دورة الراحل  قشبال  مهرجان يكرم الأشياخ و يزاوج بين الفرجة و النقاش الأكاديمي حول هذا الموروث الشعبي 

بشراكة مع جهة  الدار البيضاء-  سطات ودعم وزارة الثقافة :افتتاح فعاليات المهرجان الوطني الثامن  للوتار اليوم بسطات –  

تفتتح يومه الخميس فعاليات المهرجان الوطني الثامن للوتار – إيقاعات المغرب بمدينة سطات، و هي الدورة التي تحمل اسم الفنان الراحل قشبال، كما سيتم فيها تكريم رفيق دربه في عالم الفن الفنان  زروال، بالإضافة إلى الفنان عابدين الزرهوني، و ينشط فقرات هذه  الدورة الفنان المبدع محمد عاطر .
و ستتميز الدورة، أيضا، بتنظيم ندوة حول الثنائيات الفنية في الأغنية الشعبية المغربية من تأطير الأستاذة أحمد عيدون، حسن البحراوي و مصطفى بنسلطانة نموذج قشبل زروال، قرزز و محراش، السفاج و مهيول لهناوات وغيرهم. كما سيتم تنظيم  حفل توقيع كتاب « بلاغة  اللغة الدارجة و آفاق  التأويل « للباحث مصطفى بن سلطانة و قراءة الناقد محمد شويكة، مع تنظيم حفلات لصالح نزلاء سجون و إصلاحيات سطات، بنسليمان، ابن أحمد برشيد و المركز الجهوي للمسنين و الجمعية الخيرية بسطات بشراكة مع المندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج والمديرية الإقليمية  للثقافة.
المهرجان الوطني الثامن للوتار تنظمه جمعية المغرب العميق لحماية التراث بدعم من وزارة الثقافة  و الاتصال « قطاع  الثقافة «و بشراكة مع جهة الدارالبيضاء – سطات  و المجلس  الإقليمي  لسطات .
عبد الله الشخص، رئيس جمعية المغرب العميق لحماية التراث، أكد أنه آن الأوان لتتضافر الجهود مع مجموعة من الشركاء الذين نوجه لهم الشكر على دعمهم المتواصل و على رأسهم القطاعات الوصية على الثقافة من وزارة و منتخبين محليين و جهويين و مؤسسات ذات الصلة من أجل إنصاف هذا التراث الوازن و العمل على بعثه في وجدان الأجيال، عبر الاحتفاء به بتصورات مغايرة تتجاوز الاحتفالية التقليدية التي لا نلغي أهميتها إلى تطوير آليات العرض و تنويع أساليب العروض. فرغم أن الجمعية استطاعت بإمكانياتها الذاتية المتواضعة في  تمويل و تقديم أول عرض لسيمفونية لوتار من العيطة الحصباوية في فعاليات الدورة الأولى و عرض سيمفونية لوتار من الأطلس المتوسط و سيمفونية لوتار من تقديم شباب واعد في المجال خلال الدورة الثانية ايمانا منها بدور الجيل الصاعد في المواكبة و المحافظة على هذا التراث، الذي هو جزء من هويتنا، يقول عبد الله  الشخص، فالجمعية انصب اهتمامها، أيضا، على تفعيل و تطوير الندوة العلمية التي أصرت الجمعية على استمراريتها المحورية في فعاليات دورات المهرجان لإيماننا بأهمية المواكبة الأكاديمية لأي حدث ثقافي بالدراسة و المقاربة و توثيق أعمالها في أفق خلق تراكم علمي و أكاديمي وازن يؤسس لتقليد فكري يضمن توثيق كل ما ينجز حول هذا التراث الفني من مقاربات و دراسات عبر إشراك باحثين و مهتمين في المواضيع ذات الصلة بالمنجز الفني لآلة – لوتار- و ذلك من أجل توسيع قاعدة التلقي و التواصل و إغناء دائرة الاهتمام بهذا التراث المتميز من ذاكرتنا الفنية  و الثقافية الوطنية المغربية.
الكاتب العام لجمعية المغرب العميق لحماية التراث، ( ج.ك) أكد أن هذه الدورة ستتميز بحضور العديد من الأسماء الفنية الوازنة في هذا الحقل الفني الذي ينفرد به المغرب، وتكريم هرمين في هذا  المجال الفني، ويتعلق الأمر بالفنان زروال و عابدين الزرهوني، دورة الفقيد قشبال هي مناسبة للاهتمام بهذا التراث المغربي و إخراجه من دائرة التهميش، و يضيف (ج.ك) – أن المهرجان الوطني للوتار أصبح قبلة سنوية للمهتمين و النقاد و الفنانين من مختلف الأجيال، بالإضافة إلى الفرجة، إذ استطاعت جمعية المغرب العميق لحماية التراث أن تطور هذا المهرجان من دورة إلى أخرى و هذا ما تترجمه التراكمات المنجزة، كما استطاعت الجمعية صحبة شركائها أن تجعل من عاصمة الشاوية عاصمة لهذه الآلة الوترية التي ينفرد بها المغرب و قبلة للرواد و المواهب الشابة من مختلف المناطق و الأجيال.
منذ ثمانية أعوام دأبت جمعية المغرب العميق لحماية التراث على تنظيم هذا المهرجان و هو موعد سنوي من أجل إعادة الاعتبار لهذه الآلة التراثية ولروادها الذين حافظوا عليها و طوروها، و أيضاً مناسبة للحفر ومقاربة هذا الموضوع، من خلال الأبحاث و الدراسات التي يقدمها مختصون في هذا المجال، و تسليط الأضواء على هذه الآلة الوترية و ما يمكن أن تقدمه من إمكانات للانفتاح على عوالم أخرى من الإبداع المعاصر.
و عرف المهرجان تطوراً من سنة إلى أخرى، كما اتخذ  موقعه على مستوى الإشعاع الذي تخطى أرض الوطن من خلال المتابعة الإعلامية.
فبالإضافة إلى ما هو فرجوي من خلال استقطاب أسماء من مختلف المناطق المغربية الأشياخ و الشباب على حد سواء، يتم تكريم الفنانين الذين حافظوا على هذه الآلة  الوترية مثل الشيخ مولود أوهموش،  الذي عمل إلى جانب فنانين كبار، مثل الحاج مصطفى نعينيعة و المرحوم بوزكري عمران، محمد رويشة، محمد مغني ، تكريم ولد  قدور، قشبال، محمد عويسة، الذي أضاف الوتر الثالث إلى هذه الآلة  المغربية، الشيخ لكحل العربي الجزار و الشيخ ميلود الداهمو المنحدرين من أسفي و الشيخ أوهاشم  بوعزامة من الراشيدية و الفنان محمد  مغني و أستاذ  الفنان محمد رويشة، الشيخ باعروب و رفيقة  دربه الفنانة شريفة..، ومن الشاوية تم تكريم الفنان مصطفى ولد لبصير و الفنان مير المعزوزي  و الصانع التقليدي أحمد بوجمل و الباحث إدريس الكيسي و الثنائي قشبل  و زروال مرتين لكونهما  من رواد جيل تأسيس الثنائيات في المغرب…
على امتداد الدورات السابقة قارب مختصون و أكاديميون العديد من المواضيع المرتبطة بآلة لوتار التي تشكل هوية ينفرد بها المغرب سواء في  الموسيقى العربية أوالأمازيغية ..، مما يجعلنا حينما نستمع إلى آلة لوتار نتعرف على أننا في عمق المغرب نغماً و وجداناً، كما تساءل الباحثون، هل الطابع الصوتي الذي تلتقي فيه مع العديد من الآلات الوترية الإفريقية، أم هوالتنظيم المقامي، أم أن الأمر يعود لطريقة النقد بالريشة و الأصابع، وماذا لو كان الأمر يتعلق بترسب في ذاكرتنا من جمل موسيقية بعينها، منذ أن أسهمت التسجيلات الصوتية في ترسيخها داخل محيطنا السماعي، و الجواب أن هذه الآلة تنتمي إلى فصيلة الأعواد التقليدية المبثوثة في مختلف أنحاء المغرب، و رغم تنوع أحجامها تعتبر القاسم المشترك بين جهات المغرب، و كلمة لوتار نفسها نجدها في السهول الوسطى الأطلسية، و نجدها في الأطلس الأمازيغي، و في مناطق سوس و آيت باعمران ضمن فرق الروايس. كما أن لها امتدادات في الصحراء و جنوبها بما يثبت التقارب و التشابه مع آلات إفريقية زنجية، و حينما ننتقل من مجال الوصف و المقاربة، كما يشير الباحث أحمد عيدون تمنحنا المقاربة الوظيفية إمكانات تحليلية إضافية تمنح لهذه الآلة قيمة كبرى ليس فقط كمعلمة تراثية، بل كنافذة ممكنة على الإبداع المعاصر.
تخصيص  مهرجان للوتار هواحتفاء بهذا الموروث الثقافي بعدما تعرض و تعرضت معه الثقافة الشعبية لتهميش كبير لأسباب مختلفة و عديدة. و في إطار رد الاعتبار للهوية الثقافية الشعبية، بدأ الاهتمام بدراسة أشكال هذه الثقافة و ضمنها العيطة، و لأن هذا الشكل الغنائي ارتبط خلال مراحل تاريخية عبر تداوله و الإقبال عليه من طرف فئات اجتماعية بصمته بسمات سلبية، فالعيطة بالنسبة إليهم، هي النشاط و الشيخات كمفهوم قدحي، و رأى الباحث و الزجال ادريس بلعطار في إحدى ندوات  جمعية المغرب العميق لحماية التراث، أن هذا الشكل الغنائي الشعبي له جذور شعبية ترتبط بفئات من الحرفيين و البحارة و الرعاة وعامة الناس. إلا أن هذا الغناء تضرر بسبب ارتباطه في مرحلة بالقياد و المخزن، حيث تم تحريف مضامين متنوعة مثلا « دار السي عيسى گالوا خلات مقابل لمعاشات »، أصبحت دار السي عيسى كالو زهات.. وجاءت مرحلة لاحقة لرد الاعتبار لهذا الموروث الثقافي، خصوصاً على يد الراحل محمد البوحميدي الذي فتح الباب أمام مجموعة من الباحثين المغاربة و الأجانب لدراسة العيطة. و لعل من أهم الظروف لإعادة الاعتبار لهذا الغناء الشعبي، يقول ادريس بلعطار قراءته قراءة علمية لتحديد خصائصه و دلالاته الاجتماعية و التاريخية و الفنية.
الأستاذ عياد السبيعي الذي ساهم هو الآخر في إحدى ندوات جمعية المغرب العميق لحماية التراث، يقول إن الموسيقىهي مكون ثقافي يحمل تاريخاً إنسانياً، و هي تبلور حياة التربة على المستوى الحضاري. و لهذا يرى أن الموسيقى مكون طقوسي و أشكال تعبيرية تحافظ على المكون اللغوي. كما أن الطرب الحساني طرب ارتبط بفئات مجتمعية مزجت بين الموسيقى و الشعر، من خلال الهول و ازوات، مما يعكس تفاعل الانسان مع معطيات المجال.
الباحثون و الأ كاديميون الذين استضافتهم الجمعية  خلصوا إلى أن الوتار صناعة مغربية صرفة و لم تجلبها أية قبائل إلى المغرب، إذ كان لوتار تجسيدا للانتقال ممّا هو طبيعي إلى ما هو ثقافي، كما أن له علاقة مع التركيبة النفسية للقبائل المغربية في العهود الساحقة بما أنه كان يرتبط بإبعاد الشر، يقول الباحث عبد الكريم  الجويطي، لكن دخول الكمان جاء بعد احتكاك المغاربة بأتراك الجزائر، و كان سببا في تراجع “ شعبية ” الوتار، حيث يقول عبد الكريم الجويطي إنه “ لولا الأسواق الأسبوعية و مدينة خنيفرة لكنا نتحدث عن آلة منقرضة، فلوتار عاش في أواخر القرن 19 و بداية القرن 20 على إيقاع تراجع كبير وهوالعصر الذي يمكن أن نسميه بعصر الانحطاط.
أن يهتم شباب من المدن الهامشية بآلة لوتار أكثر الآلات الموسيقية بساطة و عمقا في نفس الآن، فهذا يجعل أصحاب فكرة تنظيم مهرجان خاص يكسبون الرهان، و كما وصفها الدكتور موليم العروسي فهي آلة بدوية و قروية بامتياز، إذ لا نعثر على آلة لوتار في الموسيقى الحضرية إلا لدى القليل من أجواق الملحون، و تدمج دائما بخجل في بعض اللحظات الخاصة جدا. لا أدري هل بإمكان مؤرخي الموسيقى أن يدلونا على زمن إدخال هذه الآلة في منظومة الموسيقى الملحونية – يقول موليم العروسي في ندوة سابقة بسطات – لذا ليس من السهل، و لا من اليسير، أن يقام مهرجان للوتار.
و كشف يقول : عندما تحدثت عن الكنبري في ندوة الثقافة الشعبية سنة 1981 بقاعة ابا حنيني بالرباط، لم يكن الحديث عن الثقافة الشعبية آنذاك متداولا بين الناس و المثقفين على السواء. بل كان المثقفون ينظرون إلى الثقافة الشعبية على أساس أنها تخلف وجملة ممارسات لا تليق بالمثقف الذي يريد أن يلج الحداثة.
ليست هذه الآراء مجرد تخمينات أو أشياء التقطتها من الشارع أو في تعاملي الانطباعي مع ما يقال، يرى لعروسي، بل هي مواقف موثقة و مكتوبة و دافع عنها الكثيرون و لمدة طويلة و لربما لازالوا يدافعون عن هكذا مواقف. و من بين أشهرهذه المواقف موقف عبد الله العروي في كتابه العرب و الفكر التاريخي و خصوصا الباب المعنون ب» المضمون القومي للثقافة «،69 إلى 76 . في هذا الكتاب  يرى موليم  العروسي، لا يعتبر عبد الله العروي الثقافة الشعبية و الثقافة الشفوية ممارسة جديرة بأن تحمل اسم ثقافة. بل أكثر من هذا يعتبر أن الباحثين من المغاربة الذين يهتمون بهذه المناحي من الفعلية البشرية عملاء للاستعمار يريدون أن تبقى بلداننا مرتبطة بتلك الممارسات المتخلفة حسب قوله.
لكن من أين يستقي عبد الله العروي مواقفه ؟ يتساءل العروسي، هل من منطلق فكري ماركسي كما كان يقول ؟ أم من موقف رجل مدني يعتبر أن الثقافة غير الحضرية و غير المكتوبة لاحظ لها في الوجود بل تجب محاربتها ؟ أم من موقف سياسي محدد ؟
و قد سبق للدكتور موليم العروسي أن نشر بحثا حول هذا الموضوع نشر في كتاب جماعي من نشر المركز الفرنسي للبحث الجامعي CNRS سنة 1988. لكن لابد من العودة إلى آراء هذا المؤرخ و التي طبعت مواقف أجيال كاملة « .
الموقف الأول، يقول الأستاذ موليم لعروسي ماركسي، يتبنى العروي الماركسية التي دأبنا على تسميتها بالستالينية، أي أنها تعتبر أنه ليس من الضروري الإصغاء للناس، بل و بما أن النخبة قد فهمت كل شيء، و خصوصا ما يخدم مصلحة الشعب، فإنه ليس من الضروري الاهتمام بكل ما يسمى الثقافة الشعبية و التي هي في الأساس، حسب هذا الفكر، خرافات لاعقلانية تعيق التقدم. من هنا وجب استبدال الشعب الثقافي بالشعب البروليتاري، أي جمهرة الناس التي تجمعها المصالح الاقتصادية أكثر من المشترك الروحي. و هذا الموقف هو نفسه الذي سوف تتبناه العروبية ( ما نسميه بالفكر القومي ) كفكر. خصوصا و أن العروبية تنزع إلى البحث عن المؤتلف أكثر من المختلف. و كل ما تعددت التعبيرات و الآراء كل ما كان هناك خطر الاختلاف الذي تفهمه هذه العقليات على أساس أنه تناقض قد يؤدي للانفجار.
أما الموقف المدني الحضري الذي يكره، كما قال ابن خلدون، الأعراب و يعتبر أنهم جاهلية يصعب ضبطها، و لا حل في هذا الباب إلا طمس حضارتها إن كانت لها حضارة، و هذا الموقف لا واعي و يتبناه غيره كثيرون من المدن و البوادي و الجبال، و خصوصا أولئك الذين يعيشون على المواءمة بين جذورهم البدوية و وضعياتهم الجديدة سواء أكانت ثقافية أو إدارية أو سياسية.
