اتفاقات اليمن الهشة بحاجة لحماية وضغوط مجلس الأمن والدول الكبرى‮ ‬

‮ ‬يرى محللون أن الاتفاقات التي‮ ‬تم التوصل إليها في‮ ‬السويد حول اليمن هي‮ ‬الأهم منذ بداية الحرب لوضع البلد الفقير على سكة السلام،‮ ‬لكن تنفيذها على الأرض تعترضه صعوبات كبيرة‮.‬
ويشيرون الى أن دخولها حيز التنفيذ‮ ‬يتطلب ممارسة ضغوط كثيرة على الأطراف المتنازعة وصدور قرار عن مجلس الأمن الدولي‮ ‬يتبناها ويضفي‮ ‬عليها طابعا قانونيا‮.‬
وتقول الباحثة في‮ ‬معهد‮ “‬المجلس الأوروبي‮ ‬للعلاقات الخارجية‮” ‬كاميل لونز لوكالة فرانس برس‮ “‬لا‮ ‬يجب الإفراط في‮ ‬الحماسة‮. ‬علينا أن نتابع كيف سينفذ الانسحاب من الحديدة على الأرض‮ (…) ‬هذا الأمر قد‮ ‬يتحول إلى كابوس بالنسبة للأمم المتحدة‮”.‬
وتوص لت الحكومة اليمنية والمتمردون الحوثيون في‮ ‬السويد إلى اتفاق لسحب القوات المقاتلة من مدينة الحديدة على ساحل البحر الاحمر ومينائها الحيوي،‮ ‬ووقف إطلاق النار في‮ ‬المحافظة التي‮ ‬تشهد مواجهات على جبهات عدة‮.‬
كما ات فق طرفا النزاع على التفاهم حيال الوضع في‮ ‬مدينة تعز‮ (‬جنوب‮ ‬غرب‮) ‬التي‮ ‬تسيطر عليها القوات الحكومية ويحاصرها المتمردون،‮ ‬وعلى تبادل نحو‮ ‬15‮ ‬ألف أسير،‮ ‬وعقد جولة محادثات جديدة الشهر المقبل لوضع أطر لسلام‮ ‬ينهي‮ ‬الحرب المستمرة منذ‮ ‬2014‮.‬
ولم‮ ‬يسبق أن توصل أطراف النزاع إلى اتفاقات مماثلة في‮ ‬جولات محادثات سابقة‮. ‬وشك ل الإعلان عن التوصل الى اتفاق حول مدينة الحديدة في‮ ‬الساعات الاخيرة من المحادثات التي‮ ‬جرت في‮ ‬بلدة ريمبو،‮ ‬وهي‮ ‬الاولى منذ‮ ‬2016،‮ ‬مفاجأة للخبراء ولليمنيين الذين‮ ‬يعتمد ملايين منهم على ميناء مدينة الحديدة للبقاء على قيد الحياة‮.‬
وتقول لونز‮ “‬لم‮ ‬يتوقع المراقبون أن‮ ‬يتم التوصل إلى اتفاق‮” ‬حول الحديدة،‮ ‬معتبرة أن‮ ‬غريفيث حق ق‮ “‬إنجازا جيدا بوضع الطرفين حول طاولة والتوافق حول عدد من الاجراءات‮”.‬
وينص الاتفاق حول مدينة الحديدة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين منذ‮ ‬2014،‮ ‬على إعادة انتشار لقوات الطرفين وبالتالي‮ ‬على انسحاب للحوثيين من مدينة الحديدة،‮ ‬على أن‮ ‬يجري‮ ‬تسليم إدارتها إلى عناصر أمن محلية،‮ ‬بمساعدة من الأمم المتحدة‮. ‬وتم التوصل اليه بالتوافق،‮ ‬لكن لم‮ ‬يتم التوقيع عليه‮.‬
وترى المحللة اليمنية ندوى الدوسري‮ ‬أن‮ “‬الشيطان‮ ‬يكمن في‮ ‬التفاصيل‮”.‬
ولم‮ ‬يحدد الاتفاق العناصر المحلية التي‮ ‬ستتولى الأمن في‮ ‬المدينة،‮ ‬والتي‮ ‬قد تتشك ل من جهاز الشرطة‮. ‬كما لم‮ ‬يحد د موعدا رسميا لبدء التنفيذ،‮ ‬لكن مسؤولين في‮ ‬طرفي‮ ‬النزاع قالوا لوسائل إعلام‮ ‬يمنية ان وقف اطلاق النار‮ ‬يبدأ منتصف ليل الخميس والجمعة‮.‬
