إعادة تسليح الدولة في مواجهة الفساد..

الاتحاد الاشتراكي

كل إصلاح هو تسليح للدولة، وأجهزتها، بقضائها وأمنها وبرلمانها ومؤسسات الحكامة فيها، ضد الفساد، كل أنواع الفساد.
والعودة إلى الإصلاح السياسي، بشقه الانتخابي، هو إعادة تسليح الدولة، لكي تكون في مستوى التزامها بمحاربة الفساد الانتخابي، ووضع آليات حقيقية لتقوية التنخيب الجدي، الحامل للبرامج والمشاريع والكفاءات الوطنية الأخلاقية العالية..
ولا بد من تأطير مقاربتنا لهذا الهدف المعلن، لكي نفهم مقترحات حزب القوات الشعبية بالدعوة، »إلى مساهمة المجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها في عملية إصلاح المنظومة الانتخابية وتعزيز النزاهة الانتخابية، وذلك وفق المهام الموكولة لهما، دستوريا وقانونيا، والتأكيد أيضا على أهمية المقاربة التشاركية في تكريس روح التعاون والتضامن المؤسساتي، من أجل إصلاح شامل يوقف كافة الاختلالات المفسدة للعملية الانتخابية، والتي تتجسد أساسا في استغلال الدين، أو استعمال المال والنفوذ».
فالمشاكل التي تواجهنا، هي استعمال الدين، بما يكون فيها من شعبوية أخلاقوية، اتضح فسادها، لكن قاعدتها الاستغلالية للدين، ما زالت قادرة على ضرب مجهود الدولة..
هناك الشعبوية، في شكلها الأخلاقوي، التي لا تتورع عن استغلال الدين، وهناك صنوها الفساد المالي.. وهما يلتقيان في الأثر، الذي يكون لهما، ويتحدان أيضا في التصويت ! كما في الأثر غير المباشر في العزوف عنه!
ونقصد بذلك أنهما يعبئان كثافة انتخابية معينة بطريقة منحرفة، إما بإفراط استغلال الدين أو بإفراط استعمال المال، وهما معا، لا محالة، سبب في الهروب من مخادع التوصيت..
* إشراك مؤسسات الحماية الأخلاقية لمؤسسات الدولة والمحاسبة القانونية والدفاع عن المشروعية وحسن التدبير، من خلال مؤسسة محاربة الرشوة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بما راكماه من تجربة، وأيضا بما يملكانه من صلاحيات دستورية في مجال توسيع دائرة الرشوة الانتخابية، مادية كانت أو لامادية، وتنقية القوانين من كل مدارج تسلل الفساد إليها…
لا بد من طرح السِؤال: هل مهمة مراقبة المال الانتخابي، مثلا، تقتصر فقط على ما يصرف من مال عام في إطار دعم الأحزاب في حملاتها الانتخابية، أي في صرفه عند المصب، بدون أن ننظر إلى المال الذي يصرف عند المنبع، أي المال الوسخ الذي يقزم أدوار المال العمومي في هذا الباب؟
هل دور المجلس الأعلى للحسابات هو الذي يجب الاعتداد به، بدون مجالس أخرى تتعلق أيضا بتدبير المال في شؤون عمومية كمثل الشأن الديموقراطي، وهنا لا بد من توازن في سلط المنبع والمصب….
لقد بينت وقائع وأحداث تاغازوت، وجود ثغرات قانونية، وتجاوزات فظيعة للتهييئات العمرانية. كما اتضح تواجد نخب بنت شعبيتها على استغلال الدين وعجزها عن توفير الشرط الأخلاقي المؤسساتي المتعلق بنفوذ البعض وبقوة الانحراف القانوني، وصار من اللازم أن نعيد الاعتبار لمسألة تخليق الحياة الانتخابية، لأن آثارها تجاوزت فتات الامتيازات إلى عمق تحريف المشاريع والمؤسسات عن أهدافها المثلى والحقيقية.
ونجد في صلب هذا الانحراف ثنائية المال والدين، مدعومة بنمط معين من تدبير السلطة الترابية.
كل ماسبق ذكره، هو في الواقع أدوات إقناع تمثلها ويتمثلها الاتحاد في الدفع بالإصلاح الانتخابي، وإشراك مؤسسات الترافع القيمي الدستورية في هذا الجهد الوطني لإعادة تسليح الدولة في وجه الفساد.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 20/02/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *