زيف وتفكك حكومة الوحدة الإسرائيلية

سري القدوة

اتساع سلسلة المظاهرات من قبل الإسرائيليين ومطالبتهم برحيل نتنياهو، اتسعت خلال الشهر الماضي، وتواصلت أمام مقر إقامته، مطالبين برحيله وتقديم استقالته فورا على خلفية التهم المتعلقة بالفساد، وتم إغلاق جميع الشوارع المحيطة بالمقر وفقا لما تداولته وكالات الانباء، ووجه المتظاهرون انتقادات لنتنياهو المتهم بالفساد والاحتيال وخيانة الأمانة وسوء استخدام السلطات، وتعرضت حكومة الوحدة الوطنية الاسرائيلية لانتقادات واسعة بسبب التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، وعدم إيفاء الحكومة بوعودها لإنعاش الاقتصاد، وتقديم المساعدات للمتضررين، وأيضا نتيجة سياساتها الخاصة بالتعامل مع ملف الضم وتطبيق صفقة القرن الأمريكية.
إن تلك المظاهرات ومطالبة المئات من الاسرائيليين نتنياهو، بالاستقالة على خلفية فساده المالي والإداري، وعدم قدرته على مواجهة المتغيرات الدولية والمحلية، وفشله في التعامل مع مختلف القضايا المطروحة، والاستفادة من أطول فترة حكم بتاريخ دولة الاحتلال، واستثمارها في بناء المستوطنات، والسعي لتوسيع الاستيطان بطرق غير شرعية على حساب الأراضي الفلسطينية، فمازالت هذه القضايا شبحا يلاحقه، وأن تلك الإجراءات والممارسات كانت تغطية على فساده وتلقيه الرشاوى، وتمسكه بالسلطة. ولعل أبناء الشعب الفلسطيني هم وحدهم من دفع فاتورة هذا التهور لتصل طرق السلام إلى دائرة مفقودة، وتدور المنطقة في دوامة المتغيرات العبثية من جراء سياساته العقيمة وممارساته العنصرية.
إن نتنياهو سيحاول أن يعمل على تأجيج الأوضاع السياسية من أجل إنقاذ نفسه والهروب إلى انتخابات رابعة جديدة، إلا أن ذلك سيجابه بمواقف سياسية سواء من داخل حزبه الليكود الذى يمكن أن ينقلب عليه او حتى حليفه الوحيد الرئيس ترامب، كما سيجابه بمواقف على الساحة السياسية لدى دولة الاحتلال التي ترفض أن يستمر نتنياهو في الحكم بعد كل ما ارتكبه من مغالطات أججت الشارع الاسرائيلي ضده؛ فهو رجل كاذب ولم يكن صادقا يوما، مارس الخداع والكذب على العالم أجمع ليصل به المطاف إلى أن يكون حاكما فاسدا مستخدما القمع والاعتقال بحق المتظاهرين ومطاردتهم، وأنه يضع مصلحته الشخصية فوق الجميع.
لقد تتالت الأحداث بالنسبة لرئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حيث ما زالت قضايا الفساد تلاحقه بالرغم من توصله لتشكيل الحكومة، حيث تعصف به الرشوة والغش وخيانة الأمانة ولم تسعفه كل محاولات هروبه للإمام ومحاولاته لتطبيق صفقة القرن والخروج بالمنتصر، ولم تنفعه او تسعفه علاقاته وتحالفاته مع الرئيس الامريكي ترامب. وقد أدت الأحداث المتلاحقة إلى الإسراع في مطالبة المجتمع الاسرائيلي برحيله، حيث شهدت المدن الاسرائيلية الكبرى مظاهرات صاخبة تطالب باستقالته من حزب الليكود وخروجه من المشهد السياسي الاسرائيلي لعدم قدرته على تطبيق العدالة، وفشله في مواجهة وباء الكورونا وتصميمه على تطبيق صفقة القرن الامريكية بغض النظر عن النتائج المترتبة عن هذه القرارات المثيرة للجدل ولعدم احترامه للاتفاقيات التي وقعها مع حزب ازرق أبيض والتي أدت إلى الولادة العسيرة لحكومة الوحدة الوطنية.
إن سياسة العربدة والبلطجة التي مارسها نتنياهو على أبناء الشعب الفلسطيني سواء فى الداخل الفلسطيني أو في قطاع غزة والضفة الغربية، ستبقى وصمة عار تلاحقه، ولن يغفر له ما ارتكبه من بلطجة وسرقة ونهب وفساد وممارسته النزعة العنصرية واللاسامية، وهذا ما كشفته سياسة نتنياهو فى تعامله مع الأزمة والاحتجاجات التي اندلعت مؤخرا بين قوات الأمن الاسرائيلية؛ حيث تبين حجم انهيار قيم الديمقراطية والتعددية والمساواة بين أقطاب حكومة الوحدة وزيف المجتمع الاسرائيلي وتفككه.

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

الكاتب : سري القدوة - بتاريخ : 20/07/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *