في اجتماع اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أكد عامل إقليم خنيفرة، محمد فطاح، «أن إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة (2019-2030) يجسد فلسفة استمراريتها من خلال إعطائها نفسا جديدا للمزيد من ترسيخ التنمية السوسيو اقتصادية للأفراد»، خصوصا منهم الشباب والنساء، في سبيل»تحقيق العدالة الاجتماعية ودولة الحق والقانون»، مشيرا إلى أن المرحلة الثالثة «جاءت لتفادي المعيقات المسجلة في المرحلتين السابقتين، عبر برنامجين يهتمان بتحسين الدخل والادماج الاقتصادي للشباب والدفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة.
وتطرق المتحدث لعدد من القضايا المرتبطة بالمرحلة الجديدة، ومنها التعليم الأولي بالمناطق القروية الهشة، والذي هيمنت نقطته على أشغال الاجتماع،عكس باقي النقاط الهامة التي تضمنها عرض المرحلة الثالثة، ولا تقل عن تدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية بالمجالات الترابية الناقصة التجهيز، في إطار برنامج تقليص الفوارق الترابية والاجتماعية، ومواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، إما بالعناية المادية أو بصيانة المباني والتجهيزات، من ضمنهم مرضى القصور الكلوي، أطفال الشوارع، المتسولون والمتشردون والمختلون عقليا ، المسنون المحتاجون والمعاقون و النساء في وضعية هشاشة…
ومن أهداف المرحلة الثالثة، أيضا، برنامج لتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، عن طريق مواجهة تحدي تشغيل هذه الفئة، والتركيز على نوعية المشاريع الصغرى جدا، الصغرى والمتوسطة، في أفق ولوج سوق الشغل وإنشاء مقاولات خاصة، ثم الدفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة،وتهم تقوية نظام صحة الأم أثناء الحمل، وبعد الولادة إلى غاية بلوغ الطفل ست سنوات،ثم المساهمة في تقليص الهدر والاخفاق المدرسي لدى الأطفال في سن التمدرس ومواكبتهم في مرحلة التوجيه.
وقد ركز عرض برنامج المبادرة على الاهتمام بالاستثمار في التعليم الاولي لضمان جودته وتعميمه في الدواوير القروية والنائية التي لا تتوفر على مدارس ابتدائية، عن طريق تهيئة وإنجاز بنايات متوفرة لاستغلالها كوحدات للتعليم الأولي وتسييرها وتكوين مربين ومربيات لها، وتقوية قدرات الجمعيات المهتمة بمجالها، بالقول إن المبادرة ستتكلف بتوفير الاعتمادات الخاصة بتسيير هذه الوحدات (المقدرة ب 110.000,00 درهم/سنويا لكل وحدة) عبر تفويتها للمؤسسة خلال السنتين الأوليين.
وقد طالب أحد المنتخبين بضرورة إعادة النظر في سن الشباب طالبي المشاريع،ورفعها إلى سن يكون فيها المعني بالأمر يتمتع بما ينبغي من النضج والقدرة على إنجاح المشروع، أو بمعنى آخر إلى سن العديد من المعطلين وحاملي الشهادات، وبهذا الخصوص أوضح العامل أن موضوع السن «يمكن مناقشته إقليميا في استحضار الخصوصية، على شرط تحديد السن في سقف معين ودون تجاوزه إلى سن يصعب القبول به»، مضيفا أن «ما يعترض الأمور هو المساطر التي يجب تطبيقها» دون الخروج عما تم تحديده ضمنها.
