حينما يختار الإتحاديون المؤتمر
خليل علا
حينما يختار الاتحاديون حزبهم لا يمكن لأي كان أن يحد من عزيمتهم، لقد قالها أخي وصديقي عبد الحميد الجماهري في أحد أعمدته الرائعة «لاتفاوض مع الوطن» وأنا أرددها من بعده «لا تفاوض مع الحزب والوطن»
الحزب أولا و أخيرا.
هي كلمة بقيت في أذهان كل من وطئت قدماه مقر هذا الحزب العتيد الذي قدم و ما يزال الكثير لوطننا الحبيب، حزب آمن بالوطن و المواطن، حزب ترجع جذوره لحركة التحرير الوطني من أجل إستقلال المغرب، بل و أن أبرز مؤسسيه الشهيد المهدي بن بركة والمرحوم عبد الرحيم بوعبيد كانا من بين الموقعين على عريضة المطالبة بالإستقلال (11 يناير 1944)
ها هم أبنائه يجددون عهدهم مرة أخرى على مواصلة مسيرة النضال في حزب قدمت أفكاره و مواقفه شهداء من خيرة أبناء هذا الوطن فداء للوطن.
إن الاتحاد الاشتراكي حزب تاريخي وأصيل ومستقل، بمشروعه العقلاني والحداثي، وباختياراته الديموقراطية التي جنبت المغرب في العديد من المحطات الظهور بصورة مشوهة للرأي العام الدولي و الداخلي، و من خلال تضحيات مناضليه الأحرار استطاع أن يصمد ويواجه ضربات فوق و تحت الحزام، ويبطل مفعول المؤامرات التي كانت و مازالت تستهدفه و تروم لتسريع نهايته.
لقد شكل الاتحاد الاشتراكي، منذ تأسيسه كحزب سليل الحركة الوطنية للمقاومة، استثناء حزبيا في التاريخ السياسي المغربي، لقد كان دائما يجد جوابا متقدما للظواهر والوقائع المجتمعية، إيمانا منه بأن الاختلاف والتنوع هو صمام أمان لهذا الوطن …
لقد اختار الاتحاديون كعادتهم شعارا لمؤتمرهم العاشر وهو الذي ينهل من نبض المجتمع، من تنوعه وغنى مورثه ومدى تطلعاته السياسية والإجتماعية والإقتصادية، و الذي يجد جوابا واضحا لأسئلة كثيرة خاضت فيها القوى السياسية محافظة كانت أو غيرها، لكن يبقى لتشخيص الإتحاد الاشتراكي نكهة ولمسة منفردة تجعل منه حاضرا دوما في صلب المعادلة السياسية داخل الوطن .
شعار «هدفنا: مغرب، الديمقراطية، الحداثة، التضامن» شعار يحمل من الحمولة السياسية ما يجعلنا نعلن للجميع استمرار الحزب في المعركة النضالية المجتمعية من خلال حرص قيادتنا السياسية على صون الحقوق الديمقراطية للمغاربة من جهة و الحرص على التوازن المؤسساتي داخل البلاد من جهة ثانية. و من خلال حداثة تجعل من الحرية نبراسا لأجيالنا الصاعدة و المتعطشة للانفتاح على الحضارات بشتى مشاربها و هي الظاهر أقرب للانفتاح و ثقافة العيش المشترك منه إلى الظلامية و التطرف.
ويبقى مصطلح التضامن سمة تميز الاتحاديين والتاريخ شاهد على ذلك من خلال كل المحطات، لكن التضامن اليوم أضحى البوابة الحقيقية لإعادة الاختراق الميداني والتغلغل داخل المجتمع المغربي الذي كان و لا زال مؤمنا ومتمسكا بمواقفنا السياسية والتي لا ينكرها إلا جاحد، وهي التي جنبت البلاد ما من مرة اهتزازات فرضها منطق الاصطفاف الرجعي أو الظلامي .
إن محطة المؤتمر العاشر هي لحظة إجماع والتفاف وراء قيادة سياسية سلكت منهجا متقدما و مميزا داخل المشهد السياسي لا يقاس بأرقام أو بمقاعد متحولة، بل يقاس بتجربة وحنكة تنم عن رصيد تاريخي قوي، وتبصر في ما يشهده المغرب و محيطه الإقليمي من تحول شمولي أملته تجاذبات جيوسياسية، و التي كان لها دور مؤثر على التوجه العام داخل المغرب.
هي أيضا قيادة تبنت طريق واضحا في التدبير الحزبي لا يخضع لمنطق المحاباة ولا المزايدات و لا العائلات، كما قطعت الطريق مع كل أشكال التفاوض التي قد تتحول إلى أداة للابتزاز أو الضغط داخل المنظومة الحزبية .
إن الاتحاديين اليوم و في كل ربوع الوطن فخورون وتواقون للحظة التتويج التي سيشهدها المؤتمر الوطني العاشر للحزب، والتي ستكون لا محال بداية لعهد جديد والتي ستضخ في التنظيم الحزبي نفسا جديدا يبعث الأمل في المستقبل لكل مغربية ومغربي، و لرجوع قوي للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
الكاتب : خليل علا - بتاريخ : 19/05/2017