شهد تراب الجماعة القروية تومليلين «إدوسكا أوفلا»، التابعة للنفوذ الترابي لإقليم تارودانت، نهاية الأسبوع قبل الماضي ، أحداثا غير مسبوقة، تمثلت في «اعتداءات» تعرض لها بعض أبناء المنطقة، ذنبهم الوحيد أنهم احتجوا على استباحة أراضيهم ب»أشجارها ومغروساتها» المعيشية البسيطة، و»مياهها» النادرة ، من قبل عدد من الرعاة الرحل. اعتداءات هزت الرأي العام الوطني عموما، بعد توثيقها في أشرطة فيديو تدوولت على نطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتناقلتها مواقع إلكترونية عديدة، الأمر الذي جعل عناصر الدرك الملكي، التابعة لمركز أيت عبد لله، بحكم النفوذ الترابي، تدخل على الخط لتباشر تحرياتها واستقصاءاتها بشأن الواقعة وملابساتها، حيث تم الاستماع للضحايا، الذين أدلى بعضهم بشهادات طبية، تباينت مدد العجز المحددة بها، نتيجة لخطورة الاعتداء المادي والمعنوي الذي كانوا عرضة له؟.
هذا وينبغي التذكير أن اعتداءات «تومليلين»، ليست الأولى من نوعها التي تشهد على حدوثها جغرافية إقليم تارودانت، ولكن العشرات من مثيلاتها سبق أن «هزت» رعونتها جماعات قروية أخرى، وكانت مدعاة لمراسلة مختلف الجهات المسؤولة، محليا ومركزيا، وتنظيم وقفات احتجاجية عديدة للفت الانتباه لخطورة ما يحدث.
وفي هذا السياق مازال الاعتداء الخطير الذي تعرض له أحد الرعاة بتراب جماعة تابيا – قيادة أيت عبد لله، في بحر السنة الفارطة «2017»، راسخا في الأذهان، بعد أن أسلم الروح لبارئها في المستشفى، حيث كانت إحدى الجمعيات المحلية «نكني دواركان أيت علي»، قد أصدرت ، حينها ، بيانا تضمن العديد من المعطيات المقلقة، كما يستشف من قراءة بعض سطوره :» عقدت الجمعية، بتعاون مع ساكنة جماعة تابيا، لقاء تشاوريا بعد وفاة المواطن الغدايش لحسن بن محمد، من دوار تيسلان، الذي سبق أن تعرض لاعتداء شنيع» من طرف بعض الرعاة «بالمنطقة يوم 3 يناير 2017، وهي الواقعة التي نتج عنها بتر يد المواطن المذكور»، ثم «وفاته المفجعة يوم الثلاثاء 7 مارس 2017 بعد معاناة في المستشفى دامت لعدة أسابيع»، مشيرا إلى أن «الجمعية سبق أن نبهت الجهات المسؤولة إلى تزايد خطر الرعي الجائر بالمنطقة، بتاريخ 15/12/2013، بعد أن تعرض السكان لهجوم من الرحل وصل إلى حد التطاول على ممتلكاتهم ومساكنهم والاعتداء على بعضهم اعتداء عنيفا نتج عنه ضرب وجرح، ومنهم المواطن بلعيد لهموش الذي وجه شكاية إلى السلطات مرفقة بشهادة طبية مدتها 20 يوما بتاريخ 05/02/2014»، كما «نظم السكان وقفة احتجاجية في نفس الفترة، غير أن هجمات الرعاة لم تتوقف رغم الشكايات المتتالية التي تم توجيهها إلى السلطات المحلية، والمقابلات التي تمت مع المسؤولين بهذا الصدد».
الوضعية ذاتها أضحت تعاني من «ويلاتها» ساكنة دواوير عديدة تابعة لجماعات ترابية محسوبة على إقليم اشتوكة أيت باها، جعلت جمعيات محلية تنظم – في مناسبات سالفة – وقفات احتجاجية أمام مقر العمالة دعت إلى أخذ» شكايات المتضررين على محمل الجد بعد أن ألحقت «جحافل الماشية» من إبل، أغنام، ماعز «أضرارا بليغة بالزراعات المختلفة وأشجار الأركان واللوز وغيرها، فضلا عن المس بالسلامة الجسدية للسكان واستباحة أعراضهم، وعدم احترام بعض الرحل للأعراف المحلية المتوارثة» تقول بيانات جمعوية.
وتفاديا للأسوأ، وفي اتصال ببعض أبناء الجماعة القروية «إيماون» بتارودانت، والتي سبق أن واجهت المشكلة ذاتها، السنة المنصرمة، أجمعت تصريحاتهم على ضرورة تدخل السلطات المعنية، كل جهة من منطلق مسؤوليتها، من «أجل إيجاد حل جذري لظاهرة الرعي الجائر»، والتي باتت ترتدي لبوس «الخطورة» غير القابلة للمماطلة أو الالتفاف، والعمل، بالتالي، على «ضمان حماية مصالح السكان وصيانة ممتلكاتهم من الإتلاف والاعتداء»، علما بأن الساكنة المتضررة، عبرت أكثر من مرة، عن استعدادها «للدفاع عن حقوقها وحماية ممتلكاتها، بكافة الطرق السلمية والقانونية»، بما في ذلك نقل ساحة «معارك نضالية» قادمة إلى العاصمة الرباط، تضيف مصادر جمعوية، مؤكدة أن إعمال القانون بشكل منصف وعادل يقتضي «الحرص على حفظ حقوق جميع الأطراف، في منأى عن أية مظلة، «نفوذية» كانت أو «ثرائية»، والتي تتنافى مع ما تنص عليه بنود دستور فاتح يوليوز2011 ذات المرجعية القانونية المتعارف عليها دوليا.