تدور موضوعات هذه المجموعة من القصص للكاتبة الاسبانية « كونشا لوبيث ساراسُّووَا» حول المغرب التي وضعت لها عنوان : « A vuelo de Pájaro sobre Marruecos» وتجمع الكاتبة ببلادنا آصرة المحبّة، ومشاعر الإعجاب ، كان قد مهّد لهذه المجموعة الأديب المغربي الصّديق المرحوم محمّد شقور، الذي كان مقيماً فى إسبانيا حتى وافاه الأجل المحتوم بها،وقدّم لها بالتحليل النقدي، والدراسة والتقييم الشاعر والناقد التشيلي الصّديق» سِرْخيُو مَاتيَاسْ» المقيم حالياً فى إسبانيا كذلك، ،أمّا غلاف المجموعة فهو من رسم معروف للفنّانة المغربية الرّاحلة مريم أمزيان تحت عنوان» نساء في حديقة القصر»التي ربطتني بها صداقة متينة خلال عملي بسفارة المغرب بمدريد ،وكان لي حظوة ترجمة إلى اللغة العربية التمهيد الذي تصدّر ألبوم مجموعات رسوماتها الرائعة حول المغرب ومنها الصّورة التي ازدان بها غلاف الكتاب الذي نحن بصدده،وكان هذا الكاطالوغ قد صدر بمناسبة معرض كبير كان قد أقيم أواسط الثمانينيات من القرن الفارط حول إبداعاتها التشكيلية فى رواقها الفنّي الخاص الكائن بشارع «سيرّانو» الرّاقي الشّهير رقم 5 بالعاصمة الإسبانية مدريد .
هذه الأقاصيص كما جاءت ترجمتها إلى اللغة العربية « على مدى تحليقِ طائرٍ فوق سماء المغرب» أو ( تحليق فوق سماء المغرب) تضمّ أربعة عشرة قصّة قصيرة تعالج برمّتها مواضيع مغربية صرف، وهي مستوحاة من صميم البيئة المغربية في المنزل، والشّارع،والزّقاق، والطريق، والغربة، والمهجر، والبادية،ومن الحياة اليومية المتواترة بشكل عام . وجاءت هذه القصص حسب ترتيبها في هذه المجموعة كما يلي: تسجيلات للرّيح، الزّائرة ، المتزوّجة حديثاً،الطفل والخيزران،الوداع، توقّف في الطريق ،شالّة ، شجرة برتقال في حديقة الوداية ،خلف أشجار الإوكاليبتوس،غرائب الحياة ،رحمة الله،الأحبّة، أحلام القصور،كطائر مهاجر، وقد سبق لي أن ترجمتُ أعمالاً قصصية لهذه الكاتبة إلى لغة الضّاد، منها قصّتها الرّائعة «توقّف في الطريق» التي وُضع لها في اللغة العربية عنوان « في الطريق إلي أرض الوطن « ،وكانت هذه القصّة قد فازت بالجائزة الأولى في مسابقة «الأندلس» الأدبية.
مشاعر مُترفة
هذه القصص التي بين أيدينا عمل يطفح بأنبل المشاعر الإنسانية العميقة الغور، تتضمّن بين جنباتها دفئاً إنسانياً صادقاً،وإحساساً عارماً مُفعماً بإنسانية الإنسان،وشعوراً مُترعاً بهمومه،ومعاناته، وعذاباته ،تنطق نظرة الكاتبة من عين ثاقبة نافذة،إنها تتحدّث عن أبطال قصصها فى هذه المجموعة، وكأنّها تحيك نسيجَ حكاياتها عن أفراد أسرتها، أو بالأحرى وكأنّها عايشت هذه الأسر المغربية سواء في بلدها الأصلي المغرب، أو في مهاجرها،وبلدان إقامتها، أو اغترابها بأوربّا،إنها تنفذ الى أعماق أبطال قصصها، وتعايش أطفالهم ،وأفرادَ عائلاتهم ،وتتلمّس آلامَهم، وآمالهم ، وطموحاتهم، وتطلعاتهم، بل إنّها تعود بنا إلى أعماق القرى،والضّيع، والأرباض،والمداشر النائية الواقعة تحت سفوح آكام وقمم جبال الأطلس الشّاهقة،أو فى جبال وتلال ومرتفعات الرّيف الشامخة، وترجع بنا إلي الوراء، إلي الماضي البعيد ،وتغوص في ثبج عادات أبطالها، وتقاليدهم،وعوائدهم، وهي ليست منهم ، وتسجّل ما يعتمل في نفسياتهم من معاناة البعاد عن الوطن الذي تنازعهم أنفسُهم إليه. فى بلدان المهاجر، والإغتراب، وتعالج القاصّة هذه المواضيع بذكاء حادّ، إذ أوّل ما يتبادر الي ذهن المغترب بالفعل هي عادات بلاده وتقاليدها، وموروثاتها، كلّ هذه المظاهر عرفت القاصّة الإسبانية كيف توظفها لتخدم السّياق العام للحكيّ في قصصها.
تمتلك الكاتبة كونشا لوبث ساراسُّووَا مقدرة هائلة على الوصف، ليس فقط وصف ما هو ظاهري أو بيّن، بل إنها تستبطن مكامنَ النفس البشرية وإستغوارها. وتترىَ وتتوالىَ التساؤلات المحيّرة فى قصصها..ماذا يساوى المال،والمكاسب المادية التي يكسبها المرء في هذه الغربة من جرائها بالقياس إلى الأفق الطليق الأزرق الصّافي فى بلاده ؟، إلى منظر القطيع الهادئ وهو يرعى في خنوع،إلى سكون البادية وسحرها، والمراعي الخصبة الفسيحة وروعتها؟ ، وإلى الحنين لصوت المؤذّن ينطلق رخيماً من أعلى الصّوامع، والجوامع ،ومن مختلف بيوت الله الواسعة من كلّ ملّةٍ ودين يدعو الناسَ للصّلاة،وإلى الإستمتاع بأجمل،وأجلّ معاني السّكينة، والطمانينة، والخشوع ؟،والحنين إلى سلامة وسلاسة نطق أبناء أبطال القصص للغتهم، ولهجاتهم، وبُعدهم عن لكنة فجّة، أو رطانة مُعوَجّة فى بعض اللغات الأجنبية التي قد يمجّها الذّوق،ويأنفها البيان،وقد لا يألفها اللسان ! ،إنّ أقاصيص «المغرب فى عيون تحليق طائر» لهي قصص تحفل بالمعاني الإنسانية الشفّافة التي تلامس شغافَ أنبل المشاعر لدى الإنسان في زمنٍ كئيب شحّت فيه المشاعر الإنسانية النبيلة ، وحلّت محلّها الضغينة، والأحقاد، والكراهية والهلع، والتقتيل والتنكيل .
صُور رائعة وأخيلة مُجنّحة
«الكاتبة كونشا لوبث ساراسُووّا كالورود الناعمة التي تماطل في أن تفتح أكمامَها للنّور، إلاّ أنّها عندما تفعل ذلك فإنّها تملأ الدّنيا جمالاً، ورونقاً، وروعةً،وبهاء،وتشيع بيننا ألواناً ربيعية زاهرة زاهية « بهذه الكلمات يصف الصديق الراحل الأديب محمّد شقور هذه القاصّة في هذا الكتاب.
إنّ للكاتبة فضاءً خصباً ،وخيالاً مجنّحاً، وهي تُجيد استعمال، أو غمس اليراع في حبر لغة سيرفانتيس بمهارة فائقة لتوظيفها في التفنّن في نسج أو حبك مختلف ضروب الخلْق ،والإبداع، إنها تجعل أمام أعيننا شلاّلات منهمرة من الصّورالفاتنة ، والأخيلة الطليقة، والمناظر الخلاّبة فى بلدٍ جار تربطه علائق تاريخية،وحضارية، وثقافية، وأدبية، ولغوية وطيدة ببلدها إسبانيا، إلاّ أنّه بلد غير معروف بما فيه الكفاية لدى معظم الإسبان على الرّغم من أنّ الوجود المغربي (العربي، والأمازيغي) في الحياة الإسبانية، وبشكل خاص فى الأدب الاسباني يرجع لأحقاب بعيدة خلت، إلى الكاتب الإسباني المسرحيّ المعروف «لوبي دي فيغا»،مروراً ب»بيدرو أنطونيو دي ألاركون»، و»بينيتو بيريث غالدوس»، و»ميغيل دي أونامُونُو»، و»رامون سبيدر»، و»فيثنتي ألكسندري» و» فييّا إسبيسا» وسواهم حتى نصل إلى يومنا هذا مع خوان غويتيسولو، وأنطونيو غالا، وآخرين- وما أكثرهم. إنّ الكاتبة ترى المغرب فى هذه القصص بلداً يحفل بالأسرار، والغرائب ، والمفاجآت الجميلة ، ويميّزه تاريخ حافل بالأمجاد ،الشئ الذي يجعلنا نجد في كلّ حكاية من حكايات هذا الكتاب شذىً، وعطراً، وسحراً، وأساطيرَ، وهمسًا ، وأعاجيب.