و تقدمت إحدى الجمعويات بطلب «التركيز على النساء ممن يعانين أوضاعا هشة على مستوى الإقليم»، وأخرى طالبت ب «أخذ الجمعيات الرياضية بعين الاعتبار على خلفية ما تعيشه من اكراهات»، وهو المطلب الذي دفع العامل لنفي وجود أي اقصاء لهذه الجمعيات، قبل تدخل أحد الأساتذة الجامعيين بمقترح «العمل على إشراك بعض القطاعات الخاصة بهدف الرفع من وتيرة المبادرة الوطنية، في إطار الواجب الوطني»، علما ب «وجود أثرياء في هذه القطاعات»، كما لم يفت ذات المتدخل الدعوة إلى «التفكير في إنشاء مركز/ مختبر متخصص في بحث وإدماج الشباب في سوق الشغل، بالنظر إلى»انعدام أية جمعية محلية تهتم بتسيير منصات التشغيل»، وطالب بزيارة ل»منصة» توجد بخريبكة للاطلاع على تجربتها.
وبشأن موضوع التعليم الأولي دعا المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية، فؤاد باديس، إلى التدخل للتقليص من «السقف المرتفع»، بالتأكيد على «صعوبة تنزيل ما تم طرحه حول مشاريع التعليم الاولي على مستوى المجال القروي»، بالنظر «للخصوصيات والاكراهات المختلفة»، مؤكدا «أن نسبة التمدرس تتجاوز 96 بالمائة، رغم مشاكل تشتت السكن والامتناع عن الدراسة»، مشيرا إلى وجود وحدات مدرسية لا يتجاوز فيها عدد التلاميذ 40 تلميذا، بينهم 6 أو 7 تلاميذ بالسنة الأولى ابتدائي، مشيرا إلى «أن المديرية بصدد إعادة النظر في إحداث مقاربة خاصة للتعليم الأولي»، مؤكدا «وجود فريق تقني يشتغل على تشخيص ما يجب تشخيصه». وانطلاقا مما طرحه مدير التربية الوطنية اقترح عامل الإقليم «إشراك لجينة من اللجنة الاقليمية للمبادرة الوطنية ضمن تشكيلة الفريق التقني الذي تم تكليفه بتشخيص ملف التعليم الأولي»، وفي الوقت ذاته دعا اللجنة الإقليمية إلى الاشتغال المكثف والمواكبة المسؤولة للبرامج المطروحة جنبا الى جنب مع مكاتب الدراسات.
ومن جهة أخرى، تم التشديد على «ضرورة تحديد الأولويات»،ومن ذلك التركيز أكثر على جانب الصحة والتعليم، و»الارتقاء بالمستشفى الإقليمي على مستوى التخصصات والموارد البشرية والمستعجلات والصيانة»، مع المساهمة الجدية في «النهوض بثلاثة مستشفيات محلية بمريرت، أجلموس والقباب»، والتسريع ب «إحداث مركزين لتصفية الدم بكل من أجلموس والقباب وإنهاء ما تبقى من أشغال مركز مريرت»، مع الإشارة إلى أهمية الاشتغال ب «الوحدات الطبية القارة وبصفة دائمة، بناء على اتفاق يهم تشغيل تسع قوافل طبية برسم السنة الجارية»، والتفكير الجدي في «إحداث معهد لتكوين الممرضين والمتخصصين» في مجال الصحة. كما تمت الدعوة إلى أخذ وضعية التنقل بعين الاعتبار ما دام محيط الإقليم عبارة عن قرى ومناطق نائية، والتأكيد على ضرورة الاتفاق مع مديرية التربية الوطنية لأجل «الرفع من آليات النقل المدرسي إلى أكثر من 90 سيارة، منها 60 هذه السنة»، إلى جانب «الرفع من عدد المدارس الجماعاتية من 12 إلى 30 على الأقل بالنظر لنجاح تجربة هذه المدارس».ولم يفت العامل الكشف عن حقيقة الخلاف القائم مع مجلس الجهة، وأسبابه الكامنة حول «معايير الدعم التنموي وعدم إيلاء الإقليم ما يستحقه من اهتمام»، رغم معاناته مع الهشاشة والتهميش وظاهرة الهجرة الناتجة عن البطالة والفوارق.