شددوا على ضرورة عدم اتخاذ أبنائهم «رهائن»
تعيش المدرسة العمومية وضعية لم تصل إليها من قبل، رغم كل المشاكل التي اعترضت سبيلها لسنوات طويلة، والفشل الذي رافق مجموعة من السياسات التي تم تسطيرها للرفع من جودة المنظومة التعليمية بشكل عام حتى تستجيب للتحديات التي يعرفها العالم، وتوفر أطرا وكفاءات قادرة على ولوج سوق الشغل. وضعية ازدادت تأزما بسبب الاحتجاجات المستمرة لمجموعة من الأطر التعليمية الذين ولجوا المدرسة العمومية من خلال بوابة التعاقد، والذين انتقلوا في مرحلة لاحقة للمطالبة بتمكينهم من مكتسبات أخرى يتساوى فيها الجميع داخل حقل التربية والتكوين، فتم تسطير أشكال احتجاجية مختلفة توزعت ما بين الإضرابات والاعتصامات ، وصولا إلى قرار عدم تسليم النقط، هاته الخطوة الأخيرة التي أفاضت الكأس، بسبب ما ترتب عنها من تداعيات، إلى أن تم التراجع عنها في انتظار التزام الوزارة الوصية بوعودها.
وإذا كان مسلسل الشد والجذب متواصلا بفصول وأشكال مختلفة، فإن هذه الأزمة ترخي بتبعاتها السلبية على المتمدرسين من مختلف الفصول الدراسية، وعلى امتداد تراب المملكة، مع تسجيل بعض التفاوتات في هذا الصدد، إذ أن تلاميذ المدرسة العمومية يعتبرون الضحية الفعلية في ملف «استعراض القوة» هذا، بالنظر لعدد ساعات الدراسة التي تمت «مصادرتها» منهم، بفعل الإضرابات المستمرة، وهو ما يضرب مبدأ تكافؤ الفرص ويُعدم كل أثر للمساواة التي تعتبر حقا دستوريا مقارنة بواقع تمدرس التلاميذ الذين يتابعون دراستهم بالقطاع الخاص.
وقد تجسّدت الآثار العملية لهذه الوضعية خلال الامتحانات التي تم اجتيازها ما بعد جائحة كوفيد وعودة نمط الدراسة الحضوري، والتي كشفت كيف أن الكثير من الدروس لم تجد طريقها إلى المتمدرسين، وبيّنت الصعوبات المتعددة في استيعاب وفهم مجموعة من القواعد، التي كانت محورا أساسيا في عدد من الاختبارات التي كانت مصيرية وحاسمة، وفقا لتصريحات العديد من الآباء والأمهات لـ «الاتحاد الاشتراكي».
أزمة تتواصل تفاصيلها، وإن عاد عدد من الأساتذة المتعاقدين إلى الفصول الدراسية بعد التطورات الأخيرة، إذ استجابت مجموعة مهمة منهم لنداء تسليم النقاط، خلافا لآخرين الذين أصروا على موقفهم، وهو ما جعلهم يتوصلون باستفسارات إدارية عكس باقي زملائهم، الذين وإن كانوا معنيين بدورهم بتلك الاستفسارات فقد ساهم تراجعهم عن موقفهم في تفادي المساءلة الإدارية. ويطالب أباء وأمهات تلاميذ المدرسة العمومية، بشكل فردي أو من خلال جمعيات الآباء، ب» ضرورة القطع مع الأشكال الاحتجاجية التي تحرم فلذات أكبادهم من حقهم في التمدرس وإيجاد حلول لهذه الأزمة التي تضرّ في كل مرة بالتلاميذ»، ويحثون الوزارة الوصية، ومن خلالها كافة المتدخلين، على «التعامل مع هذا الوضع بكثير من العقلانية ومعالجته معالجة سليمة، دون أن يكون تلاميذ المدرسة العمومية رهينة في أيدي أي طرف كيفما كان نوعه؟».