يتّسم أسلوب الكاتبة بالسّلاسة والنقاء، ويقدّم الدّليل على سعة ثقافتها، ورقّة حسّها الأدبي المرهف . إنّ إقامتها في المغرب، ومعايشتها الوديّة للمغاربة جعلاها تنفذ إلي أعمق أعاميق نفسيات أبطال قصصها، وشخوصها، وجعلاها بالتالي تتلمّس عن قرب طريقة العيش، وترصد أحاسيس تلك الشخصيّات، فضلاً عن تمكّنها من لغتها، وتقنية قصصها.
ويقول بلديُّ بابلو نيرودا الشاعر،والناقد التشيلي «سِرْخيُو مَاثياس» من جهته عن هذه المجموعة القصصية:» أنّ الكاتبة نظراً لمعايشاتها للمغاربة، فإنّها تعرف بشكل جيّد خصائصَ أبطالها ، ومشاغلهم، وهمومهم»، ويشير:» أنّ أسلوب هذه الكاتبة يتميّز بالبهجة، والفرجة،والمرح،والإنشراح، والأطياف، والألوان، وينبض بالثراء الشّاعري، والأحاسيس المرهفة «، ويؤكّد سرخيو ماثياس: أنّنا واجدون في قصصها الأولى جوّاً رومانسيّاً رقيقاً، وتدور موضوعاتها فى الأساس عن المهاجرين أو المُغتربين المغاربة المقيمين في أوربّا ،وإشكاليات إكتساب عادات جديدة في المهجر، وتصادمها مع التقاليد العربية الأصيلة، والأمازيغية العريقة .
هذه الأقاصيص
في قصّة «الزّائر» نجد البطل يقوم بزيارة للمغرب إنطلاقاً من مهجره بأوربّا للصّلاة في ضريح محمد الخامس بالرباط،وهي قصّة حافلة بالذكريات الوطنية الحميمة، والمشاعر الدينية .وفي قصّة «توقّف في منتصف الطريق» تعود القاصّة مرّة أخرى إلى موضوع الهجرة والإغتراب، فى إتجاه أوربّا على وجه الخصوص،وهي تغوص بعمق في إشكالياتها ،وفى معاناة البعاد عن الأوطان، والحنين إلى الماضي الجميل، وتطفو على سطح أحداث قصصها مواضيع التقاليد بشكل دائم وملحّ. ويكتسي قصّة « شالة « جوّ مغربي قح حيث تستهلّ الكاتبة قصتها بآية من القرآن الكريم، وتغوص القصّة في التاريخ، والموروثات،والعوائد المتواترة .وهي تتضمّن وصفاً دقيقاً، وتصويراً حيّاً للمكان الذي تدور فيه الأحداث حيث تنتشر أطلال الآثار الرّومانية ، وبقاياها وأطلالها القديمة التي تلوح للناظر، كما تراءت لطرفة بن العبد أطلالُ خولة ببرقة ثمهد..!،فضلاً عن الآثار المغربية العريقة التي تسترعي عينَ الزائر، وتثير إنتباهه،وتذكّرنا هذه القصّة بأحداث تاريخية وقعت منذ أزمنة غابرة،ضاربة فى القدم.
