هل تكون نهاية نتنياهو على يد حزبه اليميني؟

فادي أبوبكر *

رأى المفكر الأميركي «نعوم تشومسكي» في حوار أجراه معه الباحث في الاقتصاد السياسي الدولي “سي جي بوليكرونيو” بتاريخ 25 يوليو/تموز 2018: “أن التهديد بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو آتٍ في المقام الأول من حزبه اليميني”. وفي ظل ما تشهده الساحة السياسية الاسرائيلية اليوم من تعقيدات في ظل إعادة إجراء الانتخابات التشريعية الإسرائيلية المبكرة بعد أقل من شهرين من الانتخابات السابقة والتي عقدت في 9 أبريل/نيسان 2019، وفشل نتنياهو من تشكيل حكومته، وبالتالي انحسار السيناريوهات المحتملة في إجراء انتخابات ثالثة، أو انتخابات مباشرة لرئيس الحكومة. هل تتحقق رؤية تشومسكي، وتنتهي حياة نتنياهو السياسية على يد حزبه اليميني؟.
على الرغم من تمتّع الائتلاف القومي الديني اليميني في “إسرائيل” بشعبية حقيقية، إلا أن استقالة افيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا اليميني من منصبه كوزيراً للحرب في نوفمبر/ تشرين ثاني 2018 احتجاجاً على قبول هدنة لإنهاء يومين من القتال مع الفصائل الفلسطينية مع غزة، مثّل ثغرة في جدار المعسكر اليميني، حيث أن ليبرمان شكّل عائقاً أمام نتانياهو، ومنعه من التوصل إلى اتفاق لتشكيل الائتلاف الحكومي، على الرغم من فوز الحزب الذي يتزعمه “الليكود” والأحزاب اليمينية والدينية بأغلبية 65 مقعدا من أصل 120 في الانتخابات العامة التي أجريت في 9 نيسان/أبريل المنصرم. وقد تكون الانتخابات التشريعية الإسرائيلية 2019 مؤشراً يقودنا إلى افتراض استنتاجي مفاده أن الثغرة في جدار المعسكر اليميني آخذة في التوسع شيئاً فشيئاً.
ومع هذا الفشل ظهرت أصوات داخل حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، تطالب بإعادة انتخابات داخل الحزب بهدف الإطاحة به، وإبراز قائد جديد يستطيع إقناع الأحزاب الأخرى الدخول بشراكة معهم لتمكنهم من تشكيل الحكومة. ويعتبر كل من “يسرائيل كاتس”، و”جلعاد أردان”، و”جدعون ساعر”، أبرز القادة الليكوديين الذين يريدون منافسة نتنياهو أو ربما الإطاحة به، إلا أن نتنياهو كان يستبق جميع خطوات منافسيه، حيث دعا مبكراً إلى انتخابات تمهيدية داخل الحزب، لقطع الطريق على أي أحد قد يسبقه ويعمل على الإطاحة به.
لا يمكن غض النظر عن المشكلة القضائية، التي تمثل نقطة ضعف لنتنياهو، يستغلها الصديق قبل العدو. ومن جهةٍ أخرى، فإن تجاهل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنتنياهو بعدم الرد على مكالماته، وعدم الاستجابة لمطالبه بإعادة المساعدات المالية للسلطة كما تزعم مصادر عبرية مختلفة، يمثل نقطة أخرى تسجل ضمن نقاط ضعف نتنياهو.
في ظل فشل التوافق لتشكيل الحكومة الإسرائيلي، يبقى هناك سيناريوهان لا ثالث لهما أمام المشهد الانتخابي الإسرائيلي، يتمثل الأول بإجراء انتخابات ثالثة، والثاني بإجراء انتخابات مباشرة لرئيس الحكومة. ويعتبر السيناريو الثاني الأكثر ترجيحاً، في ظل وجود شبه إجماع عليه لدى مختلف الأحزاب الإسرائيلية.
على الرغم من إبلاغ نتنياهو مساء يوم الجمعة الموافق 8 نوفمبر/ تشرين ثاني 2019 زعيم حزب “شاس” أريه درعي ( صاحب اقتراح الانتخابات المباشرة لرئيس الحكومة) بأنه مخوّل بتعزيز التحرك نحو إجرائها. إلا أن ذلك لا يعني أنه خياره المفضل، بل أن ضغوطاً قد مورست عليه من قبل حزبه والمعسكر اليميني للقبول بهذا الخيار، خصوصاً وأن مصادر عبرية، كانت قد أفادت بأن علامات المعارضة قد ظهرت على وجه نتنياهو، حينما طرح درعي هذه الفكرة.
يعلم نتنياهو جيداً أن فرص نجاحه بالإبقاء على حياته السياسية أقوى بالانتخابات التشريعية منها في الانتخابات المباشرة لرئيس الحكومة، كون الناخب الليكودي واليميني ملتزم بالتصويت له وهو على رأس قائمة حزبية. أمّا وهو منفرداً، وفي ظل نقاط الضعف التي يواجهها شخص نتنياهو، من منافسات ليكودية ويمينية، ومشاكل قضائية، وعلاقات متراجعة مع الإدارة الترامبية، فإن الفرضية الأقوى تشير إلى أن حياة نتنياهو السياسية ستنتهي على يد حزبه اليميني والمعسكر الذي ينتمي إليه، لترتقي بذلك المقولة الشهيرة: “القطة تأكل أبنائها”!.

* كاتب وباحث فلسطيني

الكاتب : فادي أبوبكر * - بتاريخ : 14/11/2019