بالصدى : علاج معلّق
وحيد مبارك
أضرب الممرضون وتقنيو الصحة، يوم الأربعاء 13 مارس، وسيضربون مرة أخرى، يومي الخميس 21 و 28 من الشهر الجاري، وقد لا يقف هذا الشكل الاحتجاجي الذي تُشلّ فيه حركة المؤسسات الصحية العمومية عند المحطتين المرتقبتين، إذ من المحتمل أن يتم خوض إضراب وطني آخر لمدة 48 ساعة يومي 16 و 17 أبريل، مع تنظيم مسيرة وطنية في الرباط.
أطباء القطاع العام سطروا بدورهم برنامجا احتجاجيا جديدا، هو استمرار لما خاضوه من أشكال احتجاجية سابقة، إذ استقبلوا شهر مارس الجاري بالشارة الاحتجاجية، وسيرتدون البذل السوداء انطلاقا من فاتح شهر أبريل المقبل، على امتداد أسبوعين اثنين، ثم سينتقلون بعد ذلك إلى خطوة خطيرة تتمثل في خوض إضراب وطني لمدة 15 يوما انطلاقا من يوم الأربعاء 17 أبريل؟
وضع صحي قاتم، في ظل منظومة صحية تعاني من كثير من الأعطاب والاختلالات، وتتخبط على إيقاع الاحتجاجات المتتالية، وقفات، مسيرات، وإضرابات، إذا كان المهنيون يخوضونها وهم ينتقدون عدم تجاوب وزارة الصحة مع مطالبهم، وينددون بعدم تفاعل القطاعات الأخرى المعنية ببعض المطالب، ويشجبون الاقتطاع من رواتبهم، مشددين على أنه إجراء غير قانوني وغير دستوري، فإن هناك فئة عريضة هي الأخرى متضررة وبشكل كبير من هذه الإضرابات المتعاقبة التي باتت «سنّة» و «تقليدا» شهريا، إذ لا يمر شهر إلا ويشهد إضراب فئة من فئات مهنيي الصحة، مع ما يعني ذلك من معاناة كبيرة لمرضى، يكون بعضهم ينتظر موعدا للفحص والتشخيص الطبي، أو للخضوع لعملية جراحية مبرمجة، وحين يحلّ هذا الموعد يتزامن وتاريخ إضراب، فيؤجّل موعده إلى تاريخ آخر، علما أن هناك من المرضى من يقطعون الكيلومترات ليصلوا إلى المراكز الاستشفائية الجامعية، نموذجا، وهو ما يعني صعوبات مركّبة ومتعددة الأوجه، لها تبعات كثيرة عليهم وإن كانت تلك المعاناة التي تخصّهم صامتة ولا يتم التعبير عنها بنفس الكيفية التي يسلّط فيها الضوء على إضرابات المضربين؟
لقد خاض الجسم التمريضي، نموذجا، العديد من الاحتجاجات على مدار الثلاث سنوات الأخيرة، شُلّت خلالها الحركة الاستشفائية، ورغم تداعيات هذه الإضرابات على المرضى، فقد ظل الوضع كما هو عليه، ففي 2017 ومن أجل المعادلة، تم خوض 12 يوما من الإضراب، ما بين شهر أبريل وشهر أكتوبر، وخلال سنة 2018، خاض الممرضون وتقنيو الصحة 14 يوما من الإضراب، ما بين شهر أبريل وشهر دجنبر، أما المسيرات والوقفات والاعتصامات التي تم القيام بها خلال السنة الفارطة والتي تخص الممرضين وتقنيي الصحة، فقد توزعت ما بين 3 مسيرات وطنية، وقفتين وطنيتين، اعتصامين وطنيين، 3 وقفات جهوية، 14 وقفة اقليمية، 7 اعتصامات جهوية، و3 اعتصامات إقليمية.
أرقام تخص نضالات الممرضين، دون الوقوف عند تلك التي تخص أطباء القطاع العام، ودون الإشارة إلى احتجاجات أطباء القطاع الخاص، وإلى إضرابات طلبة كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة، وتلك التي تهمّ المهنيين بالمراكز الاستشفائية الجامعية الذين يطالبون بتوحيد نظام التقاعد، و»القابلات»، دون نسيان الصيادلة، وغيرهم، التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك على أن قطاع الصحة يحتاج إلى معالجة حقيقية، جادة وشمولية، بعيدا عن أية خطوات ترقيعية أو مجرد تقديم لوعود دون الوفاء بها، كما حصل مع محضر اتفاق 5 يوليوز 2011، فالبنيات الاستشفائية رغم كل شيء هي لا تفي بالغرض، وتجهيزاتها ناقصة «الحاضنات وأدوية الصحة النفسية والعقلية» نموذجا، ونزيف التقاعد والاستقالات يزيد من إضعاف التركيبة البشرية ويكرس هوّة عميقة في الموارد، مقارنة بمناصب مالية ضعيفة، وهي إشكالات لا تتطلب تعاملا انتقائيا، ولا لجانا يمتد في الزمان أمد اشتغالها ومؤجلة أو «معطّلة» نتائجها، لأنه فضلا عن الضرر الذي قد يحسّه المهنيون، فإن ضررا أكبر هو الذي يعيشه ويعانيه المواطن، الذي لا يتميز ولوجه إلى العلاجات بالسلاسة المطلوبة، ويجعل منه حقا معطّلا، في معركة «دونكيشوطية» يخيّم عليها «الطرش» وتحكم على المريض في سعيه للعلاج بمزيد من «العطش» !
الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 19/03/2019