أمّا قصة «الطفل والخيزران» فهي تسرد لنا حكاية زوجين يعيشان علي ضفّة نهر ،هذا النهر هو بمثابة مرآة لبطل القصة ،وهذه المرآة تعكس خيالات، وشطحات عقلية البطل الهشّة،وتحدث المأساة بوصول أسراب من الخنازير البريّة التي تفسد المزروعات، وتتلف المحاصيل، وتقضي على كلّ شئ، وتملأ المكان فزعاً ورعباً. وفي قصّة «الوداع « نجد الأحداث تدور داخل مقبرة، وهي تترى علي لسان البطل،حيث تطفو على السّطح ذكريات يسترجعها البطل للأموات الذين عايشهم ،وتمتلئ هذه القصّة بأجواء تقليدية مغربية متوارثة ، و يغلّفها جوّ درامي عنيف، قِوامُه الحزن، والأسى، والشّجن، والكآبة، والوحشة، ويكتنف قصّة «خلف أشجار الإوكاليبتوس» طقوس السّحر، والتعاويذ ، والتمائم، والطلاسم، والموت.
وتتعرّض القاصّة في أقصوصة «غرائب الحياة» لعائلة إسبانية تعيش في المغرب متغلغلة في التقاليد المغربية، ويدور الحديث عن هذه الأسرة التي تقاوم البؤس، وتواجه الشقاء ،ولم تبتعد الكاتبة في هذه القصّة عن إشكالية الهجرة والإغتراب،ولا عن إسبانيا، وعن الأندلس الجميلة ،المكان الطبيعي الذي كان ينبغي أن توجد فيه هذه العائلة، حتي وإن كانت هذه الإشكالية هذه المرّة تقدّمها لنا القاصّة بشكل معكوس.
و فى قصة «رحمة الله» تقدّم لنا القاصّة الإسبانية حكاية شابّ يحصل على عقدِ عملٍ في أوربّا، وتُسّر العائلة لهذا الحدث الذي سوف يخرجها من دهاليز الفاقة،والفقر، ومن براثن الحاجة الخَصَاصة ،إلاّ أنّ البطل سرعان ما يقع فريسة إدمان المخدّرات، ويموت، ويخلّف موته حزناً شديداً، وفراغاً هائلاً لدى عائلته في المغرب التي لم تعد تجني سوى الألم، والندم، والأسى، والأسف، والحسرة . وتتعرّض قصة «المُغرمون» للوجود العربي-الأمازيغي في الأندلس، وتمرّ بنا خلالها أسماء تاريخية مشهورة فى العلم، والفكر، والفلسفة، والشعر،واللآداب أمثال ابن خلدون، وابن زيدون، وابن بطوطة وسواهم، و تبدو لنا الأندلس في هذه القصّة في إشعاعها الحضاري المتألق تحت راية التعايش، والتسامح،والتداني والتحابّ .وترمز الكاتبة بالعشق والوله الحاصلين بين بطلي القصّة مالك وإفرقيا إلى تداخل، وتعايش، وامتزاج الحضارتين الإسلامية والاسبانية .وأمّا قصّة «أحلام القصور» فإنها مستوحاة من مدينة «أصيلة» المغربية، حيث تقدّم الكاتبة صورة سكانها، وطريقة ربح قوتهم، أو ضمان رزقهم اليومي. وسوق مدينة الرباط في هذه المجموعة مكان لم يعد فيه أيّ سرّ بالنسبة للكاتبة، فهي كطائر مهاجر يحلّق عالياً فى الآفاق الشامخة، وتُدني القارئ من هذه الأجواء المميّزة التي تنبعث منها أصناف شتى من العطور، والبخور،والأطياف، والألوان.
جميع القصص المدرجة فى هذه المجموعة تعالج قضايا إنسانية حيوية، هي من صميم الواقع المغربي والإسباني، حتى وإن كان بعضها يجعل من الأسطورة،والتاريخ مطيّة لهذا الواقع ،وهي تحفل بالخيال الفسيح، وتغلفها شاعرية رقيقة، وأحداث درامية. إنها تعكس بشكلٍ أو بآخر كذلك مدى المحبّة التي تكنّها هذه الكاتبة الإسبانية للمغرب ،وإعجابها به، وهيامها ببلدها الأندلس ذات الجذور العربية، والأمازيغية العريقة ،كما تعتبر هذه المجموعة نموذجاً للنّضج الأدبي لدى الكاتبة ،ودليلاً على قيمتها الفنية، وثراء مضامينها ، وسلاسة أسلوبها ،يُضاف إلى ذلك كلّه روح الملاحظة الذكيّة، والخيال الطليق الذي يكاد لا ينزل بالقارئ إلى الأرض من علياء الفضاءات التي تحلّق فيها الكاتبة فى هذه المجموعة القصصية الرائعة .