وفور الاعلان عن الاتفاقات،‮ ‬دعت‮ “‬مجموعة الأزمات الدولية‮” ‬مجلس الأمن‮ “‬لأن‮ ‬يستعد لأي‮ ‬احتمال‮”‬،‮ ‬معتبرة ان‮ “‬عليه أن‮ ‬يجه ز مسودة قرار جديد‮ ‬يهدف إلى وقف المعركة في‮ ‬مدينة الحديدة‮”.‬
ورأت أن صدور قرار مماثل سريعا‮ “‬سيساعد على تعزيز المكاسب التي‮ ‬تحق قت في‮ ‬السويد وسيمنع التدهور قبل جولة المحادثات المقبلة‮” ‬التي‮ ‬قد تعقد في‮ ‬أواخر‮ ‬يناير‮.‬
ومن المقرر أن‮ ‬يطلع مبعوث الأمم المتحدة الى اليمن مارتن‮ ‬غريفيث الجمعة مجلس الأمن على نتائج مفاوضات السويد‮.‬
وفي‮ ‬مؤشر على هشاشة الاتفاق،‮ ‬اندلعت اشتباكات في‮ ‬شرق الحديدة مساء الخميس،‮ ‬وسمع دوي‮ ‬أصوات المدافع والأسلحة الرشاشة لساعات قبل أن تتوقف تماما عند منتصف الليل،‮ ‬بحسب سكان‮.‬وات هم مسؤول في‮ ‬القوات الموالية للحكومة المتمردين بجلب تعزيزات إلى المدينة بعيد الاعلان عن الاتفاق،‮ ‬موضحا أن‮ “‬ست حافلات أجرة وصلت الى الحديدة وعلى متنها مقاتلون حوثيون‮”.‬
في‮ ‬المقابل،‮ ‬ات هم المتمردون مساء الخميس عبر قناة‮ “‬المسيرة‮” ‬المتحدثة باسمهم،‮ ‬التحالف الذي‮ ‬تقوده السعودية دعما للقوات الموالية للحكومة،‮ ‬بشن‮ ‬غارات على محافظة الحديدة،‮ ‬وبإطلاق قذائف على مواقع في‮ ‬شرق المدينة‮.‬
وترى الباحثة في‮ ‬شؤون الشرق الاوسط في‮ ‬معهد واشنطن دانا سترول أن مفاوضات السويد‮ “‬أوجدت فرصة لتحقيق تقدم،‮ ‬لكن الضغط على الأطراف‮ (‬النزاع‮) ‬ضروري‮ ‬لحماية المكتسبات ومنع هذا المسار الجديد من الانهيار‮”.‬
وتشدد أن على مجلس الأمن الدولي‮ “‬ترسيخ التقدم‮ (…) ‬عبر تبنيه‮” ‬في‮ ‬قرار‮.‬
وكانت القوات الموالية للحكومة تمك نت الشهر الماضي‮ ‬من دخول الحديدة من جهتيها الشرقية والجنوبية،‮ ‬مدعومة بطائرات التحالف العسكري‮ ‬وبنحو خمسة آلاف جندي‮ ‬إماراتي،‮ ‬بحسب أبوظبي،‮ ‬الشريك الرئيسي‮ ‬في‮ ‬التحالف والتي‮ ‬تقود الحملة العسكرية باتجاه ميناء الحديدة‮.‬
ورحبت الإمارات،‮ ‬إلى جانب السعودية والولايات المتحدة ودول أخرى،‮ ‬بالاتفاقات التي‮ ‬وصفتها الحكومة اليمنية المعترف بها بأنها الأهم منذ‮ ‬2014‮.‬
وكتب وزير الدولة الإماراتي‮ ‬للشؤون الخارجية أنور قرقاش على حسابه على‮ “‬تويتر‮”‬،‮ “‬الطريق لا تزال صعبة لكنه اختراق مهم سيجعل السلام ممكنا‮” ‬في‮ ‬بلد فقير قتل فيه نحو عشرة آلاف شخص منذ بدء عمليات التحالف في‮ ‬2015‮.‬
وتشك ك سترول في‮ ‬قدرة الأمم المتحدة وحدها على إرسال مراقبين سريعا للانتشار في‮ ‬ميناء الحديدة والمدينة ومنع الاتفاق من الانهيار‮.‬
وتقول إن على الدول الكبرى الآن‮ “‬تأكيد التزامها بوقف إطلاق النار عبر الاعتراف بأن أفضل وسيلة لتحقيق ذلك هي‮ ‬في‮ ‬منح الأمم المتحدة كل ما تحتاج إليه لتطبيق الاتفاق‮”.‬


بتاريخ : 19/12/2018