بكليات المحمدية، حيث تقاطر منذ الصباح الباكر على الساحة المعروفة ب«ضاما» والمتواجدة بالشارع الرئيسي لمدينة بنسليمان، العشرات من الطلبة الجامعيين ذكورا وإناثا، وذلك من أجل المشاركة في الوقفة الاحتجاجية الثانية التي دعت إليها تنسيقية الطلبة المكلفة بتتبع ومواكبة مشاكل النقل الكثيرة التي يعاني منها الطلبة الجامعيون مع حافلات النقل .
انطلقت الاحتجاجات في الساعة الحادية عشرة صباحا رفع خلالها المحتجون، الذين قدر عددهم بما يزيد عن 200 طالب وطالبة، شعارات تندد بالوضعية الكارثية للنقل العمومي وبالمعاناة اليومية للطلبة التي تتسبب فيها الشركة المستفيدة من النقل الحضري وما بين الحضري والتي تقلهم لمتابعة دراستهم بالكليات المتواجدة بمدينة المحمدية، واستنكر المحتجون خلال الوقفة الاحتجاجية صمت المسؤولين وتجاهلهم لمطالبهم، وعدم التدخل لحل مشكل النقل الذي استمر لسنين طويلة. وشوهد إنزال أمني كثيف طوق مكان الوقفة الاحتجاجية بحضور مسؤولين أمنيين من مختلف المراتب والأجهزة ، بالإضافة إلى باشا المدينة وبعض ممثلي السلطات المحلية.
ولم يقتصر الطلبة المحتجون على تنظيم الوقفة الاحتجاجية، بل قاموا بمسيرة احتجاجية من ساحة «ضاما» في اتجاه مقر عمالة إقليم بنسليمان، بعد أن تم تقديم وعود لهم من طرف باشا المدينة بعقد جلسة حوار مع العامل، لكن خيبة أملهم كانت كبيرة، حيث لم يتمكن ممثلو الطلبة من مقابلة عامل الإقليم، بعدما تم تكليف الكاتب العام للعمالة بمحاورتهم، وهو الذي سبق له أن عقد معهم جلسة حوار لم تفض إلى أية نتيجة في الأسبوع الماضي، مما جعل ممثلي الطلبة ينسحبون، خاصة بعد أن واجههم الكاتب العام، حسب قول طلبة، بكلام غير مسؤول مفاده: «لي يبغى يجلس يجلس ولي ما بغاش يخرج عليا من هنا…»؟. كلام، بحسب بعض المحتجين، دفع بالطلبة الجامعيين إلى الاستمرار في الاحتجاج أمام مقر العمالة إلى حدود الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال مع تحديد موعد للعودة والتصعيد بالنضال والاحتجاج في الأيام المقبلة إلى حين تحقيق المطالب.
ومن بين المعاناة التي يتخبط فيها الطلبة الجامعيون إثر تنقلهم في حافلات الشركة المعنية من إقليم بنسليمان في اتجاه كليات المحمدية، والتي تتسبب لهم في عدة مشاكل ورفعها المحتجون كمطالب للسلطات المعنية، نجد «عدم احترام الشركة التي تستفيد من النقل الحضري وما بين الحضري لدفتر التحملات بشكل كبير»، وذلك يتجلى بالملموس، حسب بعض المتتبعين لمجال النقل العمومي، «في النقص الملحوظ في الحافلات الكبيرة والاقتصار فقط على الحافلات الصغيرة لنقل الطلبة والمواطنين والتي هي عبارة عن صناديق مهترئة يتم تكديس فيها الركاب في وضعية كارثية، تبدو فيها حياتهم وأرواحهم رخيصة ومعرضة للخطر في كل وقت وحين. بالإضافة إلى الوضعية المزرية لأسطول النقل المتهالك حيث الحالة الميكانيكية السيئة لجل الحافلات والتي أصبحت تشكل خطرا على حياة مستعمليها دون أن تتدخل الجهات المعنية بمراقبة الحالة المزرية لها». كما أن النقص الملحوظ في الحافلات خلق متاعب كبيرة للطلبة، حيث أن هذه الأخيرة غالبا لا تتوقف في محطات الوقوف بعد أن تمتلئ بالركاب من محطة الانطلاق، مما يفوت الفرصة على الطلبة والتلاميذ في متابعة الدروس في الوقت المحدد، وهذا يسري أيضا على المتواجدين منهم في الطريق ما بين مدينتي بنسليمان والمحمدية، رغم توفرهم على بطاقات الاشتراك، حيث يطالب المحتجون في هذا الصدد بتخصيص حافلات خاصة للطلبة أو تحديد المدة الزمنية الفاصلة بين مرور الحافلات في 5 أو 10 دقائق على أبعد تقدير خاصة في أوقات الذروة، مع جعل الحافلات تصل إلى كلية الآداب بالمحمدية، و وضع حد للتصرفات المستفزة تجاه الطالبات والطلبة والركاب بصفة عامة.
ويبدو، حسب بعض المتتبعين للنقل العمومي، أن الأيام القادمة ستعرف تصعيدا في الاحتجاجات من طرف الطلبة الجامعيين خاصة وأن المسؤولين لم يعيروا هذا الجانب أي اهتمام وواجهوا مطالبهم واحتجاجاتهم بنوع من اللامبالاة وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول غياب الصرامة في تطبيق القانون في ما يخص مشاكل النقل هذه التي عمرت لمدة تزيد عن عشر سنوات دون أن تلوح في الأفق بوادر طي هذا الملف؟، وهو وضع يستدعي من المسؤولين البحث عن بديل وخلق تنافسية ما بين أصحاب رخص النقل العمومي لتجويد الخدمات في هذا المجال، ومن ثم رفع الضرر عن مستعملي هذه الخطوط تفاديا للمزيد من الاحتقان.