من وحي الواقع
ويشير الصّديق الباحث على بونوا فى تعليق رصين له فى هذا الخصوص :» رجعت بي الذاكرة إلى سنوات مضت عندما زارت هذه الكاتبة والقاصة الإسبانية «كونشا لوبث ساراسُووّا» كلية الآداب بجامعة ابن زهر بعاصمة سوس العالمة أكادير قبل حوالي 13 سنة لتقدم أعمالها الأدبية أمام طلبة شعبة الأدب الإسباني..وكان إلى جانبيها في تقديم الندوة كل من الدكتور محمد أبريغاش، والمترجم والباحث المقتدر الدكتور أحمد صابر وكان آنذاك يشغل منصب عميد كلية الآداب وكلاهما أستاذان بشعبة الأدب الإسباني بنفس الكلية. وتجدر الإشارة فى هذا الصدد أنّ الدكتور أحمد صابر ترجم هذه المجموعة القصصية « للكاتبة « كونشا لوبث ساراسُووّا» إلى اللغة العربية تحت عنوان «تحليق في سماء المغرب» وكان هذا الكتاب المترجَم قد صدر سنة 2003 عن مطبعة المعارف الجديدة بالرباط «.
ويشير الدكتور أحمد صابر فى كتابه عند تقديمه لترجمته لهذه المجموعة القصصية : « أنّ في الأدب الإسباني نفسه، ولحسن الحظ، تياراً آخر من المؤلفين يتميزون عن نقيضهم بالتحرّر من تلك الأحكام الجاهزة تجاه المغرب والمغاربة، وقد احتكموا إلى الواقع التاريخي والجغرافي والطبيعي والبشري معا،.ذلك أن السيدة كونتشا لوبث سراسووّا، الألقنتية الأصل،(نسبة إلى مدينة القنت أو أليكانتي) عايشت المغاربة عن كثب لمدة لا تقل عن عشرين سنة…وقد سمحت لها هذه الفترة غير اليسيرة من عمرها بالإطلاع في عين المكان على تقاليد وعادات المغاربة، كما أهلتها لتصوير هذه الخصوصيات على الهواء، دون وساطة كتابات غيرية قد تشوش على الصورة… ويختم المترجم الأديب مقدمته بقوله: « غير أن إقتناعنا بكون الكتاب في نهاية المطاف مرآة تعكس أمام أعين القارىء المغربي صوراً من حياته اليومية الخاصّة، ومن محيطه وبيئته الإجتماعية والثقافية، كما وضعتها الكاتبة رهن إشارة القارىء الإسباني دفعنا بدورنا إلى تقريبها من القاريء المغربي حتى يكون له حقّ الحكم على الأمانة أو عدم الأمانة في الصورة التي عكستها ريشة كونتشا لوبث سرسووّا ، وحتى يستخلص منها ما يلزم استخلاصه «**
كما يشير الباحث الصّديق عليّ بونوا من جهة أخرى: أنه» تجدر الإشارة أيضاّ إلى أن الباحث الصّديق العزيز الأستاذ محمد أبريغاش، المدرّس بشعبة الأدب الإسباني بكلية الآداب بجامعة ابن زهر بأكادير وصديق الكاتبة «كونشا لوبث ساراسُووّا»، أصدر كتاباً بعنوان : Superando orillas.) Lectura intercultural de la narrativa de Concha López Sarasúa تناول فيه بالنقد الموفي والدراسة والتحليل البليغيْن السّرد عند هذه القاصّة الإسبانية في قراءة تثاقفية استبطانية لأعمالها في 318 صفحة، وقد صدر هذا الكتاب كذلك عن مطبعة المعارف الجديدة بالرباط سنة 2009.
*كاتب،وباحث، ومترجم من المغرب، عضو الأكاديمية الإسبانية – الأمريكية للآداب والعلوم- بوغوطا- كولومبيا.