حجّ عدد من سكان الناظور مساء السبت 15 شتنبر 2018 إلى ساحة حمان الفطواكي، تلبية للدعوة التي تم إطلاقها، في وقت سابق، من طرف عدد من النشطاء، من أجل تنظيم وقفة تضامنية مع مرضى السرطان، ولمناشدة المسؤولين من أجل تسريع العمل لإحداث مستشفى متخصص في علاج أمراض السرطان بالمنطقة. متضامنون ومحتجون من مختلف الأعمار ومن الجنسين، بعضهم حضروا بعد أن حلقوا رؤوسهم في رسالة داّلة وبليغة، وشاركوا بكثافة في الوقفة التي رفعت فيها يافطات معبرة عن الألم والمعاناة التي يحسها المريض بالسرطان وأسرته، تضمنت رسائل من قبيل «السرطان قاتل الريف ـ أمي .. أبي، لماذا أتألم؟ لماذا سقط شعري؟ لماذا لست كباقي الأطفال؟ ـ إننا نحتضر مع السرطان لا تضيفوا لنا معاناة السفر ـ أنا أتألم .. أنا احتضر، قريبا سأموت .. أغيثوني»، فضلا عن ترديد شعارات قوية بمطلب واحد ووحيد ترجمها شعار «خرجنا واحتجينا والمستشفى اللي بغينا».
أطفال صغار، شبان ومسنون، رددوا شعارات وذرفوا الدموع وهم يتكلمون، كما هو الشأن بالنسبة لأحد الشباب المسرحيين الذي تناول الكلمة وهو غير قادر على إتمام مداخلته التي وإن كانت تعابيرها تصل إلى الأسماع عن طريق لسانه، لكنها كانت تعكس نبض قلب مفجوع، لفقدان قريب بسبب السرطان، تسبب رحيله في حزن دفين هو القاسم المشترك بين العديد من الأسر بالمنطقة التي تعرف ارتفاعا في معدلات الإصابة بالورم الخبيث. واستعرض المتحدث، وهو يؤكد عدم توقعه يوما الوقوف في وضعية مماثلة للحديث عن موضوع يقصم ظهر الجميع ويعبث بعواطفهم وأحاسيسهم، الكيفية التي فقد فيها قريبه الذي رحل بعدما أنهكه المرض وأعياه السفر، موضحا كيف بكت عليه أسرته كثيرا، وكيف عاشت معه ألمه وحزنه وصرخته وبكاءه وعجزه، وكيف عجزت عن توفير تكاليف السفر للبحث عن العلاج أو بالأصح عن الحياة، مشددا على أن الأسر التي فقدت عزيزا بسبب السرطان أو تلك التي تحتضن مريضا تعرف حقيقة هذه المعاناة حقّ المعرفة، مؤكدا على أن الناظور ابتليت بالسرطان الذي وصفه بالمرض اللعين الذي لا يرحم، ويفرق بين الأهل والأحباب، و «ينهش أجسام من نحب، يتسلل إلى كل منازلنا ويختار ضحايانا صغارا وكبارا نساء ورجالا».
وأوضح المتحدث، باسم المشاركين في الوقفة، على أن الغاية التي دفعت الجميع للخروج إلى الشارع والاحتجاج تكمن في الرغبة في محاربة الداء الخبيث والتخفيف من قوته وشدته، مبرزا أن الجميع يطالبون ببناء مستشفى متخصص في علاج السرطان بالناظور، لعله يخفف من عدد الضحايا أو على الأقل إذا ما فارقوا الحياة يكون الفراق بين أهاليهم وفي مدينتهم، مشددا على أن المرضى وأسرهم يعانون من آلام ثلاثة تتوزع مابين ألم المرض، والسفر، وألم التكاليف الباهظة، مبرزا أن هذا الثالوث الخطير يعجز الجميع عن تحمله، ويجعل الإنسان يموت في كل يوم ألف مرة، مناشدا المسؤولين من مختلف المواقع، وعلى رأسهم وزارة الصحة، من أجل إحداث المستشفى وتمكين أهالي الناظور من آخر أمل لمرضى السرطان قبل أن يرحلوا كما رحل الآخرون.
وجدير بالذكر أنه تسجل كل سنة حوالي 40 ألف حالة جديدة بالسرطان، هذا في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصحة في وقت سابق، أنه خلال سنة 2017، تم تسجيل 200 ألف حالة إصابة بالداء بمختلف أنواعه، مبرزة أن شمال المملكة يعد من المناطق التي تعرف حضورا كبيرا للداء، حيث يضطر سكان الناظور، نموذجا، للانتقال إلى فاس أو إلى مدن أخرى سعيا وراء العلاج، مع ما يعني ذلك من مشاق وأعباء إضافية.