«الاتحاد الاشتراكي» ترصد نقط التقاطع بين «عام كورونا» و «عام السكتة القلبية»
قطاع التعليم كان يوصف في 1996 ب «الضعيف للغاية» ، والقطاع الزراعي كان يعيش تحت رحمة الأمطار، ويتسم بالنمو غير المنتظم والمتقلب للغاية. ومع ذلك، فإن المؤشرات الأخرى مثل التضخم كانت
في حالة جيدة، تماما كما هو الحال اليوم
في 1996 كان القطاع غير المهيكل يقدر بـ 40 ٪ من الناتج المحلي وكان يمثل 25 ٪ من القطاع الصناعي، غير أنه كان منتشرا بشكل رئيسي في النشاط الحرفي. (نفس الوضع مازال مستمرا في 2020)..
كانت البطالة
في سنة 1996
تضرب 22.9 ٪
من الشباب
أما اليوم فقد وصلت إلى 26.8 ٪
رسم بنك المغرب، أول امس، صورة جد قاتمة عن وضعية الاقتصاد الوطني خلال 2020، متوقعا انكماشا في معدل النمو بنحو 5.2 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ 24 عاما أي منذ 1996، وهي سنة سوداء وصل خلالها المغرب إلى حافة الافلاس ووصفها الملك الراحل الحسن الثاني ب «السكتة القلبية»..
فكيف كان الوضع الاقتصادي في تلك الفترة الحرجة من تاريخ المغرب؟ ولماذا يستحضرها البنك المركزي اليوم في تقريره الأخير ليشبه بها الوضع الاقتصادي الراهن في 2020؟
بالعودة إلى التقارير الاقتصادية لمغرب التسعينيات، يتبين أن هيكل الناتج المحلي الإجمالي في ذلك الوقت كان مختلا بشكل كبير، كما أن القطاعات الحيوية الأخرى لم تكن أفضل حالا، وخصوصا قطاع التعليم الذي بدا يوصف حينها ب «الضعيف للغاية»، والقطاع الزراعي الذي كان يعيش حينها تحت رحمة الأمطار، ويتسم بالنمو غير المنتظم والمتقلب للغاية.
ومع ذلك، فإن المؤشرات الأخرى مثل التضخم كانت في حالة جيدة، تماما كما هو الحال اليوم.
وفي أواسط التسعينيات كان المطر هو الذي ينقذ الاقتصاد في كل مرة. حيث يصاحب كل عام من الأمطار الجيدة معدل نمو جيد. على مدى السنوات السبع الفاصلة بين 1990 و1996، حيث تأثر تطور النشاط الاقتصادي إلى حد كبير بتقلبات الطقس والبيئة الدولية. وتميزت هذه الفترة أيضا بالتناوب بين المواسم الزراعية الجيدة والسيئة والركود المستمر في البلدان الصناعية، وخاصة تلك الموجودة في القارة الأوروبية، التي تضم الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين للمغرب. وهذا بالضبط ما نشهده في الوقت الراهن.
وبلغة الأرقام، ومن حيث الحجم، كان الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 1990 و 1996 ينمو في المتوسط بنسبة 2.7 ٪ سنويا ، ولكن النمو كان غير منتظم من سنة إلى أخرى وكان رهينا بنتائج المواسم الزراعية. والواقع أن الأعوام 1991 و 1994 و 1996 ، التي اتسمت بالأداء الجيد في القطاع الزراعي، سجلت معدلات نمو كبيرة ، على التوالي ، 6.9 و 11.6 و 11.8٪. من ناحية أخرى، شهدت السنوات التي تميزت بحالات جفاف شديدة انخفاضات في الناتج المحلي الإجمالي بمعدلات نمو سلبية: ناقص 4 ٪ في عام 1992، و ناقص 1 ٪ في عام 1993 و ناقص 7.6 ٪ في عام 1995 …
وفي تلك الفترة كان القطاع غير المهيكل يقدر بـ 40 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أنه كان يمثل 45 ٪ في عام 1980. وهو يشمل جميع الأنشطة التي لا تخضع لأية نظم محاسبة ، بما في ذلك النشاط الزراعي. وكان القطاع غير المهيكل يمثل 25٪ من القطاع الصناعي (32٪ في عام 1980) ، غير أنه كان منتشرا بشكل رئيسي في النشاط الحرفي. (نفس الوضع مازال مستمرا في 2020)..
