نظم مركز حقوق الناس بالمغرب بشراكة مع المرصد الجهوي للإعلام والتواصل بفاس وفيدرالية مراكز حقوق الإنسان بالعالم العربي والفضاء المغربي للحداثة والديمقراطية خلال الأسبوع الماضي حفلا تكريميا هاما بدعم من مؤسسة فريديريش نيومن للحرية.
وتأتي هذه المبادرة الطيبة في إطار الذكرى 19 لتأسيس مركز حقوق الناس بالمغرب والذكرى 70 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. وخلال هذا الحفل، الذي حضره جمهورغفير وعدد من المنابر الإعلامية، قدمت عروض حول الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة، وذلك من لدن أساتذة باحثين، كما تم تكريم الكاتب الصحافي عبد السلام الزروالي وإبراهيم أقديم، نائب رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله عميد كلية الآداب سايس فاس سابقا الذي يرجع له الفضل في تأسيس شعبة الإعلام والتواصل، والمعروف في الوسط الإعلامي بمقالاته العلمية التي نشرها وطنيا وعالميا، كما تم تكريم مجموعة من الحقوقيات والحقوقيين.
وفي شهادته بالمحتفى به الكاتب الصحافي عبد السلام الزروالي، استعرض الزميل محمد بوهلال، الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، العديد من المحطات في حياته المهنية، « فنحن- يقول بوهلال – نعتبره صحافيا مميزا رغم تحمله مسؤولية الشأن الإعلامي كمندوب لوزارة الإعلام ثم الاتصال بفاس، ولازالت أذكر أول لقاء لي به بمحطة إذاعة فاس في السبعينات، وكنت وقتها مسؤولا نقابيا وناشطا سياسيا في حزب الاتحاد الاشتراكي ومكلفا بالتنشيط التربوي بمؤسسة ابن طفيل، وقتها كان القمع مسلطا على المناضلين الاتحاديين، وكانت نيابة وزارة التعليم بفاس تشرف على برنامج تربوي تثقيفي تنشطه المؤسسات التعليمية ويبث على أمواج محطة فاس. وخلال تسجيل تلاميذ المؤسسة التي أعمل بها لفقرات البرنامج الذي أشرفت على إعداده، حاول بعض الموظفين المحسوبين على نيابة التعليم عرقلة فقرات البرنامج وإحباط الأطفال نفسيا، فاعترضت على ذلك، الشيء الذي عرضني للاستفزاز، ورفعت ضدي شكايات متعددة وتهم واهية، غير أن الزميل الزروالي أحبط تلك المحاولات رغم أنه لم تكن تربطني به أية علاقة تذكر، إلا إنه كان منسجما مع نفسه وصادقا في تصرفاته.
وبعد ذلك تعرفت عليه أكثر– يضيف – عند تأسيس نادي الصحافة ثم الفرع الجهوي للنقابة بفاس في الثمانينات، فكان مساندا لنا في كل أنشطتنا وجاعلا مكتبه ووسائل اشتغاله رهن إشارتنا، حتى أصبح فرعنا من أهم الفروع النشيطة على المستوي الوطني».
وأضاف الزميل بوهلال قائلا «إن ذ الزروالي كان يمد المساعدة لجميع الفعاليات بالمدينة، ولم يقتصر على مد المساعدة للإعلاميين فقط، بل كان مكتبة عبارة عن سوق عكاظ تناقش فيه القضايا الاجتماعية والسياسية والأدبية من طرف مثقفي وإعلاميي فاس، مما جعله يعد جائزة فاس للإعلام والثقافة والتي استمرت طيلة ثلاث سنوات، حيث كان يكرم فيها الأدباء والكتاب ويمنح جوائز نقدية للصحافيين الذين وفقوا في الإنتاجات الإعلامية، هذه الجائزة التي تبنتها وزارة الاتصال باقتراح منه.
وعندما عزمت على إصدار جريدة «صدى فاس» الجهوية سنة 1994، يقول الزميل بوهلال، لمواكبة كل ما تمور به فاس والجهة من قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية ورياضية وفنية وكذا قضايا الجماعات المحلية، استحسن فكرة إعلام القرب ودعمني للتغلب على المشاكل المادية، كما ساهم بقلمه في إشعاعها من خلال عموده الشهير»قبس من فكر» الذي كان يتناول فيه مواضيع متنوعة تلامس حياة المواطنين، ودعا خيرة الزملاء والمثقفين والفنانين للإسهام بكتاباتهم في المولود الإعلامي الجديد الذي أصبح نموذجا للإعلام الجهوي الجاد، وكانت لمساهماته الفكرية في مجلتي «الجواهر» و»البطحاء» تأثير كبير على الرأي العام.
ولم يكن اهتمامه مقتصرا على الإعلام المكتوب، بل ساهم أيضا مساهمة فعالة في إشعاع محطة إذاعة فاس الجهوية، حيث أعد وقدم مجموعة من البرامج الهادفة من بينها ملف الأسبوع، وكان له دور كبير إلى جانب الراحل الإذاعي عمر بلشهب في إنجاح مهرجان إبداعات موسيفى الشباب دورة الفنان الراحل عبد الرحيم السقاط سنة 1998 والذي كان تتويجا للمواهب الغنائية التي اكتشفها المبدع الراحل محمد الزموري.
وفي سنة 1985 لبي نداء الوطن وقبل أن يلتحق بصحرائنا المغربية ليعمل كمندوب جهوي للإعلام هناك، مفضلا هذه المهمة النبيلة على المنحة المالية السخية التي كانت تهبها الدولة للموظفين في إطار المغادرة الطوعية، واستطاع بفضل حنكته وتجربته أن يضع حدا للأجانب الذين ينتحلون صفة الصحافة ليحرضوا خصوم وحدتنا ليقوموا بمظاهرات وأفعال مناوئة ضد المغرب ووحدته الترابية في قلب العيون واسمارة وغيرهما من مناطقنا الصحراوية، ثم غادر الصحراء المغربية بعد ذلك سنة 2011 مخلفا أصداء طيبة ومكتسبا صداقات زملائنا الإعلاميين بالصحراء المغربية ليتم حياته الإدارية في الإدارة المركزية بالرباط، حيث أنجز بحوثا ميدانية وأشرف على إعداد المديريات الجهوية للاتصال.
انها جزء من كل من سيرته المهنية، وغيض من فيض وبعض المحطات في حياة رجل أحبه الجميع لم يأخذ بقدر ما أعطي، لأنه لم يرتد أية جبة سياسية، مفضلا الحياد والإخلاص والتفاني في العمل، وإن أنسي فأنني لن أنسي عمله الجليل وتقديم خزانة والده العلامة المرحوم محمد الحايكي الزروالي التي تضم آلاف الكتب والوثائق والمخطوطات الهامة إلى المكتبة الوطنية بالرباط ليستفيد منها الطلبة والباحثون..»
هذا، وألقى عبد السلام الزروالي كلمة مؤثرة نقتطف منها بعض الشذرات قائلا ..» كنت دائما أهرب من الوقوع في هذا الشرك كما أهرب من كشاف النوم وتوهجه، ولا ادعي تواضعا، ولكنني مثل الحيوان الذي ينزف، أفضل أن أختبئ بجرحي وآلامي.. وقد لامست باكرا سقوط الأحلام وعشت كل صدمات وخيبات جيلي وبين يدي سقطت الكثير من الأنصاب والتماثيل، وأمام عيني تهاوت قيم ولحق المسخ الكثير من الميادين التي تغنينا بها وكتبنا عنها ورددناها على الأرصفة وطاولات المقاهي.
ولست ولسنا منهزمين، ولكننا وقد ضيعنا الممكن فقدنا القدرة على مطاولة المستحيل وانطفأت فينا العواطف الجميلة وارتددنا إلى وعي شقي، فرأينا كيف بحث بعضنا عن خلاصه قي السبحة واللحية والمسجد وبعضنا الآخر في فقدان الجاذبية والانخراط في متاهات الحياة..»
في تكريم الكاتب الصحافي الأستاذ عبد السلام الزروالي: إعلامي منسجم مع نفسه وصادق في تصرفاته
الكاتب : فاس: مراسلة خاصة
بتاريخ : 17/12/2018