تمديد الحجر الصحي إلى غاية 20 ماي .. تدارك الهفوات واستثمار الإمكانيات

هل تفادى المغرب 6 آلاف أم 2500 حالة وفاة؟ وزير الصحة يطرح رقما في مجلس المستشارين ومدير مديرية الأوبئة يعطي تقديرات أخرى؟

 

قررت الحكومة في مجلس استثنائي مساء السبت، تمديد مدة الحجر الصحي إلى غاية 20 ماي، والإعلان عن مرحلة ثانية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، دون أن تقدم وزارة الصحة أية قراءة للوضعية الوبائية الحالية، والدوافع التي أملت اتخاذ هذا القرار، وتقديم تقييم للمرحلة الأولى، من أجل تعزيز الإيجابيات التي أعطت أكلها وتجاوز النقائص التي حالت دون تطويق الفيروس، وأدت إلى استمرار تسجيل الإصابات في منحى ظل يعرف تباينا، تارة بالصعود وتارة أخرى بالانخفاض ومعاودة الارتفاع مجددا، خلافا لما تم تسجيله في دول أخرى.

وإذا كان وزير الصحة قد أكد في مجلس المستشارين قبل أيام أن المغرب قد تفادى 6 آلاف حالة للوفيات، فإن مدير مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بالوزارة نفسها، أكد في لقاء تلفزي مساء السبت، أن بلادنا بفضل المكتسبات التي تم تحقيقها في المرحلة الأولى من الحجر الصحي والتي يجب تثمينها، قد تمكنت من تفادي ما بين 700 و 2500 حالة وفاة أكثر، إلى جانب ما بين 10 و 36 ألف حالة إصابة تنضاف إلى ما هو مسجل اليوم، إلى جانب أنه كان من الممكن أن يكون عدد المتواجدين بأقسام العناية المركزة والمستعجلات يتراوح ما بين 1600 و 5700 حالة، وهي التقديرات الرقمية، التي أوضح المتحدث، أن نظاما معلوماتيا يمكن من الحصول عليها في إطار المراقبة الوبائية المعتمدة، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام، بين الرقم الذي أدلى به الوزير الوصي على القطاع بخصوص الوفيات التي كانت محتملة، والرقم الذي أشار إليه الموظف في الوزارة، مما يعمقّ منسوب الغموض ويزيد من اتساع رقعة القلق؟

 

وكانت وزارة الصحة قد أكدت، أن نسبة الفتك تراجعت إلى 5.1 في المئة، كما انخفضت نسبة الحالات الخطيرة إلى 4 في المئة، مشيرة إلى أنه يوجد بمصالح الإنعاش والعناية المركزة 89 مصابا ومصابة، مشددة على أهمية الكشف المبكر في تحقيق هذه النتيجة، خاصة وأن 19 في المئة من الحالات المتكفل بها كانت بدون أعراض، وهو ما يعني أنه تم اكتشافها بشكل مبكر. وأوضحت الوزارة أن عدد المخالطين بلغ 13562 مخالطا ومخالطة منذ بداية الجائحة الوبائية، مبرزة أن 6027 منهم يوجدون تحت المراقبة، وبأنه تم اكتشاف 1331 حالة مرضية مؤكدة، من بينهم 92 حالة تم اكتشافها ما بين السادسة من مساء الجمعة ومساء السبت، أي ما يمثل نسبة 76 في المئة من مجموع الحالات التي تم تسجيلها خلال تلك الـ 24 ساعة، التي تم خلالها تأكيد 121 حالة إصابة جديدة، إضافة إلى 3 وفيات، مع ارتفاع في نسبة التعافي التي وصلت إلى 11.7 في المئة.

وأكد عدد من الخبراء والمختصين، في تصريحاتهم لـ “الاتحاد الاشتراكي”، أن تمديد الحجر الصحي يقتضي توسيع دائرة الاختبارات في هذه المرحلة الثانية، بعيدا عن أية “قيود إدارية” قد تحول دون ذلك، بمجرد وجود الشك لا بضرورة انتظار ظهور الأعراض، مع الحسم في وضعية المخالطين والبث في وضعهم الصحي بشكل نهائي، من أجل إقصاء إرث المرحلة الأولى، بالتأكد من عدم إصابة البعض والتكفل بالبعض الآخر إذا تبينت إصابتهم. وشددت مصادر الجريدة على أن هذه الخطوات يجب أن تكون متميزة بالنجاعة للحيلولة دون ظهور بؤر جديدة، التي ترفع من مستويات الإصابات في ظرف زمني وجيز، كما وقع في الدارالبيضاء ومراكش وفاس والناظور وطنجة، مشيرة إلى أن الرقم الذي كان صادما قبل أيام سرعان ما تراجعت معدلاته مساء السبت، وكلما تم التحكم في البؤر، صناعية كانت أو عائلية، كلما انخفض عدد الحالات.

