استؤنفت،أول أمس الخميس، محاكمة المتهمين بقتل سائحتين اسكندنافيتين في جنوب المغرب في ثاني جلساتها، وقررت المحكمة إرجاء النظر في هذه القضية التي هزت المغرب حتى 30 مايو واعتبار الدولة المغربية طرفا في المحاكمة، تبعا لالتماس تقدم به دفاع الطرف المدني.
ورافع محامي عائلة إحدى الضحيتين خالد الفتاوي من أجل اعتبار الدولة طرفا في هذه المحاكمة «نظرا لمسؤوليتها المعنوية (…) ولكي تكون ضامنا لأداء التعويضات المستحقة لذوي الضحايا»، منبها إلى أن هذا الالتماس «لا يعني أن السلطات قصرت في أداء واجباتها بعد وقوع الجريمة».
ويمثل الفتاوي عائلة الطالبة الدنماركية لويزا فيسترغر يسبرسن (24عاما) التي قتلت ورفيقتها النرويجية مارين أولاند (28عاما) في منطقة معزولة بجبال الأطلس الكبير نواحي مراكش، بينما كانتا في رحلة سياحية بالمغرب.
وأوضح زميله حسين الراجي لوكالة فرانس برس «ننتظر أن يحضر الوكيل القضائي للمملكة خلال الجلسة المقبلة»، مشيرا إلى أنهم قرروا عدم توجيه أي طلبات ضد المتهمين بتعويض عائلتي الضحيتين عن الأضرار التي لحقت بهما.
واعترض ممثل النيابة العامة على تعيين الدولة طرفا في الملف، معتبرا أن الحديث عن التعويضات لفائدة عائلتي الضحيتين سابق لأوانه، لكن القاضي استجاب لهذا الطلب بعد رفع الجلسة للحظات.
ويمثل 24 متهما أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بسلا، وهم يواجهون اتهامات خطيرة بينها «تشكيل خلية إرهابية» و»القتل العمد» و»الإشادة بالإرهاب».
وأودع هؤلاء في قفص زجاجي شفاف داخل القاعة يتقدمهم أربعة متهمين رئيسيين يشتبه في كونهم مخططي ومنفذي عملية ذبح الضحيتين وتصوير هذه الجريمة. وهم يواجهون عقوبات يمكن أن تصل إلى حد الإعدام.
وقالت محامية المتهمين الأربعة حفيظة مقساوي لوكالة فرانس برس «إنهم نادمون على ما أقدموا عليه وعلى الأفكار الظلامية التي يحملونها»، مؤكدة أنهم «اعترفوا تلقائيا أثناء التحقيقات بما قاموا به».
وعينت المحكمة مقساوي للدفاع عن هؤلاء المتهمين في إطار المساعدة القضائية، شأنهم في ذلك شأن أغلب المشتبه بهم الذين لم يوكلوا محامين للدفاع عنهم.
وغابت عائلات معظم المتهمين عن الجلسة وسط حضور كثيف للصحافيين المغاربة والأجانب، وإجراءات أمنية مشددة.
وافتتحت الجلسة بمثول المشتبه بهم في مجموعات أمام القاضي للتأكد من هوياتهم وتوكيلهم محاميا. وكان أغلبهم قد أرخى لحيته وارتدى جبة خفيفة على عادة السلفيين، واختلفت ملامحهم بين صامت ومبتسم.
ويعتزم محامي العائلة التي نصبت نفسها طرفا مدنيا في هذه المحاكمة المطالبة بتنفيذ حكم الإعدام في حق القتلة «ولو أن البلدين اللذين تتحدر منهما الضحيتان يعارضان مبدئيا تطبيق هذه العقوبة»، على تعبيره.
ولا يزال القضاء المغربي يصدر أحكاما بالإعدام لكن تطبيقها يبقى معلقا عمليا منذ سنة 1993، ويثير إلغاؤها نقاشا في البلد، ويواجه ثلاثة متهمين رئيسيين هذه العقوبة للاشتباه بأنهم منفذو عملية الذبح بحسب محضر الاتهام، وهم عبد الصمد الجود( 25 عاما) ويونس أوزياد( 27 عاما) ورشيد أفاطي (33عاما).
وكان الجود الملقب بـ»أبو مصعب» يعمل بائعا جوالا، وأدين من قبل لمحاولته الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وهناك متهم رابع هو عبد الرحيم خيالي (33سنة) رافقهم باتجاه موقع الجريمة، لكنه عاد إلى مراكش قبيل تنفيذها بحثا عن مخبأ، بحسب محضر الاتهام الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس.
وأثار بث تسجيل فيديو يوثق ذبح الضحيتين في مواقع التواصل الاجتماعي ذعرا وصدمة ويشتبه في أن مصوره من بين القتلة، ويظهر أحد رفاق الأخير في الفيديو متحدثا عن «أعداء الله» وعن «الثأر لإخوان» في سوريا.
وظهر المتهمون الأربعة في فيديو آخر بث إثر ذلك وهم يعلنون مبايعتهم لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي، وفي خلفية المشهد راية هذا التنظيم المتطرف.
ويتحدر المتهمون وجميعهم أرباب أسر، من أوساط فقيرة بمستويات دراسية «متدنية» بحسب المحققين. وكانوا يمارسون «مهنا بسيطة» في أحياء بائسة بمراكش ونواحيها. وجرى توقيفهم غداة الجريمة بينما كانوا يسعون لمغادرة المدينة في حافلة لنقل المسافرين، وكانت آثار دماء بادية على السكاكين التي حجزت معهم.
ويقول المحققون إن هذه «الخلية الإرهابية» استوحت العملية من إيديولوجيا تنظيم الدولة الإسلامية لكنها لم تتواصل مع كوادر الجماعة المتطرفة في العراق وسوريا. ولم يعلن التنظيم من جهته مسؤوليته عن الجريمة.
ويفيد محضر الاتهام أن المتهمين الرئيسيين توجهوا نحو جبال الأطلس في 12 دجنبرعاقدين العزم على «اغتيال سياح» أجانب، وترصدوا عدة ضحايا محتملين لكنهم لم يبادروا لإيذائهم، لوجود مرشدين سياحيين أو سكان من المنطقة.
وليل 16 إلى 17 دجنبر ترصد عبد الصمد الجود ويونس أوزياد ورشيد أفاطي الضحيتين الاسكندنافيتين اللتين كانت تنصبان خيمة في منطقة معزولة بموقع الجريمة، وقام الأولان باغتيالهما، بينما تكفل الثالث بالتصوير بواسطة هاتف نقال.
وإلى جانب المتهمين الرئيسيين الأربعة يمثل عشرون مشتبها بهم آخرون تراوح أعمارهم بين 20 و51 سنة، أوقفوا في مراكش ومدن أخرى لصلاتهم بالقتلة المفترضين، ويشتبه في انتمائهم إلى الخلية التي أسسها عبد الصمد الجود، بحسب المحققين.
وهم متهمون بالتخطيط لهجمات في المغرب والسعي للقتال تحت راية تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، بالإضافة إلى بث «فيديوهات دعائية» لجهاديين عبر تطبيقي واتساب وتيلغرام.
وبين هؤلاء المتهمين أجنبي واحد هو إسباني سويسري اعتنق الإسلام يدعى كيفن زولر غويرفوس( 25 عاما ) ويلقب بعبد الله أو يحيى، ويشتبه بتورطه «في تلقين بعض الموقوفين في هذه القضية آليات التواصل المشفر، وتدريبهم على الرماية»، كما في المساعدة على تجنيد آخرين، بحسب المحققين، لكنه دفع ببراءته أمام قاضي التحقيق.
وطالب محاميه سعد السهلي في نهاية جلسة الخميس تأمين مترجم «لضمان اطمئنان المتهم وعائلته للعدالة».
المتهمون بقتل سائحتين اسكندنافيتين في المغرب مثلوا في قفص زجاجي : محام يطالب باعتبار الدولة طرفا في المحاكمة» لكي تكون ضامنا لأداء التعويضات المستحقة لذوي الضحايا«
بتاريخ : 18/05/2019