موسم أصيلة يدخل عامه 41 من بوابة الديمقراطية : محمد بن عيسى: الاستثمار الثقافي يعكس الصورة الحقيقية للإنسان الجنوبي مونية بوستة: الديمقراطية التمثيلية اليوم في مواجهة ديمقراطية رقمية لا يمكن إغفال تأثيرها

وأضاف بن عيسى أن المدينة وفرت أرضية للتعارف والتبادل بين النخب العربية والإفريقية والدولية من خلال موسمها الدولي، مشيرا الى أن هذا المكسب الإشعاعي وظف لتحقيق التنمية المحلية حيث أصبحت المدينة بفضل هذا الموسم تتوفر على هياكل ثقافية أساسية ومنصات مجهزة للإنتاج والاستهلاك الثقافي، ما يجعلها حاضنة للعديد من الأنشطة طيلة السنة. ولفت بنعيسى بهذا الخصوص الى أن الاستثمار الثقافي يبقى الانعكاس الحقيقي لصورة الانسان العربي والإفريقي والجنوبي عموما، وهو ما يترجمه برنامج الدورة 41 هذه السنة الذي ركز على التوجه والعمق الإفريقي للمغرب عبر» تخصيص فضاءات لإبداعات فناني هذه القارة في بلدانهم أو بالمهجر»، وتخصيص ندوتين للشعر الإفريقي والعربي لمطارحة هموم وانشغالات هذا الجنس الإبداعي الذي احتفت به الدورات الأولى لهذا الموسم.
من جهته اعتبر محمد الاعرج وزير الثقافة والاتصال، أن هذه التظاهرة الثقافية السنوية التي تحرص مؤسسة منتدى أصيلة على ترسيخها كفعل ثقافي جاد ونوعي تستمد إشعاعها من تعاطيها مع القضايا الدولية الكبرى في ارتباطها بالإنسان ومصيره، لافتا الى أن التعقيد الذي يطبع الحياة السياسية والاجتماعية على المستوى الدولي يتطلب مواكبة تفكيكية لا يني المنتدى يتناولها بالدرس والتحليل. وأشار الأعرج الى أن اختيار موضوع الديمقراطية لافتتاح هذه الدورة يجعل من موسم أصيلة الثقافي فضاء نابضا بقيم الحوار الفكري البناء.
ولم يفت الوزير التذكير بخطوات المسار الديمقراطي المغربي الذي يروم إرساء ديمقراطية خلاقة تعتمد مبدأ التشارك بين كل مكونات المجتمع في صنع القرار، وتحديد الاختيارات الكبرى عبر الأجهزة التمثيلية مقدما النموذج بالقرار الدستوري لإحداث المجلس الأعلى للغات والثقافة.
مونية بوستة كاتبة الدولة لدى وزير الخارجية والتعاون الدولي، لفتت بدورها ،وهي تقارب تطور المسلسل بالديمقراطي بالمغرب ورهاناته، الى أن الاختيار الديمقراطي نابع من الرغبة القوية في بناء مغرب يحترم حقوق الفرد والمجتمع عبر استراتيجيات قطاعية ومقاربة جهوية تتجدد حسب الاحتياجات الطارئة،مسجلة في هذا الصدد أن النموذج التنموي المعتمد بالمغرب أصبح عاجزا عن تلبية هذه الاحتياجات المتزايدة للمواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية ما يستدعي إعادة النظر فيه، وابتداع نموذج ديناميكي وحي يركز على المشاكل الحقيقية للمواطنين.
وانتهت بوستة الى أن مقاربة موضوع الديمقراطية والأعباء التي تطرحها تقتضي طرح إشكال التحديات التي استجدت في العقد الأخير، وأولها التطور الحاصل على مستوى صناعة الرأي من داخل منصات التواصل الاجتماعي والتي أصبحت آلية داعمة لإرساء الديمقراطية بما تمنحه من حرية حرية في التعبير وطرح القضايا التي تهم المواطن، ولما يميزها كذلك من تجاوز للعائق الجغرافي والثقافي واللغوي، محذرة من محدوديتها على خلق نقاش حقيقي رغم قدرتها على الإقناع والتعبئة التي لم تعد تتأتى للمؤسسات التمثيلية التقليدية. وحذرت مونية بوستة من خطورة إغفال هذا المعطى الجديد مشيرة الى أن التفاعلات والتدوينات في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم أصبحت ذاكرة جماعية مؤرخة رغم أنها لاتعكس الصورة الحقيقة، وهو ما يضع الديمقراطية التمثيلية اليوم في مواجهة ديمقراطية رقمية قد تكون مساهمة في خلق نقاش حقيقي ومثمر إذا تم تدبيرها بشكل عقلاني يحترم الذكاء الاجتماعي.
ونبهت بوستة الى مجال مهم لم يتم استثماره بعد لبناء ديمقراطية حقيقية هو مجال التربية على الديمقراطية الرقمية لمواكبة تطور التقنيات مع تحديد واحترام الحقوق والواجبات.
فكتور بورغيس وزير الخارجية الأسبق بالرأس الأخضر، اعتبر أن موضوع الندوة مستفز للتفكير وفي نفس الوقت مزعج للبعض، لوجود بعض الاصوات التي ترى في انتقاد هذه الآلية معاداة لها ومناصرة للدكتاتورية في المقابل، وهو ما رأى فيه خطرا على الديمقراطية، مركزا في تشخيصه لأزمة الديمقراطية اليوم على عوائق تطبيقها بالبلدان الإفريقية ،حيث أن أغلبية الأنظمة بهذه القارة فشلت في إرساء نظام ديمقراطي حقيقي يستجيب لحاجيات شعوبها، بسبب غياب الحكامة، وسوء تدبير الصراعات وهو ما ينسف هذا الخيار .
وللخروج من هذا التعثر ، اقترح هذا الأخير التعمق في تشخيص مظاهر الأزمة خاصة بالبلدان النامية، وأولها دارة التنمية والحكامة بعيدا عن الاستنساخ واستيراد النماذج الجاهزة، وكذا النفاذ الى جوهر الديمقراطية الفعلية وعدم الاقتصار على الممارسات الشكلية من انتخابات وقوانين لأنها شكليات لا تكفي لقامة ديمقراطية حقيقية رغم أهمية هذه المكونات في مسار الانتقالات الديمقراطية.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 24/06/2019