هو في الحقيقة ليس نصا ، هو نصف نص، التقطته من فوق الكرسي الذي كان يحاذيني بالترام، شد انتباهي لأن من تركه فوق الكرسي تعمد أن يتركه، عنوان نص النص: كيف تسقط جثتك في النهر، وقد زين المقال بصورة لجسد مدهون بمادة لامعة، ربما الجسد يتماهى مع المقال ، أما الكاتب فاسمه غير موجود، لكن الورق الصقيل الذي كتب عليه «نص النص» يدل على أن المجلة التي اقتطع منها ، خليجية، لأنني وأنا أقلب الورقة قرأت اسم كاتب مغربي من خصائصه مدح أمير الكويت ، لأنه رجل كريم !!!!
لا يهم ذلك ، فقط أردت أن أعرفكم بمصدر نص النص، محتوى نص النص بدا لي غريبا، فنحن كمسلمين ، ندفن الجثث ، ولا نلقيها في النهر، لأن ديننا وهو دين يحتفي بالجسد ، لا يحب أن يرى جثتنا وهي تطفو عارية فوق الماء، جثتنا مأواها القبر ، لأنه من مزايا القبر أن تتمرن على العذاب إذا كنت مذنبا، أي أنك تؤدي عقوبتك داخله ، في انتظار أن تقوم القيامة ، لا أعرف لم الجسد في الحقيقة هو جسد ليس عربيا، لأن الصحفي العربي لا يمكن أن ينصح جسدا مسلما بالسقوط في النهر، ولأن المجلة الخليجية مؤمنة بالله وبأمير البلد ، الذي قبل أن يموت بنى لنفسه مقبرة ، مقبرة الأمير لا يمكن أن تحتوي قبرا لتعذيبه قبل يوم القيامة ، لأن الأمير يبني المساجد ويحج ويشتري السلاح لقتل الثائرين على عذاب القبر.
لا أعرف لماذا المجلة نشرت هذا المقال النشاز والدخيل، هل رئيس التحرير مسيحي ، مثلا ؟
لا أعرف، لأن نص النص فيه المقال على الوجه والكاتب المغربي على الظهر ، والذي اقتطع المقال أكيد ليس من تركه على المقعد، لأنني وجدت الورقة مضغوطة من جوانبها، وبها بقايا ملح، بمعنى أن الذي تركها كان قد استعملها ككيس يحمل بداخله شيئا للأكل، وهذا النوع من المجلات لا يمكن أن تجده سوى لدى بائعي الفواكه الجافة!
فعلا «نص النص» لم يكن سوى وسيلة من وسائل تعليب المأكولات ، والجثة التي تحدث عنها الكاتب هي جثة كافرة يجب أن تطفو فوق مياه النهر ، لأن صاحبها لن يجد من يضعه في القبر .
في نهاية خط الترامواي تدافعت الجثث كي تطفو فوق الماء المتدفق مالحا من المحيط الأطلسي.
النص
![](https://alittihad.info/wp-content/uploads/2018/05/عبد-العزيز-حاجوي-1.jpg)
الكاتب : عبد العزيز حاجوي
بتاريخ : 24/10/2018