ودعا عدد من المختصين بتطبيق الحجر الصحي بكيفية أكثر صرامة من المرحلة الأولى، وتوفير الكمامات الوقائية، لأنه لا يمكن مطالبة المواطنين بوضعها وهي غير متوفرة بالعدد الكافي وليست في متناول الجميع، مشددين أن الحجر الصحي في نسخته الثانية هو فرصة لتدارك الهفوات واستثمار الإمكانات المتوفرة، إذ يجب ضبط عدد من الممارسات والسلوكات التي تكون في مجموعة من الأسواق التجارية الكبرى، وفي الأسواق الشعبية، التي تعرف اكتظاظا، وتقاربا بين المواطنين، بشكل يسمح بسلاسة انتقال العدوى متى توفرت في فضاء من الفضاءات.

من جهتها دعت وزارة الداخلية إلى جانب قطاعات وزارية أخرى، إلى تعزيز الإجراءات الوقائية بالوحدات الصناعية والتجارية والفلاحية، وتنظيم زيارات ميدانية للمراقبة وتتبع الوضع بها، والوقوف على مدى احترام الشروط المنصوص عليها، المتمثلة في مسافة الأمان، ووضع الكمامات، والتعقيم وغيرها من الخطوات الاحترازية الأخرى، بعد أن تسببت وحدات صناعية ومتاجر في رفع أرقام الحالات المرضية بفيروس كورونا المستجد خلال الأيام الأخيرة.

وفي سياق ذي صلة، كانت الفدرالية الوطنية للصحة من خلال ممثليها، قد قامت قبل مدة بزيارة ميدانية رفقة عامل النواصر وعددا من المسؤولين إلى وحدتين صناعتين، الأولى تخص تصنيع الأدوية والثانية تهتم بتصنيع المعدات التي لها صلة بالطيران، وتم الوقوف على نتيجة العمل الذي ساهم به أطباء القطاع الخاص مع مسؤولي المقاولتين في هذا الجانب، من أجل التقيد بالخطوات والتدابير الوقائية، حيث تم تحديد وتنويع مسارات التحرك بالداخل، واعتماد سبل الوقاية، وإعداد ملصقات وكبسولات للتوعية والتحسيس، وغيرها من الإجراءات التي تشمل عملية النقل، وهي الخطوات التي تمت أجرأتها لتفادي انتقال العدوى. وإذا كانت هذه التجربة التي إذا ما تم تعميمها قد تميزت بالنجاعة، وتعتبر عنوانا على التكامل بين أطباء القطاع العام والخاص، والتخفيف العبء عن بعضهم، فإن وحدة أخرى في النواصر وبكل أسف عرفت تسجيل مجموعة من الحالات، التي تنضاف إلى وحدة عين السبع وغيرهما، مما يؤكد الحاجة إلى ضرورة الإشراف الطبي في كل ما له علاقة بالشق الوقائي في مجمل الوحدات المختلفة أنشطتها.

المرحلة الثانية من الحجر الصحي، وإلى جانب التدابير الموصى بها، التي يجب التقيد بها وبشدة من أجل القطع مع الفيروس، في انتظار العلاج المضاد له، واللقاح الذي يتطلب وقتا ليس بالهين، يجب أن تتميز كذلك بتمكين مهنيي الصحة بوحدات الإنعاش والعناية المركزية من إجراء اختبار مرة في الأسبوع من أجل محاصرة أي احتمال للعدوى وضمان وقاية المهنيين، إلى جانب تتبع الوضعية الصحية لكافة المهنيين، خاصة أولئك الذين اشتغلوا في مسار “كوفيد 19″ منذ البداية، من أجل التأكد من وضعهم الصحي، ومن عدم إصابتهم، وعدم وجود أي حامل للفيروس بدون أعراض، لتحصين ” الجيش الأبيض ” الذي هو العمود الفقري في هذه المعركة ضد الوباء.

 


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 20/04/2020