منية بناني، خريجة مدرسة فرساي الوطنية للمناظر الطبيعية ومن كلية باريس للدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، حيث دافعت عن رسالة الدكتوراه في الجغرافيا عن تاريخ المناظر الطبيعية، في سياق تطوير مدن جديدة خلال الحماية في المغرب. في عام ، أسست وكالة خاصة بها ، ومقرها في الرباط. منية بناني تدعو إلى إنشاء فضاءات عمومية وتحسين البيئة المعيشية في المغرب. ساهمت في تأسيس رابطة مهندسي المناظر الطبيعية في المغرب، المعترف بها من قبل الاتحاد الدولي لمهندسي المناظر الطبيعية. خصصت لنا هذا اللقاء بمناسبة صدور كتابها، «المدن، المناظر الطبيعية في المغرب» الذي قدمته بسفارة المغرب بباريس.
– سؤالي الأول لماذا اخترت انجاز هذا الكتاب حول ، « المدن ،المناظر الطبيعية في المغرب»؟ ++
-اختياري لإنجاز هذا الكتاب هو للتعريف بجزء من تاريخ المغرب، الذي لم يكن معروفًا، المنتزهات و تاريخ الحدائق وكل التراث النباتي الذي تمت زراعته في وقت الحماية من سنة 1912 الى سنوات 50 و 60 والتعرف على تاريخ النبات المعاصر لمدننا.
– في المغرب ، لا نعرف هذا التاريخ، أنا شخصياً، أعرف كل هذه الحدائق في الرباط وكنت أتردد عليها بانتظام عندما كنت طالبًا، لكنني لم اكن أعرف تاريخها أبدًا، هل يعود ذلك لتاريخها الاستعماري؟
– التاريخ الاستعماري هو الذي يقف وراء هذه الوضعية، فقد اعتبرناها تراثًا استعماريًا وغير مغربي، ولم تكن المسافة التاريخية موجودة بعد، واليوم يمتلك المرء هذه المسافة. وقد تم الاعتراف بأهمية هذا التاريخ من خلال تصنيف هذه الحدائق باعتبارها تراث اليونسكو. في عامي 2010 و 2011 بدأنا القيام بهذا العمل، وبدأنا نولي اهتمامًا بهذا التاريخ والتراث النباتي بالمنتزه وبالحديقة.هذا العمل بدأته قبل حوالي عشرين عامًا عندما كنت طالبًة في فرنسا.
– في المدن الجديدة التي نبنيها اليوم في المغرب ، لم ننجز حدائق ومنتزهات مثل ما ورثناه من الحقبة الاستعمارية؟
– صحيح ، اليوم لا نترك مساحة كبيرة للحديقة، فمن الضروري أن تأخذ مشاريع التهيئة الجديدة في الاعتبار الحاجة إلى الفضاءات الخضراء والمنتزهات، لكن ما تم حتى الان مازال خجولا، بالإضافة إلى ذلك، ليس لدينا الكثير من مهندسي الحدائق في المغرب. ليس لدينا مدرسة تدرب المحترفين في مجال تصميم الحدائق والمنتزهات. أخذت على عاتقي أن أعرّف بهذه المهنة وهي مهندس المناظر الطبيعية و إنشاء مدرسة تدريب حقيقية للمغاربة.
– اليوم، هل هناك اعتراف بهذا التراث النباتي بين صانعي القرار والإدارة؟
– يجب علينا أولاً أن ننقل هذا التراث ونعرفه به، وهذا ما يسمح لي هذا الكتاب بالقيام به ، حيث إنني أتحدث، أساهم في مؤتمرات ولقاءات تليفزيونية في المغرب وفي أي مكان آخر، بدأنا نشعر بالاهتمام والسلطات العمومية والدولة تدرك أهمية الحفاظ على هذا التراث النباتي لصالح المدن. نحن ندرك أنه يمثل رصيدا، ليس بيئيًا فحسب ، بل هو أيضًا يوفر الرفاه الاجتماعي والتماسك الاجتماعي و يساهم في السياحة، إنه يجلب السياح. لقد بدأنا ببطء في إدراك القيمة المضافة للحدائق والمتنزهات.
