(1)
الوقت يطعن خاصرة اللغةْ
يحاول أن يجري على حبل من الصوت الكتوم
واللغة القديمة مثل عجوز بدلت أسنانها
وجلدة جسمها عند قارعة الزمن
كانت اللغة تشبهني وأشبهها
وكنت ناقصا عن وعيها
أكتب سطحها المعتم دون نور الله
أبعد من ظل تلك الشجرةْ
لم أكن أتقن ظلي
كان يصغرني ستة وعشرين حرفا خزفياً
وذانك الحرفان مثلي أعرجان ومعتمان وناقصان
الآن أكتب من بصيرتيَ الجديدة من غير لغةْ
وتحرر السطر الأخيرُ «الممكنُ الأبيض»
من ثمانٍ وعشرين أيقونة بائسة
وعدت مثلما ولدتُ أول مرة بريئا من التأويل والجغرافيا
وجنون المتعة البصريةْ
وصرت أكتب بالعين ما تشبع من شذى
صرت أبصر دونما لغتي القديمة
وأعدائي كثيرون
سلطة أبوية ودكتاتور
ولم أختر سواي!
(2)
سأفقدُ كلَّ شيءٍ إنْ خسرتُك
قامتيَ الْمَحْنِيَّةِ الظِّلْ
وطعمَ الليلِ في فنجانِ قهوتيَ الباردةْ
وطعمَ الانتظارِ المرِّ في لُغَتي الشقيةْ
لمنْ سأكتُبُ إنْ خسرتُكْ؟
ولمنْ أغني؟
سأفقد قِبْلتي وبوحَ السجدة الأولى بأنفاس الصباحْ
وتخونني فيروزْ
ستفقدُ صفحتي الزرقاءُ
ثمْرةَ غصنِها الأخضرْ
تتساقطُ الخُصْلاتُ من جُمَلي على الصحراءِ
ناشفةً تصوِّحُ في العدمْ
وتَنْكَفئ الكؤوسُ وييبسُ خمرُ اللذةِ النشوى؟
وتنقطعُ الملائكةُ الجميلةُ عن زيارةِ ليلتي
وتلبسُ بُرْنُساً أسودْ
إن خسرتكْ
ربِح الحزنُ جولتَهُ الأخيرةَ وانتصرْ
وماتَ الأبيض الشفافُ من ورقي
وأغصانُ القصيدةِ عاريةٌ الخريفْ
إن خسرتكِ لا شيء يصلحُ بعدها
ليقولَ حرفْ…