وطوال السنوات السبع الأولى من عقد التسعينيات ظل هيكل الناتج المحلي الإجمالي متجمدا تقريبا. حيث كانت الفلاحة هي التي تدفع الاقتصاد صعودا أو هبوطا حسب تقلبات الطبيعة. وحينها كان القطاع الزراعي يمثل 17.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1996 ، وهي نسبة عالية جدا مقارنة بحصة البلدان المتقدمة ، حيث لم يكن يتجاوز 5٪. وكان من المتوقع بطبيعة الحال أن تنخفض حصة الزراعة في المغرب، مع ارتفاع الهجرة القروية، مثل ما هو موجود في الاقتصادات الأخرى.
واليوم مازال القطاع الفلاحي يمثل نسبة مهمة من الاقتصاد الوطني بحوالي 74 مليار درهم، وهو ما يعادل 14 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
أما الصناعة، فقد كانت حصتها من الناتج الاجمالي متوقفة عند حوالي 17 ٪ ، مما أعطى الانطباع بأنها وصلت إلى محدوديتها. وفي المتوسط ، كان الناتج المحلي الإجمالي غير الزراعي ينمو خلال هذه الفترة بنسبة 3٪ تقريبا.
وبعد ربع قرن مازال القطاع غير الزراعي ينمو بنفس الوتيرة، حيث إن القيمة المضافة لقطاعات الأنشطة غير الفلاحية نمت في 2019 بحوالي 3.8 في المائة مقابل 2.9 في المائة عام 2018، ويتوقع بنك المغرب أن تنخفض الأنشطة غير الفلاحية هذا العام بنسبة 5.3 في المائة.
من ناحية أخرى، ظلت الخدمات سنوات التسعينيات تمثل حصة صغيرة من الناتج المحلي الإجمالي (11٪) ، في حين أنها كانت تصل إلى 60٪ تقريبا في البلدان المتقدمة.
وخلال الفترة مابين 1990 و1996 بلغ متوسط معدل الاستثمار 20٪ على مدى السنوات السبع. في غضون ذلك ، شهد حجم الاستثمار الخاص نموا ضئيلا. وخلال السنوات الزراعية الجيدة، كان معدل الاستثمار ينخفض ، لأن الناتج المحلي الإجمالي الذي يشكل مقام هذا المعدل يرتفع. وفي ما يتعلق بتطورات الأسعار، كشفت بداية التسعينيات عن انتعاش معين في الضغوط التضخمية (+ 8٪ من هذا المؤشر). ومع ذلك ، كانت هذه الزيادة معتدلة من عام 1992 لتصل إلى أدنى مستوى لها في عام 1996 ، بنسبة 3٪. وأدى التباطؤ الحاد في الأسعار في عام 1996 بشكل رئيسي إلى انخفاض نمو أسعار المواد الغذائية ، والذي انخفض من 8 إلى 0.7 ٪. هذه الأسعار كان لها تأثير كبير على سلوك المؤشر العام LCI. وقد شهد المغرب هبوط هذا المؤشر في عام 1996 مقارنة بالدول المتقدمة ، وفرنسا (1.7٪) وكندا (2.2٪).
أما اليوم فإن نسبة التضخم، التي تم قياسها بناء على تغير المؤشر الجديد لأسعار الاستهلاك الذي نشرته المندوبية السامية للتخطيط في ماي الماضي، قد تراجعت إلى 0,9 في المائة في أبريل، بعد 1.4 بالمائة في المتوسط خلال الفصل الأول من السنة الجارية، خاصة بفعل تدني أسعار المحروقات وعلى المدى المتوسط، وفي سياق اتسم بضعف الضغوط التضخمية الناتجة عن الطلب وتدني أسعار السلع الأساسية، يتوقع بنك المغرب أن تظل نسبة التضخم في مستوى معتدل يناهز 1 في المائة في سنتي 2020 و2021 على السواء.
في الفترة مابين 1990 إلى 1993 تذبذب معدل البطالة بين 16 و 18٪. وكانت لعام 1995 ، الذي اتسم بالجفاف الشديد ، آثار كارثية على البطالة. بلغت هذه النسبة 22.9٪. و كانت توصف بأنها بطالة طويلة الأمد تهم الشباب بشكل أساسي. وكانت الفئة الأكثر تضررا من البطالة في سنة 1996 تتراوح أعمارها بين 25 و 34 عاما ، وهي الفئة العمرية الأكثر ضعفا من الناحية الاجتماعية.
واليوم، وبعد ربع قرن من الزمن، ما زالت هذه الفئة من الشباب هي الأكثر عرضة للبطالة، والتي وإن تراجع معدلها الوطني إلى حوالي 10.5 في المائة فإن معدلاتها الحقيقية في صفوف الشباب ما زالت مرتفعة كما كانت في التسعينيات حيث تصل في صفوف الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة إلى 26.8 في المائة.