أما الموقف السياسي العقدي و يأتي من السلفية المغربية، التي اعتبرت أن كل ما ليس إسلاميا عربيا صرفا فهو يكاد يكون خارجا عن الملة. كل ما لا نجد له تبريرا في الدين أو العقل فهو ضرب من الجهل، و بما أن الموسيقى الشعبية المغربية مرتبطة أيما ارتباط بالمعتقدات السابقة على الإسلام فكان من الضروري أن تقف السلفية منها نفس الموقف.
هذا الموقف تبنته الحركة الوطنية و حاولت بواسطته أن تحارب الزوايا بدعوى موالاة المستعمر، و حاولت أن تمنع المواسم، وهي لا تعلم أن هذه المواقف وهابية، و أنها وصلت إلى المغرب في عهد المولى سليمان في مطلع القرن التاسع عشر، و أنها لم تجلب على المغرب إلا التخلف و الدمار الفكري و الروحي. هذه الأفكار تسللت للسلفية التي يسميها يساريونا اليوم بالمستنيرة. في حين نجد أن المهدي بنبركة كان له موقف مغاير تماما، إذ كان من المدافعين عن الثقافة الشعبية.
و أشار موليم العروسي إلى أن ندوة الثقافة الشعبية التي نظمت سنة 1981 سمحت بفك عقدة العروبي ( القروي) و أصبح يعبر عن رأيه، بل يأخذ الكلمة في المنابر و يتحدث بصوت عال. هل فعلنا شيئا حسنا أم أننا فعلنا قبحا ؟ و للجواب عن ذلك أعطى مثالين جعلاني – يقول – اليوم أعيد النظر فيما قلناه و ربما في الطريقة التي قلناه بها.
إذ الندوة كانت في مارس 1981 و في يونيو من نفس السنة، أي بعد ثلاثة أشهر بالتمام و الكمال سوف نسمع لأول مرة تعبيرا عروبيا ( بدويا ) لا يشرف العروبية يصدح داخل قبة البرلمان و هو يتوجه لبرلمانيي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية آش من شهيد ؟ شهيد كوميرة ؟، كان هذا تدخل وزير الداخلية آنذاك، وهو على ما يبدو من أصول بدوية و من سطات أو نواحيها بالضبط. كانت هذه أول خرجة كلامية للرجل بحيث لم نكن نسمع صوته في الإعلام. فهل فكت ندوة الثقافة الشعبية عقدة لسانه؟
و الجميع  يضيف – يعلم أنه بعد ذلك جمع  بين وزارتي الداخلية و الإعلام، و هي الفترة التي حارب فيها الفن العروبي الرائع و أطلق أيدي الرداءة العروبية في التلفزيون غناء و موسيقى و فكاهة، فهل فعلنا حسنا؟
و بخصوص عودة المكبوت الديني؛ يقول الدكتور موليم العروسي، إنه كنا في هذه الندوة تكلمنا أيضا عن التصوف و دافعنا عن هذا المكون الثقافي المغربي، خصوصا أنه كان من ضحايا السلفية و من ضحايا الحركة الوطنية أيضا، التي ورثت مواقف السلفية. و بما أننا ربطنا التصوف أيضا بالثقافة الشعبية، فإن الأمر فهم على أساس التدين المتوحش. فُكَّتْ عُقَدُ الطَّالْبْ ( ما نسميه بحامل القرءان )، هذا الصنف من حامل المعرفة المغربي و الذي كان الاستعمار قد هزمه و أظهر فشله في تدبير التعليم و الإدارة، بل و حتى السياسة في بداية الغزو الاستعماري للمغرب. عاد إذن ليعبر عن نفسه ثقافيا أولا بلباسه و مظهره التقليدي قبل أن يسيطر على الفضاء العمومي و يتسلل للسياسة خصوصا و أن بوادر انحسار اليسار كانت قد بدأت تظهر للعيان.
في هذا الاتجاه بدأ يرى المحاضر و منذ 1981 الاهتمام الثقافي بالثقافة الشعبية و تزايد خصوصا مع حكومة التناوب، التي كانت جل سياسييها و مثقفيها خصوصا من اليسار يدافعون عن الثقافة الشعبية».


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 22/11/2018