– كما أوضحت في لقائك اليوم ، لدينا تراث نباتي استثنائي في هذه الحدائق. المقيم العام الفرنسي ليوتي من اجل إنجازها، استدعى اكبر مهندسي المناظر الطبيعية بفرنسا في ذلك الوقت لتجربة إبداعهم الجديد بلمسة ملهمة من التراث المغربي؟
– نحن محظوظون لأن لدينا تراثا مغربيا فرنسيا ومغربيا رائعا. وهذا يعني أن هذه الحدائق قد صممت مع الاخذ في الاعتبار هوية كل مدينة. حدائق الرباط ليست هي حدائق فاس، ولا تشبه حديقة التجارب بالرباط حديقة جنان سبيل في فاس، فقد رسم كل واحدة مهندسون فرنسيون بمهاراتهم ولكنهم استخدموا الخبرة الفنية المغربية التقليدية، مع الشبكة الهيدروغرافية، السقاية، الخطارة، نافورة، بناء، زيليج. استخدموا كل هذا لرسم حدائقنا..
– يمكننا أن نقول إننا في المغرب كنا محظوظون مع الفرنسيين، في الجزائر وتونس، سحقوا الثقافة المحلية، على العكس من ذلك، في المغرب احترموها واعطوها قيمة مضافة ؟
– كان شعار فرنسا في المغرب هو الحفاظ على التراث وهوية جميع المدن المغربية وعدم لمس أي شيء وفهم هذا التراث وإبراز محاسنه لإنشاء حدائق جديدة. كانت سياسة استعمارية فريدة من نوعها وكانت تجريبية. الفرنسيون في باقي المستعمرات الأخرى لم يستغلوا المعرفة المحلية ولم يشجعوها.
– كيف نفسر هذه المعاملة والحب الاستثنائي للمغرب؟
– كل هذا يرجع إلى شخصية استثنائية وهو ليوطي، أول مقيم في المغرب كانت لديه رؤية استثنائية، وهي الحفاظ واحترام العادات والثقافات ، وكانت له رؤية مستقبلية، وكانت لديه رؤية للمدينة الخضراء الكاملة بحدائق ومنتزهات. رؤيته الناجحة هي التي مكنت إنشاء مدن حدائق في المغرب.
– هل هذا يعني أن المدن المغربية الكبرى لها لمسة ليوطي التي ما زالت تغمرها؟
– نعم إنها لمسته، نواصل الحفاظ عليها، يجب أن نعطي الزخم المناسب لإنشاء حديقة جديدة في المدن المغربية
– كيف نفعل اليوم للحفاظ على هذا التراث الاستثنائي ، وكيفي نعبئ الرأي وصانعي القرار؟
– من الضروري التواصل، من الضروري نقل التاريخ والتعريف به، لأن الناس لا يعرفون تاريخ إرثهم النباتي. يجب تعرفيهم بذلك، والتحسيس به، من ثمة الجميع سيحترم ذلك. الاحترام والحفاظ من خلال الاعتراف بهذا التراث هو ما نقوم به ، ومن واجبي أن أعرف بهذا التراث، تم تصنيف العديد من حدائق عصر الحماية كتراث وطني وتراث اليونسكو. هذا يحميهم من الدمار وإعادة الإعمار، ونحن ملزمون باحترام تخطيط وتصميم هذه الحدائق..
– في المغرب مازال لدينا تراث استثنائي من فترة الحماية كمنتزه جامعة الدول العربية بالدار البيضاء، الذي بناه السجناء الألمان؟
– لقد تم استخدام الرجال الموجودين بحوزتهم آنذاك، لقد تتبعوا التقطيع، وزرعوا الاشجار و النخيل. لقد تم ترميم هذه الحديقة اليوم وستفتح ربما هذا العام وهي مهمة لتنسيق الحدائق، فقد حرصوا على الاستعادة واضافوا معدات جديدة ولكن بشكل عام، نأمل أن تتم صيانتها بشكل جيد أيضا.
– تحدثت في لقاء اليوم أيضا عن هذه الأشجار ذات القرن من الزمن و المهددة في هذه الحدائق؟
– صحيح أن هذه الأشجار زرعت في عام 1914 أو 1916 ، وهي الآن لها مائة عام، ونحن في عام 2019 وقد أكملوا قرنًا أكثر في بعض الأحيان، وكان عمر الأشجار يتراوح أحيانًا بين 100 و 150 عامًا وفقًا للنوع. وهي الان هشة و مهددة بالتلوث وتغير المناخ، إنها بيانات بيئية يجب أخذها في الاعتبار واستبدالها شيئًا فشيئًا والعناية بها أكثر من الأشجار الصغيرة فهي حية..