اعتبر سفير المغرب ببوخاريست، حسن أبو أيوب، أن ربط فشل مساهمة الدول الغنية في عملية تنمية البلدان النامية بثنائية شمال – جنوب لا أساس له من الصحة، سواء على المستوى الاقتصادي والجغرافي.
وشدد أبو أيوب على أن عملية التمويل برمتها لا يجب النظر إليها ضمن ثنائية المانح والمستفيد، بل بالنفاذ الى أصل المشكل والمتمثل بالأساس في مسألة غياب الحكامة في تدبير الموارد المحلية لأن البلدان المستفيدة، في أغلبها، بلدان لها إمكانيات هائلة لا تحتاج إلا الى توظيف أمثل وشفاف، فيما النسبة التي اقترحتها أجندة أهداف التنمية المستدامة لا تتجاوز 0.7 بالمائة من الناتج الداخلي القومي للدول الغنية المانحة.
وفي تشخيصه لأسباب فشل هذه الأجندة إجرائيا، شدد على عجز الحكومات المحلية عن السيطرة على دواليب النمو، وعدم قدرتها على تأمين احتياجات شعوبها الأساسية والتي من أجلها وضعت هذه الاجراءات، حيث 880 مليون نسمة اليوم بالعالم مازالت تعاني من الجوع ، 80 بالمائة منهم يعانون الجوع والفقر بسبب عدم الاستقرار السياسي أو بسبب حروب إقليمية أو أهلية أو بسبب التغيرات المناخية.
هذه الوضعية اللاعادلة التي تفرضها الدول النامية على شعوبها، يقابلها حسب السفير حسن أبو أيوب تغليب الهاجس الأمني وما يستتبعه من إنفاق جنوني على الترسانة العسكرية بما يفوق تمويل برنامج تغذية استعجالي، وهو ما يظهر بشكل جلي أن المشكل سياسي بالدرجة الأولى قبل أن يكون التزاما أو إخلالا من الدول المانحة بتعهداتها.
وفي سياق هذا التناقض الصارخ، سجل السفير أن الانتقادات التي توجه لدول إفريقيا بإهدار التمويل في قضايا بعيدة عن التنمية، تجد مصداقيتها في استشراء الفساد السياسي عبر تصدير الأموال الى الخارج، وفي الإنفاق العسكري المفرط حيث بلغ مستوى الناتج الإجمالي الافريقي 250 مليار دولار، حصة النفقات العسكرية منه 200 مليار دولار.
أبو أيوب جزم بشكل قاطع كل إمكانية لتحقيق وأجرأة أهداف التنمية المستدامة المحدد لها نهاية 2030 بالنظر الى ما تعانيه الشعوب في الدول النامية من عدم استقرار وتهجير وفقر، حيث أن 42 دولة في العالم النامية، ومنها دول عربية جارة كليبيبا وسوريا والجزائر، ينتظرها مستقبل مجهول، بالإضافة إلى أن ثلاثة برلمانات في العالم فقط من طرحت هذه الأهداف 17 لأجندة التنمية المستدامة موضع نقاش عمومي، فيما تراجعت دول عظمى عما صادقت عليه من تعهدات في 2015 وأولها الولايات المتحدة الأمريكية خاصة تراجعها عن التوقيع على اتفاقية التغيرات المناخية.
ويرى أبو أيوب أن تنفيذ الأهداف العامة للتنمية المستدامة بدول الجنوب، مشروط بالقدرة الاقتصادية لهذه الدول التي تحتكر العنف الشرعي (الضرائب) على رسم سياسة جبائية تترجم الحاجيات والخطاب الديمقراطي إلى ممارسة لان فشل دول الجنوب تنمويا مرتبط بفشل نموذجها الديمقراطي او استحالة تطبيقه، بالإضافة الى ما تمنحه التكتلات الإقليمية من إمكانات كفيلة بإخراجها من أزماتها الاجتماعية والاقتصادية.