أعمال الروائي « عبد الحميد البجوقي» بين الإثارة السياسية و الإمتاع الأدبي

إذا كانت خاصية النصوص الادبية تقوم على الإثارة الفنية والتشويق والإمتاع ، بناء على ما جادت به قريحة المبدع من أحداث ووقائع تقطر بسرد جذاب ومشبع بوصف فاحم وباهر، فإن الإثارة السياسية بكل مكوناتها « الحكومة -البرلمان الوطني – الاحزاب السياسية – اليمين الشعبي – المعارضة الاشتراكية – الأغلبية المطلقة – ديماغوجية رخيصة…الخ تبقى سمة أساسية لنصوص عبد الحميد البجوقي ، لكنها غير مهيمنة تبرز حينا وتختفي حينا آخر ، أي حسب ما يقتضيه تطور الاحداث و تفاعل الشخوص معها ، وهو ما يترجم احترافية كاتبنا في حفاظه على كينونة النص الادبي ومميزاته الخاصة . إنها باختصار بيداغوجية الخطاب الحكائي التي تميزهذا المبدع الواقعي اللذيذ وتسير في ركب مؤلفات ثلة من المبدعين الذين دأبوا على هذا الصنف من الكتابة والتعبير وتحلوا بالشجاعة والاستقلالية أمثال : دوستويفسكي وغارسيا ماركيز وخوان غويتسولو و تامر زكرياء وعبد الرحمن منيف .
لما يلج القارئ فضاءات كتابة عبد الحميد الفسيحة، يجد نفسه في مسؤولية أو يخيل إليه أنه في سفر مرغوب فيه لمشاركة الآخرين ( المهاجرين الاجانب – الأقليات ) ثقل معاناتهم ومعانقة قضاياهم وتطلعاتهم ، وهذا ما يمكن اكتشافه من خلال توظيف الكاتب لرزمة من الحقول الدلالية الغنية بالإخبار والتفسير والاثارة الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تنتصب ألفاظها كالأعمدة في المؤلف ، تؤمن بناء الرواية من جهة وتشغل بال القارئ – أحداث أليخيدو الهمجية – من جهة أخرى . ومعروف في أدبيات الكتابة والابداع أن الكتابة الشذرية المفعمة بالإيحاء والبلاغة الفنية هي النموذج الذي يتوخى القارئ الظفر به
هذه الحقول يمكن ترتيبها على الشكل التالي :
1- الحقل السياسي : وقد ضمنه الكاتب مجموعة من الالفاظ ك « الحكومات – البرلمان الوطني – المعارضة الاشتراكية – اليمين الشعبي – الانتخابات التشريعية – ديماغوجية رخيصة الخ .
2- الحقل القانوني : وقد تناول فيه الكاتب « قاضي التحقيق – محامي تقدمي- التهمة – التحقيق – العقوبات السجنية – المحاكمة – القانون الخ
3 – الحقل الاجتماعي : يعرض على الارض الكلينكس والشوينغوم – الطرد – السرقة – الاغتصاب -بائعات اليناصيب –
4- حقل الجنس البشري : افريقي أسود – مورو – الغجريات – المهاجرين – الأقليات .
5 – الجانب النفسي: أخاف الطرد – لم أحقق ما جئت من أجله بعد – ثقل المعاناة – الحزن – أجمل سنوات العمر – الغربة – الورطة – الانهيار .
6- حقل اللذة و الوجدان : مواويل – الحانة – البيرة – الشمبانيا – ليالي ساندرا . هذا فضلا عن توظيفه لفضاء الزمان كـ : الساعة – المساء – اليوم – و الاشتغال على الفعل الماضي ك : كوصل رشيد الى محطة الميترو – ابتسم رشيد – والفعل المضارع ك « لم يأبه به رشيد – نشرب نخب لقائنا – مما يفسر استمرار تنامي الأحداث وتطورها ، ثم فضاء المكان كـ :
ساحة باب الشمس – ساحة القديس دومينغو – شارع مونطيرا – حانة مونطيرا – شارع غرنبيا .
هذا التمازج في الزمان بين الماضي والحاضر، وهذا الفسيفساء من الاسماء والالقاب في الاماكن، تعطي لتسلسل الأحداث نكهة و جمالية فنية لامعة تسكن إليها نفس القارئ، ويستريح إليها فضوله المتزايد .
وإذا كانت اللغة بسيطة و جميلة عند كاتبنا ، فإن الأساليب المتنوعة التي يعتمدها تقف آية من الجمال في الشرح والتفسير والإمتاع و الإقناع ، نذكر منها :
– أسلوب التعريف : كالمقطوعة الخامسة – المهاجرين الافارقة – الكرة الارضية .
– أسلوب الاستفهام :هل رأيت ساندرا اليوم ؟
– أسلوب النفي : لا تقلق عزيزي – لا تكل من المعارضة .
– أسلوب السرد : كان رشيد يمشي بهدوء
– أسلوب الوصف :صوت عال – وتيرة مرحة – مورو فقير .


الكاتب : الحسين وبا

  

بتاريخ : 20/12/2018