النصف الآخر من القبلة، لي

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

النصف الآخر من القبلة، لي
هو الذي يقودني فوق مخدات السحاب، تلك التي مازال درويش يصنعها في الأعالي..بالرغم من رحيله.
ماذا فعلنا، أيها الحب بالقبل
في زمن مرتعش؟
ماذا تبقى من القبل التي لا يعرف بها أحد
تلك التي تبادلناها،
بدون شهود وبدون حرية، على الأرصفة وفي الحدائق العامة أو في الساحات؟
ماذا تبقى منها، عندما نغادر مَنْ قبَّلنا
أو يغادروننا..
أولئك الذين يغادروننا، ثم يتوسلون كثيرا إلينا بأن نكرههم طويلا، ولمدة الأبد..
ذلك حتى يظلوا معنا
وحتى نظل نذكرهم باستمرار..
نحتفل بالحب في يومه العالمي
ونحن لا نستطيع أن نقبل بعضنا في الحديقة أو الشارع العام، في لحظة تماس إنسانية خفيفة خفة لا تحتمل.
فقبلة يمكنها اليوم أن تحدث زلزالا، كما هو أمر الحريات الفردية..
قد يكتب الكاتب إلى حبيبته ساهيا في الأفق دون أن يكون على خطأ:قبلاتنا تقاس على سلم رايتشر يا حبيبتي.
ويمكنها أن تخرج أقوى الأحزاب عن طورها، ولا يحدث شيء، عندما تناقش الإثراء غير المشروع مثلا..
اللصوص أقل خطرا منا يا حبيبتي، فهم لا يزعجون أحدا عندما يصبحون أثرياء للغاية من المال العام.
أنا وأنت عندما نقبل بعضنا حتى ولو كنا جائعين أو كنا فقراء، فإن العالم يمكن أن ينهار
والقانون يشهَر في كل أركان الطرقات
ونُطلب للمثول أمام العدالة
وتعلق صورنا في المخافر
وفي المطارات ونمنع من السفر
وعندما لا يجدون جوازات السفر، يحتجزون منا قلوبنا
ورقة القبلات التي بقيت عالقة بالشفاه
ورائحة القهوة أو الشكولاطة أو السجائر التي تأخذ شكل قلب ..
نحن نحتفل بالحب، ولا يمكن لممثل أن يقبل ممثلة في فيلم عاطفي
ولا أحد منا يمكنه أن يدعي بأن القبلة ضرورة في فيلم..
عندما يتحدثون عن قبلة أخيرة، كتلخيص لكل الحب، وقصته
لا نعرف بالتدقيق ذلك، لأنه لم يحصل لا في محطة قطار ولا في مطار
ولا في زقاق قديم
ولا في فندق حديث العهد بالإعلانات الرومانسية…
قد يحدث ذلك في زقاق مظلم
في ركن من بار بيانو في
ناد بريطاني لا يعرفه الكثيرون
في حقل بعيد
في أطراف الشمس
غرب الليل..
وعندما يتحدثون عن أول قبلة كتلخيص لوعود الحب
وبروق ؛ لا نعرف بالتحديد سوى تلك الحرارة الغامرة، التي اكتشفناها في صيف جسدي معزول بعيدا عن كل الأنـظار..
نعرف أن الذي دخلناه لا يجب أن يعرفه أحد
أو يراه أحد..
قد يمر العالم كله من خرم إبرة لكن صورتك وأنت تقبلين حبيبك لن تمر بسلام
وكل الهفوات ممكنه إلا أن تستسلمي لقبلة في عيد أو في حزن
أو في كآبة أو في فرح….
هي رحلة هرمون السعادة في الجسد، قد تجعل ملايين الناس يطاردونك بتهمة أنك تغير نواميس الكون
وتغير خلق الواحد الأحد
وتسفه الأمة
وتضعف عزيمة الجنود الذاهبين إلى الجهاد…
عندما أقول اهديني قبلة
قولي الأصح اهديني قنبلة!
عندما أقول هات قبلة
أقول الأصح:هات قنبلة
كوكتيل قد نتهم بأننا نريد به هدم القباب والمنابر والأعمدة في مساجد البلد.
يا لقبلتك
يا لقبلتي..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 14/02/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *